rنعرف مسار وعيوب بعضنا البعض وإقصاء حزب ليس سلوكا ديمقراطيا rالذين يريدون إقصاء الأرندي من الحياة السياسية يتحملون هم أيضا جزءا من المسؤولية في المراحل السابقة r نعمل على مراجعة عميقة للحزب وممارسته السياسية
• النصر: التجمع الوطني الديمقراطي يشار إليه اليوم بالبنان من طرف الحراك الشعبي كأحد الأطراف الرئيسة المسؤولة عن الوضع الذي وصلت إليه البلاد في خلال عشرين سنة، كيف تتعاملون مع هذا الحكم؟
عز الدين ميهوبي: طبعا المرحلة تعرف تعقيدات كبيرة على مستوى تحديد المسؤوليات في المراحل السابقة، نحن لا نتحدث عن الربع ساعة الأخيرة من عمر النظام، ولكن نتحدث عن فترة تمتد لعقدين من الزمن، و في هذه المرحلة كثير من الأطراف شاركت بما فيها الأطراف التي يرى بعضها الآن انه يقف وراء الحراك.
نقول إن الحراك هو ردة فعل مواطن جزائري لم يكن راضيا عما تشهده بلاده من انهيار في القيم وفي الممارسات السلبية التي أوصلت الدولة إلى وضع صعب، وبالتالي فإن الغضب لم يكن من حزب أو تنظيم معين، لكنه كان شاملا يريد أن يغير وجه الجزائر كاملا، لهذا فاستثناء الأرندي في كل هذا فيه كثير من الإجحاف في حق حزب قدم الكثير من الدعم لمؤسسات الدولة، دون أن نعفي أنفسنا أن هناك ممارسات غير مقبولة تمت تحت هذا العنوان، ونعمل جاهدين على أن نغير مثل هذه الأساليب المستهجنة وغير المقبولة، بل أننا ذهبنا إلى حد الذي نقول أننا سنقوم "بمراجعة كبيرة" في منهج عمل الحزب وتعاطيه مع العمل السياسي في علاقته بالمجتمع وبمحيطه السياسي، وقلتها أكثر من مرة أننا نشعر أن لدينا دينا سياسيا اتجاه شعبنا سنسعى إلى أن نوفيه بما يليق بالتركيبة البشرية للحزب التي تضم نخبا وكفاءات وطنية نظيفة مشهود لها بالفعالية وبالمصداقية.
هذا من جهة ومن جهة أخرى إن الأطراف التي تشير بالبنان إلينا كما أشرت- هي بحاجة أيضا لأن تعيد النظر في ممارساتها هي في حد ذاتها، سواء أكانت أحزابا أو بعض الشخصيات التي تسعى أن تقصي التجمع الوطني الديمقراطي ليس فقط من المشاركة في الحوار الوطني، ولكن أيضا من الحياة السياسية، هذا أمر غير مقبول تماما ومرفوض جملة وتفصيلا، لأن هذا الحزب هو ملك لمناضليه و هم الذين يحددون مصيره، مثلما أن هناك الاحتكام لقوانين الجمهورية وأحكام الدستور، فهي التي تحدد علاقة الحزب بالممارسة السياسية، وأيضا لنحتكم إلى الصندوق فهو الفيصل.
• لكن كيف يمكن إقناع الشعب اليوم و التوجه إليه بخطاب في وقت أمين عام سابق للحزب لمدة عشرين سنة يقبع في السجن، وكان في نفس الوقت مسؤولا عن الجهاز التنفيذي لسنوات طويلة؟
لا يجب أن نربط هذا بذاك، أو نربط الحزب بشخص، هذا الحزب يملك أكثر من نصف مليون مناضل له انتشاره في ربوع الوطن وله قواعد وله حضور في الجالية، فكيف يمكننا أن نختزل الحزب في شخص، الحزب هو مسار سياسي طويل، و هو عضو في المؤسسات والمجالس المنتخبة كلها وفي مواقع عديدة فمن غير المعقول أن نختزله في شخص.
• لكن ربما الصورة العامة في أذهان الناس تربط الحزب بهذا الشخص؟
لا ، لو نربط كل شيء بالأشخاص فلاشيء سيسير بشكل عاد ونلغي كل شيء في هذه الحال، نحن ننظر للمسالة على أن لهذا الحزب ديمومة وممارسة سيواصل فيها، صحيح نشعر فعلا بإمكانية تجاوز هذه المرحلة أولا بأننا ننصت لصوت الحراك الشعبي وهذا أمر طبيعي ورسائله وصلتنا ولا تحتاج إلى تفكيك شفرتها، ولكن في نفس الوقت نحن مدركون إلى الحاجة إلى أن يكون هناك نقد ذاتي عميق في ممارسة الحزب لدوره السياسي في المرحلة المقبلة.
