اعترف عضو المكتب الفيدرالي أحسن عرزور بأن قرار إكمال الموسم الجاري لن يكون سهل التطبيق، خاصة في الأقسام السفلى، لكنه أكد بالمقابل على أن النمط الجديد للمنافسة، والذي سيدخل حيز التنفيذ مع بداية الموسم القادم، أجبر الاتحادية على التمسك بموقفها، فضلا عن أن البطولة في مختلف المستويات بلغت مرحلة جد متقدمة، والسعي لإنهائها كان موضوع توصيات عديدة، أصدرتها الفيفا والكاف على حد سواء.
حــاوره: صالح فرطــاس
عرزور، الذي يترأس اللجنة الفيدرالية المكلفة بتنظيم كأس الجزائر، ويشغل في نفس الوقت منصب رئيس رابطة قسنطينة الجهوية، تحدث في حوار مع النصر عن المخطط الأولي، الذي تم وضعه لإنهاء المشوار مع «السيدة المدللة»، وأقر بعدم الحسم بعد في بعض الجوانب القانونية، كما تطرق لقضية التسجيل الصوتي المُسّرب، واعتبرها مصدر الحملة التي تستهدف الفاف في الآونة الأخيرة.
- في البداية، ما قراءتكم في القرار الذي اتخذتموه خلال الاجتماع الأخير للمكتب الفيدرالي، بخصوص مستقبل المنافسة، ودوافع الإصرار على ضرورة إكمال الموسم؟
موقف الفاف بخصوص هذه القضية كان واضحا منذ الوهلة الأولى، لأن تسجيل أولى حالات الإصابة بالفيروس في الجزائر، جعل الوزارة تعلق النشاط الرياضي على فترات، بمراعاة التدابير الوقائية، خاصة إجراءات الحجر الصحي، وهي ظروف استثنائية دفعت بالمكتب الفيدرالي إلى انتظار قرار تمديد الحجر لمرتين، قبل الكشف عن مخطط أولي لإتمام الموسم، وكان ذلك خلال الجلسة الدورية المنعقدة أواخر أفريل الفارط، رغم أن بعض الاتحادات في بلدان أخرى، كانت في ذلك الوقت قد بادرت إلى اتخاذ جملة من القرارات، لإعلان مبكر عن تعليق المنافسة بسبب انتشار الفيروس، لكن وضعيتنا في الجزائر كانت مختلفة، والقرار تم اتخاذه بعد تشريح القضية من جميع الجوانب، لأننا وجدنا أنفسنا بين المطرقة والسندان، وذلك بالحرص على حماية الأشخاص بسبب المخاطر الكبيرة، التي يشكلها الوباء من جهة، والسعي لإنقاذ الصيغة الجديدة للمنافسة، والتي تقرر اعتمادها بعد تزكيتها بالإجماع خلال الجمعية العامة الاستثنائية المنعقدة منتصف سبتمبر 2019 من جهة أخرى، لأن هذا المشروع له انعكاسات كبيرة على معطيات الهرم المعتمد في المنظومة الكروية الوطنية، ومخلفات الصعود والسقوط ليس من السهل تنفيذها دون إنهاء المنافسة، وعليه فقد كنا مجبرين على السير على نفس الخط، والذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة لضمان إكمال الموسم، حتى يتسنى لنا تحديد قائمة الصاعدين والنازلين ميدانيا في كل الأقسام والأفواج، دون اللجوء إلى اتخاذ قرارات إدارية في غياب نصوص قانونية واضحة، للتعامل مع مثل هذه الحالات «الشاذة»، والقرار المتخذ من طرف المكتب الفيدرالي، تزامن مع تلقي توصيات في هذا الشأن من طرف الفيفا والكاف، صبت في مجملها في خانة العمل على إتمام البطولة، مع مراعاة الجانب الوقائي.
