ألقت الأزمة الوبائية التي عاش على وقعها العالم في منتصف الثلاثي الأول من سنة 2020، بظلالها على النشاط الرياضي في الجزائر، وهذا على غرار باقي بلدان العالم، حيث تسبب فيروس كورونا في توقف الرياضة بصفة مؤقتة في بلادنا منذ 17 مارس الفارط، وقد كان التوقف في بادئ الأمر احترازيا وظرفيا، بعد اعتماد السلطات العليا للبلاد تدابير الحجر الصحي، للوقاية من تفشي الوباء، لكن الأبعاد الخطيرة التي أخذتها الأزمة، حالت دون استئناف النشاط، فكان التأجيل من فترة لأخرى خيارا حتميا، ونتج عن ذلك «سوسبانس» كبير، في ظل تردد الاتحاديات، على اختلاف تخصصاتها
في الفصل في مصير الموسم «العالق».
أزمة كورونا، والتي أخرجت النشاط الرياضي من دائرة الاهتمام، دفعت بالمقابل بكل الأطراف الفاعلة في الساحة الرياضية، على مختلف الأصعدة على ارتداء نفس القبعة، وذلك بالانخراط في الحملات التحسيسية للوقاية من تفشي الوباء، رغم أن «كوفيد 19» لم يستثن شريحة الرياضيين من قائمة ضحاياه، سواء بتسجيل آلاف الإصابات المؤكدة في أوساط الممارسين أو المسيرين، فضلا عن سقوط الكثير من الضحايا.
في الجزائر، كان آخر نشاط كروي منتصف شهر مارس، لتتوقف الحركة في الملاعب والقاعات، ويتحول انشغال المتتبعين للشأن الرياضي إلى الاهتمام بالجانب الصحي، والحرص على الوقاية، في الوقت التي توالت فيه قرارات وزارة الشباب والرياضة القاضية بغلق القاعات والملاعب، ومنع التدريبات وتعليق تنظيم الاجتماعات، لتفادي تحويل الأماكن المخصصة للرياضيين إلى «بؤر» لانتشار الفيروس.
هذا، وقد اضطرت كل الاتحاديات الوطنية على اختلاف تخصصاتها الرياضية إلى تأجيل الفصل في مصير المنافسة، مع ترقب تحسن الوضعية الوبائية لاستئناف البطولات من جديد، وهو «سيناريو» أبقى الكثير من علامات الاستفهام مطروحة حول مستقبل البطولات، مع دخول أغلب الفيدراليات الوطنية في «متاهات» عند فتح باب المناقشة لتقرير مصير المنافسة، لكن تدخل أعضاء اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة تطورات الأزمة كان صارما، وذلك بالإلحاح في كل مرة على التمسك بالموقف «الأول»، مع التأكيد على استحالة عودة النشاط الرياضي في عز الأزمة.
من هذا المنطلق، فقد وجدت معظم الفيدراليات الوطنية نفسها مجبرة على اتخاذ قرارها بخصوص مستقبل المنافسة، وتجنب اتخاذ ما تم العمل به في بلدان أخرى كمعيار يجب الاقتداء به، ولو أن الوزارة عمدت في تلك الفترة إلى «التليين» من الإجراءات التي كانت معتمدة، وذلك من خلال فتح مجال التدريبات للرياضيين المعنيين بالتحضير لدورة أولمبياد طوكيو، سواء مجموعة ال 13، التي كانت قد اقتطعت تذاكر تمثيل الرياضة الجزائرية في أكبر تظاهرة رياضية عالمية، أول الرياضيين الذين مازالوا معنيين بخوض دورات تأهيلية إلى «الأولمبياد»، في حين إرتأت اتحادية كرة القدم إلى التملص من مسؤولية الفصل في مصير الموسم «العالق»، مع الرمي بالكرة في مرمى رؤساء النوادي، بتنظيم استشارة كتابية، كانت نتيجتها ترسيم قرار توقيف المنافسة في جميع المستويات، وتعيين الأبطال مقابل إلغاء «السقوط» نهائيا، وهو ما يعني اعتماد صيغة جديدة للمنافسة، بينما اضطرت اتحاديات أخرى إلى اعتماد موسم أبيض، لتبقى مخلفات أزمة كورونا على الرياضة الجزائرية عدم قدرة أي فيدرالية على استئناف الموسم الذي توقفت فيه المنافسة، والشروع مباشرة في الموسم الجديد، حيث كانت بطولة الرابطة المحترفة الأولى المنافسة الأولى، التي استفادت من قرار الوزارة بالترخيص باستئناف النشاط، ورفع «الحظر» بعد 7 أشهر من التوقف الإضطراري.
ص/ فرطــاس