شعيب كافي، واحد من الإطارات الجزائرية في كرة اليد التي اختارت الهجرة والعمل في الخليج العربي، وبالتحديد في دولة قطر، حيث أشرف ابن مدينة الحروش على تدريب أندية عريقة مثل الدحيل والسد الهلال ونجح معها في تحقيق ألقاب وتتويجات، جلبت له الاحترام والإشادة من أهل الاختصاص في الإمارة وخارجها، ليصبح من أفضل الكفاءات في الخليج العربي قبل أن يضمه اتحاد كرة اليد القطري وينصبه إطارا في المديرية الفنية، أين حقق نتائج جد مرضية مع المنتخبات السنية اختتمها بميدالية ذهبية في البطولة العربية بالجزائر.
النصر، اقتربت من ابن مدينة الحروش بسكيكدة، وأجرت معه حوارا استعرض من خلاله كافي تجربته الاحترافية في قطر والانجازات المحققة وتشريحه لوضعية كرة اليد الجزائرية، وغيرها من النقاط.
قبل كل شيء نبارك لكم التتويج بالميدالية الذهبية مع منتخب قطر في البطولة العربية، التي احتضنتها الجزائر قبل أيام ؟
شكرا لكم، وأنا سعيد جدا بهذا التتويج الذي تحقق عن جدارة واستحقاق وسعيد أيضا بلقاء الجمهور الجزائري، عبر جريدة النصر.
بهذا الانجاز أضحى شعيب كافي أول مدرب جزائري وعربي يتحصل على الميدالية الذهبية في الألعاب العربية، وفي نفس الوقت قيادة منتخب قطر للفوز بأول ميدالية ذهبية في تاريخ مشاركاته في هذه المنافسة ما تعليقك ؟
أول شيء، الحمد والشكر لله الذي وفقني لأكون أول مدرب جزائري وعربي يفوز بميدالية ذهبية في هذه المنافسة، وفخرا لي أن أقود منتخب قطر لهذا التتويج الأول في تاريخه وترصيع سجله بأول ميدالية ذهبية في هذه المنافسة.
شاركتم بالمنتخب «الرديف» لكنكم قدمتم أداء قويا ونجحتم في إحراز الميدالية الذهبية، كيف تفسر ذلك ؟
مشاركتنا بالفريق «الرديف» كان وفق الإستراتيجية المسطرة من طرف الاتحاد القطري، كون هذا الفريق يضم عناصر كانت متواجدة في صفوف منتخب أقل من 19 سنة بعد فوزنا بالميدالية المؤهلة لأولمبياد الشباب، وعلى هذا الأساس طلب منا وضع اللاعبين تحت المجهر من أجل انتقاء أبرز العناصر وضمها للمنتخب الأول، تحضيرا للمنافسات الاستحقاقات التي تنتظر المنتخب الأول مثل الدورة التي ستجري في الدوحة والمؤهلة لأولمبياد باريس ومنافسة كأس آسيا المؤهلة لكأس العالم، وبالتالي ضبط برنامج منذ سنتين وحاليا دخلنا في المرحلة الثانية، المتمثلة في تحقيق الأهداف.
ماذا يمثل لك هذا الانجاز وكيف كان شعورك كمدرب جزائري بعد وصولك النهائي خاصة وأن المنافسة أقيمت في بلدك الجزائر ؟
أكيد هذا الانجاز يعتبر بالنسبة لي تحد ورد اعتبار لأن المدرب أو اللاعب في مسيرته الاحترافية لا يجد أمامه هدايا وبالتالي لا بد عليه أن يثبت ويبرهن على كفاءته، وقبل كل شيء النجاح هو توفيق من عند الله والحمد لله نجحت في إثراء مسيرتي الرياضية المتواضعة بميدالية ذهبية وتكمن أهميتها أنها أول ميدالية لقطر وأيضا بصفتي أول مدرب جزائري وعربي يحقق هذا الانجاز.
واجهتم في أول مباراة المنتخب الوطني كيف كان شعورك وأنت تواجه منتخب بلادك لأول مرة في منافسة رسمية ؟
كان شعورا مؤثرا خاصة لما تسمع النشيد الوطني، أما عن المباراة فكانت قوية ونتيجتها لم تعط الوجه الحقيقي لمنتخب قطر، كما أن فريقي ضيع في هذه المباراة 4 رميات جزاء وارتكبنا عدة أخطاء بعكس المنتخب الجزائري الذي كان أفضل منا في التحضير، وبالتالي له أفضلية في الجانب النفسي لكن هذا لم ينقص من أدائنا وكانت هذه المباراة بمثابة درس لنا وأخذنا بقية المباريات بجدية واحترافية، والحمد لله وصلنا للنهائي وفزنا بالذهب.
