نجح شباب ميلة في انتزاع إحدى تأشيرات الصعود إلى وطني الهواة، في انجاز كان قد تجسد ميدانيا بشق الأنفس، لأنه كان قد ولد من رحم أزمة، كانت قد وضعت الفريق مبدئيا خارج دائرة حسابات الصعود، مع فقدان الأنصار الأمل، لكن انتفاضة أبناء «ميلاف» في المنعرج الأخير، تحت قيادة ابن الدار التقني المحنك بن عبد الرحمان، كانت كافية لقلب الموازين، فعادت «السيبيام» بقوة، وأحرزت سلسلة من النتائج الإيجابية، تمكنت بفضلها من دخول «التوب 8»، بعد مخلفات الجولة التي توقفت فيها المنافسة اضطراريا بسبب جائحة كورونا.
روبورتاج : صالح فرطـــاس
هذا الإنجاز، يعتبر خطوة أخرى في رحلة بحث شباب ميلة عن أمجاده الضائعة، لأن الفريق كان في أواخر الألفية الماضية، بمثابة «الحصان الأسود» في بطولة الوطني الثاني، وعرف أزهى فترات في تاريخه، قبل أن تتسبب المشاكل الداخلية، الناتجة بالأساس عن سلطان المال، في سقوط حر، لينحدر الشباب إلى الجهوي الثاني لرابطة قسنطينة، وكان مهددا حتى بالإنسحاب النهائي، لكن التغيير الإداري الذي حصل في صائفة 2016، بتولي الثنائي بلوصيف و بن حمادة مسؤولية التسيير خلّص «السيبيام» من المشكل الإداري، الذي كان قد وضع مصير النادي على كف عفريت لأزيد من عشرية كاملة، قضاها الشباب في جهوي قسنطينة بمعاناة كبيرة، ورياح التغيير التي هبت أحدثت ثورة «كروية» في عاصمة الولاية 43، لأن الفريق أخذ في العودة تدريجيا إلى الواجهة، بتحقيق الصعود مرتين متتاليتين، فكان الخروج من جهوي قسنطينة في ظرف قياسي، الأمر الذي كان وراء استعادة الأنصار لبصيص من الأمل في رؤية فريقهم يستعيد مكانته مع «الكبار».
وإذا كان شباب ميلة، قد اكتفى في موسمه الأول في بطولة ما بين الجهات، بالتركيز على ضمان البقاء كهدف، فإن عارضة الطموحات تم رفعها بصورة أوتوماتيكية في ثاني موسم، سيما وأن الصعود كان بنظام «الكوطة»، ولو أن مسيرة الفريق كانت جد متذبذبة على مدار ثلثين من المشوار، لتكون نقطة التحول بعودة بن عبد الرحمان إلى التدريب، وهو الذي كان قد عايش الفترة الذهبية مع «السيبيام» في الوطني الثاني، والقطار «الأحمر» اهتدى إلى السكة الصحيحة، بعد النجاح في فك العقدة التي لازمت التشكيلة خارج الديار، فارتسم طريق الصعود بالنجاح في إحراز 8 نقاط في آخر 4 تنقلات.
عودة أبناء «ميلاف» إلى القسم الثالث، جاءت بعد 14 سنة من الغياب، مع نجاح الفريق في تحقيق الصعود 3 مرات خلال العهدة الأولمبية للمكتب المسير الذي يرأسه بلوصيف، وهذه الإنجازات أعادت الحيوية إلى مدرجات ملعب الشهيد بلعيد بلقاسم، بعودة علاقة الود بين الشباب والآلاف من أنصاره، لكن بعد هذه الخطوة يبقى الحديث عن مستقبل الفريق معلقا إلى إشعار آخر، بسبب انتهاء العهدة وكذا مشكل التمويل.
