أكد نجم الكرة الجزائرية لسنوات الثمانينات لخضر بلومي بأن سر نجاح المنتخب الأولمبي في دورة السنغال و النجاح في إقتطاع تأشيرة التأهل إلى أولمبياد ريو دي جانيرو يكمن في إستعادة الروح القتالية، و اللعب بإرادة كبيرة من أجل مصلحة المجموعة، و هي معطيات ـ كما قال ـ «إفتقدتها كل المنتخبات طيلة عشريتين من الزمن، مما إنعكس بالسلب على النتائج الميدانية، رغم المشاركة في دورتين متتاليتين من المونديال في جنوب إفريقيا و البرازيل».
بلومي و في إتصال هاتفي مع «النصر» سهرة أمس أوضح بأن المردود الذي قدمته التشكيلة الوطنية في هذه الدورة كان مفاجئا بالنسبة لجميع المتتبعين، لأن التحضيرات لهذا الموعد كانت في صمت و بعيدا عن الأضواء، كما أن نظام التصفيات لم يسمح بأخذ نظرة سطحية عن هذا المنتخب، سيما و أن التأهل كان بسهولة، بعد إجراء لقائي الذهاب و الإياب ضد سيراليون بالجزائر بسبب فيروس «إيبولا»، فضلا عن كون المباريات الإعدادية لم تكن بمثابة المقياس الذي يكفي للوقوف على مدى نجاعة الإستعدادات لمنافسة قارية، حاسمة في أمر التأهل إلى الألعاب الأولمبية.
و في سياق متصل إعترف بلومي بأنه لم يكن يتوقع نجاح المنتخب الجزائري في تخطي عقبة دور المجموعات، لأن القرعة ـ على حد قوله ـ « لم تكن رحيمة، و أوقعته في مجموعة الموت، كون منتخب مالي للأواسط كان قد نشط نهائي المونديال قبل شهر بالشيلي، بصرف النظر عن قوة المنتخب النيجيري، الذي تعود على المشاركة في الألعاب الأولمبية بصفة منتظمة، بينما كان المنتخب المصري مرشحا على الورق بحظوظ أوفر من الجزائر، و عليه فإن كل الحسابات الأولية كانت قد تصنف منتخبنا في خانة الحلقة الأضعف في المجموعة».
إلى ذلك أكد بلومي بأن الوجه الذي ظهر به المنتخب الجزائري في اللقاء الأول ضد مصر كان بمثابة مؤشر مبدئي على أن «الخضر» قادرون على صنع المفاجأة، خاصة و أن اللاعبين أظهروا إرادة كبيرة في خطف الأضواء، لكن المقياس ـ كما إستطرد ـ « كان في الخرجة الثانية ضد مالي، إذ لمسنا روح قتالية كبيرة لدى اللاعبين، و هو عامل إفتقده المنتخب منذ سنوات الثمانينات، لأن التشبع بالروح الوطنية، و الدفاع عن الجزائر بكل قوة أعاد لي شخصيا ذكريات السنوات التي نلت فيها شرف تقمص الألوان الوطنية، رغم أن الظروف تختلف تماما، و لا يوجد أي مجال للمقارنة بين المرحلتين، خاصة من حيث الإمكانيات المادية و حتى التحكيم، لكنني أعجبت كثيرا بالروح القتالية التي تسلحت بها هذه العناصر الشابة، كما أن المجموعة كانت متماسكة و منسجمة، و تعمل كرجل واحد من أجل مصلحة كرة القدم الجزائرية».
على صعيد آخر أشار صانع الألعاب «الخضر» لسنوات الثمانينات إلى أن النجاح في التأهل إلى الأولمبياد يبقى إنجازا تاريخيا مكن هؤلاء الشبان من وضع بصمتهم بصورة واضحة في سجل الكرة الجزائرية، لكن هذا الإنجاز يبقى ـ حسبه ـ « بحاجة إلى تثمين من طرف مسؤولي الفاف، لأن الإستثمار في هذا الجيل يبقى ضرورة حتمية، مع تفادي الإفراط في الثقة في النفس و الإمكانيات بالنسبة لهؤلاء اللاعبين، كون التهليل و الإشادة بالتأهل إلى ريو دي جانيرو لا يعني بأن هذا المنتخب متكامل، بل أنه مازال يحتاج إلى عمل كبير، كما أن العناصر الشابة مطالبة بالحفاظ على التركيز و التوازن، و عدم الإنصياع وراء ما يتم تداوله في وسائل الإعلام، لأن النجومية التي تفتعلها الصحافة بعد هذه المنافسات قد تكون منعرجا حاسما في مسيرة أي عنصر، و هو عامل لا بد من الإحتياط منه كثيرا، و ذلك بإجبار اللاعبين على تفادي الغرور، و الإنشغال بالعمل الميداني مع نواديهم».
و خلص بلومي إلى القول بأن الإستثمار في هذا المنتخب لا يمر عبر منح الفرصة لبعض العناصر مع المنتخب الأول، و إنما المحافظة على تركيبة المجموعة، و وضع إستراتيجية عمل تراعي الإستحقاقات الكروية القادمة، لأننا ـ كما أوضح ـ « أمام وضعية تعد نسخة طبق الأصل لتلك التي كنا قد عايشناها، و تركيبة المنتخب ظلت مستقرة لسنوات طويلة، فكان مكسب الكرة الجزائرية جيل ذهبي شارك في مونديال الأواسط في طوكيو، ثم أولمبياد موسكو، و بعده دورتين متتاليتين من المونديال، و بالتالي فإن هذا المنتخب بحاجة إلى تدعيم بنحو 4 لاعبين محترفين، لتغطية النقائص المسجلة، و حمل المشعل بالنسبة لهذا الجيل سيكون بعد مونديال روسيا، شريطة تجسيد الفاف لمشروع الإستثمار، و ضمان الإستقرار على جميع الأصعدة».
حاوره: صالح فرطــاس