الضرائب والرسوم الجديدة يجب أن توجه إلى النشاطات التجـاريـــة و الاستثمـارات
• النموذج الجديد سيسمح للاقتصاد الوطني بالتعافي بعد 2019
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حشماوي، أن لجوء الحكومة إلى فرض ضرائب جديدة على المواطنين يجب أن يكون بشكل عادل على جميع الفئات وقال أنه من الضروري على الحكومة أن تعرف كيف توزع هذه الأعباء والضرائب، وأن توجهها إلى النشاطات التجارية و الاستثمارات وأضاف أن تحقيق أهداف النموذج الاقتصادي الجديد، سيسمح للاقتصاد الوطني بالتعافي بعد 2019، مشيرا إلى ضرورة الاعتماد على الاستثمار المنتج وعلى القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والتي تساهم في عملية التصدير.
وقال الخبير الاقتصادي، أن الضريبة أداة لعدالة اجتماعية وعليه من المفروض أن يكون هناك توزيع عادل للأعباء، بأن يساهم أصحاب الدخل المرتفع بضرائب كبيرة، فيما يدفع أصحاب الدخل المنخفض مبالغ بسيطة، مؤكدا في هذا الإطار على ضرورة تنويع الإيرادات المالية للدولة من خلال تطبيق الرسوم والضرائب على النشاط التجاري و الاستثماري و توزيع هذه الأعباء على جميع الفئات الاجتماعية حتى لا تتضرر منها الفئات ذات الدخل الضعيف. وأضاف في تصريح للنصر، أن النموذج الجديد للنمو الاقتصادي الذي تبنته الجزائر مؤخرا يأتي في ظروف غير عادية في ظل الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن انخفاض إيرادات البلاد، خاصة من عائدات المحروقات، مضيفا في هذا الصدد أن هذا النموذج يرتكز على سياسة مالية جديدة هدفها الأساسي هو تحسين عائدات الجباية العادية بشكل يسمح في آفاق 2019 بتغطية نفقات التسيير والتجهيز، حيث أشار إلى ضرورة تنويع مصادر التمويل من خلال إعادة النظر في مجموعة من الضرائب و تعبئة موارد إضافية، سواء عن طريق البنوك أو السوق المالية أو عن طريق القرض السندي، مضيفا في السياق ذاته أن كل هذه الموارد يمكن أن تحسن من الإيرادات المالية وبالتالي تساهم في تخفيض أو معالجة العجز في الميزانية ومعلوم أن مواجهة العجز تتم حاليا عن طريق صندوق ضبط الإيرادات والذي أصبح يتآكل من سنة إلى أخرى، نظرا للانخفاض الكبير في أسعار المحروقات، وأشار نفس المتحدث إلى إمكانية تسجيل ارتفاع في بعض الضرائب والرسوم، معتبرا أن الضرائب آداة لتوزيع الأعباء وبالتالي لا بد على الحكومة أن تعرف كيف توزع هذه الأعباء و الضرائب -كما أضاف- على الفئات الاجتماعية المختلفة حتى لا تتضرر الفئات ضعيفة الدخل، موضحا أنه من المفروض أن توجه هذه الضرائب والرسوم إلى النشاطات التجارية وأيضا إلى الاستثمارات أكثر من أن تتجه إلى أصحاب الدخل المحدود حتى تكون مصدرا جديدا للإيرادات المالية للدولة، من جهة أخرى يرى المتحدث أن مواجهة الحكومة للتهرب الضريبي و استرجاع كل ما هو مهرب ضريبيا سيمكن من تغطية العجز لسنوات.
وأوضح الدكتور محمد حشماوي أن النموذج الاقتصادي الجديد يهدف إلى تنويع الاستثمارات الإنتاجية للبلاد ويخص الاستثمارات في بعض القطاعات التي تنتج قيمة مضافة عالية كالصناعات الغذائية والخدمات والاقتصاد الرسمي واقتصاد المعرفة وأيضا الاستثمارات في مجال المحروقات والمناجم لأنه لا يمكن -كما قال- أن نستغني في ظرف وجيز عن المحروقات والمناجم، كونها تبقى دائما قطاعا ينبغي تحسين منتوجيته، إضافة إلى خلق مجموعة من المؤسسات التي يمكن أن تنتج مشتقات المحروقات.
وأكد في السياق ذاته على ضرورة ترشيد النفقات والاستهلاك بشكل عام، سواء النفقات التي تخص التسيير أو التجهيز وكذا توفير مناخ استثماري ملائم من أجل استقطاب المستثمرين وتشجيع الاستثمارات سواء بالنسبة للقطاع الخاص الجزائري أو الأجنبي، و لفت إلى ضرورة تشجيع وإعطاء القطاع الخاص مكانته ليلعب دورا في الاقتصاد فلا يمكن -يضيف نفس المتحدث- أن تتحمل الدولة كل الأعباء ومن الضروري أن يكون هناك تكامل بين القطاعين العام والخاص وفتح المجال للاستثمارات المنتجة و تطوير القطاع العمومي والاهتمام أيضا بالقطاعات التي تكون موجهة إلى التصدير للرفع من صادراتنا خارج المحروقات وذلك يتم - كما أضاف - عبر تبني إستراتيجية واضحة تعتمد على بعض القطاعات التي يمكن أن تكون للجزائر فيها تنافسية بالنسبة للدول الأخرى في الأسواق الأجنبية وبالتالي تنويع إيراداتها من العملات الأجنبية، وقال في السياق ذاته أنه لا ينبغي أن نعتمد على احتياطات الصرف والتي يجب استعمالها واستثمارها في قطاعات منتجة حتى تكون هناك إيرادات جديدة، مضيفا أنه من خلال هذا النموذج الاقتصادي، سيكون هناك اقتصاد جديد يعتمد على إيرادات خارج المحروقات وبالتالي مواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تعيشها الجزائر وفي حالة تحقيق أهداف هذا النموذج يمكن أن تتجنب الجزائر السقوط في أزمة جديدة و يمكن للاقتصاد الجزائري أن يتعافى بعد 2019 على حد تعبيره.
مراد –ح