عرفت النسخة الثالثة لبطولة الرابطة الثانية للهواة بنظامها الحالي، تداول 35 مدربا على قيادة فرق المجموعة الشرقية، مع تسجيل مرور 3 تقنيين عبر فريقين في نفس الموسم، ويتعلق الأمر بكل من زمامطة، زاوي والكردي، ولو أن الملفت للانتباه أن رياح تغيير المدربين هبت على 13 ناديا، لتصنع فرق مولودية باتنة، اتحاد الحراش وشباب برج منايل «الاستثناء»، بالمحافظة على نفس الطاقم الفني طيلة الموسم، بينما كانت أعلى حصة من نصيب هلال شلغوم العيد، والذي تداول على قيادته 3 مدربين، في الوقت الذي بلغت فيه 8 فرق عتبة 3 مدربين في الموسم الواحد، وهو رقم يمثل نصف تركيبة المجموعة، لكن دون قدرة العديد من الإدارات على استخراج الإجازات، لأن إشكالية شرط فسخ العقد مع المدرب الأول كلفت «البابية» غرامات مالية معتبرة، والأمر ذاته طفا على السطح على مستوى أندية هلال شلغوم العيد، جمعية عين مليلة وكذا جمعية الخروب، لتكون الغرامات من عواقب تعطل إجراءات «الفسخ»، دون اصطدام أي فريق بالشرط الجزائي، لاستخراج إجازة المدرب الثالث في الموسم.
قراءة : صالح فرطاس
وبصرف النظر عن الظروف التي كانت وراء إقالة أو استقالة كل مدرب، فإن البطل أولمبي أقبو، لم يستثن من قائمة الفرق التي شهدت حركية في سوق المدربين، لأن مفدي شردود كان الورقة التي راهنت عليها إدارة الأولمبي قبل الانطلاقة، لكن وما إن انطلقت البطولة حتى جاء خيار التغيير، لتكون عودة مراد كعروف الخيار، ولو أن فترة التغيير، كلفت هذا الفريق عقوبة مالية في الجولة الخامسة، بغياب المدرب الرئيسي.
خيارات زمامطة جعلت بوعلام شارف الأقدم
«سيناريو» أقبو لم يختلف عن ذلك الذي عاش على وقعه نادي التلاغمة، لأن وضع الثقة في الشاب بن زرافة كان بمثابة مغامرة لم تدم طويلا، بعد الطلاق بالتراضي الذي فرضته الانطلاقة المتواضعة، فكانت عودة زمامطة إلى البيت الخطوة التي أعادت القطار إلى السكة، سيما وأنها تزامنت مع توقف مغامرته في جمعية الخروب، ليتم تعديل تركيبة الطاقم الفني بعودة بن زرافة إلى منصبه مساعد، بنفس مهام المواسم الثلاثة الماضية، رغم أن الفريق كان عرضة لعقوبة غياب المدرب الرئيسي، في الجولة السابعة.
توقف مسيرة زمامطة مع نادي التلاغمة ولو لمدة قصيرة منح «الامتياز» لبوعلام شارف، ليكون المدرب الذي واصل العمل مع نفس الفريق لموسمين متتاليين، على اعتبار أن شارف ظل الورقة التي تراهن عليها إدارة اتحاد الحراش، بصرف النظر عن ظروف النادي الممنوع من الاستقدامات، وميول هذا التقني إلى اكتشاف المواهب الشابة، ومنحها فرصة البروز، فكانت ثمار هذه الاستراتيجية مرور «صفراء الضاحية» بفترات متذبذبة، وتسجيل نتائج أبقتها ضمن كوكبة المهددين بالسقوط، مع النجاح في ضمان البقاء قبل جولة من الختام، ومع ذلك فإن بوعلام شارف لم يكن مصيره مقترنا بالنتائج، بل كان قد تحصل على بطاقة بيضاء، لأنه لعب دور «المنقذ» للموسم الثاني على التوالي، فكان الوحيد الذي حافظ على منصبه كمدرب لنفس الفريق لمدة 18 شهرا، رغم أن غياب شارف عن مباراة عنابة في الجولة 22 كلف النادي غرامة مالية، وأدرج اتحاد الحراش ضمن قائمة الفرق المعاقبة.
ثنائي البوبية استحق الإشادة والتكريم
وضع الثنائي رشيد ترعي ولزهر رجيمي، بصمتهما بصورة جلية في هذه النسخة، وذلك بقيادة مولودية باتنة على مدار موسم كامل، في مغامرة لم تختلف كثيرا عن تلك التي كان قد عايشها هذا الطاقم مع جمعية الخروب الموسم الماضي، وهذا من خلال تسجيل نتائج نصبت فريقا عائدا من قسم ما بين الجهات في وصافة ترتيب بطولة الرابطة الثانية، ولو أن «البوبية» أنهت المشوار بنفس «الديناميكية»، حتى بعد ترسيم صعود أولمبي أقبو، فكان الثنائي ترعي ورجيمي محل إشادة من أسرة مولودية باتنة.
