يرى المدرب المغترب عبد الرحمان رمضان، أن الطبعة الحالية للمنتخب الوطني، قادرة على تحقيق انجاز غير مسبوق للكرة الإفريقية، بالوصول إلى المربع الذهبي لمونديال قطر، في حال النجاح في ضمان التأشيرة، وقال لاعب نيم السابق وعديد النوادي الألمانية إن وجهة نظره كتقني، تجعله يصنف الخضر في خانة «المنتخب الأوروبي» الذي أجبرته الجغرافيا على التنافس في القارة الإفريقية، ليس لطبيعة لاعبيه المكونين في فرنسا وإنما لمستواه القوي، كما عاد عضو الطاقم الفني السابق لنادي أميان الفرنسي، إلى علاقته بمحمد روراوة والناخب الوطني الأسبق رابح ماجر، وقصة فشله في اللعب للمنتخب الوطني في بداية الألفية.
حاوره: مروان. ب
t بداية، هل لك أن تقدم نفسك للجمهور الرياضي الجزائري ؟
عبد الرحمان رمضان من مواليد 23 فيفري 1974 بمدينة نيم بفرنسا، لاعب سابق حيث حملت ألوان عديد الفرق الفرنسية والألمانية، والآن أنا أشتغل كمدرب، بحكم حيازتي على شهادة «يويفا برو» بعد أن تحصلت على مختلف الشهادات التدريبية في ألمانيا، على اعتبار أنني أنهيت مشواري الكروي هناك مع نادي فرايبورغ، وبدايتي في مجال التدريب كانت مع فريق بوروسيا مونشنغلادباخ لأقل من 19 سنة، قبل أن أنتقل للعمل كمدرب مساعد في نادي بانينيوس اليوناني، وبعدها كانت لي تجارب مع بعض الفرق الألمانية، في صورة تي آس في ميونيخ 1860 وأرمينيا بيلفيلد وأفسي سانت بولي، ولو أن هذه المحطات تخللتها تجارب مع العملاق أولمبياكوس اليوناني وأتلول غالاتي الروماني، قبل أن أحط الرحال الموسم الماضي في «الليغ 1 «مع نادي أميان، حيث عملت رفقة المدرب لوكا إلسنر، غير أن الحظ لم يحالفنا بعد أن تم توقيف الموسم مبكرا، أي في شهر فيفري مع الاحتكام للترتيب الذي توقفت معه البطولة، ما تسبب في سقوطنا غير المستحق، ولو أن تلك التجربة أراها مفيدة لي، كونها مكنتني من التدريب في المستوى العالي بفرنسا، وجعلتني ربما المدرب الجزائري الوحيد، الذي يشتغل مع نادي محترف في «الليغ 1»، لقد حاولت على مدار كل تلك السنوات تطوير مؤهلاتي، والفضل في كل هذا يعود إلى المدرب الألماني الشهير إيوالد لينين، الذي زاملته في ميونيخ 1860 وألمبياكوس، حيث سمح لي بعمل الكثير، إنه شخص معروف جيدا في أوروبا، وكان جزءا من فريق بوروسيا مونشنغلادباخ، لقد منحني هذا الشخص الكثير لحد الآن، وساعدني على للوصول إلى هذا المستوى.
