لقي الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، أمس مصرعه رميا بالرصاص على يد مليشيات الحوثي غير بعيد عن العاصمة صنعاء، وفق ما أكده مسؤول من حزب المؤتمر الشعبي العام، وكذا وزارة الداخلية التابعة للحوثيين.
وتداولت وسائل الإعلام ووسائط وشبكات التواصل الاجتماعي أمس صورا وفيديوهات تظهر جثة الرئيس علي عبد الله صالح وهي ملفوفة في بطانية في عربة وسط عناصر تابعة لجماعة الحوثي وقد ظهرت آثار الرصاص في رأسه وجبهته.
وحسب ما تواتر من معلومات عبر وسائل إعلام مختلفة فقد أكد قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام- رفض الكشف عن هويته ، وهو حزب الرئيس الراحل- أن مجموعة من مسلحي الحوثي اعترضوا موكب علي عبد الله صالح على بعد حوالي 40 كيلومترا جنوب العاصمة صنعاء حيث كان في طريقه إلى مسقط رأسه مدينة سنحان، ثم اقتادوه إلى مكان مجهول و أعدموه بالرصاص.
ونفى القيادي المذكور بذلك ما تردد عن مقتل الرئيس علي عبد الله صالح في عملية تفجير منزله في العاصمة صنعاء، وهذا بعدما نقلت وكالات أخبار عالمية خبر تفجير أحد منازل علي عبد الله صالح في العاصمة صنعاء في خضم المعارك المتواصلة منذ أيام بين مناصريه ومليشيات الحوثي والتي خلفت مقتل وجرح المئات.
كما قال ناطق باسم جماعة الحوثي أنه تمت السيطرة أيضا على منزل يعود لأحد أنباء علي عبد الله صالح وآخر لشقيقه، أما تلفزيون المسيرة التابع لنفس الجماعة فقد أعلن في بث له ما أسماه» انتهاء أزمة مليشيا الخيانة ومقتل زعيمها وعدد من عناصره».
وكان علي عبد الله صالح وأنصاره قد دخلوا قبل أيام قليلة في مواجهات مسلحة مع حلفائهم السابقين – جماعة الحوثي- في العاصمة صنعاء، وهذا بعد خطاب ألقاه الرئيس الراحل دعا فيه أنصاره واليمنيين بصورة عامة إلى انتفاضة ضد الحوثيين بسبب التجاوزات التي ارتكبوها ضد الشعب اليمني.
وقد ازدادت ضراوة هذه المواجهات في عدد من أحياء العاصمة واستعملت فيها أسلحة ثقيلة من مختلف الأصناف وذبابات وخلفت مقتل وجرح العشرات في صفوف الطرفين.
صالح.. حكم 33 سنة ومات مقتولا
حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح اليمن مدة 33 سنة قبل أن يتخلى عن السلطة سنة 2013 ضمن ما سمي المبادرة الخليجية ويتلقى ضمانا وحصانة من قبل البرلمان بعد ملاحقته على سنوات حكمه الطويلة.
وولد علي عبد الله صالح في 21 مارس من العام 1947 في قرية بيت الأحمر بمدينة سنحان جنوب العاصمة صنعاء لأسرة فقيرة، حيث تلقى تعليمه الأولي ثم ترك القرية والتحق بالجيش في سن مبكرة عام 1960، وشارك في أحداث ثورة سبتمبر من العام 1963 التي أطاحت بحكم الإمامة في اليمن وشارك مع الثوار في الدفاع أثناء حصار الملكيين للعاصمة صنعاء، وبعدها رقي إلى رتبة ملازم.
وفي العام 1964 دخل مدرسة المدرعات ليتخصص في هذا النوع من السلاح، وتولى فيها مهمات قيادية إلى غاية العام 1975 حيث أصبح القائد العام للواء تعز و قائدا لمعسكر خالد ابن الوليد، وهو الشيء الذي منحه نفوذا وصار يمثل اليمن في العديد من المحافل الدولية، وهنا أيضا بدأت تجربته السياسية فتحالف مع قبائل قوية ذات نفوذ كبير في البلاد.
بعد مقتل رئيس الجمهورية اليمنية إبراهيم الحمدي وشقيه في ظروف غامضة في أكتوبر من العام 1979 تولى أحمد الغشمي رئاسة الجمهورية لأقل من سنة يغتال هو الآخر،بعدها أصبح علي عبد الله صالح عضو مجلس الرئاسة ثم انتخب رئيسا للجمهورية وقائدا أعلى لجميع قواتها المسلحة.
خاض صالح في سنة 1990 تجربة الوحدة مع الشطر الجنوبي من اليمن برئاسة علي سالم البيض، لكن التجربة تخللتها اغتيالات وسوء تفاهم ما أدى إلى اندلاع حرب بين الشطرين انتهت في 1994 بانتصار اليمن الشمالي، و تحقيق وحدة اليمن في أكتوبر من سنة 1994، ليعين بعدها عبد ربه منصور هادي نائبا له.
وأعيد انتخاب صالح رئيسا للجمهورية عبر انتخابات في سنة 1999، وهو أول رئيس لليمن ينتخبه الشعب مباشرة، وفي سنة 2003 عدل الدستور وتمكن من الترشح لولاية ثانية مدتها سبع سنوات، لكن بعدها بعام واحد تدخل جماعة الحوثي في تمرد ضده في صعدة شمال البلاد بالتوزان مع حراك في الجنوب أيضا.
في 2011 تأثر اليمن بما يسمى الربيع العربي فاندلعت مظاهرات كبيرة في العاصمة صنعاء ومدن أخرى مطالبة بإسقاط النظام، وفي 3 جوان من نفس العام تعرض صالح لمحاولة اغتيال تسببت في إصابته بحروق كبيرة خاصة على مستوى الوجه نقل على إثرها إلى السعودية للعلاج وكلف نائبه عبد ربه منصور هادي بصلاحياته.
وفي خضم دعوات إقليمية ودولية له بالتنحي وقع في 23 نوفمبر من نفس العام على ما يسمى المبادرة الخليجية برعاية خليجية و أممية و أمريكية وأوربية تقضي بنقل السلطة لنائبه لمدة ثلاثة شهر، ثم منح حصانة من البرلمان بعدم المتابعة والملاحقة، ليتنحى رسميا يوم 27 فبراير من العام 2012 عن السلطة.
لكن الرئيس صالح الذي ظل حاضرا في المشهد اليمني عبر حزبه المؤتمر الشعبي العام فاجأ الجميع في سنة 2014 بالعودة وتحالفه مع جماعة الحوثي التي خاض حروبا ضدها في السنوات السابقة، وسهل هذا التحالف لهذه الجماعة السيطرة على العاصمة صنعاء دون أي قتال.
وتطورت شراكته مع الحوثيين إلى تشكيل مجلس حكم مناصفة في سنة 2016 وهذا بالتزامن مع عملية عاصفة الحزم التي أطلقتها السعودية ودول خليجية ضده وضد حلفائه، لكن هذه الشراكة في الثاني من ديسمبر الجاري بعدما دعا صالح اليمنيين إلى انتفاضة ضد الحوثيين وأعلن استعداده فتح صفحة جديدة مع دول الحصار من أجل مصلحة الشعب اليمني.
وقتل الرئيس علي عبد الله صالح أمس من قبل حلفائه القدامى رميا بالرصاص وترك اليمن في مواجهة مستقبل مجهول.
إلياس -ب
