يعرف وسط مدينة قسنطينة عودة لنشاط حراسة المركبات عشوائيا في العديد من المحاور التي تشهد إقبالا كبيرا من السائقين على الركن، في ظل الحركية الكبيرة التي يشهدها، في مقابل قلة المساحات، خصوصا في أزقة المدينة القديمة.
ولاحظنا خلال جولة بوسط مدينة قسنطينة عودة الركن العشوائي إلى عدة نقاط، فساحة "سي الحواس" المحاذية لقصر أحمد باي قد تحولت مجددا إلى فضاء للركن، تقوم على تنظيمه مجموعة من الشبان رغم وجود قرار بإزالتها لكونها موقعا سياحيا وتاريخيا يستقطب الزوار من داخل الوطن وخارجه، حيث يشترطون على أصحاب المركبات ترك مفاتيح السيارات، حتى يتمكنوا من تغيير موقعها لإتاحة المجال للسيارات الأخرى بسبب ضيق المكان، وفي حال رفضهم يطلبون منهم ترك رقم الهاتف للاتصال بهم إذا وجدوا حاجة لتغيير مكان، كما لاحظنا أنهم يسألون السائقين عن الزمن الذي سيستغرقه بقاء مركباتهم في الحظيرة.
وأصبح الركن بساحة "سي الحواس" يقتصر على جزء منها فقط، بعدما وضعت مصالح البلدية أصص شجيرات للزينة على الجهة المحاذية مباشرة لقصر أحمد باي لمنع المركبات من دخولها، فيما اشتكى لنا سائقون من وضعية الركن في الساحة التي يقصدها عدد كبير منهم، في ظل ضيق الفضاءات الأخرى وغياب أماكن الركن، كما ذكر لنا سكان أن المركبات صارت تزدحم فيها طيلة ساعات النهار ولا تترك إلا مساحة صغيرة للمارة. وذكر لنا سائق أنه وجد نفسه في مشادة كلامية مع حارس الحظيرة بسبب رفضه ترك مفتاح مركبته، ليطلب منه الحارس بعد ذلك الركن بعيدا "لعدم إعاقة دخول ومغادرة المركبات".
وينشط حراس الحظائر الفوضوية في محاور أخرى من وسط المدينة أيضا، على غرار ما يسجل في الجزء السفلي من شارع العربي بن مهيدي، حيث لاحظنا شبابا يستغلون الرصيف من أجل تحصيل أموال من أصحاب المركبات الذين يتوقفون في المكان، خصوصا أن الشارع يعرف حركية كبيرة خلال ساعات النهار، فضلا عن أن غلق نهج طاطاش بلقاسم بسبب الأشغال جعل الساحة السفلى المفضية إلى جسر باب القنطرة تتحول إلى مكان للركن، يستغله أشخاص لتلقي إتاوة من السائقين أيضا. وذكر لنا سكان من الحي أنهم سبق أن اشتكوا لمختلف الجهات المعنية بخصوص حراس الحظائر غير الشرعيين الذين ينشطون في الشارع، متسببين في إزعاج أصحاب المركبات والمتسوقين الذين يقصدون المحلات الموجودة في الشارع، حتى أن بعضهم صار ينفر من المكان.
أما في المدخل العلوي من شارع العربي بن مهيدي، فقد أصبح الباعة الفوضويون ينتشرون في الفراغات بين المركبات المركونة، حتى أن بعضهم يحول سيارات المواطنين إلى طاولات لعرض سلعه ما يتسبب في ملاسنات وشجارات، مثلما أكده لنا أصحاب محلات اشتكوا من وضعية الشارع، واعتبروا أنها أصبحت "فوضوية" في الآونة الأخيرة، مؤكدين أن ذلك يعود إلى الفترة التي عرفت غلق "طريق جديدة" من أجل أشغال إعادة الاعتبار للطريق وشبكة التطهير، فضلا عن تحول عدد من الباعة الذين كانوا ينشطون في سوق "تحت القنطرة" في وقت سابق إلى مدخل الشارع، بعد غلق السوق مطلع شهر فيفري من العام الجاري.
ووجه والي قسنطينة، عبد الخالق صيودة، شهر ديسمبر من العام الماضي تعليمات بـ "القضاء على موقف السيارات غير الشرعي في ساحة سي الحواس"، خلال زيارة أجراها لوسط المدينة حينها، في حين يمارس شبان نشاط حراسة المركبات عبر شارع الكدية أيضا، الذي يعتبر من الوجهات الرئيسية للسائقين بحثا عن مكان للركن رغم أن العثور على مكان شاغر يتطلب منهم الالتفاف حول الشارع عدة مرات في انتظار مغادرة أحد السائقين.
وذكر لنا أصحاب سيارات أن التنقل إلى وسط المدينة تحول إلى كابوس بالنسبة لهم بسبب عدم إيجاد مكان لركن المركبة، ما أصبح يدفع بالكثيرين منهم إلى اللجوء للحظيرة ذات الطوابق الواقعة عند مدخل جسر سيدي راشد، فيما يقصد آخرون المساحة المحاذية لملحقة تابعة لمؤسسة "سياكو" في باردو أسفل جامع الشنتلي تجنبا لهذه المشكلة، رغم أن حارسا يشرف على الفضاء الأخير أيضا.
ونبّه السائقون أن حراس الحظائر المذكورة لا يقدمون لهم أي تذاكر أو ما يثبت أنهم يستغلونها بشكل شرعي، فضلا عن أن بعضهم يحاول دفعهم إلى الركن في أماكن ممنوعة، بينما يستمر السائقون في التوقف على مستوى الفضاء المسمى "ليزاس" أسفل الكدية، حيث يعتبر أيضا من أكثر الأماكن التي يقصدها أصحاب المركبات بوسط المدينة. وأوضح لنا مصدر مسؤول من بلدية قسنطينة أن أغلب الفضاءات المستغلة كحظائر بوسط المدينة فوضوية، باستثناء المحاذية لفندق "نوفوتيل" والحظيرة التي أجرتها البلدية على مستوى حي قدّور بومدّوس بالقرب من موقف الترامواي، فضلا عن مصادقة المجلس البلدي في دورة منعقدة مؤخرا على تأجير حظيرة بحي لوناما. سامي.ح