لم يمر إقصاء المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة، من الدور نصف النهائي من كأس إفريقيا للأمم، ومعه تضييع تأشيرة المونديال مرور الكرام على أهل الاختصاص ومحبي المنتخب الوطني، الذين أرجعوا الإخفاق إلى غياب الاستقرار على مستوى المديرية الفنية الوطنية، بالنظر إلى كثرة التغييرات التي مست هذا المنصب في السنوات الأخيرة، وبالضبط في الست سنوات الماضية، التي عرفت تداول خمسة مدراء فنيين على مستوى هذا المنصب.
وكانت البداية يوم 9 أفريل 2017، عندما قام رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم يومها خير الدين زطشي، بتعيين فضيل تيكانوين في منصب المدير الفني الوطني، خلفا للمستقيل توفيق قريشي، غير أن المسؤول الأول على المديرية الفنية لم يعمر طويلا، أين اضطر إلى رمي المنشفة والاستقالة، بعد حوالي خمسة أشهر فقط، ليحول رئيس الفاف البوصلة إلى الناخب الوطني الأسبق رابح سعدان، الذي رسم في هذا المنصب يوم 15 أكتوبر من نفس السنة (2017)، قبل أن يباشر عمله من خلال جلب المدرب بوعلام شارف إلى المديرية، لكن بطل ملحمة «أم درمان» هو الآخر وجد نفسه مجبرا على المغادرة بعد حوالي سنة فقط، في خطوة أجبرت زطشي مجددا على البحث عن مدير فني وطني، ليقع اختياره على عامر شفيق، الذي نصب يوم 25 ديسمبر 2018، وبقي على رأس المديرية الفنية إلى غاية أفريل 2022، موعد تنحيته من طرف أعضاء المكتب الفدرالي، وإسناد المأمورية بصفة مؤقتة إلى العائد توفيق قريشي، الذي بدوره سلم المشعل للمدير الفني الوطني الحالي مصطفى بسكري في ديسمبر 2022.
عدم وجود إستراتيجية واضحة
أظهرت السنوات الست الأخيرة، غياب إستراتيجية واضحة على مستوى الفئات الشبانية، وعدم وجود مشروع واضح المعالم، كيف لا و تعاقب خمسة مدراء فنيين في هذه الفترة، يلخص كل شيء، بحكم أن كل مدير فني عند قدومه يقوم يتبنى مشروعا خاصا به، وهو ما جعل الفئات الشبانية تدفع الثمن بطريقة غير مباشرة، وما حدث في السنة الأخيرة خير دليل، بحكم أن الفئات الشبانية عرفت مغادرة جماعية، بداية بمنتخب أقل من 20 سنة الذي أقصي من «الكان»، وبعده منتخب أقل من 23 سنة الذي فوت فرصة التأهل إلى «الكان» المؤهلة إلى الأولمبياد، ليأتي الدور على منتخب أقل من 17 سنة، الذي أخفق في التواجد في المربع الذهبي ومنه التأهل إلى المونديال، في دورة لا تزال جارية في الجزائر، وكل الظروف كانت مهيأة أمام أشبال رمان، الذي أدلى بتصريح في الندوة الصحفية الأخيرة، اعترف به بوجود خلل على مستوى كرة القدم الجزائرية، عندما قال:» هذه هي الحقيقة، وهذا هو حال كرة القدم الجزائرية على مستوى الفئات الشبانية، وعلينا تقبل الواقع والبحث عن الحلول».
حتــى الأندية تبحث عن النتائج الآنية
من جهتهم، أندية المحترف وبقية الأقسام يتحملون أيضا جزء من مسؤولية الإخفاقات الأخيرة على مستوى الفئات الشبانية، بالنظر إلى عدم وجود سياسة واضحة، وعدم التركيز على عامل التكوين في مختلف الفئات، بل على العكس تماما رؤساء الفرق يبحثون عن تحقيق النتائج الآنية، ولا يصبرون على المدربين، ناهيك عن غياب مراكز تدريب على الأقل بالنسبة لفرق المحترف، وكل التركيز والاهتمام حول فرق الأكابر.
ويرى أهل الاختصاص، بأن الأندية مطالبة بتغيير طريقة التعامل، والبحث عن كيفية الاعتناء بالفئات الشبانية، خاصة في وجود المادة الخام، والتي تنقصها فقط العناية، مع تعيين مدربين في المستوى.
هل مشــروع الأكاديميات سيكون نقطة تــحول؟
وأمام الوضع القائم، يبقى السؤال الذي يطرح نفسه، حول مدى جدية المشروع الذي تنوي الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بعثه، بدءا من سبتمبر المقبل، والمتمثل في تشييد الأكاديميات عبر مختلف أرجاء الوطن، وهل سيكون نقطة تحول بالنسبة للفائت الشبانية، وهو ما صرح به زفيزف للنصر، عندما قال:» العودة إلى العمل القاعدي أكثر من ضروري»، خاصة وأن «الكان» الحالية أنصفت الاتحاديات التي تركز على الأكاديميات والتكوين، في صورة الاتحاد السنغالي، الذي يتجه نحو السيطرة على مختلف الأصناف، و»أسود التيرانغا» أبرز مرشح للتتويج بالنسخة الحالية، بالنظر إلى المستويات الكبيرة المقدمة، والفوز الأخير بخماسية نظيفة أمام منتخب جنوب إفريقيا في الدور ربع النهائي خير دليل على ذلك.
حمزة.س