ما لا نقبله و نقوله دائما هو أن تصدر أحكام جاهزة من بعض الجهات والأطراف والأحزاب والأرضيات تقصيك ببساطة هكذا، وإحداث فراغ في الممارسة السياسية عندما تلغي أحزاب، هل نعتبر هذا سلوكا ديمقراطيا؟، ما الهدف منه عندما تلغي حزبا بمئات الآلاف من المناضلين وتحل أنت محله؟، نترك الأمر للشعب ليفصل في الاستحقاقات القادمة، لم نسمع أن حزبا يطالب بإلغاء حزب بحجة انه تعرض إلى مظالم في فترة سابقة، نحن لسنا مسؤولين عن هذه المظالم ولم تتم باسم حزبنا ، نحن أيضا كنا ضحايا في كثير من الاستحقاقات وهم يعرفون هذا ويغضون الطرف عنها، وعليه لنترك الأمر يتم في إطار ديمقراطي وهو الصندوق، الذي يحدد ما إذا كنا مقبولين لدى الرأي العام أم لا.
نحن نعرف عيوب ومسارات بعضنا البعض، أما أن يحتموا بالحراك في سبيل إقصاء قوة سياسية لمجرد أنها كانت موجودة في فترة سابقة، هم أيضا كانوا في هذه الفترات السابقة ولهم نصيبهم من المسؤولية فيها.
• في تصريح لمنسق هيئة الوساطة والحوار تحدث عن استبعاد أحزاب الموالاة من الدعوة للحوار والتي قال أنها مسؤولة عما حدث في الفترة السابقة كيف تتعاملون مع هذا؟
هذا لا يحرجنا تماما نحن أولا المبدأ عندنا أننا ندعم الحوار، ونرى انه الحل الأمثل إن لم يكن الحل الحتمي لأي أزمة، لان كل الأزمات تمر في النهاية عبر الحوار للوصول إلى الخروج من هذه الأزمة السياسية، إذن مبدأيا الحوار مسلمة من مسلماتنا في تعاطينا للعمل السياسي ، لأن المسألة ليست اختيارية ولكن حتمية، وثانيا نشجع هذه الهيئة لأن تواصل عملها بكفاءاتها التي نرى أنها تحقق نقلة كبيرة في هذه الظروف.
مسألة استبعادنا بالنسبة لنا ليست أساسية لأننا قلناها بصريح العبارة "سنرفع الحرج عن الهيئة إذا رأت أن مشاركتنا قد تضعها في صدام مع جهات أخرى" بالرغم من أننا نقول أنها ليست طرفا، ولكنها وسيط ايجابي بين مختلف الأطراف، وأكثر من هذا نرى أنها محكومة بمبدأ أن تكون على مسافة واحدة من الجميع، ومع هذا فإننا ربما نرى أنفسنا لسنا جزءا من هذا الجميع، كما ينظر إلينا، لأن بعض الأرضيات التي تابعنا محصلات عملها تضع من بين شروطها للمشاركة في الحوار ألا يشارك حزبنا هو وغيره.
و نقول هل يمكن لحوار يفترض فيه أن يضم كل الجزائريين شركاء وفرقاء أن يحقق الإجماع المقبول؟، نحن تنازلنا بمحض إرادتنا عن أن نكون مصرين على المشاركة ولكننا نقول هل الذي يؤمن باجتماع كل الجزائريين حول طاولة يفكر بمنطق إقصائي؟، كما قلنا أننا سنلزم أنفسنا أيضا حتى بمخرجات الحوار، وسنساعد على تجسيدها ولن نكون سببا في الإشارة إلينا على أننا عائق في وجه اللجنة وغيرها فنحن نتفهم تعقيدات الظرف.
• أنتم أيضا على مستوى الحزب لديكم مبادرة هل شرعتم في التسويق لها مع أطراف أخرى؟
-قدمنا مبادرة التحول الجمهوري، لماذا التحول الجمهوري؟ لم نشأ أن نقول التحول الديمقراطي فهذا حدث سنة 1989 بالنسبة لنا مع دستور 89 ومع الانتقال من نظام الأحادية إلى التعددية، إذن الآن نتحدث عن التحول الجمهوري، أي المطلب الشعبي بتعميق أكثر النظام الجمهوري و تعميق مؤسسات الدولة في جمهورية جديدة منشودة.
