نظرة على حصيلة الموسم في جهوي عنابة: اتحاد سدراتة حقق الحلم في موسم خيبة الكرة القالمية

بصم اتحاد سدراتة على إنجاز تاريخي في نهاية النسخة 19 لبطولة الجهوي الأول لرابطة عنابة، باقتطاع تأشيرة الصعود إلى قسم ما بين الجهات، مجسدا بذلك حلما انتظره أبناء «المايدة» على مدار 88 سنة، ومنح ولاية سوق أهراس الصعود الثالث في تاريخ بطولة الجهوي الأول منذ تأسيس رابطة عنابة قبل عشريتين من الزمن، في الوقت الذي كانت فيه «انتكاسة» الكرة القالمية كبيرة، بسقوط فريقين من الجهوي الأول، بينما تواصل زحف فرق ولاية عنابة نحو القسم الأعلى، بصعود اتحاد سيدي عمار، ونجاحه في استعادة مكانته، شأنه شأن أولمبي بومهرة.

قراءة: صالح فرطاس

التحاق اتحاد سدراتة بقسم ما بين الجهات لأول مرة في تاريخه كان بتقدير «ممتاز»، لأن الفريق أدى مشوارا استثنائيا، انطلق بهزيمة في الطارف، لكنها كانت الوحيدة على مدار موسم كامل، حيث أن الاتحاد ظل يراقب السباق طيلة الثلث الأول من المشوار، لما كان الجار وفاق سوق أهراس بصدد العزف منفردا على أوتار الريادة، قبل أن يكون الانقلاب في الجولة 11، لما تسلم السدراتيون مشعل القيادة، فأحكموا سيطرتهم على المنافسة، بريتم سريع، كان على وقع مطاردة شديدة من وفاق سوق أهراس، وكذا سريع البوني وفرفوس بئر العاتر، بدليل أن تشكيلة المدرب مرزوق أنهت مرحلة الذهاب بلقب شتوي، لكن بفارق لم يتعد النقطتين عن أقرب الملاحقين، سريع البوني، لترسيم بعدها معالم السباق الثنائي في النصف الثاني من الموسم، بانحصار التنافس بين فريقين من ولاية سوق أهراس، فكان منعرج الجولة 23 حاسما، لأن تجرع وفاق سوق أهراس طعم الهزيمة لأول مرة، على يد جيل طاشة عبّد الطريق أكثر لاتحاد سدراتة من أجل تحقيق صعود تاريخي، ليكون ترسيم الأمور من إقليم ولاية قالمة، على اعتبار أن الاتحاد نجح في حصد الزاد كاملا من 12 مواجهة من سداسي الولاية 24، وهو رقم صنع الفارق بصورة جلية في المنعرجات الأخيرة من السباق، في ظل استسلام أبناء «طاغاست» بعد رهن كامل حظوظهم في الصعود، رغم أن تشكيلة «المايدة» كانت قد حققت الأهم في عقر الديار، بإحراز 13 انتصارا، مع التنازل عن 4 نقاط فقط من الحصاد المتاح في ملعب أوفروخ، جراء الاكتفاء بتعادلين في «ديربيات» الولاية مع كل من وفاق سوق أهراس وأمل بئر بوحوش. واللافت للانتباه أن اتحاد سدراتة ظفر بتأشيرة الصعود بعد احتكار صدارة الترتيب على جميع الأصعدة، لأنه لم ينهزم على مدار 29 جولة متتالية، وكان الأقوى داخل وخارج الديار، كما أنه احتل الريادة في الذهاب والإياب، وبأقوى هجوم، وأحسن دفاع، وهو الفريق الذي نجح بسرعة البرق في تمرير الإسفنجة على انتكاسة موسم سابق، لما خسر الرهان أمام اتحاد بوخضرة في آخر لقاء داخل الديار، لكن تلك المغامرة كانت بمثابة الدرس القاسي الذي استثمرت فيه إدارة النادي، لوضع القطار على السكة مجددا، والعمل على توفير الظروف التي ساعدت على تجسيد حلم تاريخي، جعل مدينة سدراتة تعيش أجواء احتفالية كبيرة، مادام الاتحاد أصبح ثالث سفير رياضي من ولاية سوق أهراس يبلغ قسم ما بين الجهات بعد كل من الوفاق وشباب حمة لولو.
سريع البوني بمثابة المفاجأة السارة
