شكّل صعود اتحاد برهوم إلى قسم الهواة حدثا مميزا بولاية المسيلة وحمل معه الكثير من الدلالات، في مقدمتها إصرار هذا الفريق على الخروج من دائرة الظل، رغم قلة الإمكانيات والصراعات الداخلية، ما جعله ينهي موسمه ضمن مجموعة «وسط - شرق» من بطولة ما بين الجهات، في المركز السادس برصيد 42 نقطة، نتاج 13 انتصارا و3 تعادلات و10 هزائم.
وقبل هذا الإنجاز، ظل فريق اتحاد برهوم على مدار المواسم الثلاثة الأخيرة، يدور في حلقة مفرغة، وسط دوامة من المشاكل والحسابات والحساسيات، إلى درجة أنه صار يقدم صورة النادي الذي أنهتكه الصراعات الداخلية، وعدم الاستقرار في طاقميه الإداري والفني جسده تعاقب عديد الرؤساء والمدربين، فيما بقى الأنصار يتطلعون مع بداية كل موسم لتذوق نشوة فرحة طال انتظارها.
نجاح ممثل منطقة «الحضنة» في كسر جدار الصمت هذا الموسم، وركوب القطار المؤدي إلى وطني الهواة، لأول مرة في تاريخه، لم يكن سهلا، بقدر ما تطلب الكثير من التضحية والعمل الجاد، حتى وإن كانت الاستقدامات العشوائية، ومعها ضغط المحيط الباحث عن النتائج الفورية، لم تثن من عزيمة الفريق، في نفض الغبار وأخذ مكانة تحت الشمس.
ولم تمنع الضائقة المالية وقلة الموارد، المكتب المسير من رفع التحدي، وتحقيق الصعود الذي كلف خزينة النادي مبلغ 2.2 مليار حسب تصريحات مسؤوليه، ومن ثمة جعل مدينة برهوم التي يتنفس شبابها كرة القدم، تعيش مظاهر الأفراح لعدة أيام.
ولعّل من أبرز خصال الاتحاد، الذي تأسس سنة 1977، امتلاكه قاعدة جماهيرية لا تجدها حتى لدى أندية دوري المحترفين، بمعنى آخر أن أنصاره يعدون من ذهب، وأكثر من ذلك أنهم يتميزون بثقافة المناصرة ويعشقون الكرة حتى النخاع، وهو ما حفز الرئيس مراد رحماني على العمل دون هوادة، ومواجهة كل الصعاب بمفرده.
هذا، ويجمع مسيرو وأنصار الفريق على أن الصعود التاريخي وعلى قدر صعوبته، أخرج مدينة برهوم من الركود، ولو أن الرئيس رحماني أبدى الكثير من المخاوف بشأن مستقبل فريقه، وسط دعوات للإسراع في التحضير من الآن للموسم الجديد.
وانطلاقا من هذا، تفكر الإدارة في حالة بقائها الاحتفاظ بنسبة 60 بالمائة من تعداد الموسم المنقضي، ما يعني تجديد الثقة في الركائز، إضافة إلى القيام بتدعيمات نوعية، لإعطاء الإضافة المطلوبة للفريق.
وإذا كان هذا الصعود ما زال يصنع الحدث بالمنطقة، فإن مسألة التمويل باتت تطرح بشكل مبكر، بالنظر للمتاعب المالية الكبيرة التي واجهها الفريق هذا الموسم، والنفقات المتزايدة التي يتطلبها قسم الهواة، الأمر الذي جعل الإدارة تفكر في إيجاد مخرج لهه المعضلة، من خلال توجيه نداء للجهات الوصية، ورجال أعمال المنطقة لمساعدة الفريق، في ظل التحديات المطروحة، وبالإضافة إلى ذلك، تبقى إشكالية الملعب تثير مخاوف الإدارة، أمام عدم مطابقة ملعب «سليمان عميرات» للمواصفات المطلوبة، ما يرشح لعدم اعتماده والاستقبال خارج القواعد خلال الموسم المقبل.
