يرى التقني المغترب رشيد بلحوت، أن طيبته الزائدة عن اللزوم – كما وصفها - وراء حرمانه من حقوقه في وفاق سطيف وعدة فرق أشرف على تدريبها في الجزائر، مؤكدا بأنه عازم على تصفية كافة الحسابات مع هؤلاء بعد زوال وباء كورونا، كما تحدث مدرب نادي بنغازي عن مشواره التدريبي الطويل، الذي انطلق سنة 1982، وعدة أمور أخرى تخص الكرة الجزائرية، تكتشفونها في هذا الحوار الذي خص به جريدة النصر.
نلت الاعتراف بعد أن أفنيت عمري في كسب المعارف وألقى الجحود في بلدي
*بداية، كيف هي يومياتك في هذه الأوقات العصيبة بعد تفشي فيروس كورونا في جل بلدان العالم وتسببه في عديد الأزمات؟
أعمل طوال الوقت على محور كرة القدم، في الكتابة العامة حول موضوعات محددة، وكذلك الاستعدادات التدريبية وأنظمة وأساليب اللعب، وكل ما ينطوي على تحسين معرفتي، في كل مجالات هذه الرياضة التي تأسر العالم.
*حدثنا عن تجربتك الأخيرة في الدوري الليبي؟
لقد كان عملي الأخير جيدا من حيث النتائج، حيث حصدنا المركز الأول في مجموعتنا، ففريق بنغازي يعد أفضل هجوم ودفاع، ولم يسجل أي هزيمة، وللأسف في كأس العرب كان علينا أن نستقبل خارج أرضية ميداننا، بسبب الأوضاع في ليبيا، وفي مباراة الذهاب أمام الإسماعيلي المصري خسرنا 4-2، وقدمنا لقاء بطوليا، غير أن حكما مغربيا «ذبحنا» (قد تكون هذه هي المرة الأولى، التي رأيتموني فيها أنتقد بشدة حكما، بعد أن احتسب هدفين غير صحيحين على الإطلاق، وهو أمر مثير للسخرية حقا. وفي لقاء العودة الذي لعبناه في المنستير، فزنا بهدف دون رد، في حضور حكم مشبوه مرة أخرى)، كما واجهنا أيضا مشاكل مع بعض اللاعبين بسبب عدم تلقيهم الرواتب، فهناك لاعب فرّ من المطار، وهو أفضل مهاجم في الفريق، فضلا عما جرى لي في التدريبات الأخيرة قبل لقاء الذهاب، حيث تلقيت كرة في وجهي سببت لي كسرا في الأنف، وقبل تنقلي للمستشفى، قلت للاعبين: «تروا هذا الدم هو دم النصر «، كلهم بقوا مصدومين، وكان هناك من قال:» جزائري حقيقي!»، وعدت من المستشفى في حدود الساعة 22، وذهبت إلى الاجتماع ليتفاجأ الجميع بإصراري، ووقف قادة الفريق وصفقوا لي، واللاعب الذي سدد الكرة دون أن يراني ظل يبكي، وبعد تلك المباراة اضطررت للذهاب إلى بلجيكا لإجراء عملية جراحية، وفيما يتعلق بحكم لقاء الإياب حرمنا الحكم من ركلة جزاء كانت ستكون حاسمة في التصفيات، هنا أريد أن أتطرق لنقطة مهمة...
أقضي معظم وقتي في زمن الكورونا في الكتابة عن كرة القدم
تفضل ..
لم نستفد من العوامل الكلاسيكية في المنافسة العربية، لكن حتى ولو أننا لعبنا خارج ميداننا كان بإمكاننا التأهل، وبعد هذا توقف كل شيء، ولو أن تلك التجربة ستظل فريدة من نوعها، فالجميع لا يزالون سعداء بعملي لأنني رقيت 5 شبان من الفريق، رغم أنني أحمل غصة في قلبي كون الرئيس لم يف بالتزاماته تجاهي، خاصة السبونسور المهم الذي تحصل عليه الفريق.
