ينتظر العداء محمد بلبشير بفارغ الصبر، موعد إجلائه رفقة باقي الرياضيين الجزائريين، الذين توجهوا إلى كينيا لتحضير استحقاق أولمبياد طوكيو، مستعيدا في حوار مع النصر زيارته الأخيرة لمدينة ووهان الصينية، بمناسبة الألعاب العالمية العسكرية.
- حاوره: مروان. ب
- بداية، أين تتواجد ؟
سأفاجئكم إن قلت لكم بأنني عالق رفقة عدد من رفاقي الرياضيين بدولة كينيا منذ عدة أسابيع، بعد تعليق كافة الرحلات الجوية من وإلى الجزائر، أين كنا قد تنقلنا إلى مدينة إيتان لإقامة معسكر تحضيري، في الفترة الممتدة ما بين 16 فيفري و18 مارس، غير أن توقيف كل شيء حال دون عودتنا لأرض الوطن، ما استدعى تدخل السفارة الجزائرية التي نقلتنا إلى العاصمة نيروبي، من أجل التكفل بكافة أعضاء البعثة التي تضم إحدى عشرة رياضيا، إضافة إلى مرافق يسهر على توفير كافة حاجياتنا.
- كيف تقضي يومياتك في نيروبي؟
بعد أن قامت السفارة بنقلنا إلى العاصمة نيروبي، خصصت لنا فندق جميل للإقامة وتكفلت بكل شيء يخصنا، وهو ما أراحنا وجعلنا نتحمل بعض الشيء ألم الفراق عن عائلاتنا، وعن يومياتنا منذ الإعلان عن فيروس كورونا كوباء، لا نغادر مقر إقامتنا على الإطلاق، خاصة بعدما أوقفنا برنامجنا التدريبي، حيث نتواجد بالحجر الصحي، مخافة الإصابة بالعدوى، ولو أن الأوضاع في كينيا لا تدعو للقلق مقارنة ببلدان أخرى، أصابها الوباء وجعل منظوماتها الصحية تعاني.
- إذن السفارة قامت بواجبها على أكمل وجه اتجاهكم ؟
أجل، السفارة الجزائرية لم تُقصر اتجاهنا، وعمدت لتوفير كافة طلباتنا، كما أنها تحاول إعداد أطباق جزائرية لكافة البعثة خلال أيام الشهر الفضيل، على غرار الحريرة والبوراك، ولا يسعنا سوى أن نتوجه لهم بالشكر الجزيل على مساعدتهم لنا، خلال هذه الفترة العصيبة، فلولاهم لا ندري ماذا كان سيحدث لأعضاء بعثتنا.
- هل تلقيتم وعودا بالإجلاء في أقرب وقت ؟
سجلنا أسماءنا ضمن موقع وزارة الخارجية، المخصص لإحصاء الجزائريين العالقين خارج أرض الوطن، على أمل إجلائنا في أقرب وقت ممكن، لقد قمنا بكافة الإجراءات المطلوبة قبل تاريخ الغلق، والذي حددته السلطات ب23 أفريل الماضي، لحد الآن لا علم لنا بموعد عودتنا إلى الجزائر، ولكن الشيء الأكيد أن الأمر لن يكون سهلا، فكافة المطارات بدولة كينيا مغلقة إلى نهاية شهر ماي حسب آخر الأخبار، كما أنه لا توجد رحلات مباشرة من العاصمة نيروبي باتجاه الجزائر، حيث يتوجب علينا المرور عبر العاصمة القطرية الدوحة، ولو أن كافة المعطيات تشير إلى اللجوء لرحلة خاصة، كما حدث عند عمليات الإجلاء السابقة.
- بماذا تشعر العائلة بعد أن علقت بكينيا ولم تعرف لحد الآن موعد عودتك ؟
بطبيعة الحال، أفراد عائلتي يشعرون بحالة من القلق والخوف، بعد أن علقنا بكينيا منذ عدة أسابيع، وما زاد من حدة توترهم هو أن موعد عودتنا لأرض الوطن غير معروف، ولو أنني طمأنتهم بأنني في أفضل حال، ولا داعي للقلق، سيما وأننا نحظى بكافة الاهتمام والرعاية من طرف السفارة الجزائرية بنيروبي.
