فرفوس بئر العاتر سادس فريق تبسي يبلغ بطولة الدرجة الثالثة
حقق نجم فرفوس بئر العاتر انجازا تاريخيا باقتطاعه تأشيرة الصعود إلى قسم ما بين الرابطات، عبر بوابة الجهوي الأول لرابطة عنابة، ليتجسد حلم انتظره أبناء "العاتر" 55 سنة، برؤية فريقهم في الدرجة الثالثة من الهرم الكروي الوطني، كسادس فريق من ولاية تبسة ينجح في بلوغ هذا القسم، بعد كل من ثنائي عاصمة الولاية الاتحاد والوفاق، وكذا أولمبي الونزة، إضافة إلى الفريقين المندثرين نجم الشريعة ومكارم ثليجان، ولو أن "الفرفوس" سيكون الموسم القادم كثاني سفير للولاية 12 في هذه الحظيرة بمعية "الكناري".
روبورتاج : صالح فرطـــاس
وظل الصعود إلى قسم ما بين الرابطات، الحلم الذي يراود أسرة الفريق في عدة مواسم، خاصة السنوات الأربعة الأخيرة، لما ظهر فرفوس بئر العاتر كطرف قوي في معادلة الصعود لرابطة عنابة، لكنه خسر الرهان في المنعرج الأخير في مناسبتين، قبل أن يتم اعتماد موسم أبيض بسبب الوضعية الوبائية، ليعود الفريق إلى أجواء المنافسة في ثوب أبرز المرشحين للتنافس على ورقة الصعود.
مؤشرات سطوع نجم "العاتر" في سماء رابطة عنابة الجهوية لاحت في الأفق مبكرا، من خلال الاستقرار الإداري الذي يعيشه الفريق لسنوات، ببقاء الحاج رابح عبد الله على رأس النادي، مقابل الاحتفاظ بالنواة الأساسية للتعداد، ليكون الجديد على مستوى العارضة الفنية، باستقدام اللاعب السابق لشباب ومولودية قسنطينة مولود كاوة كمدرب، وتدعيم التشكيلة ببعض العناصر التي لها خبرة، في صورة المهاجم المخضرم مصطفى بورقعة،وكذا لاعب الارتكاز بخوش.
ظهور "الفرفوس" كقوة ضاربة اتضح جليا منذ بداية المشوار، بالنجاح في تدشين الموسم بانتصار خارج الديار، ثم كان التأكيد بخماسية داخل القواعد، ثم رباعية في الونزة، لتكون حصيلة الذهاب كافية لحسم الأمور، من خلال التتويج باللقب الشتوي بفارق 7 نقاط عن الوصيف، مع تلقي هدف وحيد في 9 مباريات، وكان بتبسة في الجولة الخامسة.
ترسيم صعود فرفوس بئر العاتر إلى قسم ما بين الرابطات، كان قبل 5 جولات من نهاية المشوار، وقد كان انهزامه الأول في الموسم بوادي الزناتي، قبل أن يدخل في عطلة، بعد عزفه المنفرد على أوتار الريادة طيلة موسم كامل، لينهي المشوار برصيد 43 نقطة، بفارق 12 نقطة عن الوصيف وفاق تبسة، مع احتكار الصدارة على جميع الأصعدة، بهجوم ناري دك شباك المنافسين في 46 مناسبة، كانت حصة الأسد منها لهداف البطولة بورقعة، بينما لم يتلق الدفاع سوى 9 أهداف، فانتزع الفريق تأشيرة الصعود بتقدير ممتاز.
إلتحاق "الفرفوس" بحظيرة ما بين الجهات، جاء بعد معاناة طويلة في غياهب الأقسام الجهوية، لأن الفريق كان قد تأسس سنة 1967، وقد لعب الأدوار الأولى في الجهوي الأول لرابطة عنابة منذ تأسيس هذه الهيئة في سبتمبر 2003، لكن في سنة 2009 تم تعليق نشاط النادي في الجهوي الأول بسبب إشكالية التأخر في تسديد حقوق الانخراط، في خطوة انجر عنها توقيف الفريق لمدة 4 مواسم، والعودة إلى المنافسة كانت من رابطة تبسة الولائية، حيث تم تحقيق الصعود من أول موسم، مع البقاء في الجهوي الثاني 3 مواسم أخرى، قبل أن يستعيد مكانته في الجهوي الأول، ليكون بعدها الموعد مع انجاز تاريخي، بالصعود إلى قسم ما بين الرابطات، بعدما كان الفريق قد استغل منافسة كأس الجزائر للظهور في الساحة الوطنية مرتين، عندما بلغ الدور 32، الأولى في 2006، وأقصي أمام ناصرية تابلاط، والثانية في 2018، عندما عانى الأمرين في تنقله إلى إيليزي.
