"داعـش" يجنّـد أتبـاعـه في قلـب أوروبـا
• 50 سويسريا و آلاف الأوروبيين تنقلوا إلى سوريا والعراق في السنوات الأخيرة
دعا عبد القادر مساهل، إلى إعداد ميثاق دولي برعاية الأمم المتحدة يضم المبادئ التوافقية المتعلقة باستعمال الانترنت و احترام كل الدول و متعاملي القطاع الخاص سيكون بمثابة مساهمة هامة في مجال مكافحة الإرهاب الالكتروني و الجريمة المنظمة العابرة للأوطان، وقال مساهل، أمس، خلال أشغال الورشة الدولية حول دور الإنترنت و الشبكات الإجتماعية في مكافحة التطرف و الإرهاب الإلكتروني، بأن مواجهة الإرهاب الالكتروني يستدعى تعاونا دوليا قويا، وأوضح مساهل، بأن الشبكات المعلوماتية ومواقع التواصل أصبحت تشكل خطرا على أمن واستقرار الدول، مشيرا بأن الانترنت تحول إلى أداة فعالة و قوية بين أيدي المتطرفين لتجنيد الشباب والترويج لأفكارهم المتشددة.
وأكد وزير الشؤون المغاربية والإتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، أن الهدف من تنظيم هذه الورشة هو «حرص الجزائر على حماية أمنها في محيط إقليمي يتميز بتواصل وانتشار التهديد الإرهابي». وأوضح في هذا السياق أن «تحديد استعمال الإنترنت من قبل المجموعات الإرهابية يعني بالضرورة تقليص تحركاتهم واتصالاتهم و انتشارهم وطرق تجنيدهم لأعضاء جدد و بالتالي إضعاف قدراتهم». «وتشكل الشبكات الإجتماعية والإنترنت اليوم عوامل اتصال كثيرة تستغلها المجموعات الإرهابية لنشر خطاباتهم وإيديولوجياتهم و نشاطاتهم التطرفية».و سجل في هذا الإطار بأن أحداث الساعة «تذكرنا بأن التهديد الإرهابي لا يزال قائما و يتطور يوميا و يتسع لفضاءات جديدة» مؤكدا أنه «لا يمكن لأي منطقة و لأي بلد التصريح بأنه في منأى عن هذه الآفة التي لا دين ولا حدود لها و لا تحترم لا القيم العالمية التي توحدنا ولا قداسة النفس البشرية». وأضاف «أنه تهديد شامل يندرج على المدى الطويل و يستدعي ردا شاملا. مؤكدا أن الإنترنت «أصبح اليوم عاملا يزيد من حدة هذا التهديد».وأضاف مساهل أن الإنترنت «أصبح اليوم بالنظر إلى شموليته أداة تستغلها الجماعات الإرهابية ببراعة و تقنية لبلوغ أهدافها الإجرامية». و أكد أن «هذه الجماعات تشن حملات التطرف بشكل أكبر عبر الانترنت و تقوم بالترويج و التشهير بجرائمها عبر الإنترنت و تجند على الصعيد العالمي عبر الإنترنت كما تتلاعب بشكل متزايد بالأموال و بالإنترنت». و أكد مساهل أن «منابرها المفضلة» تتمثل في الشبكات و وسائل الإعلام الاجتماعية مسجلا أن «هدفها المفضل» يبقى الشباب «الهش الذي يبحث عن هوية» و أن «مجال عملها هو المعمورة بأكملها».وأوضح الوزير، بأن الجزائر اختارت «بحزم» تطوير مجتمع المعلومات و ترقية التواصل الالكتروني و الاندماج في الاقتصاد الدولي. و أكد السيد مساهل أن الجزائر «ستقدم مساهمتها في كل نشاط جماعي يرمي إلى منع الاستعمال الإجرامي للانترنيت من قبل الجماعات الإرهابية». مشيرا بأن الشرطة الأوروبية «اوروبول» سجلت لداعش سنة 2015 «مجموع 100.000 تغريدة على موقع «تويتر» يوميا في حين أن الهيئات المختصة للأمم المتحدة تؤكد بأن المقاتلين الإرهابيين ينحدرون من أكثر من مائة بلد».