التعداد الكامل للفريق لموسم 2019/ 2020
حراس المرمى
حمزة بوغاغة – مهدي مرابط – أمير بولحبال
الدفاع
هشام جغبلو – رابح مخالفة – عاطف دميغة – إسماعيل بوحلوفة – عبد الرؤوف بن صالح– سامي بوقريعة ـ حسام الدين بوخديش ـ أنيس بن سليمان ـ أحمد شحلاط
وسط الميدان
محمد إسلام سحنون – فوزي بوشيخ – خالد حضري – محمد أمير حمزاوي ـ نذير عطوي ـ رمزي بوودين ـ حمزة شبور
الهجوم
يوسف عفايفية – حسني يحي ـ إلياس طواولة – عصام أخريب – محمد الشريف بولعيد – أسامة ثعلوب ـ الشريف بن كاشر
رئيس النادي: حمزة بلوصيف
رئيس الفرع: صابر بن حمّادة
المدرب الرئيسي: عدلان بن عبد الرحمان
الكاتب العام: عمار بن قارة
طبيب الفريق: إبراهيم بوزرع
المسيرون: عبد المالك بلخضر ـ كمال معايش ـ عبد الحميد بجاوي ـ محسن بن عامر
مدرب الفريق عدلان بن عبد الرحمان: أنصـــح بالاستثمـــــار في أبنـــاء ميـلاف
*يجمع أنصار «السيبيام» على أن تواجدك على رأس العارضة الفنية كان بمثابة المنعرج الحاسم في مشوار الفريق هذا الموسم، ما تعليقك؟
موافقتي على قيادة الفريق كانت بنية المساهمة في تجسيد الحلم، الذي راود كل أفراد أسرة النادي، خاصة المسيرين والأنصار، لأن نظام المنافسة المعتمد، كان بمثابة الفرصة الذهبية التي يجب استغلالها للخروج، وبحكم أنني من أبناء «السيبيام»، فقد وجدت نفسي مجبرا على تحمل مسؤولية تدريب الفريق، ولا أخفي عليكم بأنني عندما باشرت المهام كانت الوضعية داخل المجموعة كارثية، ولم يكن من السهل لم الشتات، سيما وأن أمل الصعود كان بالنسبة للمتتبعين ضئيلا، ويحتاج إلى «معجزة»، لكن وقوف المسيرين إلى جانبي بمجرد شروعي في العمل، كان كافيا لتوفير الظروف التي ساعدتني على التركيز على الجانب البسيكولوجي للاعبين، ولو أن الإشكال الذي كان مطروحا يكمن بالأساس في نقص الانضباط، وعدم إحساس اللاعبين بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم، كما أنني عمدت إلى إدخال بعض «الروتوشات» على الخيارات، بتغيير مناصب بعض العناصر، بحثا عن حلول إضافية، فكان النتيجة، في نهاية المطاف التواجد مع الثمانية الأوائل.
*لكن تحقيق هذا الهدف كان بعد انتفاضة كبيرة سجلها الفريق منذ توليك مهمة تدريبه، فما سر ذلك؟
عند اتصال المسيرين بي للإشراف على العارضة الفنية، كانت لي جلسة عمل معهم، تناقشنا حول الرزنامة المتبقية، مع محاولة الوقوف على الأسباب، التي حالت دون تحقيق نتائج تتماشى والطموحات المرجوة، وقد وعدتهم ببذل قصارى الجهود لإعطاء نفس جديد للتشكيلة، رغم أن فرص التدارك لم تكن متاحة، لأنني استلمت المهام في الجولة 19، وكان الرصيد النقطي لا يتجاوز 21 نقطة، والفريق يحتل المركز 12، وعليه فإن الخطوة الأولى، التي قمت بها مست بالإحساس الجانب النفسي للاعبين، وهذا لتخليصهم من الضغوطات، مع التكثيف أيضا من العمل الميداني، لأن التشكيلة كانت منهارة من جميع الجوانب، ونظرتنا للثلث الأخير من المشوار كانت من زاوية التفاؤل، رغم إدراكنا المسبق بأن المأمورية صعبة، وتحاج إلى انتفاضة كبيرة، وكانت البداية موفقة بإحراز فوز في ميلة على شباب عين ياقوت، قبل النجاح في العودة بتعادل من الميلية، وهي النتيجة التي مكنت «السيبيام» من فك العقدة التي لازمتها منذ بداية الموسم، وهذا بانتزاع أول نقطة خارج الديار، لتكون سفريتنا إلى بومهرة فرصة لتذوق نشوة الإنتصار بعيدا عن القواعد، مما أعطى اللاعبين الكثير من الثقة، وبعث أمل الصعود من جديد، لتتواصل المسيرة الموفقة بالفوز في ميلة على منافس مباشر وهو شباب هواري بومدين، قبل التأكيد على القفزة النوعية المحققة، بالعودة بتعادل من عين كرشة أمام رائد المجموعة، ثم الانتصار على وفاق القل، لنقفز إلى الصف الثامن بفضل النقاط الثلاث التي عدنا بها من تبسة، فكانت حصيلتنا 17 نقطة في 7 مباريات، دون تذوق طعم الهزيمة.