بالنسبة للترويج لها اليوم ( يوم السبت الماضي) هناك اجتماع للمكتب الوطني لمناقشة الموضوع، ثم نبدأ على مستوانا في قواعد الحزب في مناقشة هذه المبادرة لأنها تمثل نظرتنا للحوار وفهمنا لكيفية إداراته، ثم المسألة بالنسبة لنا ليست في الحوار، نحن ناقشنا ما بعد الحوار، لأن الحوار ليس هدفا في حد ذاته، ولكنه وسيلة للوصول إلى غاية والغاية هي الوصول إلى تنظيم انتخابات رئاسية وانتخاب رئيس جمهورية جديد يأخذ على عاتقه كل ما يتصل بتعميق الإصلاحات القادمة ومناقشة كل القضايا.
هذا ما يعنينا نحن، لا يجب أن نختزل الأمر في الثلاثة أو الأربعة أشهر الخاصة بالحوار، وعليه سندرس الفكرة على مستوى القواعد ثم ننظر مدى نضجها وقبولها، ثم نتواصل مع بعض شركائنا السياسيين الذين يتقاسمون معنا الخط الوطني الذي هو نهجنا ومبدؤنا في الممارسة السياسية، ربما نذهب إلى تشكيل القطب الوطني ولم لا انطلاقا من هذه الرؤية.
• هل يعني تشكيل قطب جديد؟
ولم لا طالما أننا نلاحظ اليوم بروز عدة أقطاب، هناك البديل الديمقراطي وهناك أرضية عين البنيان فما المانع؟، لأن التنوع مهم جدا.
• ولكن هناك أحزاب من المعارضة رافضة للحوار مع أحزاب الموالاة سابقا؟
أولا هل في زمن الحريات ما زلنا نتمسك بمفردات الإقصاء والحجر السياسي والعزل والإبعاد، يجب أن تسقط هذه الكلمات، فكيف نبني هكذا جمهورية الغد، وهم يعرفون حتى ظروف الممارسة السياسية في الفترة السابقة التي يعتقدون أننا كنا مستفيدين منها ، لقد كنا ضحايا هذه المرحلة ويمكن أن نقدم عشرات الأمثلة عن ذلك.
• ولكن مبررهم أن الارندي كان يدعم سياسات المرحلة وسياسات الدولة في ذلك الوقت، وسياسات السلطة الحاكمة في تلك المرحلة؟
نعم إذا كان الأمر يتعلق بسياسات الدولة فنحن ندعمها، وفي كل الدول هناك سلط حاكمة تعتمد على قوى سياسية ، وهنا أتساءل لو كانت السلطة بيدهم في تلك المراحل ألا يمارسونها بمنطق أحزابهم؟ إذن لابد أن نضع كل شيء في سياقه الزمني والتاريخي، الم يكن هدفهم الوصول إلى السلطة أيضا؟ .
هناك من كان في السلطة وهناك من كان خارجها، وكانت هناك ممارسات فيها سلبيات ومحاسن، عليهم ألا يحاولوا اليوم التعميم، لأن التعميم هو الذي اضر بصورة الجزائر.
• في حال إجراء انتخابات عامة، رئاسية وتشريعية و محلية، كيف تتوقعون موقع الأرندي فيها، على ضوء ما يدور في أوساط الشعب حول الحزب؟
الأرندي ينظر في البداية لما يعزز استقرار البلد وتوازن الساحة السياسية، ثم فلنذهب إلى الصندوق لنرى وزننا، فإن أعطانا الصندوق سنكون سعداء، إن لم يعطنا فهذا ربما يشكل عقابا بطريقة ما.
• هناك إطارات من الحزب مسجونة بتهم الفساد وبعضها تم إقصاؤهم لذات الأسباب كيف سيتم التعامل مستقبلا مع مثل هذه القضايا؟
مثل هذه الأمور نتركها للعدالة ولا يجب أن نربطها بالحزب، هذه ممارسات تخص أصحابها وهم مسؤولون عن الأفعال التي تحدد العدالة طبيعتها وتكيفها قانونا، وبالتالي فالحزب ممارسة سياسية و من يرتكب مثل هذه الأفعال لا اعتقد أنه أخذ إذنا من الحزب.