- هل ستتأثر بابتعادك عن التدريبات كل هذه الفترة ؟
الوضعية الحالية لا تخصني بمفردي، بل كافة الرياضيين يعانون منذ تفشي فيروس كورونا وغلق كافة المنشآت الرياضية، غير أننا نحاول قدر المستطاع الحفاظ على جزء من لياقتنا البدنية ببرمجة تمارين يومية بالفندق، ولو أنها تظل غير كافية، وهنا أتأسف كثيرا للسيناريو الذي حدث معنا، حيث تكبدنا عناء التنقل إلى كينيا، من أجل القيام بتحضيرات في المستوى، لنجد أنفسنا عالقين هناك، ولا نعرف موعد عودتنا إلى الجزائر، خاصة وأن كافة المعطيات تشير إلى تمديد إجراءات الحجر الصحي بجل البلدان، وما يعقبها من غياب الرحلات الجوية.
- ما رأيك في الوضع بالجزائر ؟
أعتقد أن الجزائر أقل سوءا من بلدان أخرى وصلت إلى أوضاع كارثية، على غرار إيطاليا وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، غير أن تخوفاتي كبيرة لقلة وعي بعض المواطنين، فعوض أن يلتزموا بإجراءات الحجر الصحي المنزلي، أراهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي يملؤون الشوارع ويتدافعون على مادتي السميد والحليب، وهذا قد يودي بإصابة العديد من الأشخاص بالعدوى، علينا بالحذر، خاصة وأننا نتواجد في أسابيع جد حاسمة حسب بعض الأخصائيين.
- هل تفتقد لنكهة رمضان ؟
حلاوة شهر الصيام عندما تقضيه بجانب عائلتك وأحبابك، ولكن للأسف حدث لنا ما لم يكن بالحسبان ووجدنا أنفسنا عالقين بكينيا، ولو أن الشهر الفضيل هذه السنة مختلف عن سابقيه، بعد تطبيق إجراءات الحجر الصحي، حيث لا توجد سهرات، كما قلت الحركة، ولكن هذا لم يمنعن وزملائي على متابعة بعض البرامج الفكاهة القديمة، على غرار عاشور العاشر وبلاد حدود، وهي أعمال تُروح علينا بعض الشيء.
- هل تتابع برامج محددة ؟
جُل الأعمال انحصرت على الكاميرا الخفية وجميعها بلا فائدة، رغم أن عددها بات يقارب 20 عملا كل سنة، ولذلك أنا لا أتابع أيّا منها، واكتفي بإعادة مشاهدة البرامج الفكاهية القديمة التي كان أبطالها فنانين كبار، على غرار حزيم ومصطفى بلا حدود وصالح أقروت، وغيرهم من القامات الفنية التي تستحق المتابعة.
- حدثنا عن تتويجك الأخير بالميدالية البرونزية في بطولة العالم العسكرية بمدينة ووهان الصينية؟
في الألعاب العالمية العسكرية 2019 أنهيت سباق 800 متر في المرتبة الرابعة، وأضعت على نفسي فرصة التتويج، وفي سباق الأربعة تتابع توجنا بالميدالية البرونزية، رغم صعوبة المأمورية، غير أن الملفت للانتباه أن البطولة أقيمت بمدينة ووهان الصينية شهر أكتوبر الماضي، وفي تلك الفترة لا أحد كان يعلم بوجود وباء اسمه كورونا، وبأن تلك المدينة ستقوم بتصديره لكافة بلدان العالم.
- نلت أيضا الميدالية الذهبية في الألعاب العالمية الجامعية بنابولي، ماذا يعني لك؟
بعد اكتفائي بالميدالية الفضية في الألعاب الجامعية بتايبي سنة 2017، كنت حريصا على الفوز بالذهب في دورة نابولي، على اعتبار أنها ستكون آخر مشاركة لي في الألعاب الجامعية، والحمد لله وفقني المولى عزوجل، وأنهيت السباق في الصدارة، مسجلا رقما جيدا، جعلني أحظى بإشادة واسعة في نابولي.
- ما هي أهدافك المستقبلية ؟
كنت مركزا على الألعاب الأولمبية بطوكيو، وهدفي تحسين وقتي، ولكن كورونا أجلت كل شيء وليس لدي سوى الرضا بقضاء الله وقدره، على أن لا أيأس، وأواصل التحضيرات بكل جدية، لأكون في أتم الجاهزية للمواعيد والاستحقاقات التي تنتظرني.
*بماذا تريد أن تختم الحوار ؟
كنت آمل أن أكون ببلدي الجزائر خلال هذه الفترة العصيبة، ولكن قدر الله ما شاء فعل، وما علينا سوى الصبر والالتزام بالحجر الصحي، مع الإكثار من الدعاء والتضرع للمولى عزوجل ليحفظنا ويحفظ أبناء شعبنا، كما نستغل الفرصة للترحم على موتانا وموتى المسلمين، على أمل أن يزول هذا الوباء قريبا جدا. م. ب