صنــاع الصعــــود
حراس المرمى: سفيان بوزيان ـ رضوان بشاغة – محمد سمير إلياس شرفي.
الدفاع: أيمن عقابي – محمد علي بوغرارة – منصف بولحية – عاطف حنيفي – محمد أمير جعلاب.
وسط الميدان: نصر الدين جوايرية – عبد هيثم عبد المعز غريب – عبد الوهاب عزيزي – عمر بخوش – سمير شرف الدين – ربيع موايعية ـ الطيب بوعزيز .
الهجوم: مصطفى بورقعة ـ يحي معبد – أسامة سعدي – عبد الرحمان قايدي ـ خميسي هاني ـ أسامة عنون (أواسط).
رئيس النادي: رابح عبد الله.
المدرب الرئيسي: مولود كاوة.
المدرب المساعد: عبد الرزاق عزيزي
الطاقم الطبي: مسعود بلال ـ السعيد شاوش.
الكاتب العام: خميسي عثمان
المسيرون: صالح بصلي – نصر الدين قريب – منصف فلاّني – إبراهيم سلطاني – محفوظ رزايقية ـ باسم سليمي– نورالدين بلقاسم – إسلام بلّعلة.
* رئيس النادي عبد الله رابح
قساوة التجارب السابقة منحتنا دفعا لتجسيد الحلم
*هل كنتم تتوقعون النجاح في الظفر بتأشيرة الصعود إلى قسم ما بين الرابطات؟
مما لا شك فيه أن الصعود كان الهدف الرئيسي الذي سطرناه، لأن الفريق كان قريبا من تجسيد هذا الهدف قبل موسمين، لكن بعد الأساليب اللارياضية، قطعت أمامنا الطريق نحو منصة التتويج في المنعرج الأخير من السباق، وكل المتتبعين للبطولة يتعرفون بأن فرفوس بئر العاتر كان الأجدر بالصعود في عدة مناسبات، والتجارب التي خضناها لم تثن من عزيمتنا، على الرغم من قساوتها، لأننا تمسكنا بآمالنا في الصعود، وتركيزنا كان منصب بالأساس على العمل الميداني، لأننا كنا ضحية "الكواليس" في المواسم السابقة.
*وما هي العوامل التي راهنتم عليها في رحلة بحثكم عن هذا الانجاز التاريخي؟
الأكيد أن الاستقرار الإداري، يبقى من أهم العوامل التي ساهمت في تجسيد الحلم الذي انتظرناه منذ أزيد من نصف قرن، لأننا وطيلة فترة تواجدنا على رأس النادي سطرنا مشروعا رياضيا، سعيا لإخراج المنطقة من دائرة الظل، لأن بئر العاتر تعد بوابة الصحراء في ولاية تبسة، وكرة القدم تعد المتنفس الوحيد للشبان، كما أن المواسم الفارطة أظهرت بأننا نتوفر على تركيبة قادرة على رفع التحدي، وعليه فقد حاولنا الاستثمار في هذا التعداد، بضمان الاستقرار، وتدعيمه بخمسة عناصر من أصحاب الخبرة والتجربة، على غرار بورقعة، بخوش، بولحية، بشاغة وغريب، وهي تركيبة جعلتنا ندخل السباق بقوة.