- وبصفتكم المسؤول الأول في رابطة قسنطينة الجهوية، ألا ترى بأن تنفيذ هذا القرار في الأقسام السفلى صعب للغاية، وقد تكون عواقبه وخيمة على حياة اللاعبين؟
هذا الطرح صحيح، ونحن نعترف بأن أندية الجهوي والشرفي تفتقر للإمكانيات، التي تسمح لها باتخاذ التدابير المنصوص عليها في «البروتوكول» الصحي، الذي وضعته اللجنة الطبية الفيدرالية بالتنسيق مع وزارة الصحة، والدليل على ذلك أن هناك فرقا في هذه المستويات كانت خلال الموسم غير قادرة حتى على ضمان حضور الطبيب في المباريات الرسمية، وخسارة بعض اللقاءات على البساط بسبب غياب الطبيب في أقسام الهواة، مسجلة على مستوى كل الرابطات، وبالتالي فإن قرار إكمال الموسم سيجعلنا نواجه جملة من الصعوبات، لأن الكثير من الأندية التابعة لمناطق معزولة جغرافيا، لا تتوفر على الوسائل الطبية التي تسمح لها باتباع النظام الوقائي، الواجب ضمانه أثناء المقابلات، دون الحديث عن البرنامج المسطر للتدريبات، لكننا سنعمل على اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية، التي تراعي خصوصية كل منطقة، وذلك بالحرص على توفير أدنى شروط الوقاية، كما أن هناك عوامل أخرى حاولنا الارتكاز عليها لاتخاذ قرار إكمال الموسم وتعميمه على كل الأقسام.
- هل لنا أن نعرف العوامل، التي جعلت الهيئة التنفيذية للفاف تفصل المنافسة الكروية، عن الخطر الكبير الذي يشكله الفيروس؟
نحن لم نفصل بين النشاط الكروي والوضعية الوبائية السائدة حاليا، بل حاولنا وضع مخطط مبدئي، كفيل بإكمال الموسم «العالق»، وكل شيء يبقى مرهونا بتطورات الأزمة، لأن استئناف البطولة لن يكون إلا بعد تلقي الضوء الأخضر من السلطات العليا للبلاد، وكذا رفع الحجر الصحي، وهي الخطوة التي تبقى مقترنة أيضا بتحسن الأوضاع في الجزائر، واللافت للانتباه أن المكتب الفيدرالي، كان قد رسم خارطة الطريق في نهاية أفريل الماضي، وهي الفترة التي كانت فيها الحصيلة الوبائية اليومية مرتفعة، لكن الأرقام بعد عيد الفطر المبارك أخذت في التراجع، وهذا مؤشر إيجابي يدفع بنا إلى إبداء الكثير من التفاؤل بقدرة الجزائر على التخلص من هذا الفيروس في القريب العاجل، كما أن استئناف النشاط الكروي، لن يكون في لمح البصر بمجرد رفع الحجر، بل هناك إجراءات وقائية سيتم اتخاذها على مستوى الأندية، قبل الشروع في التدريبات، وهذه التدابير قد تخص في مرحلتها الأولى الفرق المحترفة، التي تتوفر على الإمكانيات التي تسمح لها بتنفيذ «البروتوكول» الصحي، سواء في الشق المتعلق بالإقامة، التدريبات أو حتى من حيث الطاقم البشري، الذي يسهر على المتابعة الطبية، بينما قد يتأخر استئناف النشاط بالنسبة لأندية الهواة، خاصة في الجهوي والشرفي إلى غاية تحسن الأوضاع الوبائية، وتبديد المخاوف من انتشار العدوى بين اللاعبين أثناء المباريات، لأن المخطط المسطر قد يمتد إلى غاية سبتمبر المقبل.
- وماذا عن منافسة كأس الجزائر، خاصة لدى الفئات الشبانية وكرة القدم النسوية بعد توقيف البطولة نهائيا؟
قرار توقيف البطولة بالنسبة للشبان وكذا لدى العنصر النسوي، كان قد اتخذ في نهاية أفريل الماضي، بسبب المعطيات الميدانية التي وقفت عليها المديرية الفنية الوطنية، بعد تشريح الأوضاع على مستوى كل الرابطات، لأن بطولات الشبان سجلت تأخرا كبيرا، وذلك بسبب التأخر الذي كانت قد عرفته الانطلاقة، على خلفية المشاكل التي تعترض الأندية لتأهيل اللاعبين مبكرا، سيما منها ما يتعلق بالملف الطبي، وعدم ارتباط هذه المنافسات بحسابات الصعود والسقوط، جعلنا نوقف البطولة وإعفاء جميع اللاعبين الشبان من ارتباطاتهم الحالية مع نواديهم، دون التفكير في المرحلة المتبقية من مشوار البطولة، مع توضيح الرؤية مبكرا للفرق التي مازالت معنية بكأس الجمهورية، لأن هذه المنافسة بلغت المربع الذهبي، ولم تبق سوى 3 مقابلات في كل صنف لتحديد المتوج، وعليه فقد قررنا تأخير المحطتين المتبقيتين إلى غاية سبتمبر القادم، لكن لم نحسم بعد حول الكيفية التي سنعتمدها مع الأندية بخصوص التعداد، لأن تلك الفترة قد تتزامن مع التحضير للموسم الجديد، وإمكانية السماح للفرق بالاعتماد على لاعبين جدد، يبقى من بين المقترحات المطروحة على طاولة الدراسة، سيما وأن الفئات العمرية المحددة تتغير من موسم لآخر، ونفس الاجراءات ارتأينا تطبيقها بالنسبة لكرة القدم النسوية، خاصة لدى الكبريات، بعد توقيف البطولة، بينما كان الموسم قد انتهى بالنسبة للشبلات والوسطيات، ولم يتبق سوى دورين فقط من منافسة الكأس.
