طلبنـا تـحقيقا أمـنيـا حول بـيع أطـفـال وعائـلات تـدفع بقاصرات إلـى الدعـارة
أكد عبد الرحمان عرعار رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ندى، بأن استغلال القاصرات في الدعارة، لم يعد يقتصر على الشبكات الإجرامية المتخصصة ببلادنا، كما بينت تحقيقات و تقارير الشبكة، بل تعداها إلى العائلات و لم تصبح الأمهات فقط من يدفعن بناتهن إلى الرذيلة، بل أصبح العديد من الآباء أيضا شركاء في هذه الجرائم، و الأدهى أن الفقر و الظروف الاجتماعية لم تعد تشكل الدوافع الرئيسية، بل سوء الأخلاق و السقوط في أوحال الانحراف،
مضيفا بأن الشبكة طلبت من الشرطة القضائية و الجهات الرسمية المعنية إجراء بحث معمق حول حالات بيع الأمهات العازبات لأبنائهن، و ذلك بعد رصد مؤشرات قوية حول لجوء نساء للمتاجرة بالبراءة بعد المتاجرة بأجسادهن، كما شدد رئيس ندى في حواره مع النصر، على استمرار انتشار ظاهرة العنف و الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال ، خاصة و أن الجزائر تحصي 7 آلاف من أطفال الشوارع.
حـاورتـه : إلـهــام طـالب
. النصر: ما تقييمكم لنتائج تطبيق مخطط الإنذار الوطني للتصدي لاختطاف الأطفال و تفعيل الرقم الأخضر104 في 20 نوفمبر الماضي؟
ـ عبد الرحمان عرعار : المخطط ذو مفعول إيجابي، فهناك تناقص ملحوظ في حالات اختطاف الأطفال ببلادنا منذ الشروع في تطبيقه في نوفمبر الفارط، لقد تم تسجيل 15 حالة فقط وهذا مؤشر جيد، لكننا بحاجة إلى تفعيل هذا المخطط أكثر فأكثر من أجل حماية أطفالنا من الأخطار التي تتربص بها.
تلقينا 21 ألف شكوى عبر الرقم الأخضر
. هل يمكن أن تصنف لنا أنواع الاتصالات و الشكاوى التي تتلقاها شبكة ندى عبر الرقم الأخضر 3033؟
ـ تلقينا في الفترة بين شهر جوان2015 و جوان 2016 أكثر من 21 ألف مكالمة هاتفية عبر الخط الأخضر الخاص بالشبكة، و لم نجر بعد الإحصاء الخاص بهذا العام، للأسف الشديد، فإن معظم الاتصالات تتعلق بالانتهاكات و الاعتداءات الجنسية التي يتعرض لها الأطفال و تأتي بعدها اتصالات تتعلق بعواقب النزاعات العائلية، خاصة المتعلقة بالكفالة و النفقة وحق الزيارة في حالات الطلاق على الأبناء الصغار، ثم التبليغ عن تعرض الأطفال للعنف بأنواعه الجسدي و اللفظي و المعنوي، حيث يشكل العنف المدرسي 42 بالمئة من هذه الحالات. و أشدد هنا، بأن الاعتداءات الجنسية على الأطفال هي بوابة الدعارة التي تنخر البراءة و كل المجتمع، و قد تم تبليغنا عن حالات تلاميذ تعرضوا لاعتداءات جنسية بمؤسساتهم التربوية من قبل زملائهم المراهقين، و من بينهم حالة تلميذ في 13 من عمره ، تعرض طيلة سنة كاملة للاعتداءات الجنسية من قبل زملائه المراهقين.
. ما هي الإجراءات التي تتخذونها بعد تلقي هذه الاتصالات؟
ـ الشبكة تضم مختصين في القانون و محامين يتكفلون بالإجراءات القضائية اللازمة حسب كل حالة، و تتأسس الشبكة كطرف مدني في القضايا التي تمس بالبراءة، و تشجع الأطراف المعنية على رفع دعاوى، نربح القضايا و يعود الحق إلى أصحابه. و تتكفل الشبكة أيضا التي تضم مختصين نفسانيين و مساعدين اجتماعيين في ضمان المرافقة النفسية و الاجتماعية للأطفال و إبعادهم عن دائرة الخطر. و نصطدم كثيرا بحالات لأطفال ضحايا عنف و اعتداءات جنسية في كنف أسرهم ، حيث نجد صعوبة في فصلهم عن ذويهم، و لو أن الغرض حمايتهم، خاصة في ظل غياب مراكز متخصصة للتكفل بهذه الشريحة الهشة.
آباء يستغلون بناتهن في الدعارة
. ما هو دور شبكات الدعارة التي ذكرتها جهات حقوقية في عديد المرات، في قضايا بيع الأطفال التي سجلتها مؤخرا مصالح الدرك الوطني؟
ـ الدعارة موجودة في شكل شبكات و في إطار فردي و أيضا في إطار عائلي و هي كما رصدنا من خلال تحقيقاتنا، بمثابة نشاط تجاري يعتمد على استغلال القصر. للأسف اكتشفنا بأن عائلات تدفع ببناتها القاصرات إلى الدعارة و لم يعد الدافع الأساسي هو الفقر و الظروف الاجتماعية الصعبة، بل أصبح فساد الأخلاق هو المحرك، كما أن الآباء أصبحوا هم أيضا يدفعون بناتهم إلى الدعارة و ليس الأمهات فقط، كما كان يحدث في السابق. بخصوص بيع الأطفال أقول بأننا رصدنا مؤشرات عن ذلك من خلال متابعة حالات أمهات عازبات يتعرضن للابتزاز و الضغط و تم تحويل عدد قليل من الحالات إلى الجهات الأمنية و القضائية. و قد طلبت شبكة ندى من الشرطة القضائية و كافة الجهات المعنية إجراء بحث معمق للتأكد من مدى لجوء بعضهن لبيع أبنائهن، وهذا صعب، خاصة و أننا نرصد تزايد حالات الانحراف و الدعارة وتعاطي المخدرات و التسول و غيرها بمجتمعنا. و قد رصدنا على سبيل المثال لا الحصر، حالة شابة عمرها 25عاما ، ليس لها مأوى أو أهل تعيش في الشارع و تتعرض للاغتصاب و مختلف الاعتداءات يوميا و تضع مولودا غير شرعي كل سنة ثم يختفي، و يرجح أنها تبيع هؤلاء الصغار لكي تحصل على المال و تعيش .