جلبني روراوة للمنتخب وماجر رفضني لأسباب غير رياضية
t ماذا عن مشوارك كلاعب وأنت الذي لعبت لعدة فرق محترفة ؟
مشواري الكروي كان جيدا وراض عما قدمته على مدار السنوات، التي تواجدت فيها فوق أرضية الميدان، غير أن تجربتي مع فريقي مدينتي نيم تبقى الأفضل في مسيرتي، بعد أن لعبت نهائي كأس فرنسا سنة 1996، وكنت وراء قيادة فريقي للمحطة النهائية، بعد تسجيلي هدف التأهل في اللقاء نصف النهائي، لنصطدم آنذاك بالعملاق نادي أوكسير تحت قيادة المدرب المعروف غيرو، حيث قدمنا مباراة رائعة، وكنا ندا قويا لأوكسير على مدار 90 دقيقة، حيث لم ينجحوا في قتل المباراة سوى عند الدقيقة 80، وكلنا يعلم بأن أوكسير في تلك السنة تُوّج أيضا بلقب «الليغ «1، في ظل امتلاكه لنجوم من مستوى عال، دون أن أنسى تجربتي مع نادي لوهافر، ولو أن بروزي كان بشكل أكبر في ألمانيا التي لعبت فيها لسبع مواسم كاملة، والبداية مع نادي أفسي هانزا روستوك، وبعدها مع نادي فرايبورغ الذي صعدنا معه إلى «البوندسليغا».
t ما الفرق بين العمل في ألمانيا وفرنسا ؟
كنت أعتقد أن وصول النجوم الكبار إلى نادي باريس سان جيرمان، سيُغير الكثير من الأمور والمعطيات على مستوى الدوري الفرنسي، غير أن ذلك لم يحدث للأسف، وحسب ما لاحظته لحد الآن هناك دائما نفس الأفكار المهيمنة، التي تظهر عند العمل وفي الرغبة بالفوز، وأجد أن اللاعبين لم يعودوا يريدون الفوز بالمباريات، ويبحثون عن كسب المال ويفضلون الحصول على عقود جيدة على الفوز بالألقاب. وفكرة ترك بصمة في عالم كرة القدم أقل حضورا، باختصار الجميع في فرنسا يفضلون قيادة سيارة «فيراري» على أن يرفعوا لقب كأس فرنسا.
صدقوني في فرنسا إذا لم يكن على اللاعبين فعل الأشياء، فلن يفعلوا ذلك. والغالبية العظمى ليسوا محفزين للعمل، ويبذلون الحد الأدنى من الجهد المطلوب، على عكس ما وقفت عليه في ألمانيا، التي يمكن الجزم أن جُل أنديتها محترفة إلى أبعد الحدود، وأنا أتحدث عن بايرن ميونيخ وشالك ودورتموند وبايرن ليفركوزن وغلادباخ.
t نراك معجبا باحترافية الأندية الألمانية، أليس كذلك ؟
بحكم عملي مع عدة فرق في البوندسليغا وحتى في دوري الدرجة الثانية، فيمكن المقارنة في جزئية بسيطة، حيث نصل قبل ساعة من الحصة التدريبية، ونذهب 45 دقيقة إلى قاعة تقوية العضلات، ثم نخرج إلى الميدان، أما في فرنسا يبدأ التدريب في الساعة 10 صباحا، وإذا كان بإمكان البعض الحضور في الساعة 9:55 صباحا، فلن يترددوا في فعل ذلك.
في ألمانيا عرفت معنى الاحتراف وفرنسا ملجأ «الكسولين»
t ماذا تفعل الآن وهل من مشاريع مستقبلية ؟
بعد نهاية تجربتي مع نادي أميان أنا مستقر الآن في بلجيكا وأحاول دراسة العروض التي تصلني، ولا أود التسرع قبل اختيار وجهتي المقبلة، والتي أركز فيها على المشروع الرياضي قبل أي شيء آخر، هناك بعض المقترحات الجيدة، ولكن...
t هل أنت مستعد للعمل كناخب وطني لإحدى المنتخبات الإفريقية ؟
هناك مقترحات في هذا الصدد، ولكنني لا أود الاستعجال كما قلت لكم، وإن لم يكن هناك مشروع رياضي بإمكانه أن يساعدني في تطوير مؤهلاتي التدريبية فلن أوافق عليه، أنا معجب بشدة بعمل جمال بلماضي مع الخضر، حيث تم اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، ويكفي أن الأخير لم يكن بحاجة لوقت كثير، لترك بصمته على مستوى الكرة الجزائرية، التي لم تكن في أحسن أحوالها قبل قدومه.
