دعا أمس، قانونيون وممثلون عن المستثمرين إلى مراجعة الفراغات التي ينطوي عليها قانون الشراكة الفلاحية، حيث اعتبروا أنه لا يشجع المستثمرين ولا يمنحهم الضمانات الكافية، في حين تحدثوا عن ضرورة ضبط المصطلحات فيه وتحديد طبيعة العقود بما يجعله منسجما مع مبدأ تشجيع الاستثمار.
واحتضنت قاعة المحاضرات محمد الصديق بن يحيى اليوم الدراسي الموسم بـ»الشراكة مع المستثمرات الفلاحية وأثرها على مردودية القطاع الفلاحي العام» حيث أوضحت رئيسة اليوم الدراسي، الدكتورة سوسن بوصبيعات، أن التظاهرة تستهدف إيجاد حلول جذرية للمشاكل المطروحة في الشراكة الفلاحية، كما تسعى إلى رفع توصيات من أجل المساهمة في العمل على تعديل القوانين بما ينسجم مع مبدأ تشجيع الاستثمار.
واعتبرت الدكتورة بوصبيعات أن الشراكة مع المستثمرات الفلاحية تنطوي على كثير من الغموض والفراغات القانونية، مشيرة إلى وجود نصوص متناقضة، حيث ضخ مستثمرون أموالا كبيرة في هذه الصيغة، لكنهم وجدوا أنفسهم في مواجهة غياب ضمانات قانونية تحمي حقوقهم بعد تطوير المستثمرات وعصرنتها وتحقيق الغاية التي كان ينشدها المُشرّع، كما قالت إن المشكلة الأكبر التي يعاني منها المعنيون تكمن في بروز النزعة الفردية لدى صاحب الامتياز، ما يدفعه إلى محاولة التراجع عن الشراكة، في مقابل غياب نصوص قانونية تحمي حقوق المستثمر الشريك بما يسمح له باسترجاع أمواله.
وأضافت نفس المصدر أن الطبيعة القانونية للشراكة الفلاحية غير واضحة، حيث لا يوجد نص قانوني يحدد معالمها، مؤكدة أن المستثمرين لا يتمتعون بضمانات مثل صاحب الامتياز، فيما ضربت المثال بتشغيلهم لليد العاملة في غياب وسيلة لتأمينها، كما اعتبرت أن المتعامل يتقدم للاستثمار على أساس أنه صاحب رأس مال، إلا أنه يجد نفسه مطالبا بالرجوع إلى صاحب الامتياز من أجل اتخاذ أي إجراء على مستوى المستثمرة، على غرار اقتناء العتاد. وقد وصفت المتحدثة الأمر بكون القانون بشكله الحالي يحمي صاحب الامتياز أكثر من المستثمر الشريك، وأكدت أنه ينبغي تكريس المبدأ الذي يشجع الاستثمار، في حين تنفّر المشاكل المذكورة في النص الحالي المستثمرين.
وذكر المستثمر فوزي صحراوي، في تصريح للنصر، أن كثيرا من المستثمرين يعانون من المشاكل المطروحة من طرف القانونيين، حيث تحدث عن متعاملين يدخلون في شراكة مع أصحاب الامتياز بنسبة 66 بالمئة للمستثمر و34 بالمئة لصاحب الامتياز، في حين أن بطاقة الفلاح باسم صاحب الامتياز، لذلك ينبغي عليه العودة إليه في جميع الإجراءات التي ينبغي أن يتخذها في إطار الاستثمار مثل حفر بئر أو الأعمال التي تتطلب رخصة، كما أضاف أن بعض الحالات المعقدة التي وجد المستثمرون أنفسهم عالقين فيها تكون نتيجة وفاة صاحب الامتياز، ما يجعله في مواجهة قرار الورثة، رغم أن الامتياز يقوم على أن الأرض مؤجرة للفلاح بمبالغ رمزية.
واعتبر المتحدث أن المستثمر يجد نفسه في الحالة المذكورة قد ضخ أمواله في استثمار عالي المخاطر في غياب ضمانات، بينما قال عميد كلية الحقوق بجامعة الإخوة منتوري، الدكتور مولود قموح، أن الموضوع المطروح يلتقي مع عدة مجالات في تقاطعات كبرى، سواء في المجال الاقتصادي أو القانوني، بالإضافة إلى الوزارات المعنية به، في حين قدم الموثق الأستاذ مومن عبد الوهاب مداخلة حول «التكييف القانوني لطبيعة عقد الشراكة الفلاحية»، حيث تحدث فيها عن النقاط الإشكالية والمتناقضة الموجودة في القانون المنظم للشراكة الفلاحية، معتبرا أن الشراكة الفلاحية في شكلها الحالي «كيان قانوني مجهول»، كما أوضح أن «المشرع لا يعرّف الشراكة الفلاحية بشكل دقيق وصحيح». وذكر رئيس الغرفة الوطنية للموثقين، رمضان بوقفة، أن الدولة قد اعتنت بقطاع الفلاحة بما وصفه بـ»ثورة في التّشريع ونص القوانين»، حيث ذكر أن فكرة التسيير الذاتي قد ظهرت بعد الاستقلال بحكم الواقع، لكون الأراضي كانت مملوكة لبعض الأفراد، لتظهر بعد ذلك الثورة الزراعية التي تقوم على استغلال الأراضي بشكل جماعي، في حين اعتبر أن التحولات الاقتصادية على المستويين الوطني والدولي قادت إلى سن قانون 2010 الذي جاء بفكرة المستثمرات الفلاحية، بالإضافة إلى الامتياز الذي يرتكز على منح المستفيدين فرصة الحصول على قروض مالية للنهوض بالأرض، وإتاحة إمكانية جلب أصحاب الأموال من أجل المساهمة في الأراضي الفلاحية والاستثمار فيها وإدخال التكنولوجيا.
واعتبر نفس المصدر أن نتائج هذه الشراكات بدأت تظهر في مستثمرات منتجة بمختلف أنواعها، لكنه أكد أنها تنطوي على مجموعة من الإشكالات القانونية على غرار المادة 21 من القانون المذكور التي تنص على أن المستثمرات الفلاحية يمكنها أن تعقد شراكة بين أشخاص طبيعيين أو بين أشخاص طبيعيين ومعنويين، تحت طائلة البطلان بموجب عقد رسمي مشهر، إلا أنه أوضح أن المحافظ العقاري يقابل الموثق بتعليمة من المديرية العامة للأملاك الوطنية تمنع شهر عقود الشراكة في المستثمرة الفلاحية عندما يتقدم الموثق إلى المحافظة العقارية من أجل شهرها، في وقت يقبل فيه ديوان الفلاحة العقود الرسمية غير المشهّرة، معتبرا أن هذا الأمر ليس حلا، وينبغي إيجاد حل جذري لهذه المشكلة.
ويُذكر أن اليوم الدراسي قد عرف مشاركة عدد كبير من القانونيين والمستثمرين وممثلي القطاعات المعنية، حيث ألقت رئيسة الغرفة الجهوية للموثقين لناحية الشرق، الأستاذة سكينة بلعطّار، كلمة افتتاحية، بالإضافة إلى رئيس الاتحاد الوطني للصناعيين والمنتجين والمحولين.
سامي.ح