وفي نفس السياق، فإن كمال عاشوري كان ثالث مدرب ينجح في المحافظة على مكانته في فريق واحد طيلة موسم كامل، وذلك بفعل المشوار الذي أداه شباب برج منايل، رغم الهزات التي عاشها هذا النادي من الناحية الإدارية، لأن تماسك المجموعة تجلى في العلاقة الوطيدة بين اللاعبين والطاقم الفني، ولم يكن للتغيير الذي عرفه «الكوكليكو» على مستوى اللجنة المسيرة كافيا لإحداث شرخ على مستوى العارضة الفنية، حيث واصل عاشوري قيادة التشكيلة إلى غاية آخر جولة من الموسم، ليكون واحدا من الحالات الثلاثة التي صنعت التميز في فوج الشرق.
أولمبي آقبو افتتح «السوق»
بالموازاة مع ذلك، فإن حركية المدربين في باقي الفرق كانت كبيرة، وقد انطلقت مبكرا في أولمبي أقبو، بعودة كعروف، وكذلك الشأن بالنسبة لنادي التلاغمة، برجوع زمامطة، لكن المعطيات كانت مختلفة على مستوى أولمبي المقرن، عند الاستنجاد بخدمات التوهامي صحراوي كخليفة لبن سليمان، كما أن الإنطلاقة «الكارثية» التي سجلها اتحاد عنابة، عجلت بتوقف مسيرة مواسة مع «الطلبة» عند الجولة التاسعة، رغم أن العلاقة بين الطرفين كانت قد امتدت لموسمين، إلا أن النتائج السلبية استوجبت التغيير، والوضع ذاته مر به فريق جمعية الخروب، بانسحاب زمامطة، وقدوم سبع خليفة له.
وفي ذات الصدد، فإن استقالة بوعراطة مع تدريب شباب باتنة، كانت في بداية مرحلة الإياب، وهذا بعد تبخر حلم الصعود، وعلى النقيض من ذلك، فإن أزمة النتائج التي شهدها وفاق سور الغزلان في الجولات الأولى، صعدت من موجة غضب الأنصار على المدرب علي مشيش، ليكون قرار الإدارة بوضع نقطة النهاية لعلاقتها مع الطاقم الفني عند تلقي هزيمة بالعلمة في الجولة الثالثة، في حين فضل محمد باشا رمي المنشفة وإعلان استقالته من تدريب مولودية قسنطينة على خلفية «أزمة الإجازات» التي طفت على السطح في بداية الموسم، فكان انسحاب باشا من مخلفات تلك الأزمة، قبل أن تجد طريقها إلى الانفراج، بفضل «بروتوكول التسوية».
3 تقنيين سجلوا مرورهم عبر فريقين في موسم واحد
والشيء الملاحظ، أن قائمة المدربين الذين تعاقبوا على فرق فوج الشرق، تتضمن أسماء 3 تقنيين سجلوا مرورهم عبر فريقين في موسم واحد، وهم زمامطة الذي عاد إلى التلاغمة بعد توقف مغامرته مع «لايسكا»، في حين كان انسحاب مجدي الكردي من تدريب اتحاد ورقلة في بداية الإياب كافيا لفسح المجال أمام إدارة شباب باتنة للتعاقد معه كخليفة لبوعراطة، ولو أن العلاقة بين الكردي و»الكاب» لم تدم سوى بضع جولات، فكانت مباراة الجولة 24 أمام جمعية عين مليلة، بمثابة محطة النهاية لهذه العلاقة، ليكون الاستنجاد برياض بن شادي الخيار الذي لجأت إليه الإدارة ، في الوقت الذي كان فيه انتقال كريم زاوي بين «الموك» و»لاصام» من بين الحالات «الشاذة»، التي شهدتها هذه الطبعة، لأن زاوي كان قد باشر عمله في الموك خلفا لباشا، غير أنه قرر رمي المنشفة مع بداية الإياب، مما أجبر إدارة الموك على خوض رحلة بحث عن مدرب جديد، استقرت من خلالها على ورقة أمين غيموز، بينما حط كريم زاوي رحاله بعين مليلة، بعدما ارتدى ثوب «رجل الإنقاذ»، بالنظر إلى الوضعية التي كانت تتواجد فيها «لاصام»، إلا أن نهاية الموسم كانت بسقوط أبناء «قريون».
