سلّطت، عشية أمس، محكمة الجنايات الاستئنافية بمجلس قضاء أم البواقي، عقوبة 10 سنوات سجنا نافذا، في حق عنصرين من عصابة اقتحمت منزل تاجر عملة بمدينة عين البيضاء وجرّدته من مبلغ 190 مليون سنتيم من مختلف العملات.
المتهمان وهما (خ.ن.د) 41 سنة و(ب.ر) 34 سنة تمت متابعتهما بجنايتي تكوين جمعية أشرار من أجل الإعداد لاقتراف جنايات والسرقة المقترنة بظروف الليل والتعدد والعنف واستعمال مركبة، مع الحكم بفصل المحاكمة عن المتهم الثالث (ب.ل) الذي لفظ أنفاسه داخل المؤسسة العقابية، والتمس ممثل النيابة العامة توقيع عقوبة 20 سنة سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها مليون دينار، في حق المتهمين.
القضية ترجع إلى تاريخ الخامس عشرة من شهر مارس من سنة 2019، عندما خطط المتهم الرئيسي المدعو (خ.ن.د) لسرقة منزل تاجر العملة المسمى (م.م) الكائن بجوار الوكالة المحلية للبنك الوطني الجزائري وسط مدينة عين البيضاء، وأشرك المعني بقية المتهمين، الذين رسموا خطة لاقتحام منزل الضحية وتجريده من المبالغ المالية التي بحوزته.
وكان الجناة يعتقدون أن الضحية يحوز ليلة الوقائع على مبلغ يتجاوز 1 مليار سنتيم، ليحضروا أسلحة بيضاء ويرتدوا أقنعة، ويقتحموا سكنه في حدود الساعة الثانية صباحا، حيث ولجوا منزل الضحية ليتفاجؤوا بوجوده في سريره، أين اعتدى على أحدهم بالركلات، ليوجه له آخر طعنة ويضيف له الآخر عدة طعنات في الظهر، ليسقط أرضا مصابا بجروح متفاوتة الخطورة، وقام حينها المتهمون بتكبيله وشل حركته.وراح الجناة يبحثون عن المبالغ المالية التي يحوزها الضحية، أين عثروا على أموال بعملات مختلفة، من بينها 4 آلاف أورو و400 دينار تونسي ومبالغ أخرى بالعملة الوطنية، أين بلغ المبلغ الإجمالي المسروق قرابة 190 مليون سنتيم، ليلوذوا بعدها بالفرار لوجهة مجهولة، بعد أن قام أحدهم بفك رباط رجلي الضحية، الذي نجح بعد ذلك في فك قيود يديه، وتسلق سور منزله الخارجي، وصاح مناديا جيرانه، ليتقدم منه أحد الجيران ويفتح له باب منزل الذي أغلق من الخارج، وينقله للمستشفى أين قدمت له الإسعافات الأولية.
وتقدم الضحية بعدها من مصالح الشرطة مبلغا عما حصل له من اعتداء عنيف، ليتنقل رفقة مصالح الأمن لمنزله، أين عثر المحققون على حزمة مفاتيح تبين بأن المتهم الرئيسي (خ.ن.د) أسقطها في غفلة منه في مسرح الجريمة، ونظرا لتورطه في جناية أخرى متقاربة زمنيا من هذه الجناية، فتم التوجه لمنزله لتجريب المفاتيح، وتم التأكد بأنها تعود له.
وفتحت مصالح الشرطة تحقيقا في القضية أفضى لتحديد هوية المتهمين بالاستناد كذلك لكاميرات مراقبة بالوكالة البنكية الملاصقة لمنزل الضحية، والتي رصدت تحركاتهم فيما تطابقت مواصفاتهم مع تصريحات الضحية. واعترف المتهمون خلال التحقيق الأولي بتفاصيل الجريمة، ليعودوا للإنكار أمام قاضي التحقيق، غير أنهما أنكرا أمام هيئة المحكمة الجريمة المتابعين بها، فالمتهم (خ.ن.د) الذي كشفت مفاتيح منزله هويته، أنكر الجرم المتابع به، مشيرا إلى أنه وخلال الوقائع لم يمض على مغادرته المؤسسة العقابية فترة زمنية طويلة، وقرر خلالها الابتعاد عن عالم الإجرام، بالعمل في محل لصناعة البيتزا، وتأجير مستودع بمنزله لشخص عرفه عليه المتهم الذي توفي بالمؤسسة العقابية، وتبين في ما بعد بأن مستودع سكنه يخفي فيه مؤجره مسروقات يتورط في سرقتها رفقة آخر.
أما المتهم الثاني وهو ميكانيكي المدعو (ب.ر) وبعد أن اعترف بتفاصيل الجريمة بمشاركة شابين آخرين من باتنة مع تأجير سيارة تابعة لإحدى وكالات كراء السيارات، عاد أمس لينكر الجرم المتابع به، مشيرا إلى أنه يشتغل ميكانيكيا وأحد المتهمين تواصل معه بعد أن لحق بالمركبة التي كانوا على متنها عطب، فتقدم وأصلحه، وقاموا بنقله على متنها لإيصاله لمنزله، غير أن الشرطة أوقفته معهم في السيارة نفسها التي تبين بأنها مسروقة لتاجر من باتنة يقطن بعين البيضاء.
وكشف دفاع الضحية بأن موكله منح عجزا قدره 21 يوما بسبب تلقيه عدة ضربات على مستوى الظهر بخنجرين بطول 2 و5 سم، مؤكدا بأنه نجا من الموت بأعجوبة، والمتهمون الذين التقوا بمنزل (خ.ن.د) للتخطيط للقضية استولوا كذلك على مفاتيح سيارته. وأكد ممثل النيابة العامة في مرافعته بأن المتهمين انتهجوا أسلوب الإنكار أحيانا والاعتراف أحيانا أخرى، للتهرب من المسؤولية الجزائية، وأضاف بأن التحريات أثبتت ضلوعهم في القضية، انطلاقا من التخطيط المسبق الذي هو ثابت في القضية، وتم ذلك على أساس أن الضحية يحوز مبالغ مالية معتبرة، معتبرا بأن الوقائع خطيرة وتمس بالأمن العام وتهدد كيان المجتمع.
أحمد ذيب