*نفهم من هذا الكلام بأنكم كنتم شبه متيقّنين من النجاح في تحقيق الصعود؟
نمط البطولة كان استثنائيا، واللعب في فوج يتشكل من 10 أندية ليس سهلا، لأن فرص التدارك قليلة، إلا أن الريتم الذي أعطاه فريقنا للسباق كان قويا، ولم يتمكن باقي المنافسين من مسايرته، إلى درجة أننا فزنا في 8 لقاءات من بين التسعة التي خضناها في مرحلة الذهاب، ورغم ذلك فقد بقينا تحت مطاردة وفاق تبسة، قبل أن يتم حسم الأمور مبكرا، وعليه فإن الصعود كان عن جدارة واستحقاق باعتراف كل المتتبعين، لأننا كنا الأقوى، وقرار الفاف بإلغاء مباريات السد لتحديد بطل كل رابطة جهوية، كان قد خلصنا من أكبر هاجس كنا نخشاه، لأن فريقنا كان المرشح الأكبر للتتويج باللقب في مجموعته.
وماذا عن الوضعية المالية وتكلفة الصعود؟
المشروع الرياضي الذي سطرناه كان بالاستثمار في عائدات صفقات السبونسور التي نبرمها سنويا مع شركتي "سوميفوس" و"سوميفار"، وما دون ذلك، فإن الفريق يبقى خارج مجال التغطية من الناحية المدنية، بدليل أنه لم يتحصل على أي سنتيم كإعانة من البلدية على مدار آخر 3 سنوات، بينما تكفلت الولاية بتسديد حقوق الانخراط في الرابطة، والمقدرة ب 80 مليون سنتيم، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه حصة النادي من إعانات "الديجياس" 50 مليون سنتيم، ومع ذلك فقد حاولنا استغلال الأموال المتحصل عليها من الشركة التي تعتبر الممول الرئيسي للفريق، لتوفير كافة الظروف الكفيلة بتحفيز اللاعبين على تجسيد حلم الصعود، وقد كانت تكلفة هذا الانجاز في حدود 1,5 مليار سنتيم، بتسوية مستحقات اللاعبين ومختلف الطواقم عن آخرها، وبقاء ديون عالقة بقيمة 300 مليون سنتيم.
*وكيف تنظرون إلى مستقبل الفريق في أول مغامرة له في قسم ما بين الجهات؟
الحقيقة أن إشكالية الملعب تبقى أكبر هاجس يثير مخاوفنا على المدى القصير، لأن ملعب لولباني الفازع لم يخضع لأي عملية تجديد منذ تدشينه، ووضعيته الراهنة قد تحول دون اعتماده من طرف رابطة ما بين الجهات، الأمر الذي جعلنا نتحرك مبكرا، سعيا للفت انتباه السلطات الولائية، على أمل النجاح في برمجة أشغال ترميم وإعادة تهيئة لهذا المرفق.
أما من الجانب الرياضي، فإن حقيقة الميدان أبانت عن قوة فريقنا، وقدرته على الظهور بوجه مشرف في قسم ما بين الرابطات، والنظرة الأولية تبقي التعداد بحاجة إلى تدعيم طفيف في بعض المناصب، كما أننا رسمنا خارطة طريق بشأن المستقبل، بالمراهنة على تدعيم الشركة التي تمول النادي، وإذا ما توفرت الإمكانيات المادية فإننا سنرفع عارضة الطموحات عاليا، من خلال تسطير الصعود إلى الوطني الثاني كهدف رئيسي للموسم القادم.
* مدرب الفريق مولود كاوة
روح المجموعة سهلت المهمة
في البداية، ما هو تقييمكم للمغامرة التي كانت لكم مع فرفوس بئر العاتر؟
انتقالي إلى بئر العاتر كان بنية المساهمة في رفع التحدي، لأنني لم أكن أعرف أي شيء عن الفريق، لكن نظري سرعان ما تغيّرت، بعدما وقفت على واقع ميداني مغاير، على اعتبار أن الرئيس رابح عبد الله كان يتابع عن كثب شؤون الفريق، ولا يترك أي مجال للصدفة، وهذا الأمر ساهم بشكل كبير في تجسيد حلم الصعود، لأن مقومات النجاح لاحت في الأفق مبكرا، وشخصيا فقد كنت متيقنا من الصعود حتى قبل انطلاق الموسم.
