شهد الثلث الأول من الموسم الجاري لبطولة الرابطة المحترفة بقسميها الأول و الثاني تواصل حركية المدربين بين النوادي، في غياب الاستقرار، و ربط مستقبل علاقة العمل التي تربط الطرفين بالنتائج الفورية، و لو أن الملفت للانتباه أن هذه السنة شذت عن المألوف، بتسجيل نوع من الاستقرار على مستوى مجموعة من النوادي، سيما منها تلك التي تحتل المراكز الأولى في سلم الترتيب، و حالات الاقالات و الاستقالات حدثت في غالبيتها في الفرق التي تعاني ضمن كوكبة المؤخرة.
فبالنسبة للرابطة المحترفة الأولى أسقط الثلث الأول من البطولة هذا الموسم رؤوس 9 مدربين، لكن رياح التغيير هبت على 7 أندية فقط، آخرها اتحاد العاصمة، الذي فسخت إدارته العقد الذي ربطها بالتقني البلجيكي بول بوت، بعد 15 شهرا من العمل، و الهزيمة في بولوغين أمام السنافر أجبرت بوت على وضع نقطة النهاية لمشواره مع سوسطارة و حزم الحقائب للعودة إلى بلده، بعدما كان الموسم الفارط من بين الحالات الشاذة التي جسدت الاستقرار، ليستعيد ميلود حمدي مشعل تدريب الفريق الذي أخرجه إلى الأضواء في الساحة الوطنية و حتى القارية.
و انضم بوت إلى قائمة المدربين الذين استقالوا أو اقيلوا، و لو أن دفاع تاجنانت يبقى إلى حد الآن صاحب الرقم القياسي في حركية المدربين، على اعتبار أن مزيان إيغيل كان قد رمى المنشفة بمجرد انهاء الفريق لفترة التحضير، و خليفته فرانسوا براتشي لم يعمر في تاجنانت سوى لأسبوع واحد، قاد خلاله التشكيلة لانتزاع نقطة التعادل بالمدية في جولة التدشين، غير أن ذلك لم يشفع له بمواصلة المهام، ليأتي الدور على كمال مواسة، الذي أشرف على الفريق في 6 مباريات، و الطلاق الذي حدث بينه و بين الإدارة كان بسبب النتائج المتواضعة، مما عبد الطريق أمام عمر بلعطوي لاعتلاء العارضة الفنية، رغم أن «الدياربيتي» كان مثالا يقتدى به في سابق المواسم، على خلفية بقاء بوغرارة لمدة قاربت 4 سنوات.
تاجنانت، البليدة و القبائل بحصيلة قياسية و نغيز حالة استثنائية
و في سياق ذي صلة فقد سدد اتحاد البليدة فاتورة المشاكل التي يتخبط فيها، بتداول 3 مدربين على قيادته، و لو أن فريد زميتي رمى المنشفة عشية انطلاق الموسم، فكان سمير بوجعران الخليفة الذي حمل مشعل الاشراف على التشكيلة منذ المباراة الأولى، لكن العجز عن حصد أي نقطة في الجولات الأربع الأولى دفع ببوجعران إلى رمي المنشفة، ليكون مصطفى سبع ثالث ورقة لعبتها إدارة فريق مدينة «الورود».
إلى ذلك فقد ظلت شبيبة القبائل وفية لعادتها، بغياب الاستقرار على مستوى العارضة الفنية، لأن مصير رحموني و مساعده موسوني كان مرهونا بوضعية حناشي على رأس النادي، و انتخاب صادمي في الرئاسة أدى إلى حدوث تغيير في الطاقم الفني، بالمراهنة على ورقة العجوز الفرنسي جون إيف شاي، لكن مغامرته مع الكناري لم تدم طويلا، ليعود ابن المنطقة عزالدين آيت جودي لتدريب الشبيبة كثالث مدرب للفريق هذا الموسم.
ثامن اسم سقط هذا الموسم هو نبيل نغيز، الذي يبقى حالة استثنائية، بعد فسخ عقده مع نصر حسين داي من اجل تجربة في السعودية، مع تكليف مساعده بلال دزيري بقيادة «النهد» كمدرب، في حين كان يونس افتيسان قد انسحب من تدريب اتحاد الحراش بسبب الانطلاقة الصعبة، و كذلك حال بلعطوي الذي رحل من اتحاد بسكرة، ليعود نذير لكناوي ليخلفه.
تراجع ملحوظ في موجة التغيير و الكبار يقطفون الثمار
على النقيض من ذلك فإن هذا الموسم عرف في ثلثه الأول ميول أغلب النوادي إلى الاستقرار، على غرار شباب قسنطينة، الذي حفظت إدارته درس الموسم الماضي جيدا، و تمسكت بخدمات عمراني، ليكون التربع على عرش الصدارة عن جدارة من ثمار الاستقرار المسجل، و كذلك الشأن بالنسبة ل 8 فرق أخرى، منها وفاق سطيف، شبيبة الساورة، شباب بلوزداد، مولودية الجزائر و أولمبي المدية، و اسماء عمراني، سليماني، شريف الوزاني، ماضوي و حتى الاسباني خوزيه سفالانكا (بارادو) احتفظت بمناصبها منذ الموسم المنصرم، والأندية تحتل المراكز العشر الأولى في سبورة الترتيب.
هذه المعطيات تقطع الطريق أمام أي مجال للمقارنة مع الموسمين الفارطين، خاصة على مستوى الرابطة المحترفة الأولى، لأن الموسم قبل الماضي عرف تداول 42 تقنيا على تدريب 16 ناديا، و هو الرقم الذي تقلص إلى 35 مدربا الموسم المنصرم، و الوضعية تبقى مرهونة بمرحلة الإياب و ربط مصير المدربين بالأهداف المسطرة.
رهان على الاستقرار بجيل جديد من المدربين في الرابطة الثانية
ما قيل عن الرابطة الأولى ينطبق حرفيا على الرابطة الثانية، لأن تغيير المدربين كان على مستوى 9 أندية، بقائمة ضمت 8 أسماء، و الحركية كانت على مستوى الفرق التي تحتل المراكز الأخيرة، و كأن الدرس أصبح محفوظا، و لو أن الملفت للانتباه أن بطولة الدرجة الثانية هذا الموسم تشهد تواجد ترسانة من المدربين الشبان من الجيل الجديد، على غرار حجار، خزار، زغدود، بوغرارة، بونعاس، سالم العوفي، قادة عيسى، خريس و مجاهد، ليبقى بسكري و قداوي من أصحاب الخبرة، و ديدييه غوميز الاستثناء باعتباره الأجنبي الوحيد في هذا القسم، بعد اقالة الروماني أنجيليسكو دان من رائد القبة.
وفي سياق متصل فإن 3 أندية من القاعدة الشرقية مازالت دون مدرب رسمي، و يتعلق الأمر بكل من شباب باتنة، مولودية العلمة و شباب عين فكرون، بعد الطلاق الذي حصل مع كل من عزيز عباس، مجيد طالب و خليفته لطرش، و كذا كعروف، و قائمة الإقالات و الاستقالات ضمت أيضا بوزيدي (غيليزان)، جابري (بوسعادة) و الكردي (معسكر).
قـــراءة: صالح فرطــاس