داهمت فرقة البحث والتدخل بأمن ولاية عنابة نهاية الأسبوع، مقر الشركة الوهمية التي قامت بالنصب على عشرات الطلبة للدراسة في الخارج، إلى جانب المقرات السكنية التي يتردد عليها صاحب الشركة (ر.أ) و شقيقه واللذين ينحدران من ولاية عنابة، إلى جانب استدعاء وسماع جميع الأشخاص المقربين منهما و الذين كانت لديهم تعاملات معهما، خاصة وأن نشاطهما انطلق من عنابة، قبل الانتقال إلى الجزائر العاصمة.
واستنادا لما أكده مصدر عليم للنصر، فقد تم تفتيش مقر الشركة الوهمية التي تحمل تسمية «vyklyk.dz» و الواقع مقرها بحي الزعفرانية، مع حجز جميع المستندات وأجهزة الإعلام الآلي المستخدمة لتحرير الوثائق الموجهة للنصب والاحتيال على الطلبة، مع تشميع المقر بناء على إنابة قضائية صادرة عن قاضي التحقيق لدى محكمة الدار البيضاء بالجزائر العاصمة، والذي أمر فيها بتوسيع نطاق التحقيق والتحريات حول القضية.
و وفقا لمصادرنا فقد توصلت تحريات الضبطية القضائية، إلى أن مقر الشركة الوهمية بعنابة، كان يتكفل باستقبال أصحاب ملفات الطلبة الراغبين في الدراسة بالخارج بالولايات الشرقية، حيث كان يُسيره شقيق المتهم الرئيسي (ر.إ) البالغ من العمر 26 سنة و الذي يقوم باستلام الوثائق الشخصية، وكذا تسجيل البيانات باسم شركة « vyklyk.dz» وهي تسمية مغايرة للشركة التي يسيرها (ر.أ) بالجزائر العاصمة، كما يتم استلام الأموال نقدا على مستوى مقر عنابة، والقيام بجميع الإجراءات بشكل مستقل، و وصلت القيمة المالية التي كان يمنحها الضحايا عند التسجيل الأولي إلى 40 مليون سنتيم، على أن يستكمل مبلغ 25 مليونا قبل السفر. وقامت الشرطة بالتدقيق في التراخيص الممنوحة لمزاولة النشاط بمقر عنابة، بالتنسيق مع مصالح السجل التجاري وكذا الحسابات المالية المفتوحة على مستوى البنوك و بريد الجزائر، حيث كان الطلبة يقومون بتحويل المبالغ المتبقية من تكلفة الدراسة عن بعد، دون التنقل إلى مقر عنابة. واستجوبت مصالح الأمن، العاملين على مستوى مقر عنابة بناء على الإنابة القضائية التي أصدرها قاضي التحقيق لاستكمال التحريات والكشف عن كامل خيوط القضية، إلى جانب سماع والدة المتهمين وهي نائبة برلمانية سابقة عن ولاية عنابة، بخصوص طبيعة الأفعال التي كانا يقومان بها والأموال التي كانا يتلقياها من الضحايا و الوجهة التي كانت تأخذها. كما كشف المحققون بأن المعاملات والوثائق التي كانت تستصدر بمقر عنابة، ليست نفسها التي تتم على مستوى فروع الشركة الوهمية سواء بالجزائر العاصمة أو وهران. وفي نفس السياق صرح أب أحد الضحايا لدى سماعه من قبل مصالح الأمن، بأنه بدأ يتنقل من ولاية جيجل إلى عنابة شهر أكتوبر الماضي، بعد الاطلاع على الإعلان بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث تم تسديد 40 مليون سنتيم، و في مدة شهر تردد على مقر الشركة لست مرات من أجل الحصول على التأشيرة دون أن يتمكن من ذلك، مضيفا أنه وعند التهديد بتقديم شكوى، تم تصوير تأشيرة مزيفة وإرسالها عبر البريد الالكتروني، ثم إخبار ابنه بأنها موجودة على مستوى مقر الجزائر العاصمة، وبأنه لا يمكن استلامها حتى يتم تسديد مبلغ 25 مليون سنتيم إضافية. وتابع الأب في تصريحاته، بأنه وبعد تسديد المبلغ وعند التنقل إلى العاصمة، اكتشف بأن التأشيرة غير جاهزة، ليطالبوه برشوة قدرها 20 مليون سنتيم لتسريع إصدارها، مضيفا أنه وعند مواجهة أصحاب الشركة بأفعال النصب والاحتيال، قام شقيق المتهم الرئيسي وهو مسير مقر عنابة، بإعادة 30 مليون سنتيم، ومع المحاولات المتكررة لاسترداد باقي المبلغ، اختفى المسيرون و أصبحوا لا يردون على اتصالاتهم. وكان قاضي التحقيق لدى محكمة الدار البيضاء، قد أمر يوم الخميس الماضي بإيداع 11 متهما الحبس المؤقت و وضع 3 آخرين تحت الرقابة القضائية في قضية الاحتيال على أزيد من 75 طالبا جزائريا تعرضوا للنصب من طرف شركة وهمية. وتعود وقائع القضية استنادا لوكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء، إلى منتصف شهر ديسمبر 2021 عندما فتحت الفرقة المركزية لمكافحة الجرائم المتصلة بالجريمة المنظمة تحقيقا معمقا في القضية، ما سمحت بتفكيك هذه الشبكة المتكونة من 12 شخصا منهم 4 مؤثرون في منصات التواصل الاجتماعي قاموا ببث ومضات إشهارية وترويجية مغرية. وقد أوهمت هذه الشركة التي عملت بثلاث تسميات وهمية، ضحاياها بالتكفل بالدراسة المجانية في أوكرانيا و تركيا، مقابل تلقي أموال بالعملة الوطنية والصعبة، كما كان يتم التعامل مع مكاتب في دول أجنبية بدعوى التكفل بدفع التكاليف بعدما تقوم الشركة الوهمية بتسليم الضحايا المبالغ المالية من العملة الصعبة المدفوعة، لكن ولدى وصول الطلبة إلى تلك الدول تتقطع بهم السبل وتنفد الأموال، دون أن يجدوا أي إقامة أو من يستقبلهم.
حسين دريدح