شرعت بداية من صباح أمس، المزرعة النموذجية في البعراوية بقسنطينة في تسويق أضاحي العيد، حيث تبدأ أسعارها من 54 إلى 83 ألف دينار وسجلت إقبالا واسعا من مئات المواطنين، في وقت تعتزم فيه مديرية المصالح الفلاحية مصادرة النعاج التي تعرض في النقاط القانونية للبيع، حفاظا على ثروة المواشي.
وقصدنا المزرعة النّموذجية «البعراوية» التابعة لمجمع «جيبلي»، حيث لاحظنا صفوفا طويلة من المركبات المركونة على جانبي الطريق وعند المدخل المؤدي إلى المرفق، في حين وقف عناصر الدرك الوطني لتنظيم حركة السير وعملية الركن. وقد اعتمدت إدارة المزرعة على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من أجل الترويج لانطلاق البيع منذ بضعة أيام. وأكد لنا مواطنون أنهم يقصدون المزرعة لثقتهم في أن الأسعار المحددة فيها تعتبر مرجعية مقارنة بما يتداول في المزارع الخاصة، وخاصة في النقاط العشوائية، التي يسيطر عليها البائعون الموسميون، مثلما قال أحد المواطنين، كما أكد لنا آخرون أنهم اعتادوا اقتناء كبش العيد من البعراوية في كل سنة.
واختار القائمون على المرفق عرض الأضاحي بحسب السعر، حيث تبدأ من 54 ألف دينار للخرفان الأصغر حجما، أين لاحظنا عددا معتبرا من المواطنين الذين يقومون بمعاينتها، في حين بدت الخرفان المعروضة بسعر 60 ألف دينار أكبر منها قليلا، كما شهدت الأضاحي المعروضة بسعر 79 ألف دينار تهافتا كبيرا، حيث شرح لنا عامل في المرفق أن جزءا منها من «أولاد جلال»، بينما جلبت الأخرى من الأغواط. أما الأضاحي الأكبر حجما فقد عرضت بسعر 83 ألف دينار، حيث قام العمال في الصنفين الأخيرين بفصل الكباش ذات القرون عن غيرها حتى لا تتناطح، بينما لاحظنا أن صوف البعض منها تميل للاصفرار نتيجة البيئة الرملية التي استقدمت منها، مثلما شرح لنا عامل في المكان، فيما يظهر على أخرى أثر التراب.
وتشكل عند مدخل إدارة المزرعة طابور طويل يضم العشرات من المواطنين الراغبين في اقتناء الأضحية، حيث أخبرنا بعض منهم أن الشركات والهيئات التي يعملون بها قد عقدت اتفاقيات مع إدارة المزرعة، بما يتيح لهم اقتناء الأضحية مع دفع تسبيق فقط في الوقت الحالي، فيما فضل مواطنون آخرون دفع المبلغ كاملا مع الإبقاء على الأضحية في المزرعة.
ولاحظنا أن عمال المزرعة يؤكدون للمواطنين أنهم يستطيعون أخذ أضحيتهم إلى غاية ما قبل العيد بيومين، كما كان الزبائن يقومون بتعيين الكبش الذي يرغبون باقتنائه، ليمنحهم العامل وصلا يحمل السعر وترقيم الكبش، فيتجه المعنيون إلى الإدارة من أجل الدفع، في حين يعود بعض الزبائن إلى العمال لإرجاع الوصل بعد أن يغيروا رأيهم، كما وجد آخرون أن الأسعار مرتفعة وتفوق قدراتهم المالية، مثلما أكدوا لنا.
وأوضح لنا العمال أن أعدادا أخرى من الرؤوس ستجلب بداية من اليوم إلى المزرعة، حيث سبق لمديرها أن أكد للنصر أنه من المرتقب عرض حوالي 1300 أضحية في موسم العيد، مشيرا إلى أن ما يقارب 800 خاصة بالمزرعة. وقد توافدت حتى بعض النساء من أجل اقتناء أضحية العيد، لكن عددهن بدا قليلا جدا مقارنة بأرباب الأسر الذين اصطحبوا معهم عددا معتبرا من الأطفال أيضا.
من جهة أخرى، أبرز مدير المصالح الفلاحية لولاية قسنطينة، إبراهيم لطرش، في تصريح للنصر، أن نقاط البيع الرسمية لأضاحي العيد قد حددت بعد أن اقترحتها البلديات، حيث تم إرسالها إلى مصالح الولاية من أجل الحصول على موافقة الوالي عليها، في حين أوضح أنها تتضمن مادة جديدة، أضيفت بعد استشارة الوالي، وتنص على منع عرض النعاج للبيع في نقاط الأضاحي الموجهة للذبح، في حين شرح أن الأمر لا ينطبق على السوق الأسبوعي لأنه خاص بالمربين بالدرجة الأولى.
وأضاف المسؤول أن النعاج التي تضبط على مستوى نقاط بيع الأضاحي ستتعرض للمصادرة من طرف المصالح المختصة، رغم إشارته إلى أن أنثى الخرفان يمكن ذبحها وفقا لشروط محددة، مثل حالات النعاج الصغيرة التي تكون عاجزة عن الولادة، كما يمكن أن تباع الأنثى الولود عندما تبلغ سنا معينة فقط، كما نبه أن منع ذبح النعاج معمول به من قبل، باستثناء الحالات المسموح بها المذكورة، لكن منع عرضها في نقاط البيع المعتمدة يتخذ لأول مرة.
ويذكر أن أسعار الأضاحي تعرف خلال الموسم الجاري ارتفاعا مقارنة بموسم العيد من السنة الماضية، حيث تتراوح خارج المزرعة النموذجية ما بين 6 إلى 12 مليون سنتيم، وهو ما يعزوه المربون إلى تضاؤل العرض نتيجة قلة تساقط الأمطار، التي انعكست سلبا على المردود الفلاحي، كما ذكر لنا فلاحون أن كثيرا من حقول الحبوب التي مستها تبعات الجفاف خلال الموسم الجاري لم تعد صالحة للرعي، خصوصا بعد التساقط الكبير للأمطار الرعدية الأخيرة، التي جعلت من أعوادها متقصفة، بالإضافة إلى إصابتها بالمرض النباتي المعروف باسم «الكحايلة»، وهي حالة تعفن للسنابل، في وقت أكد لنا فيه أرباب أسر أنهم مضطرون لاقتناء النعاج بفضل انخفاض سعرها مقارنة بغيرها، رغم توضحيهم أن أسعارها تبقى مرتفعة مقارنة بالسنوات الماضية.
سامي.ح