*وماذا عن مستقبل الفريق بعد النجاح في العودة تدريجيا إلى الواجهة؟
الصعود إلى وطني الهواة، يبقى بمثابة الانجاز الذي يحتاج إلى تثمين، لكنني أستعيد دوما أغلى الذكريات التي قضيتها مع «السيبيام»، لما كان الفريق من أقوى منشطي الوطني الثاني، وعليه فإن الحديث عن المستقبل لا يجب أن يخرج عن هذا الإطار، لأن مكانة الشباب يجب أن تكون في قسم أعلى، شريطة توفر الإمكانيات، والحقيقة أن المسيرين لعبوا دورا كبيرا في الإنجاز المحقق هذا الموسم، لكن الحديث عن المستقبل يتطلب رسم خارطة طريق واضحة المعالم، لأن تجربتي القصيرة مع الفريق خلال الموسم المنقضي، جعلتني أقف على التأثيرات السلبية لاستقدام الكثير من اللاعبين من خارج الولاية، بدليل الغيابات الكثيرة التي كانت تشهدها حصة الاستئناف، وبالتالي فإن ضبط التعداد يجب أن يكون على معايير مدروسة، ولو أنني حاليا في فترة نقاهة، وقد طلبت من المسيرين تأجيل الحديث عن المستقبل، إلى غاية اتضاح الرؤية أكثر حول معطيات الموسم الجديد. ص/ف
رئيس الفريق صابر بن حمّادة: تمسـكنـــــا ببصيـــص أمـــل ولـم نخيـب
*ما تقييمك للمشوار الذي أداه الفريق هذا الموسم، والذي كلل بالصعود إلى وطني الهواة؟
أبسط ما يمكن قوله في هذا الشأن، أنني رفقة زميلي حمزة بلوصيف رئيس النادي، عندما وافقنا على حمل مشعل التسيير، كنا قد قدمنا وعدا للأنصار يقضي ببذل قصارى الجهود لإعادة «السيبيام» إلى مكانتها الحقيقية، رغم أن الشباب كان آنذاك ينشط في الجهوي الثاني لرابطة قسنطينة، والعودة إلى وطني الهواة تزامنت وتحقيق ثالث صعود في ظرف 4 مواسم، وقد سطرنا هذا الهدف قبل انطلاق الموسم، لأن نظام المنافسة الذي اعتمدته الفاف، وضع فرق ما بين الجهات بين خيارين لا ثالث لهما، وتفكيرنا كان منحصرا في الصعود، مادام السقوط إلى الجهوي، كان يعني العودة بالفريق إلى نقطة الصفر، رغم أن المشوار كان قد عرف الكثير من التذبذب، لكن الإصرار على عدم التفريط في الصعود، مكننا من الوصول إلى المبتغى ولو بصعوبة كبيرة.
* لكن تعيين المدرب بن عبد الرحمان كان بمثابة المنعرج الحاسم، الذي أعاد الشباب إلى السكة الصحيحة؟
هذا الأمر لا يمكن نكرانه، لأن مشوار الفريق كان سببا في غياب الاستقرار على مستوى العارضة الفنية، وذلك بسبب عدم تماشي النتائج المسجلة مع الهدف الذي سطرناه، لأن البداية كانت مع المدرب بن مسعود، والفشل في الحصول على أي نقطة خارج الديار، كان السبب في حدوث الطلاق معه في منتصف مرحلة الذهاب، ثم استقدمنا مولود كاوة، الذي قاد التشكيلة في 7 مباريات، لكن حصيلته كانت كارثية، عقب الاكتفاء بحصد 4 نقاط فقط، الأمر الذي عجل برحيله، سيما وأن الفريق تدحرج إلى المركز 12، مما جعل الأنصار يفقدون الأمل في الصعود، إلا أننا كمسيرين تمسكنا ببصيص من الأمل، فكانت المراهنة على خبرة المدرب بن عبد الرحمان، آخر ورقة لعبناها في هذه المغامرة، وذلك من منطلق معرفته الكبيرة بخبايا البيت، دون تجاهل صرامته في العمل، لأن الإشكال الذي كان مطروحا، يكمن بالأساس في فقدان اللاعبين للثقة في النفس والإمكانيات، مع تواصل عقدة الهزائم في كل التنقلات، وتواجد بن عبد الرحمان منذ الجولة 19 أعطى التشكيلة دفعا مغايرا، لتكون ثمار ذلك عدم تلقي أي هزيمة في 7 مباريات متتالية، مع الارتقاء إلى المركز الثامن، والعودة ب 8 نقاط من خارج ميلة، وهي حصيلة كادت أن تعادل تلك التي سجلها الفريق على مدار ثلثي البطولة.
