دعا وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، القضاة للتقيد بالالتزامات والصفات التي كرّسها القانون الأساسي للقضاء ومدوّنة أخلاقيات المهنة، وشروط محافظة القضاء على هيبته وكرامته وثقته لدى المواطن، وتحدث عن ضرورة إجراء مراجعة شاملة لمنظومة التكوين، وتكييفها مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية الحاصلة على الصعيد الدولي.
واعتبر الطيب لوح في كلمة له أمس بالمدرسة العليا للقضاء بالعاصمة خلال حفل تخرج الدفعة 24 للطلبة القضاة أن “استقلالية السلطة القضائية المكرسة دستوريا تتجسد أولا في استقلالية القاضي الفعلية وبدرجة التقيد بالقانون”، مضيفا أن السلطة القضائية القوية هي “صمام أمان لعدالة منصفة لا ييأس الضعيف فيها من الفوز بحقه، ولا يطمع فيها القوي بالظفر بما ليس له”.
وقال الوزير للقضاة الجدد إن مسؤولية القاضي المتمثلة في تطبيق القانون تطبيقا سليما هي مسؤولية نبيلة وثقيلة وشاقة في نفس الوقت، وهي أمانة تستوجب التقيد بالالتزامات والصفات التي كرسها القانون الأساسي للقضاء، ومدونة أخلاقيات مهنة القضاة وشروط محافظة القضاء على هيبته وكرامته وثقته لدى المواطن، مذكرا إياهم بأن ممارسة القضاة للحقوق التي يؤطرها القانون ويحميها يجب أن تتم في سياق المسالك التي تحفظ هيبة المنصب، وشرف المهنة ونزاهة واستقلالية القضاء سيما في ظل التقدم الذي تشهده تكنولوجيات الإعلام والاتصال.
ولن يتحقق هذا حسب المتحدث إلا بالتسلح أكثر بالمعارف العلمية، و بمزيد من الملائمة لقواعد الممارسة الحقيقية للمهنة التي من شأنها أن تجعل منه قاضيا مستقلا لا يخضع إلا لضميره وللقانون، ودعا بالمناسبة إلى «مواصلة الجهود من أجل ضمان حقوق وحريات الأفراد والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وصون لحمة المجتمع من كل الاهتزازات التي قد تعتري مسار نمائه وتقدمه وأمنه واستقراره».
كما شدد على أن التعديلات الدستورية الأخيرة جاءت لتعزز وتحمي القاضي من كل أشكال الضغوط والتدخل والمناورات، وأنه في هذا السياق على القاضي وهو يطبق القانون نصا وروحا لن يثنيه على المضي قدما في هذا الطريق ما يلاحظ من محاولات تهدف إلى المساس بمصداقيته حتى ولو جاءت متسترة وراء الحق في إبداء الرأي وحرية التعبير، ودعا الطلبة القضاة إلى احترام شرف المهنة بالتزام التحفظ و الارتفاع فوق النوازع و الأهواء.
في مجال التكوين الذي يعد أساسيا، قال الطيب لوح إن التطورات الحاصلة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وغيرهما والتحولات العميقة التي يشهدها عالم اليوم في شتى جوانب الحياة وما يتوقع فيها من الاحتمالات أصبحت تملي مراجعة أفقية وعمودية لمنظومة التكوين، وتكييف أنماطه بما يحقق الأهداف المرسومة ويؤمن جودة الأداء وتطوره ومسايرته لاحتياجات العمل القضائي.
وحرص الطيب لوح على أهمية التعاون الخارجي في المجال القضائي، و توسيع الإفادة والاستفادة، وتطوير آليات التبادل مع المنظمات الإقليمية والدولية و مع الدول، مضيفا أن هذا التعاون أصبح ملحا في ظل الأوضاع الدولية الراهنة والتطورات السريعة وما تفرزه من أحداث متلاحقة، وتداعيات قانونية وقضائية تتجاوز حدود الأوطان، وكذا من أجل رسم استراتيجيات مشتركة لتوحيد الجهود والاستفادة من الوسائل المتاحة لتحقيق الأهداف المشتركة لمكافحة الجرائم العابرة للأوطان، وتقوية الأمن والسلام والتقدم الاقتصادي والثقافي والعلمي.
والجدير بالذكر أن الدفعة 24 للطلبة القضاة هذه حملت اسم وزير العدل الأسبق والمجاهد محمد تقية، وقد حضر حفل تخرجها عدد من الوزراء والمسؤولين والخبير الدولي جوزيف بيتر نادو رئيس المحكمة العليا لولاية نيوهامشاير بالولايات المتحدة الأمريكية.
م- عدنان