. هل لديكم معلومات حول بيع و تهريب الأطفال إلى الخارج؟
ـ الحمد لله وضعت بلادنا إجراءات قانونية صارمة على مستوى الحدود، و لا يمكن نقل أي طفل إلى الخارج، إلا بعد إعداد كافة الوثائق اللازمة، و لا يمكن العودة دونه و إلا تعرض المعني للمساءلة. بالنسبة للطفل المكفول لا ينقل إلى خارج الوطن إلا بترخيص من المحكمة . و إذا أراد الشخص الحاصل على قرار كفالة ، أن يستقر في بلد أجنبي مع طفله المكفول، فسيخضع للعديد من الإجراءات و كذا تحقيق اجتماعي تجريه المصالح القنصلية في البلد الذي سيقيم فيه. و بالتالي لا يمكن تهريب أطفالنا بفضل هذه الإجراءات المحكمة.
. ماذا يمكن أن تقول لنا بخصوص أطفال الشوارع؟
ـ نعم جزء كبير من أطفالنا في خطر، لقد أحصينا حوالي 7 آلاف طفل من أطفال الشوارع، و المقصود بهم الأطفال الذين يعيشون في الشوارع تتربص بهم مختلف الأخطار المادية و المعنوية و يكفي أن أخبركم بأننا أحصينا مؤخرا 55 طفلا يمارسون الدعارة. كما أن مئات الصغار يستغلون في التسول من قبل شبكات متخصصة. من غير المعقول الزج بكافة النساء اللائي يتسولن بأطفال، لا ندري من أين يحضرهن، في السجن، رغم أن قانون العقوبات يجرمهن منذ 2014. لا بد من حلول وقائية و توعوية اجتماعية للتصدي لهذه الظاهرة و كل الظواهر التي تمس البراءة.
. ماذا لو سألتكم عن أسباب هذا الوضع الذي آلت إليه الطفولة ببلادنا؟
ـ إن غياب الوازع الديني و الأخلاقي و التحولات التي شهدها مجتمعنا هي التي أدت إلى هذه الوضعيات السلبية و المؤسفة .
ـ تؤطرون حاليا جمعيات نشطة عبر الوطن في مجال حماية الطفولة، حدثنا عن التجربة..
ـ الشبكة التي تأسست في 2004 تضم اليوم 150 جمعية تغطي 48 ولاية، و هذه تجربة نموذجية في التحالف و التعاون و التكامل بين الجمعيات من أجل جني أفضل الثمار مع اقتصاد الوقت و الجهد . نحن الآن نواصل سلسلة من الدورات التكوينية في مجال حقوق الطفل و تسيير التحالف الجمعوي و تسيير المشاريع عبر مختلف ولايات الوطن و نجري في كل ولاية لقاءات مع المسؤولين و كل الشرائح المعنية بحماية الطفولة، كما ننظم نشاطات مختلفة للأولياء و الأطفال .
أحصينا سبعة آلاف طفل شوارع
. لمحة عن إستراتيجية الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل ندى على المدى المتوسط..
ـ وضعنا إستراتيجية تغطي الفترة بين 2017و 2022 و ذلك أساسا من أجل الارتقاء أكثر بحقوق الأطفال في الجزائر، و لكي تصبح الشبكة أكثر احترافية في معالجة قضايا الطفولة و نرتكز في ذلك على ثلاثة محاور: قدرات الشبكة و إمكانياتها و الاعتماد على كل أسس المواطنة و حقوق الأطفال و الحماية الاجتماعية للأطفال الضحايا. الملفت أن هناك تجاوب كبير من المواطنين و الجمعيات و السلطات، فهم شركاؤنا في تطبيق هذه الإستراتيجية.
إننا بحاجة إلى ديناميكية و فعالية و سرعة في تنفيذ آليات حماية الطفولة في الميدان، و ليس تلك المرتبطة فقط بالجهات القضائية و الأمنية، فمن المفروض أن تتدخل هذه الجهات كحلقة أخيرة بعد آليات عدة لمحاربة كل ما يؤذي البراعم. من الضروري أن تتكاثف جهود الجهات الاجتماعية و الثقافية و كافة المواطنين كل على مستواه، و نستثمر جيدا في المجتمع المدني، من أجل التصدي لكافة الظواهر المشينة و مظاهر الفساد و الانحراف ، و بالتالي إنقاذ فلذات أكبادنا من بين براثنها، و لنركز معا كخطوة أولى على تنظيم النشاطات الفنية و المسرحية و الثقافية و الرياضية و الاجتماعية و تشجيع ممارسة الهوايات المفيدة، فالفراغ و رفاق السوء من ألد أعداء الأطفال و المراهقين.
إلهام.ط