بصفتك مدرب وإطار تتواجد في قطر منذ حوالي 15 سنة، ما هو برأيك السر وراء تطور كرة اليد في هذا البلد ؟
تطور كرة اليد في قطر، جاء عن طريق الانضباط والإيمان بمصداقية المشروع المسطر من طرف الاتحاد القطري مع توفير كل الإمكانات، كما أن استقطاب إطارات ومدربين من المستوي العالي، سمح بالاحتكاك بالمستوي العالي.
نعود الآن إلى الجزائر هل تتابع البطولة الوطنية ؟
نعم، أتابعها باستمرار عن طريق ما ينشره الأخ اسكندر بوخميس من أخبار متفرقة في صفحته على «الفايسبوك»، وأعلم أن مستوى البطولة بالجزائر متذبذب، ويمكن تلخيص وضع كرة اليد عندنا أنها تظهر بوجود المنافسة، وتختفي بانتهائها والكل يعود إلى مسقط رأسه في انتظار منافسة أخرى.
يقول أهل الاختصاص أن هذه الرياضة تراجعت في بلادنا، ما هو السبب في رأيك ؟
كرة اليد الجزائرية رهينة صراعات داخلية في غياب منهجية وإستراتيجية على المدى البعيد، وهناك أشخاص يتسابقون إلى المسؤولية لخدمة أنفسهم ومحيطهم فقط، ما يخلق في كل مرة صراعات بين هذه الأقطاب، والأكثر من ذلك أن الاتحادية انشغلت عن خدمة كرة اليد الجزائرية بتسيير دورات ومنافسات قارية بحثا عن المناصب ، لدرجة أن الإخفاق يرونه تطورا وازدهارا.
التراجع حسب رأيي، يرجع أساسا إلى غياب مختصين في المناجمنت، والتسيير الجيد، وأريد التأكيد أن بريق كرة اليد الجزائرية لن يعود في غياب التخطيط، ويجب أن يدرك الجميع أن اختيار رئيس للاتحاد ومدرب وطني ليس معناه التطور، وفي الجزائر توجد خامات ممتازة لكن إهمالها وعدم التكفل بها يجعل المستوى ضعيفا وبالتالي ينعكس ذلك على المنتخبات الوطنية، كما أعتقد أن الاختيار العشوائي للمدريين الوطنيين في جميع الأصناف، أدى إلى تراجع مستوانا.
وما هي الحلول التي تقترحها للنهوض بكرة اليد الجزائرية؟
لا بد من خلق مراكز جهوية للتدريب تحت إدارة فنية واحدة، تسعى إلى تزويد المنتخب بعناصر شابة مع الاختيار الجيد للكفاءات التي تشرف على المنتخبات الوطنية والخروج من دوامة «البريكولاج» والانفتاح على عالم التكنولوجيا الحديثة.
هل برأيك رئيسة الاتحادية الجزائرية قادرة على إعادة هيبة اللعبة ؟
قلت من قبل، أنه يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، ولكن لا بد على رئيسة الاتحادية الجديدة أن تفهم بأن العمل قبل كل شيء ينطلق من منطق التشاور، وثانيا يكون العمل جماعي وليس انفرادي في أخذ القرارات، كما لاحظت عدم تحصين رئيسة الاتحادية بكفاءات وإطارات معروفين لهم باع في كرة اليد، سواء لاعبين دوليين سابقين أو مسيرين مختصين، وهذا ما يجعل من مهمتها صعبة جدا، وشخصيا لست متفائلا، لأنه بالعودة لما حصل في البطولة العالمية مع منتخب الشباب وماذا وقع مع منتخب «الناشئين» يطرح علامات استفهام كثيرة.
متتبعون تفاءلوا بتعيين صالح بوشكريو مدربا للمنتخب، هل تظن أن الناخب الجديد سينجح في مهمته ؟
من عادتي، لا أسمح لنفسي بإجراء تقييم لمدرب، لا بد أن نتفاءل في تعيين إطارات جزائرية تعمل بكل إخلاص وايجابية للنهوض بالمنتخب وإرجاعه إلى مصاف العالمية، لكن المشكلة ليست مطروحة في تعيين طاقم فني جديد لقيادة المنتخب، وإنما في المديرية الفنية التي تملك صلاحية تعيين المدربين والكفاءات، حتى نضمن مستقبلا أفضل لكرة اليد.
