يعيد لقاء اليوم بالعاصمة الكاميرونية ياوندي إلى أذهان عشاق الخضر و متتبعي الشأن الكروي الوطني سيناريوهات السنوات العجاف، أين كانت أسطوانة المهم المشاركة و السعي للظهور بوجه مشرف في حضرة الكبار، شغالة على مدار فترة التصفيات.
خروج المنتخب الوطني مبكرا من سباق تأهيليات المونديال، و اضطراره لتنشيط مباراة شكلية في خامس جولة من التصفيات، لامتلاكه نقطة يتيمة في الرصيد حصدها في جولة التدشين أمام منافس اليوم، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المنتخب مريض و يحتاج إلى فترة نقاهة، تحتم على القائمين على شؤون كرتنا أن يكون ضخ الدماء الجديدة بطريقة عقلانية و مدروسة، تخول للعناصر الجديدة تقديم الإضافة و فرض ذاتها، و من ثمة انتزاع مكانتها ضمن كتيبة الخضر، على اعتبار أن رياح التغيير التي هبت على بيت الخضر بقوة، هزت أركانه و بعثت الشك في نفوس المحبين، الذين لم يستفيقوا من صدمة الإقصاء المبكر، و قد أفقدتهم التغييرات الكثيرة و الكبيرة في التعداد الرغبة و الاهتمام، فلأول مرة منذ قرابة العشرية يطغى المنتوج المحلي على تركيبة المنتخب، الذي تحول في الفترة الأخيرة إلى حقل “تجارب”، ما فتح أبوابه على مصراعيها أمام قدوم لاعبين جدد و عودة آخرين بعد طول غياب، وفق إستراتيجية قال الناخب الوطني لوكاس ألكاراز عشية التنقل إلى الكاميرون أنها ترمي لإعادة بناء منتخب على المدى المتوسط، من خلال تأكيده على أن هدفه الأول مع الخضر يتمثل في اقتطاع تذكرة التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2019، و السعي للظفر باللقب القاري الذي ظل غائبا عن خزائن كرتنا منذ العام 1990.
و من المفارقات أن لقاء اليوم يجمع “ كبيرين “ يتواجدان في وضع لا يحسدان عليه، فالأسود غير المروضة حاملة اللقب القاري، ومستضيفة النسخة القادمة من الكان، خارج سباق روسيا، و الخضر الذين نشطوا ثمن نهائي مونديال البرازيل، و خرجوا على يد المنتخب الألماني بطل العالم بعد مباراة بطولية، فقدوا الهيبة و القوة و تحولوا في فترة وجيزة إلى مجرد مشارك في التصفيات عاجز عن حصد الانتصارات، رغم توفره على كامل الإمكانات المادية و البشرية.
ولئن كان الرهان اليوم حفظ ماء الوجه، و السعي لتحقيق نتيجة إيجابية توقف تراجع منتخبنا على لائحة الفيفا، و من ثمة اكتساب المجموعة “ الجديدة “ الثقة بالنفس قبل الاستحقاقات القادمة، فإن الناخب الوطني سيكون تحت ضغط رهيب، كونه المسؤول الأول عن الخيارات و التغييرات، و مطالب بتأكيد قدرته على تجاوز المرحلة بأخف الأضرار، وحماية لاعبيه من سهام الانتقادات، لأن ترويض الأسود في عرينها كفيل بمنحه أريحية نفسية، ومنح اللاعبين الجدد فرصة تقديم أوراق اعتمادهم، والانتقال إلى عهد جديد بداية من لقاء نيجيريا المقبل.
نورالدين - ت