الأحد 22 سبتمبر 2024 الموافق لـ 18 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

فضيحة التسجيل شجرة في غابة من الفضائح: نحو بدايــة الحــــرب علـــى الفســـــاد في كــــرة القـــــدم


أماطت تطورات قضية التسجيل الصوتي المسرب لمكالمة هاتفية بين المدير العام لوفاق سطيف والمناجير نسيم سعداوي، اللثام عن الفساد الذي ما فتئ ينخر جسد المنظومة الكروية الوطنية، سيما بعد إصدار قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد، أمر إيداع في حق المتهمين الرئيسيين، لأن هذا الإجراء عاد بالحديث عن هذا الملف إلى الواجهة، مع ترقّب حملة واسعة لتطهير المحيط من «الفاسدين»، الذين كانوا قد استغلوا فرصة غياب الرقابة والصرامة، لتحويل النشاط الكروي إلى فضاء مناسب للبزنسة والتلاعب بالمال العام.
إيداع حلفاية وسعداوي رهن الحبس المؤقت، جاء على ذمة التحقيقات الأمنية والقضائية، التي أجرتها الجهات المختصة بناء على شكوى رسمية تقدمت بها وزارة الشباب والرياضة ضد مجهول، بمجرد طفو فضيحة التسجيل على السطح، ولو أن هذه الخطوة تعد سابقة في تاريخ كرة القدم الجزائرية، على اعتبار أن الوصاية قررت الدخول على الخط دون سابق إشعار، بتأسسها كطرف مدني، في الوقت الذي اكتفت فيه الهيئات الكروية المختصة، سواء الاتحادية أو الرابطة المحترفة بلعب الدور الإداري، والذي اقتصر على بيانات إعلامية من الفاف، مع مرور لجنة الانضباط للرابطة، إلى مرحلة التحقيق في القضية في شقها الرياضي، بالاستماع إلى أقوال 4 أطراف، دون التجرؤ حتى على إصدار العقوبة الإدارية، على من كانت الهيئات المختصة قد اشتبهت فيهما، وهذا الإجراء كان شبه منتظر من طرف المتتبعين، سيما بعد الأقاويل التي كثرت لدى المتتبعين، بخصوص تأثير العلاقة الشخصية الوطيدة التي تربط نسيم سعداوي برئيس الفاف زطشي، الذي يعد صديقه الحميم، وحتى بالمسؤول الأول في الرابطة المحترفة عبد الكريم مدوار، رغم أن الرجلين حاولا إسقاط كل «شبهة» بالإلحاح على وضع العلاقات الشخصية جانبا.
الظاهرة تفشت لغياب الردع والجرأة في معالجة الملفات
تنصّل الهيئات الكروية الوطنية من مسؤولية اللجوء إلى العدالة، ورفض التأسس كطرف مدني في قضايا الفساد، مقابل الاكتفاء بدراسة الملف من الناحية الرياضية، وتسليط عقوبة تصل في أقصى درجاتها إلى الحرمان من تأدية المهام الرياضية لمدة سنتين، ساهم بصورة مباشرة في تفشي الظاهرة، مادام مسؤولو الفاف يتحججون دائما بعدم وجود الدليل المادي، الذي يكفي لإيداع شكوى رسمية، مع الرمي بالكرة في معسكر الضحية وتوجيهه إلى العدالة للمطالبة بحقه الجزائي دون الرياضي، وهو الفراغ القانوني، الذي جعل كل ملفات الفساد التي طرحت على الفاف والرابطة في سنوات سابقة رهينة الأدراج، في ظل انتهاج سياسة «النعامة»، والتجرد من المسؤولية «المدنية» المخولة قانونا، فأصبح الجميع يدرك بأن نتائج القضايا المشبوهة، التي تطرح على طاولة الفاف لن تتجاوز العقوبة الرياضية، عملا بقاعدة «تمخض الجبل فولد فأرا»، لأن الاتحادية ترفض دوما اللجوء إلى العدالة.
وتغيّرت المعطيات هذه المرة بعد تحرك الوصاية، وتأكيد وزير الشباب والرياضة على ضرورة مسايرة السياسة المنتهجة للبلاد والرامية إلى بناء جزائر جديدة، ومحاربة الفساد بشتى أنواعه وجميع المجالات، لأن هذه الخطوة أبقت الهيئات الكروية الوطنية في موقف «المتفرج»، لكنها بالموازاة مع ذلك، زعزعت الوسط الرياضي، ودفعت بالجميع إلى المراهنة على أن يكون هذا الملف نقطة انطلاق لمرحلة جديدة، تشهد حملة واسعة لاستئصال الداء، وإعادة فتح الملفات السابقة التي كانت رهينة الأدراج، لأن الفساد الكروي أصبح على لسان كل جزائري، والكل يعترف بأن المنظومة الكروية الوطنية فاسدة، إلا أن الافتقار للجرأة من طرف المسؤولين المباشرين على المنظومة، كان وراء تأخير هذه الخطوة الميدانية الجريئة.
