تأكد بما لا يدعو مجالا للشك أن الجامعة المغربية لكرة القدم لا تفوت أي فرصة لاستفزاز الجزائر، من خلال التوظيف السياسي للمواجهات الرياضية بين فرق البلدين، وآخر سيناريوهات الهيئة المغربية يتعلق بمواجهة ذهاب نصف نهائي كأس الكنفدرالية بين اتحاد الجزائر ونهضة بركان، حيث أصرّ الفريق الذي يرأسه فوزي لقجع على اللعب بقميص يحمل خريطة تضم الجمهورية العربية الصحراوية المحتلة.
وسجلت المحطات الرياضية الكبرى في القارة الإفريقية، محاولات بائسة من قبل اتحادية هذا البلد، لتعكير صفو السير الحسن لمختلف التظاهرات، حيث كانت البداية بدورة كأس إفريقيا للمحليين التي احتضنتها الجزائر مطلع عام 2022، لما قدمت الجامعة المغربية شرطا غريبا مقابل قدوم وفد منتخبها، في محاولة لكسر قرارات الجزائر السيادية المتعلقة بغلق المجال الجوي أمام الطيران المغربي لينتهي المطاف بسقوط المخطط في الماء، بعد تمسك الجزائر بموقفها السيادي المحترم لكل القوانين، قبل أن يتكرر المشهد مرة أخرى في دورة «كان» فئة أقل من فئة 17، قبل أن تصطدم بموقف حازم وصارم، ليحبط مرة أخرى مخططا استفزازيا ويجبر وفده على القدوم والمشاركة في الدورة.
واللافت أن الممارسات المغربية بدأت مع قدوم الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي إلى رئاسة الكاف وفق اتفاق «بروتوكول الرباط»، حيث صارت الهيئة الكروية القارية أداة في يد جهات و»لوبيات» اختطفت الكاف، التي اقتنع المواطن الإفريقي البسيط، أنها بحاجة لعملية إصلاح وتقويم، كونها حادت عن نهجها منذ فترة.
وحاول رئيس الاتحادية المغربية، مرة أخرى، استغلال مناسبة نصف نهائي كأس الكونفدرالية الذي أوقعت القرعة فيه ممثل الكرة المحلية اتحاد الجزائر حامل لقب آخر نسخة ونادي نهضة بركان، لإثارة فتنة كبيرة، لأن الفريق الذي شغل رئاسته فوزي لقجع، حاول استغلال مواجهة فريق الإتحاد ممثل الجزائر بلد الأحرار و»مكة الثوار» مثلما خلدها الزعيم «أميلكار كابرال» ، ودخول بلدنا بقميص مشبوه يكرس خريطة مغربية مغلوطة، ويخالف حتى القميص الرسمي لنهضة بركان، في حركة بهلوانية لا تتوافق مع مختلف القوانين واللوائح المنظمة للعبة كرة القدم، ومنها المادة السادسة من قوانين الكاف، في الفقرة السابعة الخاصة بأقمصة اللاعبين، التي تنصّ بشكل صارم على ضرورة ارتداء قميص مسموح به من قبل الدولة المضيفة، كما أنّ المادة ذاتها تلزم كل ناد أو منتخب بأن «يجلب معه نوعين من الطواقم»، وتشترط ألاّ يحتوي هذا الطقم أو ذاك على أي دعاية (إعلانات، خرائط، شعارات، إشهارات، رموز، ألوان الخ).
ويحتفظ تاريخ مواعيد كرة القدم التي ترعاها الاتحادات القارية أو الفيفا، بمحاولات أطراف استغلال الأنشطة الرياضية لتمرير رسائل سياسوية، غير أن الجهات المسؤولة على التنظيم، كانت دائما تتعامل بحزم وتلجأ إلى عقوبات رادعة للجهات المتورطة، وهو ما بات مطلوبا الآن من «الكاف» الملزمة بوضع حد لسياسة «النعامة»، والتعامل بشدة مع انحرافات الاتحادية المغربية، تماما مثلما كان الحال قبل قرابة العقد، لما تحرك الاتحاد الأوروبي على جناح السرعة وفرض عقوبات على اتحادية ألبانيا، بعد حادثة المواجهة التي جمعت منتخب ذات البلد ونظيره الصربي ببلغراد، حيث وقبل نهاية الشوط الأول، ظهرت طائرة من دون طيار فوق سماء الملعب، حاملة خريطة «ألبانيا الكبرى»، وهو مشروع قومي يهدف إلى جمع الجاليات الألبانية لألبانيا وكوسوفو ومونتنيغرو ومقدونيا واليونان وجنوب صربيا في دولة واحدة، حيث تم اعتبار الحادثة التي اتهم فيها آنذاك شقيق رئيس الوزراء الألباني، بمحاولة استغلال الرياضة لأغراض سياسوية ضيقة، لتكون الخاتمة بعقوبات منها فنية متعلقة بخسارة ألبانيا للمقابلة، وأخرى مالية مع توجيه إنذار شديد اللهجة لاتحادية البلد، ومن خلفها لكل من تسول له نفسه انتهاك القوانين واللوائح، وهو نفس حال اتحادية المغرب، البلد المصادر لحق شعب يئن تحت وطأة الاحتلال منذ نصف قرن، ولا يتحرج في الإساءة لكل «الأحرار» في العالم، بافتخاره تبني سياسة استعمارية، في قارة دفعت شعوبها الغالي والنفيس من أجل التحرر.
كريم كريد