أوروبا أرض «خصبة» لفكر الدواعش
وحذر الخبراء الدوليون، المشاركون في الورشة التي تدوم يومين، من تنامي قدرات التنظيمات الإرهابية، بسبب التطور التكنولوجي الذي يمنح تلك التنظيمات فرص كبيرة لنشر أفكارها وعملياتها على الفضاء الافتراضي، وكذا وجود خزان كبير من رواد الانترنت الذين يشكلون فريسة سهلة بالنسبة للأطراف التي تعمل على تجنيد عناصر جديدة لتقوية صفوف الإرهابيين.
ويعتقد كثير من الخبراء المشاركين في الاجتماع، بأن قدرة التنظيمات الإرهابية على التجنيد تفاقمت في السنوات الأخيرة، ولم تعد تقتصر على الدول الفقيرة و النامية بل امتدت إلى قلب أوروبا، حيث نجح تنظيم «داعش» في استقطاب أوروبيين أصليين أو من أصول عربية و اسلامية، في الفترة الأخيرة وتم تسفيرهم إلى سوريا والعراق، وتمكن البعض منهم من العودة إلى أوروبا وتنفيذ عمليات غير مسبوقة على غرار ما وقع في باريس وبروكسل.
وفي هذا السياق قال مارك روفر مسؤول التحقيقات حول جرائم الإرهاب بسويسرا، بأن تنظيم «داعش» تمكن عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع المخصصة للدردشة عبر الانترنت، من تجنيد 50 شخصا، تم تحديد هويتهم من قبل مصالح الأمن السويسرية، مشيرا بأن اغلب المجندين عبر الانترنت تم نقلهم إلى سوريا أو العراق، مضيفا بأن المعنيين هم حاليا محل تحقيق قضائي لكشف الشبكات التي تقف وراء تجنيد الأوروبيين ونقلهم إلى أرض المعركة في سوريا والعراق، وقال بأن عمليات التجنيد تطال جل الدول الأوروبية، موضحا بأن عددا كبيرا من الأوروبيين تنقلوا إلى سوريا و العراق في السنوات الأخيرة بعدما تمكنت التنظيمات الإرهابية من استقطابهم عبر الوسائل الدعائية المتاحة على شبكة الانترنت.
الانترنت «منبرا عالميا» للخطاب العنيف
وأشارت مذكرة مقاربة لوزارة الخارجية، بأن الشبكات الاجتماعية والانترنت أصبحت اليوم تشكل عوامل اتصال تستغلها الجماعات الإرهابية بكثافة لنشر خطاباتها وإيديولوجياتها المتطرفة وفي نشاطات تجنيد أعضاء جدد، وأوضحت المذكرة التي أعدت بمناسبة الورشة الدولية بأن الانترنت تحول «منبرا عالميا» لتفشي خطاب التطرف العنيف وأداة يستغلها الإرهاب على نطاق واسع.وحسب المذكرة فإن الانترنت «دعامة استغلها بقوة الإرهاب الالكتروني بكل أشكاله بما فيها تلك التي تخدم أهداف ومصالح الجماعات الإرهابية بتنوعها لتحقيق الأهداف الإجرامية لهذه الجماعات بسهولة وسرعة أكبر». وأشارت الوثيقة إلى أن «هذه الحقيقة تستوقف يوميا بلداننا فرديا والمجتمع الدولي قاطبة كونها تمثل تهديدا حقيقيا للأمن الجماعي وأحد التحديات التي ينبغي رفعها في المكافحة المشتركة للإرهاب».
و أضافت الخارجية أنه «لا شك بأن إدراك ضرورة التكفل بهذه المسألة جعلت العديد من بلداننا و المجتمع الدولي من خلال منظمة الأمم المتحدة و المنظمات الإقليمية تعتمد استراتيجيات و معايير و إجراءات ملموسة للرد على هذا الخطر المشترك». و حسب ذات الوثيقة يتطلب هذا الجهد «متابعة و تعميقا و توسيعا» بهدف التوصل إلى «حرمان الجماعات الإرهابية من استعمال الانترنت و إعادة لهذه الوسيلة الإستراتيجية مهمتها الأولى المتمثلة في خدمة رقي المعرفة و التقريب بين الشعوب و التعاون بين البلدان».
أنيس نواري