التعداد الرسمي للفريق
ميرة ـ دلهوم ـ معطاوي ـ خلدون ـ زهير ـ مداح ـ لكحل وليد ـ قنان ـ سعداوي ـ داود ـ لكحل هارون ـ خاوي ـ عماري ـ عبود ـ غزال ـ مخناش ـ غرابي ـ عثامنة ـ حمداوي ـ حفاف
رئيس الفريق: مراد رحماني
الكاتب العام: زهير بوخالفة
المدرب: منير دوب
المدرب المساعد: حمداوي فاتح
مدرب الحراس: فهيل جمال
لاعبون يتحدثون عن الإنجاز
الحارس ميرة عبد اللطيف
جد مسرور بما تحقق
«هو في الواقع صعود تاريخي، وأنا جد سعيد بهذا المكسب الثمين، الذي لم يكن بمثابة الهدية أو الهبة، أعتقد بأنه كان بإمكاننا الظفر بمكانة في «البوديوم» لولا توقف البطولة، لكن احتلالنا المركز السادس يعكس قوتنا وطموحنا، لذلك، أرى بأننا نستحق الصعود الذي يعد الأول بالنسبة لي مع الفريق، وبكل تأكيد، سنسعى لتثمين هذا المكسب وتعزيزه بإنجازات أخرى».
المدافع خلدون لخضر
الصعود رسالة لمن احتقر الفريق !
«أرى بأننا أثبتنا جدارتنا وحققنا الصعود، الذي فلت منا في المواسم الثلاثة الأخيرة، والذي تصدر هذا الموسم اهتمامنا وأهدافنا المسطرة. أعتقد بأن الإرادة وروح التحدي، من أبرز العوامل التي ساعدتنا على تخطي الكثير من العقبات، وتحقيق نتائج جيدة داخل وخارج الديار، لذلك، فإن الصعود يعد رسالة لكل الذين شككوا في قدراتنا».
المهاجم وقائد الفريق لكحل وليد
شرفنا المنطقة
«شخصيا، اعتبر بأن صعودنا هو شرف للمنطقة، ويشكل في مضمونه رسالة للمعنيين بالأمر للالتفاف أكثـر حول الفريق، والتفكير من الآن في الموسم القادم الذي سيكون أصعب، وقبل ذلك، علينا التلذذ بفرحة الارتقاء، لأن هذا الانجاز له دلالات خاصة، بغض النظر عن تأثيره الإيجابي على المحيط العام للفريق».
سفاري أول المنتدبين
بن جاب الله المدرب الجديد لاتحاد برهوم
كشف رحماني عن توصله إلى اتفاق نهائي، مع المدرب جمال بن جاب الله، لإسناده العارضة الفنية الموسم القادم، إلى جانب الحارس السابق لشباب باتنة فؤاد سفاري الذي دشن الميركاتو:" بن جاب الله سيكون المدرب القادم للفريق، في وقت الحارس سفاري، دشن عملية الانتدابات التي ستكون نوعية، وفي مستوى طموحات الفريق، أما تطلعاتنا المستقبلية، فأعلنها صراحة أننا نأمل في مواصلة التألق، والرهان على ورقة الصعود، ولو أن المهمة لن تكون سهلة".
ولتجسيد هذه الرغبة، يرى رحماني بأن الإدارة تأمل في استقدام 9 لاعبين جدد آخرين بعد الحارس سفاري، إدراكا منها بقيمة المرحلة القادمة، وما تستوجبه من متطلبات مادية وزاد بشري ثري بإمكانه الأخذ بيد الفريق صوب الواجهة، ولو أن الوضعية المزرية لملعب سليمان عميرات، وإمكانية عدم تأهيله لاحتضان اللقاءات الرسمية قد يزيد من هموم الفريق على حد تعبيره.
رئيس الفريق مراد رحماني
الصعود التاريخي كلفنا 2.2 مليار
أكد رئيس الفريق مراد رحماني، أن صعود فريقه كلف الخزينة قرابة 2.2 مليار، موضحا أن إدارة الفريق نجحت في رفع التحدي، وتحقيق تطلعات الأنصار بفضل تضافر جهود جميع الأطراف.
وقال رحماني للنصر، إنه ورث وضعا صعبا منذ انطلاق البطولة وخلافة لجنة التسيير المؤقتة بعد انسحابها، موضحا أنه وضع الصعود كهدف أساسي، غداة اعتلائه سدة الرئاسة، وعمل على محاولة توفير الشروط الضرورية، مشيدا بتضحيات اللاعبين، وحرص الطاقم الفني على بلوغ الأهداف المسطرة.
كما ثمن رئيس الإتحاد، المسيرة المظفرة لفريقه المطالب في نظره بالعمل من أجل الحفاظ على المكسب المحقق: "نحن ندرك جيدا مدى قيمة هذا الإنجاز، الذي تحقق بفضل مساهمة جميع الأطراف. علينا وضع كل الصراعات جانبا وتوحيد الصفوف في سبيل الفريق، مع التفكير من الآن في الموسم القادم، الذي صراحة أريده أن يكون محطة للتأكيد والاحتكاك".