- نعرج الآن للحديث عن ملف الساعة، وقضية التسجيل الصوتي التي تصنع الحدث في الأسابيع الأخيرة، فما تعليقكم على ذلك؟
هذه القضية كان من الضروري حصرها بين شخصين، لأنها عبارة عن مضمون مكالمة هاتفية، طرفاها تحددا خلال التحقيق الابتدائي الذي قامت به لجنة الانضباط التابعة للرابطة المحترفة، وكان من الأجدر إحالة الملف مباشرة على الجهات الأمنية والقضائية، لتحديد مسؤولية كل طرف في هذه القضية، لكن البعد الإعلامي الكبير الذي أخذه هذا الملف، فسح المجال أمام أطراف أخرى لاستغلال الفرصة سعيا للذهاب بعيدا، وتصفية حسابات شخصية مع مسؤولين في الفاف والرابطة على حد سواء، لأن الحديث عن العلاقة الشخصية التي تربط وكيل اللاعبين سعدواي برئيس الاتحادية زطشي غير مبرر، والمغزى منه محاولة توجيه أصابع الاتهام ولو بطريقة غير مباشرة للمسؤول الأول في الاتحادية، رغم أن هذا التصرف يبقى عبارة عن سلوك فردي، وكل شخص يتحمل مسؤولية التصرفات التي قام بها، كما أن دخول وزارة الشباب والرياضة على الخط، وتأسسها كطرف مدني في الشكوى التي قدمتها، يكفي للكشف عن موقف الوصاية وإصرارها على الذهاب بعيدا في هذه القضية، وعليه فإن الطريقة التي تتعامل بها بعض وسائل الاعلام مع هذا الملف، من شأنها التأثير على سرية التحريات التي تقوم بها الجهات الأمنية والقضائية عند نظرها في الشق الجزائي، بينما يبقى الجانب الرياضي، قيد الدراسة على مستوى الفاف والرابطة .
- هل يعني هذا الكلام، بأن أطرافا حاولت استغلال هذه القضية لشن الحملة، التي اضطرت الفاف للرد عليها من خلال بيان رسمي؟
قضية التسجيل الصوتي تزامنت مع فترة الشلل الكروي التي فرضها «كوفيد 19»، وكل المتتبعين لاحظوا بأن الفاف أصبحت عرضة لحملة من طرف مجموعة، اتخذت من «الفايسبوك» وبعض وسائل الاعلام منبرا، لأسباب لها خلفيات بالانتخابات القادمة، فكانت الفرصة مواتية للتصعيد في حدة الانتقادات، بعد طفو هذه القضية على السطح، رغم أن الساحة الكروية الوطنية كانت قد عرفت تسجيل العديد من القضايا المشابهة في مواسم سابقة، كما أن موقف الاتحادية كان واضحا منذ البداية، بالتنديد والاستنكار، والإصرار على الذهاب بعيدا، لكن الأمور تجاوزت الخطوط الحمراء، بعد ربط العلاقات الشخصية بالشؤون الداخلية للفاف، ومحاولة ضرب استقرار المكتب الفيدرالي، وهذا كله سعيا لتنفيذ مخطط انقلابي حتى قبل نهاية العهدة الحالية، ولو أن التحريات الأمنية والقضائية، كفيلة بكشف تفاصيل خفية عن الفساد الكروي في الجزائر، إلا أن العقوبة الجزائية في حال تسليطها على من يثبت تورطه في الفساد، ستكون عبرة لجميع الناشطين في الساحة الكروية الوطنية، لأن المنظومة متعفنة، والمحيط يبقى بحاجة إلى عملية تطهير تستهدف كل الدخلاء، الذين أحكموا قبضتهم على تسيير المنافسة بفضل نشاط «الكواليس»، سواء تعلق الأمر بالعلاقات مع مسيري النوادي وحتى التحكيم، وأملنا أن تضع هذه القضية نقطة النهاية لمسلسل الاتهامات الذي طالت حلقاته، وتمتد على مدار موسم كامل، مع وضع الحكام في خانة المتهمين الرئيسيين، وهذا من طرف مسيري الفرق والاعلام على حد سواء.
ص. ف