t تبدو معجبا بعمل جمال بلماضي ؟
بطبيعة الحال، هذا المدرب قام بعمل أكثر من رائع، كيف لا وهو نجح في قيادة المنتخب الوطني للفوز بنهائيات كأس أمم إفريقيا، عن جدارة واستحقاق، ولم يأبه على الإطلاق بالترشيحات التي سبقت انطلاق الدورة، لقد تابعنا منتخبا متميزا على كافة المستويات، بداية بالفرديات اللامعة، مرورا إلى الانضباط التكتيكي والشراسة في اللعب، وصولا إلى الفعالية أمام المرمى، وكلها مواصفات الفرق الكبيرة، إلى درجة جعلتني أصرح لجريدة «فرانس فوتبول» مؤخرا بأن المنتخب الجزائري هو منتخب أوروبي ينشط بالقارة السمراء، فأسلوبه في اللعب وروحه الجماعية وضعته سيدا لإفريقيا، وجعلته من وجهة اعتقادي واحدا من أفضل الفرق في العالم، وإن أردتم التأكد من ذلك، ما عليكم سوى العودة لودياته أمام كولومبيا والمكسيك.
t ما رأيك فيما قدمه الخضر مؤخرا أمام نيجريا والمكسيك وحتى في لقاءي زيمبابوي ؟
حتى أكون صريحا معكم بخصوص لقائي زيمبابوي اكتفيت بمتابعة شوط واحد من لقاء الذهاب ب5 جويلية، وهناك تيقنت بأن هناك فروقات شاسعة بين كتيبة بلماضي وعديد المنتخبات الإفريقية الأخرى، ولو أنني تابعت ملخصا عن تلك المواجهتين، فأنا لا أحبذ لقاءات التصفيات الإفريقية، بقدر ما أميل أكثر للمباريات أمام المنتخبات الكبيرة، على غرار لقاء كولومبيا الذي تابعته بأكلمه، وكذا ودية المكسيك، وهناك قدما كرة حديثة جعلتني على يقين بأن هذا المنتخب، لو يقتطع تأشيرة التأهل إلى مونديال قطر، سيحقق إنجاز غير مسبوق للكرة الإفريقية، بتخطي عقبة الدور ربع النهائي، والوصول لأول مرة إلى المربع الذهبي بالنسبة لمنتخب إفريقي.
لهذه الأسباب وصفت الخضر بالمنتخب الأوروبي
t ألهذه الدرجة تبدو واثقا من مقدرة كتيبة بلماضي على الذهاب بعيدا في المونديال؟
أجل ثقتي كبيرة في هذه المجموعة، التي تضم مواهب رائعة في شاكلة القائد رياض محرز والجوهرة إسماعيل بن ناصر، فضلا عن المتألق يوسف عطال وزميله في الخط الخلفي رامي بن سبعيني، المصنف من خيرة اللاعبين في البوندسليغا، دون أن أنسى بونجاح وبن رحمة وفغولي وبراهيمي ووناس، وهو ما يجعلنا أمام مزيج من الخبرة والشباب، صدقوني هذا المنتخب قادر على أن يتسيد إفريقيا ل10 سنوات كاملة، خاصة إذا ما تركنا المدرب جمال بلماضي يعمل في أجواء هادئة، كونه أثبت كفاءته، ويكفي أنه يقود المنتخب لعدم الخسارة ل22 مباراة متتالية، وهو رقم حققته منتخبات كبيرة فقط، وليس في متناول أحد.