حركية المدربين تعكس غياب الاستقرار
وتجسد الحركية الكبيرة للمدربين غياب الاستقرار على مستوى الأندية، مع ربط مصير المدرب بالنتائج، والذي في أغلب الحالات تكون عواقبه الإقالة أو الإستقالة، رغم الإجراءات التي تسعى الفاف إلى اعتمادها للحد من هذه الظاهرة، والعمل على ضمان الاستقرار أكثر على مستوى الطواقم الفنية، الأمر الذي وضع الفرق بين مطرقة النتائج الفورية وسندان النصوص القانونية، لأن المكتب الفيدرالي ألح على ضرورة تفعيل نص المادة 53 من القوانين العامة للفاف، والذي يشترط تواجد المدرب الرئيسي، الحاصل على الإجازة بترخيص من المديرية الفنية الوطنية أثناء كل مقابلة رسمية، وهذا بإدراج الفقرة 9 من المادة 26 في التدابير التنظيمية الخاصة بالرابطة الثانية، مع اعتماد غرامة مالية تتأرجح ما بين 15 و20 مليونا، كعقوبة على كل غياب للمدرب الرئيسي، فضلا عن وضع وثيقة فسخ العقد كشرط إجباري لاستخراج الإجازة الثانية، مع اعتماد جملة من الإجراءات «الظرفية»، في فترة التفاوض بين إدارة النادي والمدرب لفسخ العقد، وهذا بالسماح للفريق بطلب الحصول على ترخيص للمساعد أو المدير الفني بالإشراف على التشكيلة في لقاء رسمي، دون التعرض للعقوبة المالية، وهو الأمر الذي يبقى ساري المفعول لمدة 21 يوما فقط.
هذه الإجراءات الإدارية، لم تكن كافية لتجنيب العديد من الفرق العقوبات المالية المنصوص عليها في المادة 26، بدليل أن 3 أندية فقط من فوج الشرق تفادت غرامة غياب المدرب الرئيسي، ويتعلق الأمر بمولودية باتنة وشباب برج منايل، بحكم احتفاظ كل فريق بطاقمه طيلة موسم كامل، إضافة إلى شباب باتنة، الذي احتكمت إدارته إلى استكمال كافة الإجراءات المتعمدة من طرف المديرية الفنية الوطنية، بينما لم ينج اتحاد الحراش من العقوبة المالية، بسبب غياب شارف عن مباراة عنابة، وكذلك الحال بالنسبة لمولودية قسنطينة، على خلفية عدم تنقل غيموز وكل طاقمه إلى ورقلة في الجولة 27.
370 مليونا غرامات غياب مدرب البابية !
وبلغة الأرقام، فإن عقوبة غياب المدرب الرئيسي تم تسليطها 77 مرة على 13 فريقا في فوج الشرق، لكن بحصيلة تبقى «مميزة» لأربعة أندية، لأن مولودية العلمة تعرضت لهذه العقوبة في 19 مباراة، منذ رحيل بوطاجين في الجولة التاسعة، بسبب عدم القدرة على إيجاد اتفاق يفسخ العقد، الأمر الذي كلف الفريق غرامة إجمالية قدرها 370 مليون سنتيم، منها 300 مليون في الإياب، و»السيناريو» ذاته عايشه هلال شلغوم العيد، بسبب إشكالية «الفسخ» مع عبد الحكيم بوفنارة، منذ الجولة الخامسة، ليكون مرور كل من ولطاش مؤقتا، ثم عبديش وشرفاوي ميدانيا فقط، دون استخراج الإجازات الرسمية، مما جعل «الهلال» يتعرض لعقوبة الغياب في 18 مقابلة، ونفس «السيناريو» تم تسجيله على مستوى جمعية عين مليلة، لأن صفقة الشاب تيسموكة كانت فاشلة، ولم تدم سوى جولات، ليحمل رابح زياد المشعل، ولو بإجازة «مدرب الحراس»، لكن دون أن تكون كافية لتجنيب «لاصام» غرامات كبيرة، حتى بعد استقدام كريم زاوي، لأن قضية العارضة الفنية لجمعية عين مليلة، كانت منذ الجولة 11، واستمرت إلى غاية نهاية الموسم، بينما كانت وضعية جمعية الخروب «استثنائية»، وامتدت على مدار الثلث الأخير، بعد انسحاب سبع، لكن دون فسخ عقده، فتولى بلشطر قيادة التشكيلة، في 11 مقبلة، لكن دون حصوله على إجازة رسمية، وبالتالي فإن الغرامات التي تم فرضها على النوادي الأربعة (الخروب، عين مليلة، العلمة وشلغوم العيد) تتجاوز قيمة الرواتب الشهرية للمدربين الرسميين، وإجراءات العقود الرسمية، الواجب اعتمادها على مستوى المديرية الفنية الوطنية أبقت موجة الإقالات متواصلة، لكن بأثر مالي ثقيل على كاهل الأندية.
ص / ف