قبل بداية البطولة العربية صرح المدرب بوشكريو أن لاعبين رفضوا تلبية دعوة حضور التربص، ما تعليقك ؟
هنا «مربط الفرس»، وببساطة هؤلاء اللاعبين لاحظوا ضعفا كبيرا في طريقة التسيير على مستوى الاتحادية، وغياب إرادة حقيقية لتطوير كرة اليد، ويستحيل بذلك بلوغ الهدف حتى ولو جلبنا أفضل مدربي العالم، ولا بد على السلطات أن تضرب بيد من حديد لأنها وفرت كل الوسائل والمنشآت، فالقاعة التي شاهدتها في وهران، تدعو للفخر وتعتبر من أفضل ما هو موجود في إفريقيا.
يرى متتبعون أن فترة تولي المدرب آلان بورت العارضة الفنية كانت ايجابية، لكن سرعان ما تم العودة لنقطة الصفر؟
آلان بورت منح إضافة ايجابية بدليل أن المنتخب احتل المركز الثالث في بطولة إفريقيا، وكان من المفروض أن يحدث استقرار واستمرارية والعمل مع نفس الطاقم الفني ومنحه الوسائل اللازمة وصلاحيات أكثر، تمكنه من تحسين مستوى المنتخب، لكن بحكم وجود خلل في الاتحاد ، تراجع مستوى المنتخب ومررنا بمرحلة سيئة جدا. أنظروا مثلا في كأس إفريقيا الأخيرة، كان تجميع اللاعبين قبل المنافسة بشهرين، وتبعتها مشاكل في تجميع اللاعبين في بطولة العالم، لعدم توفير تذاكر للاعبين المحترفين في أوروبا ليحضروا تربصات المنتخب في الأوقات المحددة !.منتخبنا بهذه الطريقة لا يمكن أن يجتاز الجدار الإفريقي، لأننا للأسف ننتظر المنافسات لنتحرك ولا يمكن أن نبني منتخبا بتربص واحد.
هل تلقيت عروضا من أندية أو منتخبات خليجية بعد انتهاء البطولة العربية ؟
نعم، تلقيت عدة عروض لكن أفضل ترك الأمور في سرية.
ما هي الألقاب والتتويجات التي تحصلت عليها منذ انتقالك للعمل في قطر قبل 15 سنة ؟
الحمد لله تحصلت على ألقاب وتتويجات لا تعد ولا تحصى، أقول هذا بكل تواضع وبصمة الإطار الجزائري كانت واضحة في كل الأندية التي مررت بها من بينها الدحيل، الأهلي وغيرها وأيضا مشواري مع منتخب قطر، تحصلت معه على بطولة آسيا وميدالية ذهبية مؤهلة للألعاب الأولمبية للشباب، مشاركة في بطولة العالم للأندية مع نادي السد، ومؤخرا ميدالية ذهبية، مع منتخب قطر في الألعاب العربية بالجزائر.
ما هي طموحاتك كإطار جزائري في الخارج ؟
طموحي دائما هو تمثيل بلدي أحسن تمثيل، ولكوننا إطارات تعمل خارج الوطن، فنحن سفراء لبلدنا نعمل بكل إخلاص وتفان لتشريف الجزائر ورفع الراية الوطنية عاليا وتشريف إطارات الجامعة الجزائرية في مجال التدريب، وأظن أننا وفينا وكفينا بالأمانة التي وضعت على عاتقنا.
هل تفكر في العودة للعمل في الجزائر ؟
الفكرة تراودني، لكن حينما أرى ما يحدث في مجال كرة اليد أتراجع، لكن دائما أترك الباب مفتوحا لكي أرد جميل هذا البلد العزيز الذي مكننا من الدراسة وبلوغ أعلى المراتب والحمد لله.
كنت لاعبا في سريع الحروش ثم مدربا وحاليا هذه المدرسة العريقة تعاني من مختلف الجوانب، ما هي النصيحة التي توجها للقائمين على هذه الرياضة ؟
كرة اليد في مدينة الحروش تدفع حاليا ضريبة الابتعاد عن التكوين الذي اشتهرت به منذ تأسيسها، وهذه الوضعية الصعبة كنت أتوقعها منذ أن كنت مدربا للفريق، وتحدثت حينها مع المسيرين عن الأنانية وسوء التسيير، وعدم جعله مطية لبلوغ الطموحات الشخصية، ورسالتي للقائمين على كرة اليد ضرورة الابتعاد عن الانتهازية، وإعطاء كل ذي حق حقه وأن يكونوا مخلصين والسعي إلى جلب شركة لتتبناه وتمويله، عدا ذلك فإن الفريق يسير في طريق الانقراض.
حاوره: كمال واسطة