*وما السر الذي كان وراء تفاؤلكم المسبق؟
ليس هناك أي سر، بل أن المعطيات الميدانية كانت توحي بنجاح الفريق في الظهور بمستوى أقوى، لأن التعداد كان ثريا، والتلاحم بين المجموعة كان كبيرا، كما أن اللجنة المسيرة عملت على توفير كل الإمكانيات المادية التي من شأنها أن تجعل انشغال اللاعبين منحصرا في العمل الميداني، دون تجاهل التحضيرات الجدية التي قمنا بها، وكذا إستراتيجية العمل التي انتهجناها، والتي كان له مفعول جد إيجابي على الأجواء السائدة وسط التشكيلة طيلة موسم كامل، والمبنية بالأساس على الانضباط، وقد عمدنا إلى إشراك كامل التعداد، ورغم ضمان الصعود مبكرا إلا أن العمل تواصل بجدية، بدليل أن آخر حصة تدريبية في الموسم جرت بمشاركة 23 لاعبا، وهذا أحد أبرز مفاتيح النجاح الميداني.
*بعد هذا الانجاز هل بالإمكان الحديث عن بقائكم مع الفريق، وكيف تنظرون إلى مستقبله في القسم الأعلى؟
الحديث عن مستقبلي سابق لأوانه، لأننا لم نتطرق بعد إلى هذا الموضوع مع رئيس النادي، ومهما كانت الوضعية الموسم القادم، فإنني شخصيا جد متفائل بقدرة الفريق على صنع الحدث في بطولة ما بين الجهات، في ظل توفر كل مقومات النجاح، لأن التعداد الحالي قادر على اللعب بكل أريحية في المستوى الأعلى، بحكم التجربة التي كانت لي مع عدة أندية في قسم ما بين الرابطات، ولو أن إمكانية المراهنة على ورقة الصعود إلى القسم الثاني تبقى طموحا مشروعا، لأن الفريق بحاجة إلى 6 لاعبين فقط لتدعيم مختلف الخطوط، حتى يتسنى له الظهور كقوة ضاربة، وحلم الصعود إلى الرابطة الثانية ليس معجزة، بل يبقى قابلا للتجسيد ميدانيا.
قــالوا عن الصعــــود
الهداف مصطفى بورقعة
عدلت عن الاعتزال ولم أندم
"هذا الموسم يبقى محطة استثنائية في مشواري الطويل في الملاعب، لأنني كنت خلال الصائفة الماضية، قد قررت تعليق الحذاء والاعتزال بعدما قضيت قرابة 20 سنة كلاعب، لكنني تلقيت عرضا من رئيس فرفوس بئر العاتر، وما لمسته من جدية في مشروعه الرياضي أجبرني على العدول عن فكرة الاعتزال، والموافقة على تقمص ألوان "الفرفوس"، وقد كانت المغامرة جد ناجحة، في وجود لاعبين ومسيرين كان التفكير في الصعود انشغالهم الوحيد، كما أنني وظفت خبرتي لتأطير المجموعة مع باقي الزملاء، وقد نجحت في تسجيل 20 هدفا، والتتويج بلقب هداف البطولة، إلا أن الألقاب الشخصية لم تكن تهمّني، بل أن هدفي في هذه التجربة كان صنع فرحة الأنصار، وتجسيد حلم رئيس النادي بالصعود، ولو أنه يراهن على مواصلة المشوار بنفس "الديناميكية"، مما قد يدفعني إلى مواصلة اللعب لموسم آخر، على أمل المساهمة في صعود "العاتر" إلى الرابطة الثانية، سيما وأنني عايشت فرحة الصعود في عدة أندية، منها جمعية الخروب، مولودية قسنطينة واتحاد عنابة".
قائد الفريق ربيع موايعية
كنا الأقوى ونستحق الصعود
"المسؤولية كان ثقيلة، لأن حمل شارة القيادة كانت تجبرنا على توظيف خبرتنا الطويلة في الملاعب لتأطير المجموعة، في الوقت الذي كان فيه الصعود هدفنا، لكن الأجواء التي كانت سائدة منذ انطلاق التحضيرات ساهمت بشكل مباشر في تأدية مشوار مميز، لأننا كنا الأقوى في البطولة، ولم يكن بمقدور أي فريق منافستنا، لتكون تأشيرة الصعود أغلى هدية يمكن أن نقدمها للمكتب المسير والأنصار على حد سواء، لأن هذا الحلم تجسّد بعد طول انتظار، إلا أنه كان عن جدارة واستحقاق".
ص / ف