كشف، أمس، مفوّض السلم و الأمن بالاتحاد الافريقي، إسماعيل شرقي، أن عدد الجزائريين الذين يخططون للعودة من معاقل ما يُعرف بتنظيم داعش إلى بلادنا، قليل، منتقدا في حوار أجرته معه النصر على هامش ندوة شبكة النساء الوسيطات المنعقدة في قسنطينة، تدخل بلدان بأوروبا و الشرق الأوسط في الأزمة الليبية، كما شكّك السفير الجزائري السابق في جدوى الوعود التي أطلقتها بلدان غربية لمساعدة القارة السمراء، و قال إن على هذه الأخيرة أن تُعوّل على جهودها و كفاءاتها.
حاورته: ياسمين بوالجدري
كشفتم خلال أشغال المنتدى الإفريقي حول مكافحة الإرهاب المنعقد مؤخرا بوهران، أن 6 آلاف مقاتل في داعش يخططون للعودة من منطقة الشرق الأوسط، إلى بلدانهم الأفريقية، ما هو عدد الجزائريين بينهم؟
في الحقيقة لا أملك رقما، لكن لحسن الحظ عدد الجزائريين قليل بين هؤلاء المقاتلين، لأن السياسة التي اتُبعت من هذا البلد أبلت بلاء حسنا، لكن مهما كان العدد قليلا أو كبيرا علينا توخي الحذر و التأهب.
ما هي الآليات التي وضعتموها من أجل التصدي لمحاولات عودة هؤلاء الإرهابيين؟
عقدنا مؤخرا اجتماعا سمى بـ “نواكشوط بروسيس” و “جيبوتي بروسيس”، و هو عبارة عن آلية يلتقي فيها المختصون في الأجهزة الأمنية، حيث تم خلالها تبادل المعلومات و التشاور حول كيفية التعامل مع الموضوع، هناك أيضا هيئة موجودة الآن في الجزائر و قد بدأت تشتغل و هي “الأفريبول” و من خلالها سيكون ممكنا تبادل المعلومات و التعاون، ناهيك عن العلاقة الطبيعية التي يجب أن تكون مع “الأنتربول” و المنظمات ذات الصلة و كل المتعاملين حول الموضوع، و المهم هو تقديم أية معلومات للدول الأفريقية و التي يمكن أن تكون متاحة لدى أي طرف، حتى يكون هناك عمل جماعي لحماية مواطني و مواطنات القارة الأفريقية.
سبق و صرحتم أن الأزمة الليبية هي قضية أفريقية، فما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه مفوضيتكم لتسوية الصراع القائم هناك؟
أولا، جهودنا كانت قائمة حتى قبل بدء الأزمة في ليبيا و حدوث التدخل العسكري، فالاتحاد الإفريقي كان يحمل مشروعا لحل الأزمة سلميا، ثم بعد توقف الهجمات قمنا آنذاك بالكثير من المبادرات، آخرها إعادة بعث اللجنة العليا للرؤساء حول الموضوع، و عُقد اجتماع أخير في برازافيل بحضور كل الأطراف الليبية، و فعلا كان هناك الانطلاق الرسمي للحوار، بين ممثلي البيضاء و طرابلس.
تم كذلك في الآونة الأخيرة جمع ممثلي كل المنتخبين المحليين و رؤساء القبائل في برازافيل أيضا، إذا فالجهد متواصل، لكن ما أردناه هو أن يكون متناسقا و منسقا مع الأمم المتحدة، و طبعا ما يؤخر الحل هو بعض التدخلات، سواء من الشرق الأوسط أو من أوروبا و الأماكن الأخرى.. نريد توصل كل من له دور من بعيد أو قريب بالأزمة، إلى التفاهم من أجل المصلحة العليا لليبيا، و هذه دعوة موجهة لليبيين أنفسهم، فهناك تزاحم للأضداد و هذا أمر يؤخر الحل و ينتج تعبا للشعب الليبي في الوقت الحالي. نأمل أن تستمر هذه الجهود، و لدينا عزم تام على أداء واجبنا اتجاه إخواتنا و أخواتنا في هذا البلد.
ماذا أثمرت جولتكم الأخيرة مع رئيس الاتحاد الإفريقي، إلى دول الساحل الخمس؟
في الحقيقة دول الساحل تُعد بؤرة بها الكثير من الضعف و تتطلب ربما عناية خاصة، لذلك ستنظم مفوضية السلم و الأمن بالاتحاد الأفريقي، اجتماعا تستضيفه موريتانيا شهر فيفري المقبل في العاصمة نواكشوط، للتفكير في وضع استراتيجية في هذا الشأن، فمن المعلوم أن الأمم المتحدة نفسها لديها 16 استراتيجية بالنسبة للساحل، و هذا غير صحي، و بالتالي يجب الآن العمل على تنسيق كل هذه الجهود، حتى نصل إلى الاستجابة للمتطلبات الحقيقية التي يمليها الوضع، من النواحي الاقتصادية و الأمنية و الاجتماعية، و كذلك محاربة التطرف، و لا زلنا نؤكد أن المقاربة الأمنية و العسكرية لا تكفي.
بالحديث عن الجانب الاجتماعي، ما هي استراتيجية مفوضية السلم و الأمن لمحاربة ظاهرة الهجرة غير الشرعية في القارة الأفريقية؟
يجب التعامل مع ظاهرة الهجرة بطريقة متكاملة، فهي طبيعة في الإنسان لأنه يتحرك دائما للبحث عن عيش كريم، حتى على مسافة 100 متر، لذلك فإن ما يقارب 20 مليون شخص يتحركون سنويا داخل القارة الأفريقية، لكن يجب التعامل مع هذا الموضوع من ناحية الحكامة السياسية و الاقتصادية و نبذ الإقصاء، و إعطاء الفرص خاصة للشباب و إشراكهم ليعطوا كلمتهم في كل السياسات التي تهم بلدهم، و في كل ميادين الحياة الاقتصادية و الاجتماعية.
النقطة الثانية، هي أن الدول التي يتوجه إليها الشباب يجب أن تستثمر من الناحية الاقتصادية، و تمول مشاريع تجعلهم لا يفكرون في الهجرة، مع إعطائهم الفرصة للتحرك بطريقة شرعية إلى أوروبا. الهجرة يجب أن تكون في جدول الأعمال، و إلا لن تكون المقاربة كاملة.
لكن رئيس المفوضية الأوروبية صرح مؤخرا خلال قمة أفريقيا- الاتحاد الأوروبي، أنه سيتم تخصيص استثمارات للقارة السمراء تفوق 44 مليار أورو في آفاق 2020، خاصة في الطاقات المتجددة، هل ترون أنها بادرة حسنة؟
قد تكون بادرة حسنة، لكن يجب أن نقف على هذه الأرقام و حقيقة تطبيقها، لأن التساؤل المطروح إلى حد الآن، هل تم تطبيق ما اتُفق عليه في قمة مالطا، (انعقدت فيفري الماضي لبحث هجرة المتوسط).. نحن نسجل بكل ارتياح هذا الاستعداد لكن يجب تنسيق هذه الجهود مع دول القارة و الاتحاد الأفريقي، لنُبيّن ما هي الأولويات التي تخصص لها الإعانة المالية، كما على الدول الأفريقية نفسها أن تبذل جهدا، و أعتقد أن لدينا الإمكانيات و المؤهلات، و ما نحتاجه لذلك هو الحكامة.
ي.ب