• هل ستكون هناك معايير جديدة لاختيار ممثلي الحزب في المجالس لأن الصورة العامة حاليا هي أن الآفلان و الأرندي معروفين بترشيح أصحاب المال؟
الحزب تجد فيه كل فئات المجتمع من البطال إلى رجل الأعمال، المعيار هو أن يكون هناك اقتناع أولا بخط الحزب وان تتم الممارسة النضالية أو السياسية وفق ما يمكن أن يقدمها كل واحد من قيمة مضافة في الأفكار والجهد والالتزام والإيمان بخدمة الدولة كل هذه الأشياء أساسية.
نسعى لأن تقدم الأفضل وفق معيار النزاهة بصورة أساسية و معيار القبول لدى الشعب في وسط معين هذه يمكن أن تكون فيها نسبة خطأ محدودة، يمكن أن تخطئ في واحد أو اثنين أو ثلاثة لكن هذا أمر عادي عندما ترشح 30 أو 40 ألف مناضل في انتخابات بلدية أو غيرها، لكننا سنعمل على أن نكون صارمين في هذا بمعايير أكثر نجاعة.
• الحراك الشعبي متواصل منذ أكثـر من ستة أشهر كيف يقيم الحزب تأثيره على الناحية الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين؟
طالما هناك حراك فهناك إنصات من كل الفاعلين السياسيين لصوت الشارع، و اعتقد أن أول من فهم هذا الحراك هي المؤسسة العسكرية في أسبوعه الأول، ووضعت الجميع تحت مظلة الدستور لأن الدستور هو الحامي من أي انزلاق أو انفلات .
وربما الأصوات التي كانت تسعى لأن تقدم تصورات خارج الدستور هي التي مددت من عمر الحراك لأزيد من ستة أشهر لأن هناك من طالب بمرحلة انتقالية وهناك من طالب بمجلس تأسيسي، هذه النقاشات تشعبت عنها أسئلة أخرى ملأت الساحة السياسية، لكن التزام مؤسسة الجيش بحماية الحراك وضمان شروط سلميته، والدفع نحو الحوار للوصول إلى انتخابات رئاسية في أقرب الآجال هو الذي قلص من حجم التصورات للمرحلة القادمة، وهو الذي ربما أوصل في النهاية إلى إنشاء هيئة الحوار والوساطة، ، لكن بلاشك كانت لها إفرازات في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
وأعتقد أنه إذا ما كان هناك إسراع كبير في جولات الحوار ستزول كل هذه المخاوف وسنصل إلى استقرار وانتعاش جديد في الحياة الاقتصادية وفي استعادة المجتمع لحيويته .
• ما هو الحل الأمثل برأيكم للأزمة بحيث تتم الاستجابة للمطالب الشعبية ولا يتم إنتاج نفس المنظومة السابقة؟
أولا المطالب الأساسية للحراك استجيب لها، الناس تحدثت عن الفساد، الآن هناك سقف عالي في معالجة هذه الملفات بحجم ربما يتجاوز بمسافة ما كان يطالب به الحراك الشعبي وما كان يتصوره أي جزائري في أي موقع كان، و أكثر من هذا اكتشف الجزائريون حجم الخطر الذي كان يتهدد الدولة من خلال انتشار واستشراء الفساد في مفاصل الدولة، ثم إن المعالجات السريعة التي أمنتها المؤسسة العسكرية للعدالة مهمة جدا، العمل في ظروف جيدة من الاستقلالية ومن إصدار الأحكام باسم الشعب الجزائري.
الجزائريون كانوا يطلبون أيضا تغيير الكثير من المسؤولين ونحن نسمع يوميا بتغييرات عميقة في مؤسسات الدولة، كل هذه الأشياء هي مؤشرات على أن هناك استجابة لهذه المطالب، لكن يبقى المطلب النهائي هو الشرعية وهي لا يمكنها أن تتم إلا من خلال تطبيق المادتين 7 و 8 من الدستور ، و إذا تحدثنا عن أن الشعب مصدر السلطة ومصدر الشرعية فهي إذن الانتخابات، فلنذهب إليها، صحيح هناك بعض الناس يختلفون في المنهج لكن الجميع يتفق على ضرورة تنظيم انتخابات في أسرع وقت وليتحمل الرئيس القادم مسؤوليته كاملة.
• ما هو المطلوب حسبكم من الرئيس القادم؟
إذن الرئيس القادم سيجد أمامه بلا شك أرضية من المطالب عليه أن يفتح بشأنها ورشات، وعليه أن يضع في الحسبان أن عليه التأسيس لجمهورية جديدة وفق تطلعات الشعب، وعلى الجميع أن يدرك حجم التحدي الذي توجد عليه البلاد في هذه الفترة. إ.ب