الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق لـ 19 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

سلطة ضبط السمعي البصري تحدّد قواعد تناول الشأن الديني و تحذّر: التلـفزيون ممنوع على التكفـيريين و السحـرة و تجـار الأحلام

حدّدت سلطة ضبط السمعي البصري القواعد الواجب اتباعها من طرف القنوات التلفزيونية والإذاعية العمومية والخاصة عند تناول الشأن الديني مستقبلا، وحذرت من أن أي تجاوز لهذه القواعد سيعرض صاحبها للعقوبات المنصوص عليها قانونا، مشدّدة على أنه من الواجب حفظ الدين الإسلامي من أي استغلال أو استعمال والجزائر مقبلة على انتخابات تشريعية، والمساهمة أيضا في حماية المشهد الإعلامي الوطني من التهديد العالمي المتصاعد لسلامة بلادنا ومجتمعنا في الظرف الحالي.
 نشرت سلطة ضبط السمعي البصري أمس وثيقة هامة ذكّرت من خلالها كل القنوات التلفزيونية والإذاعية الوطنية، سواء أكانت عمومية أو خاصة، بقواعد تناول الشأن الديني في المستقبل، وأوضحت السلطة أن هذه الوثيقة هي خلاصة عمل استطلاعي قامت به بالتنسيق مع شركاء رسميين لها بالأخص وزارة الشؤون الدينية والمجلس الإسلامي الأعلى، بمساهمة خبراء وعلماء في الميدان، وعدد من الشخصيات وعلماء الاجتماع والقانونيين وخبراء في مجال الإعلام والأئمة والخطباء.
واعتبرت سلطة ضبط السمعي البصري إخراج هذه الوثيقة وإبلاغ الإعلاميين بها في هذا التوقيت بالذات مفيدا، وهو يأتي في الوقت المناسب عشية الانتخابات التشريعية التي ستعرفها البلاد، حيث يجب حفظ الدين الإسلامي من أي محاولة لاستغلاله او استعماله.
 و من القواعد الهامة التي شددت عليها وثيقة سلطة ضبط السمعي البصري في هذا الصدد عدم التسامح مستقبلا مع فئة عريضة ممن ألفوا التحدث عبر  القنوات الفضائية الوطنية، ومما جاء في الوثيقة « يحظر على أي داع حامل للفكر التكفيري التحدث من على الهوائيات الوطنية، سواء أكان جزائريا أو أجنبيا، وهو الأمر نفسه بالنسبة لجحافل الرقاة، والسحرة، والكهنة والدجالين والمشعوذين، والنصابين والمتنبئين، وتجار الأحلام وأشباه الحجامين والأطباء المزيفين، الذين يعرضون أنفسهم جميعا للوقوع يوما ما تحت طائلة القانون في حالة ما ثبتت في حقهم محاولة النصب والاحتيال، وارتكاب مختلف أنواع المحاذير والانزلاقات على النحو الذي يؤدي بهم في النهاية إلى افتضاح أمرهم ووضع حد لمكرهم وبهتانهم».
وبعبارة أدق أكدت سلطة ضبط السمعي-البصري بأنه «لا يمكنها أن تسمح لأي كان من اليوم فصاعدا أن يستخف بعقول الجزائريين ولو باسم الدين»، مؤكدة بأن خلاصة هذه المقاربة التحليلية التي تتقاسمها مع شركائها الإعلاميين هي« تحرير الإيمان من ربقة الإفك وسائر الأوهام».
 وعلى الرغم من تأكيدها على التحسن في مجال تناول الشأن الديني عبر القنوات الوطنية إلا أن سلطة ضبط السمعي البصري سجلت «غياب البعد الروحي الغالب على البرامج الدينية الوطنية، فضلا عن انعدام حضور الفلسفة عن شاشات التلفزيون، الأمر الذي من شأنه في نهاية المطاف أن يحبس الإيمان ويحصره في مجرد إيماءات وممارسات حركية عديمة المعنى».
 وعليه ترى سلطة ضبط السمعي-البصري بأنه «من المفترض أن تعالج البرامج الدينية سائر تعابير الثقافة الإسلامية والمعارف الإلهية، من دون أن تبقى سجينة المسائل الفقهية كما تبدو عليه الحال اليوم».
كما استنكرت السلطة استضافة بعض وسائل الإعلام دعاة الفتنة، الفاقدين لأدنى تكوين أكاديمي، بدل دعوة العلماء والباحثين الأكاديميين مما من شأنه المساهمة في رفع مستوى التفكير وعقلنة الخطاب الديني وصقل التحليل».
 غياب البعد الروحي على البرامج الدينية الوطنية وانعدام حضور الفلسفة
وجاءت وثيقة سلطة ضبط السمعي البصري عميقة ومتكاملة ودقيقة في تناولها لهذا الموضوع الحساس من جميع جوانبه الفقهية والمادية والقانونية والتاريخية وغيرها، وذات بعد فلسفي وفكري واضح، بالارتكاز على ما ينص عليه الدستور والقانون في هذا الشأن، وما يمليه موروثنا الحضاري، وثوابت الأمة ومكونات هويتها وقيمها الدينية والأخلاقية.