«الاحتراف» الخاطئ فتح الباب لمافيا تلاعبت بالمال العام
ولا يختلف اثنان في أن الفساد الكروي في الجزائر ليس وليد قضية التسجيل الصوتي، بل يعود على عقود وسنوات سابقة، لكن تجربة الاحتراف، كانت الفضاء المناسب للبلوغ بهذه الظاهرة ذروتها، لأن المنظومة عرفت ظهور «بارونات» اقتحموا عالم المستديرة عبر بوابة المال، فأحكموا قبضهم على المشهد، وعاثوا في «الجلد المنفوخ» فسادا، بانتهاج أساليب «مافياوية» في تسيير أندية محترفة على الورق، لكنها في الواقع لم تتخل عن إطارها «الهاوي»، مقابل تأسيس شركات رياضية شبه «وهمية»، بقت مفلسة منذ نشأتها، ليبقى المال العام المصدر الوحيد للتمويل، مع إتاحة الفرصة للرؤساء بالتلاعب بالمال العام، دون رقيب ولا حسيب، لتكون الحصيلة السنوية إهدار الملايير في رواتب ومنح خيالية للاعبين، مع تخصيص حصة من الأموال للأساليب «اللارياضية»، سيما منها شراء ذمم الحكام وترتيب نتائج بعض المباريات، في الوقت الذي تبقى فيه أصابع الاتهام موجهة حتى لأطراف كثيرة من خارج المنظومة، لأن تخصيص الإعانات للنوادي الرياضية بمبالغ ضخمة، يكون في الكثير من المناطق والبلديات على حساب التنمية المحلية، والتضحية بمشاريع تهم المواطنين، مما يبقي باب «الشبهات» مفتوحا على مصراعيه حول العلاقة، التي أصبحت تربط «السياسة» بالرياضة، نتيجة المصالح المقترنة بعصب المال، ليبقى مشروع «الاحتراف» يراود مكانه، مع إهدار آلاف الملايير خلال عشرية من الزمن، كانت فاشلة ميدانيا، عرفت نجاحا كبيرا للمتخصصين في «الكولسة».
صورة المنظومة قاتمة والمجاهرة بالبزنسة لم تحرك الفاف!
شكلت السلوكات التي لطخت صورة الكرة الجزائرية، مادة دسمة في «بلاطوهات» مختلف القنوات التلفزيونية، مع إقدام روادها على الحديث بكثير من الثقة في النفس عن التلاعبات وترتيب نتائج المقابلات، لكن تلك الخرجات الإعلامية لم تكن كافية لتحريك مشاعر مسؤولي الفاف، الذين لم يتجرؤوا على اللجوء إلى الجهات القضائية، والبقاء في منصة المتفرج المقتنع بكل ما يدور في الساحة، ولو أن القضية أخذت بعدا «عالميا»، بعدما تحدثت وسائل إعلام أجنبية عن الفساد الكبير الذي تعيشه الكرة الجزائرية، خاصة بعد التقارير التي أعدها كل من موقع هيئة الإذاعة البريطانية « بي. بي. سي»، ومجلة «فرانس فوتبول»، فضلا عن دخول الفيفا على الخط عند توقيف 7 أشخاص بفرنسا، ثبت تورطهم في قضايا مراهنات تخص البطولة الجزائرية، لكن هذا الإجراء لم يكن كافيا لإخراج الملفات الثقيلة من أدراج الاتحادية إلى الواقع الميداني.
قضية التسجيل الصوتي ليست الأولى من نوعها التي تشهدها الساحة الكروية الوطنية، إذ سبقتها العديد من الملفات التي تم «امتصاص» مفعولها، بعد الاكتفاء بتسليط العقوبة الرياضية، دون اللجوء إلى العدالة، منها قضية شباب باتنة ضد شبيبة الساورة، وكذا الملف الخاص بمقابلة اتحاد عنابة ونظيره اتحاد بسكرة في بطولة الهواة، والذي بلغ أروقة العدالة بعد تأسس الفريق العنابي كطرف مدني، بعد رفض الفاف هذه الخطوة، فضلا عن قضية المراهنات التي عرفتها مقابلة دفاع تاجنانت والجار وفاق سطيف.               ص/ فرطــاس

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com