عام حبســــا للمدير الولائي السابـــق للبريد و المواصلات
سلّطت عشية أمس محكمة الجنايات بمجلس قضاء أم البواقي عقوبة عام حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة مالية قدرها 20 ألف دينار في حق المدير الولائي السابق للبريد بخنشلة (ب.ك) من مواليد سنة 1943 بقسنطينة، مع إعفائه من الإكراه البدني، وهو الذي توبع بجناية تبديد أموال عمومية وجنحة إبرام صفقات مخالفة للتشريع، والتمس ممثل النيابة العامة توقيع عقوبة 4 سنوات سجنا ومليون
دينار غرامة مالية.
القضية بحسب ملفها ترجع إلى شكوى مجهولة وصلت وكيل الجمهورية بمحكمة خنشلة الابتدائية، تكشف عن حصول تجاوزات وسوء تسيير بمديرية البريد بخنشلة، وتتعلق التجاوزات بتبديد أموال عمومية وإبرام صفقات مخالفة للتشريع سواء تعلق الأمر باقتناء مستلزمات لمكاتب البريد أو تجسيد مشاريع لإنجاز مكاتب بريد وتهيئة مكاتب أخرى، وكشفت الرسالة المجهولة بأن المدير الولائي تورط في منح مشاريع بعد تلقيه رشاو من مقاولين ومكاتب دراسات بخنشلة.
التحقيقات الأمنية والقضائية انطلقت في القضية أين تم الاستماع لمقاولين ومكاتب دراسات وموظفين بالمديرية الولائية للبريد يتقدمهم موظفو مكتب الصفقات ومصلحتي تقييم وفتح العروض، وتوصل المحققون إلى ثبوت تبديد قرابة 800 مليون سنتيم من الأموال العمومية خلال فترة تسيير المعني من سنة 2000 مرورا بسنة 2001 وصولا لسنة 2002، وتمثل التبديد في منح مشاريع بطرق ملتوية فأغلبها رسا على مقاولات معينة دون أخرى، إضافة إلى أن المدير الولائي المتهم تلقى رشوة تمثلت في سيارة من نوع "بيجو 205" مقابل منحه مشروع إنجاز وكالة بريد متوسة للمقاول (ط.ب)، غير أن لجنة الصفقات العمومية وبعد منح المديرية الولائية المشروع للمقاول المعني، قررت سحبه منه ومنحه لمقاولة أخرى بعد ورود معلومات لمصالحها تفيد بمنح المقاول رشوة نظير استفادته من المشروع.
وكيل الجمهورية بمحكمة خنشلة أمر قبيل غلق ملف التحقيقات بتعيين خبير قضائي محاسباتي للتدقيق في الحسابات المالية للمدير الولائي، ليتم تعيين الخبير القضائي بوساحة شعبان من قالمة والذي توصل في خبرته إلى مطابقة مشاريع للإجراءات القانونية وثبوت التلاعب والخرق لقانون الصفقات في مشاريع أخرى.
وبينت الخبرة القضائية ثبوت التجاوزات في صفقة إنجاز حجابة بأحد مكاتب البريد وصفقة أخرى لتسييج مكتب بريدي آخر إضافة تجاوزات صاحبت إنجاز مكتب بريد الحرية، وكذا خروقات صاحبت إنجاز مكتب بريد مصطفى بن بولعيد وسط خنشلة، وأثبت الخبير ارتكاب المتهم لتجاوزات في صفقة لإتمام أشغال مكتب بريد الحامة، وصفقة أخرى لإعادة تهيئة مكتب بريد قايس، وثبتت التجاوزات في صفقة تتعلق باقتناء 120مكيف هوائي، إلى جانب تجاوزات بالجملة بصفقات موجهة لإنجاز وكالة بريدية بششار وأخرى لتهيئة مكتب بريد ششار وصولا لخروقات في صفقة وضع القنوات الهاتفية بطريق العيزار.
فمشروع صفقة طريق العيزار لم تعلن فيها الإدارة لا على استشارة ولا على صفقة والمشروع منح بالتراضي البسيط، أما الأسعار فكانت بحسب الخبير مرتفعة جدا في معظم الفقرات. كما قام صاحب المشروع (مديرية البريد) بتقسيم الأشغال على 3 مقاولات ويتعلق الأمر بمقاولات (ز.ر) و(ز.ج) و(ب.ع) وهو ما يخالف قانون الصفقات، فمراقبة الكشوفات الكمية والكيفية بينت بأن مدير البريد تعامل بسندات الطلب وقسم الأشغال بالرغم من أن المشروع صفقة لا تجزأ و سعرها في تلك الفترة تعدى 400 مليون سنتيم.
وبين الخبير عدم الإعلان عن مناقصة أو استشارة لاستقدام المكيفات الهوائية التي وجد فيها اختلاف بين سند الطلب والفاتورة المضخمة، أما إنجاز بريد متوسة فاستلم فيه المدير سيارة من المقاول، الذي رسا عليه المشروع ثم سحب منه، ليمنح من طرف لجنة الصفقات لمقاول آخر وهي السيارة التي كتب وثائقها باسم زوجته.
المدير الولائي السابق المتهم في القضية والذي استفاد من البراءة سابقا تم تبليغه بالخبرة القضائية التي كانت ضده ولم يستأنف فيها، أنكر كل ما نسب له من تهم مؤكدا بأنه يطبق فقط برامج تسطرها المديرية العامة وتسدد مستحقاتها المديرية الجهوية، وقال أن المبالغ المسددة تخضع لسلطة المراقب المالي بخنشلة، مشيرا بأن منح المشاريع للمقاولات لم يكن من طرفه، وإنما بأمر من والي خنشلة في تلك الفترة. ليرد عليه قاضي الجلسة بأنه في حال أعطاه الوالي التعليمات فهي شفاهية، و كان عليه أن يحتاط إضافة إلى أنه لو استقال من منصبه لكان خيرا له من التورط في قضايا فساد.
وأكد القاضي للمتهم بأنه لو كشف خلال انطلاق التحقيقات بأن الوالي هو الذي أمره بمنح المشاريع بطرق ملتوية على حسب ما يدعي، لكانت التحقيقات قد أخذت مجرى آخر.
أحمد ذيب