لم يكن التغيير الذي أدخله الناخب الوطني، على منصب حراسة المرمى كافيا للإخلال بتوازن المنظومة الدفاعية، لأن تواجد أوكيدجة كأساسي في ثاني ظهور ميداني له مع الخضر، لم يكن له أي انعكاس سلبي على صلابة القاعدة الخلفية، بدليل أنه نجح في المحافظة على نظافة شباكه، ومواصلة المشوار على درب الحارس الأساسي المعتاد مبولحي، ولو أن الشيء المميز، هو تخلص النخبة الوطنية من مشكل الدفاع، الذي كان يسبب صداعا كبيرا لكل من تداولوا على العارضة الفنية، وخاصة في الفترة التي تلت عهد سعدان، والنجاح في معالجة الهشاشة الدفاعية، كان بلمسة تقني كان في مسيرته الكروية يلعب كصانع ألعاب، إلا أنه تمكن من قلب موازين القوى، بتحويل مكمن الضعف إلى نقطة قوة.
وما يجسد هذا الطرح، هو أن المنتخب الوطني بخروجه من مباراة أول أمس، أمام نيجيريا بشباك نظيفة يكون قد نجح في المحافظة على عذريتها للمباراة الرابعة تواليا، على اعتبار أن آخر هدف تلقاه الخضر كان في ودية الكونغو الديمقراطية قبل سنة، و»سيناريو» عدم تلقي الأهداف انطلق من الموقعة «العالمية» أمام العملاق الكولومبي، قبل تدشين التصفيات المؤهلة إلى النسخة القادمة من العرس القاري بنجاح، ودون اهتزاز الشباك، أمام كل من زامبيا وبوتسوانا على التوالي، لتكون رابع مقابلة دون تلقى أهداف ودية أول أمس أمام نيجيريا.
هذه الأرقام تختلف كلية، عن تلك التي كانت قبل تولي بلماضي مهمة تدريب المنتخب، لأن هشاشة الدفاع كانت نقطة الضعف التي عانى منها الخضر لفترة طويلة، وكان محور الدفاع الهاجس الذي ظل يؤرق كل التقنيين، الذين تعاقبوا على تدريب النخبة الوطنية، لكن عملية التشريح التي قام بها بلماضي، بمجرد مباشرة مهامه كانت كافية لتحديد موطن الداء، ونتائجها أظهرت بأن الإشكال الذي كان قائما لا يخص الخيارات المتعلقة باللاعبين، وإنما استراتيجية اللعب المنتهجة، مع تعديل المناصب بالنسبة لبعض العناصر، وذلك بإقحام ماندي في المحور، في خيار أثبت نجاعته الكبيرة منذ دورة «الكان» بمصر، والتي لم يتلق فيها المنتخب الوطني سوى هدفين في اللقاءات الستة التي خاضها، مع كسب الرهان بتشكيل منظومة منسجمة ومتناسقة، ينطلق فيها الدفاع عن المرمى من المهاجمين في منطقة المنافس، لأن الخطة التي يعتمد عليها بلماضي توزع مساحات النشاط بين كل العناصر، مع المراهنة أكثر على «التعاون» لتغطية النقائص المسجلة.
الحديث عن الصلابة الدفاعية والتخلص من هاجس هشاشة القاعدة الخلفية، يستوجب المرور عبر التركيبة البشرية، لأن التغييرات التي قام بها بلماضي، سواء كانت إجبارية أو اختيارية، كشفت عن توفر الكثير من البدائل.التخلص من مشكل هشاشة القاعدة الخلفية للمنتخب، بالنجاح في المحافظة على نظافة الشباك في آخر أربعة لقاءات لا يعني بأن بلماضي يميل أكثر إلى الخيار الدفاعي، بل أن المنتخب يملك هجوما قويا، زعزع أقوى المنتخبات على الصعيدين العالمي والقاري، بدليل أن الخضر أصبحوا يصلون إلى شباك جميع المنافسين على اختلاف «أوزانهم»، بتسجيل ولو هدف في كل لقاء، والمواجهة الوحيدة التي صام فيها مهاجمونا، عن التهديف كانت موقعة كوتونو ضد البنين قبل نحو سنتين.
ص / فرطاس