*في ظل هذه الظروف، ألم يراودكم الشك بخصوص القدرة على تجسيد حلم الأنصار؟
لقد واجهنا الكثير من الصعوبات بسبب النتائج السلبية التي كانت مسجلة، والتراجع إلى المركز 12 جعل الكثير من الأنصار يفقدون الأمل في الصعود في منتصف المشوار، لكننا كمسيرين حاولنا التسلح بروح المسؤولية، عدم الاستسلام، مع السعي لتجميع التعداد بعد كل «نكسة»، والتمسك بالحظوظ، لأنني شخصيا كنت في كل مرة أتحدث عن الصعود كوعد أقدمه للأنصار، وعودة بن عبد الرحمان كان كافية لظهور التشكيلة بوجهها الحقيقي، خاصة وأننا دعمنا التعداد في «الميركاتو» الشتوي بخماسي جديد أعطى الإضافة المرجوة للدفاع والهجوم على حد سواء، ولو أن المهمة لم تكن سهلة في المجموعة الشرقية، في ظل وجود الكثير من الأندية التي كانت تطمح لانتزاع تأشيرات الصعود، والنقاط التي عدنا بها من خارج الديار كانت قد عبّدت للفريق طريق الصعود إلى الهواة، وطموحاتنا في المنعرج الأخير من المشوار كبرت، لأننا أصبحنا نراهن على إنهاء الموسم في الصف الخامس، بمراعاة الرزنامة المتبقية وكذا «الفورمة» العالية التي كان يتواجد فيها الفريق.
*وما هي نظرتكم لمستقبل الفريق في قسم الهواة؟
هذا الإنجاز تزامن مع نهاية العهدة الأولمبية، والمكتب المسير الحالي نجح في تجسيد الوعد الذي قدمه للأنصار، وذلك بتحقيق الصعود 3 مرات في ظرف 4 مواسم، مما مكن «السيبيام» من الخروج من جحيم الجهوي الثاني، والعودة إلى الوطني الثالث، وبالتالي يمكن القول بأننا نجحنا في المهمة التي أسندت لنا، رغم أن الظروف كانت صعبة للغاية، خاصة خلال الموسم الجاري، في ظل شح مصادر التمويل، على اعتبار أن مسؤولي البلدية كانوا قد وعدونا بتخصيص إعانة معتبرة للفريق، لكن في نهاية المطاف تقرر الاكتفاء بمبلغ 500 مليون سنتيم، ودعم بقيمة 300 مليون من «الديجياس»، وهو ما أجبرنا على الاستعانة بالمال الخاص، لأنني تحملت رفقة رئيس النادي بلوصيف كامل المسؤولية في تغطية المصاريف، وهذا كله من أجل تحقيق حلم الصعود، وتفادي العودة إلى الجهوي، بتكلفة قاربت 2.4 مليار سنتيم، لتكون عواقب ذلك ارتفاع مؤشر ديوننا الشخصية إلى نحو 5 ملايير سنتيم على مدار عهدة أولمبية، مقابل تسوية وضعية باقي المتعاملين مع النادي في مجالات النقل، الإيواء والإطعام عن آخرها، وبقاء دار لقمان على حالها يجعلنا نفكر بجدية في الرحيل، بحكم نهاية العهدة، سيما بعد النجاح في تجسيد الوعد المقدم للأنصار. ص/ف