كانت ميزة سباق الصعود لهذا الموسم، نجاح فريقين صعدا من الجهوي الثاني في لعب الأدوار الأولى مباشرة، ولو أن وفاق سوق أهراس متعود على أجواء الجهوي الأول، وإدارته راهنت على مواصلة المشوار بنفس «الديناميكية»، سيما وأن الفريق حافظ على سجله خاليا من الهزائم على امتداد 51 مباراة متتالية، من موسمين، والاكتفاء بالوصافة هذا الموسم لا ينقص من قيمة المشوار الذي أداه الفريق، في حين كان سريع البوني بمثابة المفاجأة السارة للموسم، لأنه وفي أول مغامرة له في هذا القسم نجح في الظهور كواحد من أبرز المتنافسين على ورقة الصعود، وقد كانت مسرته جد موفقة، فنال تقدير واحترام المتتبعين، بصرف النظر عن تراجعه المسجل في الثلث الأخير من الموسم، لأن احتلال الوصافة في الذهاب نصب «الرابيد» في خانة أقوى منافس لاتحاد سدراتة.
وفي نفس السياق فإن فريقي ولاية تبسة الوفاق وفرفوس بئر العاتر ظلا وفيا لعادتهما، وذلك بالتواجد ضمن كوكبة الصدارة، مع مراهنة «الفرفوس» على العودة السريعة إلى قسم ما بين الجهات، إلا أن الحظوظ تلاشت بعد تلقي هزيمة داخل القواعد على يد البوني، في الوقت الذي كان فيه مشوار وفاق تبسة متذبذبا، جراء اعتماد إدارته على مجموعة شابة، تفتقر للخبرة والتجربة في سباق الصعود.
مستحقات الانخراط سبب نكسة الولاية 24
بالموازاة مع ذلك، فإن الموسم كان «كارثيا» بالنسبة لفرق ولاية قالمة، التي وجدت صعوبة كبيرة في دخول غمار المنافسة، إثر طفو إشكالية مستحقات الانخراط على السطح، وحتى قرار الفاف بتقديم تسهيلات للأندية، لم يكن كافيا لجعل سداسي الولاية 24 في الجهوي يظهر بالوجه المعتاد، بل أن الفرق القالمية كانت كلها خارج الإطار، وهدفها لم يتجاوز عتبة ضمان البقاء في هذا القسم لموسم آخر، ولو أن نجم بوشقوف كان أفضل سفير للولاية في الجهوي الأول هذا الموسم، بعدما أنهى المشوار في الصف السادس، بينما كان الخماسي الأخر ضمن النصف الثاني من سلم الترتيب النهائي. وفي هذا الصدد، فإن مخلفات الموسم كانت على وقع حصيلة غير مسبوقة للكرة القالمية، وذلك بسقوط فريقين إلى الجهوي الثاني، رغم أن نجم تاملوكة كان قد أفل مسبقا، بسبب الأزمة الداخلية التي تخبط فيها، والتي تجسدت في عدم حصوله على أي نقطة طيلة مرحلة الذهاب، والانتفاضة الطفيفة التي حققها في بداية مرحلة العودة كانت مجرد بارود شرفي، حصد من خلاله 7 نقاط، ليكون أول زبون على متن قطار السقوط، قبل أن يلحق به الجار شباب هواري بومدين، مع خروج شباب وادي الزناتي، جيل مجاز عمار وشباب هيليوبوليس من دائرة الخطر في الجولات الأخيرة من الموسم.
من هذا المنطلق فإن «كوطة» تمثيل ولاية قالمة في الجهوي الأول تقلصت إلى 5 مقاعد فقط، بعدما نجح أولمبي بومهرة في حفظ ماء الوجه، بترسيم عودته إلى هذا القسم، بعد تجربة في الجهوي الثاني دامت موسمين، وهو رقم لم تسجله الولاية 24 مسبقا، لأن حصتها من المقاعد بلغت قبل 4 سنوات نصف التركيبة الاجمالية للجهوي الأول، في حين أخذ تمثيل ولاية عنابة في التزايد، تزامنا مع سقوط «الحمراء» من قسم ما بين الجهات، وعودة اتحاد سيدي عمار إلى الجهوي الأول، الأمر الذي رفع عدد أندية الولاية في بطولة الجهوي الأول إلى 5، باحتساب كل من مولودية برحال، جيل طاشة وسريع البوني، بينما تبقى ولاية تبسة ممثلة بزبونين تقليديين، وهما الوفاق و»العاتر»، ونفس الحصة أصبحت لولاية سوق أهراس، بعد الصعود التاريخي لاتحاد سدراتة.
ص / ف