وفي هذا الصدد شددت الوثيقة على أن الدولة التي تعمل من أجل ترقية مكونات الهوية الوطنية الثلاثة الإسلام، العربية والأمازيغية، وتطوير كل واحدة منها كما ينص عليه الدستور في ديباجته، «لن تسمح بتاتا بأن يستغل الدين إعلاميا أو أن يؤول لأغراض سياسية أو حزبية».
وعليه تؤكد سلطة ضبط السمعي البصري بعد كل الملاحظات التي سجلتها على كيفية تناول القنوات التلفزيونية الشأن الديني وبخاصة القنوات الخاصة-على أن «يعود الخطباء مستقبلا من تلقاء أنفسهم إلى عقد الخطاب الوعظي وفقا للمعتقدات المحلية مع التزام عدم الولاء الفكري للتيارات المعادية للحداثة، والمناهضة للوئام المدني، والمتعارضة مع تقاليد سلفنا الصالح، بما في ذلك نمط لباسنا القومي، وذلك بفضل يقظة وانتباه ونزاهة الشركاء الإعلاميين».
 وتشدد على أنه «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحتكر سائر شؤون الدين على الإطلاق، كما لا يصح احتواء الإسلام في مجرد الرأي الفقهي العرضي، بل يتعين إتاحة الفرصة للدين كي ينفتح على سائر مجالات الحياة، حتى لا يسيطر على وسائل الإعلام السمعية البصرية خطاب اليأس والإحباط والقنوط والتعصب والطائفية، والتشدد والكراهية والعنف والتمييز العنصري وكراهية النساء، ما من شأنه أن يقوض كرامة الإنسان المنصوص عليها في القرآن الكريم».
وفي ذات السياق دائما تحذر الوثيقة المعروضة من كل اشكال التطرف، أو مهاجمة، أو ازدراء الأديان والمعتقدات الأخرى، وتوصي بخطاب ديني معتدل يتماشى وموروثنا الديني والثقافي والدبلوماسي في هذا الجانب، «الاعتزاز بالإسلام لا يعني مهاجمة الأديان الأخرى مهما كانت أو ازدرائها أو التطاول على رموزها أو الاستهتار بمعتقداتها ومقدساتها».
 كما أن «الدفاع عن المرجعية الوطنية -وبالرغم من كونه من الفرائض المدنية-لا يعطينا الحق في شتم باقي المدارس الفقهية والكلامية حتى تلك التي هي مخالفة لنا في الاجتهاد والاعتقاد، وعليه وجب احترام جميع الأديان بلا استثناء كما وجب ذكر سائر مذاهب ومناهج وطرائق المسلمين بالتبجيل والتوقير».
منع مهاجمة أو ازدراء الأديان والمعتقدات
وفي ذات الاتجاه تدعو الهيئة إلى أن «نسعى من خلال برامجنا السمعية البصرية إلى إرساء الأخوة العالمية التي لطالما جاهد من أجلها الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، قصد تكذيب نظرية صدام الحضارات، وذلك بالمساهمة في إحلال ثقافة الرجاء في العالم والسعي لفعل الخير بدل الانخراط في الفرقة والفتنة التي هي من السلوكيات المنبوذة في تعاليم الإسلام والغريبة عن تقاليدنا والمناقضة لميراث أجدادنا».
 وكذا عدم المس بشرف بلادنا ودبلوماسيتها المرموقة، ومكانتها في المحافل الدولية، واحترامها للقانون الدولي المتعلق بحرية المعتقد المكفولة في الدستور وبخاصة في مادته 42.
 وخلصت وثيقة سلطة ضبط السمعي البصري إلى دعوة القنوات الوطنية إلى «التحلي بالرصانة والسداد من خلال طرح الخطاب الوسطي على جميع الأصعدة»، مع ترقية قيم المحبة والتسامح والسلام وتعزيز حوار الأديان وثقافة التعايش، مؤكدة على أن مصداقية هذه القنوات مرهون بمدى «التزامها بكل هذه القواعد والقيم»، وأكدت أنها تبقى تحت تصرف شركائها الإعلاميين من أجل السمو بالبرامج ذات الطابع الديني، سواء من حيث الرصد أو المرافقة وذلك في حدود إمكانياتها واختصاصها».
ونشير أن هذه الوثيقة التي أفرجت عنها أمس سلطة ضبط السمعي البصري تأتي لتضع حدا لكل أنواع الخطابات الدينية التي طغت على بعض القنوات التلفزيونية الخاصة في الأعوام الماضية، هذه القنوات التي فتحت أبوابها لكل من هب ودب ليتحدث في الإسلام ويفتي ويقدم المواعظ والدروس، وفعلت كذلك مع الدجالين على شاكلة بلحمر وغيره.
 إلياس- ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com