شائعات معاناتي من المرض وراء عدم العودة للتدريب في الجزائر
*بحكم عملك مع وفاق سطيف، ما رأيك في ما حدث للفريق مؤخرا؟
سطيف مدينتي، وما لا يعرفه الكثيرون، هو أنني ترعرعت في نفس حي رشيد مخلوفي والشيخ كرمالي رحمه الله، إنهما شخصان ومدربان استثنائيان، ولقد ساعداني كثيرا في مشواري المهني والتدريبي، علاوة على ذلك، فلولا هذا الوباء الذي أوقف كل شيء في العالم، لكنت أذهب باستمرار إلى مسقط رأسي بسطيف، ويبدو لي أنني قدمت الكثير لهذا الفريق في فترة إشرافي عليه، ولكن لا شيء في المقابل، على أي حال آمل أن يزول هذا الفيروس قريبا، وإن شاء الله سنقوم بتسوية بعض الحسابات.
أعود للسؤال عن قضية سطيف، يا لها من قصة سيئة، إنه خطأ الجميع، وعن موضوع التلاعبات، يجب أن تكون العقوبات ثقيلة للغاية في حال التأكد من التجاوزات، والآن النادي قد يعاقب، بسبب الأشخاص الذين يريدون كسب المال تحت الطاولة، وهنا تحضرني قصة، حيث منذ فترة ليست بعيدة، جدا أن مدربا أجنبيا جاء إلى الجزائر، وكان يواجه عقوبة السجن لمدة 8 سنوات، دون أن يكون قادرا على وضع خطوة واحدة في التدريب، وهذا لا يحدث سوى في بطولتنا التي تثير الاستغراب.
زطشي تجاهل طلباتي وهناك من أعطاه صورة سيئة عني
*هل أنت مع أو ضد العمل الذي يقوم به رئيس الفاف زطشي ؟
بالنسبة لزطشي ليس عليّ أن أحبه أو أكرهه، على أي حال طلبت منه في عدة مناسبات أن أكون مديرا فنيا وطنيا أو يعطيني فريق المحليين، ولم يجبني، أعلم أن هناك بعض الأشخاص الذين قدموا له بالتأكيد فكرة خاطئة عني بسبب أمور أجهلها، على العموم، أفضل شيء فعله رئيس الاتحادية الحالي، كان التعاقد مع جمال بلماضي ليستلم زمام العارضة الفنية للخضر، أنا لست ضد زطشي لأنه تجاهلني بل بالعكس عليّ أن أعترف بمحاسن الرجل كذلك.
تحديت كسرا في أنفي لقيادة بنغازي في كأس العرب
*مستقر بتونس منذ عدة سنوات، ما رأيك في هجرة اللاعبين الجزائريين نحو البلد الجار؟
في البداية إذا غادر اللاعب مركز تكوين في الجزائر، علينا أن نفعل معه كما هو الحال في أوروبا، يوقع اللاعب الشاب عقدا يبقى على إثره مرتبطا مع النادي، يمكن من جني أرباح في حال تم تحويله لفريق آخر، وفي جميع الأندية في أوروبا يهتمون بهذا الأمر، وأعطيك مثالا على أعلى مستوى، البرازيلي نيمار ، هناك دائما أرباح يحصل عليها فريقه الأصلي سانتوس، وأيضا الإيفواري ديديي دروغبا كان يلعب في ناد للهواة في الدرجة الخامسة، وعندما ذهب إلى مرسيليا ظل الفريق يتحصل على عائدات تحويله، وبعد انتقاله إلى تشلسي استفاد النادي الذي ساهم في تكوينه وحتى فريقه في كوت ديفوار، تحصل على مبالغ طائلة، ولذلك علينا أن نتعامل مع هذه الأمور بعقلانية، فهناك عناصر تغادر صوب بطولات أخرى، منها تونس وفرقنا لم تستفد من شيء حتى وإن كانت وراء تكوين هذه الأسماء، التي باتت بمثابة نجوم الآن مثل بلايلي.