ومع ذلك، لا يستبعد محدثنا انسحابه وترك مقاليد التسيير، معتبرا القادم أصعب من شتى الجوانب في غياب الإمكانيات اللازمة: "شخصيا، لست متحمسا للبقاء، حيث ننتظر إقامة جمعية عامة، لاستعراض حصيلة الفريق ومستقبل المكتب المسير، مع فتح الأبواب في وجه كل من يرغب في حمل المشعل، لأنه لا يمكن ضمان تسيير ناجع دون أموال، وبميزانية لا تف بالحاجة، حيث تحصلنا الموسم الماضي، على إعانة إجمالية لم تتعد قيمتها 850 مليونا».
من جهة أخرى، لم يتوان رحماني في التأكيد على أن الأنصار كان لهم الدور الأكبر، في تجسيد الأهداف المسطرة، دون تجاهل مجهودات المدرب طكمارة في مرحلة الذهاب، وكذا دوب واللاعبين:" كما يعلم الجميع حملت المشعل في بداية البطولة، ونجحت في اجتياز الكثير من العقبات، خاصة المتعلقة بالجانب المالي، إلى درجة أنني أعلنت في ثلاث مناسبات عن استقالتي، قبل أن أتراجع بطلب من الأنصار، عكس المدرب طكمارة الذي انسحب بعد نهاية مرحلة الذهاب".
وأردف يقول:" نحن نحضر لعقد جمعية عامة، مع سعينا الكبير لتثمين هذا المكسب، وجعل برهوم مستقبلا محطة للفرق الكبيرة. لذلك، علينا توحيد الجهود، وتوفير جميع وسائل النجاح، مع تجنيد كل أسرة النادي".
وفي سياق حديثه، دعا رحماني الجهات المسؤولة، إلى تخصيص منحة خاصة بالصعود، من باب التشجيع لفريقه، مبرزا التزامه الكبير بطرق كل الأبواب قصد إيجاد قنوات تمويل، وهذا في حال بقائه على رأس الفريق.
هندس رفقة طكمارة للصعود دوب يؤكد
الارتقاء «حصاد» مجموعة تحدت كل الصعاب
لا يختلف اثنان في القول، بأن المدرب منير دوب الذي ركب القطار في بداية مرحلة الإياب من البطولة، لعب دورا كبيرا في تحقيق تطلعات الأنصار، بعد أن تمكن من إعادة الاستقرار المطلوب، ترويض آلة فريقه وضبط حركاته على الانتصارات والنتائج الجيدة، ووضعه على السكة الصحيحة، وهذا منذ حمله المشعل.
وانطلاقا من هذا، يرى دوب أن الصعود يعد حدثا تاريخيا بالمنطقة وثمرة عمل جماعي، مقدما شكره لكل من ساهم في تحقيق هذا الإنجاز. وقال دوب إنه لم يشك لحظة، في أخذ مكانة ضمن المجموعة المعنية بالارتقاء، نظرا لثقته الكبيرة في قدرات لاعبيه، والأجواء التفاؤلية السائدة، موضحا أن روح التحدي سمحت لفريقه بقطف الثمار.
كما أبرز لاعب شباب بلوزداد الأسبق، تضحيات الرئيس رحماني وطاقمه المسير، وكذا الأنصار في بلوغ الهدف، رغم بعض العقبات، مبديا سعادته الكبيرة بهذا الانجاز:"شخصيا لا يمكن أن استثني أحد من هذا المكسب الكبير، الذي في الحقيقة كان مستحقا".
على صعيد آخر، أشاد دوب بالعمل الذي قام به سابقه محمد طكمارة خلال مرحلة الذهاب، التي أنهاها الفريق برصيد 31 نقطة، مشيرا إلى أنه كان يأمل في استكمال البطولة، وتحقيق الصعود ضمن الثلاثة الأوائل، لكن جائحة كورونا حدت من هذا الطموح: "صراحة كنا نتطلع لاحتلال مرتبة في «البوديوم»، بحكم أننا نمتلك فريقا متماسكا في جميع خطوطه، غير أننا اكتفينا بالصف السادس بعد 26 جولة برصيد 42 نقطة، نتاج 13 انتصارا و3 تعادلات مع تسجيل 10 انهزامات".
هذا ووصف مدرب الاتحاد، المنافسة بالشرسة سيما في الجولات الأخيرة، نظرا لقيمة الرهان:" منذ التحاقي بالعارضة الفنية في الجولة الثانية من مرحلة العودة، كنت واثقا من قدرة فريقي على مزاحمة بقية النوادي، رغم إدراكي بصعوبة المهمة. ومع مرور الجولات تمكنا من الزحف إلى الواجهة، وكان بإمكاننا خطف مكانة أحسن، غير أننا حققنا الأهم وأسعدنا الأنصار وشرفنا التزاماتنا".