ترى السيناريست حورية خدير، صاحبة نص المسلسل الدرامي « عندما تجرحنا الأيام»، الذي يعرض يوميا على التلفزيون الجزائري، بأن موقع يوتيوب ليس معيارا لتقييم نجاح أي عمل، لأسباب تقنية فصلت فيها أكثر في حوارها مع النصر، كما تطرقت إلى قضية الاقتباس من الدراما التركية، و تحدثت عن شخصيات مسلسلها الرمضاني و عن علاقة الدراما بعلم النفس.
حاورتها هدى طابي
ـ النصر: كيف ولدت فكرة مسلسل « عندما تجرحنا الأيام» هل هو إسقاط على تجربة شخصية أو قراءة في واقعنا المعيش ؟ و هل أنت راضية على السياق العام لتسلسل الأحداث؟
ـ حورية خدير: سيناريو المسلسل ليس مبنيا على قصة واقعية، فأنا ككاتبة أنتقل لفكرة عمل جديد كلما انتهيت من عمل آخر، لذلك فإن القصة قد تكون مسقطة في غالب الأحيان، على الواقع المعيش في البيئة الجزائرية.
بالحديث عن السياق العام للأحداث، أنا راضية عليه فعلا، لأنه يتماشى مع المسار الذي رسمته منذ البداية في السيناريو.
. أي شخصية في القصة هي الأقرب إلى قلبك؟
ـ لا أنحاز فعلا إلى أية شخصية على حساب أخرى، بالعكس ككاتبة لدي ملف لكل شخصية، بدءا بالاسم و التكوين النفسي و الخلفية الاجتماعية و الطفولة، وما إلى ذلك من التفاصيل التي تحدد طبيعة الدور و تصنع استقلاله، و تضعنا أمام شخصية، إما ضعيفة، أو هشة، أو متمردة، و غيرها من العناصر، التي تعد انعكاسا لواقعنا.
أنا مهتمة جدا بمطالعة كل ما له علاقة بعلم النفس، لأن التركيبة النفسية للأفراد و الشخصيات مهمة جدا في كتابة السيناريو، و ضبط تصور منطقي و متسلسل لسلوكيات الشخصية، بناء على تاريخها و تجاربها الحياتية، وهو تحديدا ما يتضح مع توالي الحلقات و تسلسل الأحداث و ترابطها، فالجواب عن سؤال ما، قد يطرح مع بداية عرض العمل، سيظهر حتما في مشهد محدد، خلال عرض حلقة معينة.
ـ هل تتابعين عادة منحنى مشاهدات مسلسلاتك على يوتيوب؟ و هل يمكن اعتبار عدد المشاهدات معيارا دقيقا للنجاح؟
ـ تقييم الأعمال وفق الطريقة الصحيحة، يكون بعد مرور أسبوعين من بداية عرضها، ويتم في العالم ككل، بالاعتماد على جهات متخصصة ومؤسسات كبرى تستند في استطلاعاتها إلى آليات تقنية، لقياس نسب المشاهدة على التلفزيون، وهو أمر نفتقر إليه في الجزائر.
مثلا هناك مئة مشاهد يتابعون عملا معينا على يوتيوب، مقابل ألف يتابعون عملا آخر على نفس المنصة، لكن الأرقام في الواقع على الشاشة قد تختلف، إذ يمكن أن يكون عدد متابعي المسلسل الثاني أكبر بكثير على التلفزيون، عكس يوتيوب. وعليه لا يمكن أن نأخذ عدد المشاهدات على مواقع التواصل، كمعيار لتقييم نجاح أي عمل، كونها تبقى استطلاعات نسبية أو تقريبية فقط.
ـ انتقادات كثيرة تطال الدراما الجزائرية سنويا بسبب ضعف الأعمال، ما السبب؟ هل هي مشكلة إنتاج أم نص أم تكوين؟ ولماذا لا يتجرأ الكتاب على كسر بعض الطابوهات الاجتماعية؟
ـ أقول دائما بأن الإنتاج يجب أن يزيد، لأن الكم يخلق المنافسة التي من شأنها أن تنعكس إيجابا على نوعية و مستوى الأعمال، كما أنها فرصة لظهور العديد من المواهب، من بينهم كتاب سيناريو ومخرجون و ممثلون، و الأكيد أن الجزائر لا تفتقر أبدا للمواهب.
من جانب آخر، فإن كتابة السيناريو، عملية تستوجب التدرج بذكاء لمعالجة مختلف المواضيع الاجتماعية، و أن نمرر رسائل إيجابية و بناءة، و نقترح حلولا من خلال تحقيق التطابق بين الحوار و سيميولوجيا الصورة، دون أن نصدم المشاهد، وقد سبق لي ككاتبة أن قدمت نماذج عديدة في أعمالي، على غرار مسلسل « شمس الحقيقة» الذي طرحت فيه إشكالية حساسة، كالفساد و الرشوة و الغش، بمعنى أن الكاتب يجب أن يتعلم كيف يناور بذكاء، و كيف يمرر رسائله بتشفير دقيق.
ـ ما رأيك في الاقتباس من الدراما التركية، ألا يطرح هذا التوجه الذي فرض نفسه على شاشاتنا في آخر موسمين، إشكالية عدم التوافق بين الطرح التركي و البيئة الجزائرية بعاداتها و تقاليدها؟
ـ الاقتباس هو مصدر من مصادر القصة، و يمكن للكاتب أن يقتبس عملا ما و لكن شريطة أن يقوم بمعالجة الموضوع بشكل جديد، يعطي إضافة للعمل الأصلي، مع إسقاط الحوار على البيئة الجزائرية، حتى يصل للمشاهد، مع أهمية التنويه بكون العمل مقتبسا، و ذكر المصدر أو عنوان العمل الأصلي.