*لو نطلب رأيك فيما قدمه محرز هذا الموسم ؟
بالنسبة لقائد الخضر رياض محرز، في بداية الموسم كانت له منافسة مع الدولي الألماني ساني، وقد كان التقني غوارديولا يفضله عليه في الكثير من المناسبات، وبعد إصابة الأخير حصل محرز على الثقة كاملة، وتطور بشكل مذهل، وهذا أمر رائع بالنسبة له وللمنتخب الوطني، فهو في نادي جيد مليء بالنجوم، ورغم ذلك خطف مكانة أساسية عن جدارة واستحقاق في انتظار أن يواصل التأكيد.
سطيف مدينتي وترعرعت في نفس حي رشيد مخلوفي وكرمالي
*ماذا عن تعيين مجيد بوقرة على رأس المنتخب المحلي؟
كان لاعبا مفعما بالحيوية ومليئا بالخبرة، ومن المؤكد أنه سيضع لمسته في طريقة لعب المحليين بشكل عام، غالبًا ما يكون المدافعون مدربين جيدين، وهو ما آمل أن يحدث مع بوقرة، الذي استهل مشواره التدريبي في الخليج، ويبدو أنه يسير في الطريق الصحيح.
*هل المنتخب الوطني قادر على التألق في قطر في حال اقتطاع تأشيرة التأهل للمونديال؟
ليس من السهل أبدا حمل كأس إفريقيا في مصر، في ظل المعطيات التي سبقت البطولة، ولكن مع الأكل تزداد شهيتك، وأتوقع مستقبلا أن تكون الأماكن في المنتخب الوطني غالية، وهو ما سيعود بالفائدة على المنتخب، الذي تنتظره تحديات صعبة بداية بتصفيات كأس العالم في قطر، وفي حال العبور إلى هذا المحفل الكروي أّنا على يقين بأننا سنكون في المستوى، وسنبصم على إنجاز أفضل من ذلك المسجل في البرازيل.
*لماذا لا تعود للتدريب في الجزائر؟
أنا مستعد لذلك، وأحلم بهذا الأمر منذ فترة، ولكن الشائعات التي طاردتني والمتمثلة في معاناتي من المرض، وراء عدم اتصال الأندية الجزائرية بخدماتي، وأنا لن أسامح كل من روّج تلك الأكاذيب.
أنا أعمل كمدرب ومتواجد بالميدان منذ 1982، ولقد حصلت على ديبلومات كثيرة لحد الآن، والبداية بشهادة المراقب الأول بامتياز كبير، ثم الانتهاء من ديبلوم المدرب المحترف، ثم بعد ذلك بسنوات كان عليّ العودة إلى الدراسة للحصول على مختلف شهادات «يويفا «، وصدقني الديبلومات تكلف الكثير من المال والوقت، وتحصيلي هذا الكم من الشهادات والخبرات العلمية لا يعني أنني مدرب جيد، ولكنني مجتهد وأحب عملي كثيرا، لقد ألفت الكثير من الكتب، ويسألني الناس عن إنجازاتي، لكن الحقيقة المرّة أنني مهمش في بلدي الجزائر.
متفائل بنجاح بوقرة والمدافعون مدربون متميزون !
*كلمة ختامية
أريد ختم الحوار بما حدث لي في تونس، عندما أوقفني الاتحاد التونسي عن تدريب المونستير، بحجة إنني لا أملك شهادة «يويفا «أ»، بينما يمكنني التدريب في بلجيكا بذات الشهادة، واتصلت بشخص على مستوى المديرية الفنية للفاف، وقال أنك مطالب بالقدوم للحصول على «كاف ج» و»كاف ب»، لقد عدت إلى تونس وقمت بكافة الإجراءات المطلوبة، وأجبرت الفيفا التونسيين بعدها مباشرة بالسماح لي بالعمل هناك، والآن بعد سنوات أرى مدربا تونسيا لا يمتلك حتى «كاف ب»، يدرب ناديا كبيرا في الجزائر (الزلفاني مع شبيبة القبائل).
حاوره: مروان. ب