ترسّم أمس، الانسحاب النهائي لدفاع تاجنانت من المنافسة بالغياب عن مباراة الجولة الثالثة لبطولة ما بين الجهات، والتي كان من المقرر أن تنزل من خلالها تشكيلة «الدياربيتي» في ضيافة نادي الرغاية، لكن تواصل مشكل عدم استخراج الإجازات، بسبب قرارات غرفة المنازعات، كان كافيا للتوقيع على شهادة «وفاة» فريق كان ينشط في الرابطة المحترفة الأولى، وذلك بتعليق نشاطه واعتماد سقوطه المباشر إلى الرابطة الولائية.
هذا الإجراء كان من العواقب الحتمية للظروف التي مر بها دفاع تاجنانت في المواسم الماضية، لأن الأزمة المالية تجاوزت الخطوط الحمراء، والفريق أخذ في التدحرج من قسم لآخر، مع صدور قرارات بالمنع من الاستقدامات من غرفة المنازعات وكذا من الفيفا، بعد الشكاوى التي تقدم بها لاعبون أجانب، كانوا قد تقمصوا ألوان «الدفاع» في الرابطة المحترفة، إلى درجة أن فريق تاجنانت كان عرضة لعقوبة المنع من الاستقدام لثلاث مراحل متتالية، في إجراء عقابي سلطته عليه أعلى هيئة كروية على الصعيد الدولي.
عقوبة الفيفا كانت السبب الرئيسي الذي أدى إلى توقيف المسيرة الكروية لدفاع تاجنانت، لأن لجنة التسيير المؤقتة التي تم تشكيلها مؤخرا برئاسة عادل بودبزة، اصطدمت بهذه الإشكالية عند قيامها بآخر محاولة لإنقاذ الفريق من الاندثار والزوال، حيث طفا قرار العقوبة الناتج عن قضية الموريتاني عبد الله السوداني إلى السطح، فأصبح ظهور «الدياربيتي» في الساحة الكروية الوطنية من جديد، مرهون بتسوية الوضعية المالية على مستوى الاتحاد الدولي، بقيمة تقارب 4 ملايير سنتيم، الأمر الذي دفع بأعضاء «الديريكتوار» إلى رفع الراية البيضاء، في ظل استحالة توفير المبلغ المالي المطلوب، ليذهب الفريق ضحية المادة 63 من القوانين العامة للفاف، وذلك بترسيم انسحابه النهائي من المنافسة، وشطبه بصورة أوتوماتيكية من رزنامة ما بين الجهات، مع اعتماد سقوطه المباشر إلى الرابطة الولائية لميلة، على خلفية غيابه عن الجولات الثلاثة الأولى لبطولة الموسم الجاري.
وأكد رئيس اللجنة المؤقتة عادل بودبزة للنصر، بأنه كان قد طرق كل الأبواب بحثا عن مخرج كفيل بتجنيب الفريق عقوبة الشطب، لكننا ـ كما قال ـ « لم نتمكن من التوصل إلى حل ميداني، لأن الفاف رفضت مقترح تكفلها بتسديد ديون الفريق لدى الفيفا، والمتعلقة باللاعب سوداني، على أن تضبط إدارة النادي رزنامة للتسوية على دفعات، لأننا سعيا لتدخل الفاف واحتواء الأزمة «خارجيا»، مادامت القضية لها امتدادات تصل حتى إلى المنتخبات الوطنية، مقابل وضع مخطط للتعامل مع الملف «داخليا»، كما تم العمل به مع اتحاد بلعباس منذ موسمين، لكن تواجد «الدياربيتي» في رابطة ما بين الجهات، حال دون تجسيد مخطط الإنقاذ الذي كنا نراهن عليه كورقة الحظ الأخير».
وأوضح بودبزة في معرض حديثه بأن التخلص من العقوبة «الداخلية» كان قد تم بناء على وثيقة سلمتها الرابطة المحترفة، الأمر الذي ـ كما استطرد ـ « بعث في قلوبنا أملا بعودة الفريق على أجواء المنافسة، لأن الحصة المتبقية للفريق من عائدات حقوق البث التلفزيوني في حدود 890 مليون سنتيم، وما ما يسمح بتغطية نسبة 15 بالمئة من الديون المقيدة لدى غرفة المنازعات، إلا أن الوضعية عادت إلى نقطة الصفر بعد تفعيل عقوبة الفيفا بخصوص اللاعب الموريتاني، وهي قضية لم يكن باستطاعتنا التعامل معها، خاصة بعد رفض الاتحادية تحمل المسؤولية في غياب ضمانات كافية».
«كرونولوجيا» السقوط الحر كانت قد ارتسمت معالمها الأولية، عند تدحرج الفريق من الرابطة المحترفة الأولى في ماي 2019، وكان ذلك بمثابة «بداية النهاية» لمغامرة كروية لفريق حمل راية تمثيل الولاية رقم 43 لأول مرة في الرابطة المحترفة، على اعتبار أن «الدياربيتي» كانت قد صنعت الحدث خلال العشرية الفارطة، بتسلق الهرم الكروي الوطني بسرعة البرق، بالخروج من الجهوي إلى قسم ما بين الرابطات، ثم وطني الهواة، وبعد الرابطة المحترفة بقسميها الثاني والأول، فكان الإنجاز المحقق في ماي 2015 تاريخيا، والمغامرة في حظيرة «الكبار» امتدت 4 مواسم، قبل أن تلوح في الأفق مؤشرات «الانهيار»، بتهاطل قرارات غرفة المنازعات والفيفا، وارتفاع مؤشر الديون لدى الهيئتين إلى ما يقارب 10 ملايير سنتيم، فكان أمس، الحلقة الختامية لمسلسل أزمة «الدياربيتي»، لكن بنهاية «دراماتيكية»، شطبت الفريق نهائيا من الساحة الكروية، بعد نصف قرن من الوجود، في «سيناريو» لم يختلف كثيرا عن ما عاشه الفريق الجار جيل تاجنانت في سنة 2016.
صالح فرطــاس