t لو نطلب رأيك بخصوص القائد رياض محرز، ماذا يمكن أن تقول عنه؟
رياض مايسترو وفنان ومهما قلت عنه لن أوفيه حقه، فهو لاعب من طينة الكبار، ويكفيه أنه ينشط ضمن أحد أفضل الفرق العالمية مانشستر سيتي الانجليزي، ويعمل تحت إشراف أفضل مدربي العالم مؤخرا بيب غوارديولا، هو يقوم بدوره على أكمل وجه مع المنتخب الوطني، وكان وراء التتويج الأخير بالكان، بفضل أهدافه الحاسمة وتمريراته الدقيقة، فضلا عن مخالفته في مرمى نيجيريا، إضافة إلى هدفه الخرافي الأخير في مرمى زيمبابوي، أين قام بترويض ولا في الأحلام، قبل أن يراوغ المدافع على مناسبتين، ومثل هذه الأهداف لا تأتي سوى من أقدام نجوم الصف الأول، أنا أتمنى له كل التوفيق، ولم لا يقودنا نحو إنجازات أكبر، خاصة خلال المونديال، أين ستكون كافة الآمال معلقة عليه وعلى الجوهرة بن ناصر.
محرز فنان وبن ناصر تدارك خطأ «أرسنال» سريعا
t ماذا عن بن ناصر، ما رأيك في تطوره المذهل ؟
إسماعيل أعرف منذ أن كان مع نادي آرل أفنيون، وهناك قام بالاختيار الخاطئ عند الانتقال إلى أرسنال الانجليزي، كونه حرق المراحل ما كاد يجعله يدفع الثمن غاليا، ولو أنه تدارك فيما بعد وأصاب باللعب في الدرجة الثانية الإيطالية مع إمبولي، ما مكنه من تطوير مؤهلاته بعد ذلك، ليظفر به نادي ميلان، وهو الفريق الذي ظهر معه بشكل مذهل، خاصة هذا الموسم، إلى درجة جعلت الجميع في إيطاليا يعتبرونه الأحسن دون منازع في وسط الميدان، أنا أرى بأن أمامه الكثير ليقدمه سواء مع المنتخب أو ناديه، خاصة وأنه لا يزال في بداية المشوار فقط.
t ما تعليقك على اختيار لاعب ليون حسام عوار اللعب لفرنسا على حساب الخضر؟
عذرا لا أود الإجابة عن هذا السؤال، كوني لا أود التدخل في خيارات أيا كان، وعوار إن رأى نفسه مع منتخب الديكة فهو حر في قراره، وما علينا سوى احترامه.
t لماذا لم تلعب للمنتخب الوطني رغم أنك كنت متألقا في تجاربك بألمانيا وفرنسا؟
كانت تحدوني رغبة كبيرة في الدفاع عن ألوان بلدي الجزائر، ولم أتردد للحظة واحدة عند اتصال رئيس الاتحادية السابق روراوة، حيث قدمت على جناح السرعة إلى الجزائر، وكنت في انتظار ملاقاة الناخب الوطني آنذاك (يقصد رابح ماجر)، غير أن الأخير صدمني برفض استدعائي، معتبرا بأن رئيس الاتحادية يحاول فرضي عليه، لقد بقيت ثلاثة أيام بأحد فنادق العاصمة، لأقرر بعدها المغادرة، وسط حسرة كبيرة، كوني دفعت ثمن سوء التفاهم الموجود بين المسؤول الأول في بيت الاتحادية والناخب الوطني، الذي اعتبر تواجدي تدخلا في صلاحياته، لقد أضاع عليّ فرصة اللعب لمنتخب بلدي، وتقديم الإضافة المرجوة، خاصة وأنني كنت في أوج عطائي.
نهائي كأس فرنسا مع نيم عام 1996 أحسن ذكرياتي
t بماذا تريد أن تختم الحوار ؟
شكرا لكم على هذه الالتفاتة، وأتمنى كل التوفيق للمنتخب الوطني وبلماضي في قادم الاستحقاقات، وأوجه تحياتي في الأخير لصديقي المدرب فارس منصوري القاطن بكندا.
م. ب