قضت، ليلة أمس الأول، محكمة الجنايات بمجلس قضاء أم البواقي، بإدانة قاض سابق بمجلس قضاء قالمة يمارس المحاماة حاليا، إلى جانب موثق بولاية خنشلة المتهمين في جناية التزوير في محررات رسمية ، بعقوبة 3 سنوات حبسا موقوفة التنفيذ وغرامة مالية، وإدانة متهم ثالث بعام حبسا موقوف التنفيذ، والتمس ممثل الحق العام تسليط عقوبة 20 سنة سجنا لجميع المتهمين.
القضية من خلال ملفها الذي طرح للمناقشة في جلسة المحاكمة، ترجع إلى نهاية سنة 2009 عندما تقدمت الضحية المسماة (ق. ع ) بشكوى أمام النائب العام بمجلس قضاء أم البواقي وكذا أمام وزير العدل، تتهم فيها شقيقها القاضي بمجلس قضاء قالمة في تلك الفترة بتزوير عقد هبة قام بموجبه بالتصرف في قطعة أرضية ترجع لها والتي استفادت منها سنة 1983، كونها من ابنة شهيد، والتي تبلغ مساحتها 150 مترا مربعا، واتضح فيما بعد بأن المعنية تقدمت بعدة قضايا أمام المحاكم في شقيها العقاري والجزائي غير أنها حُفظت.
التحقيقات التي باشرتها الجهات القضائية تشير بأن شقيق الضحية المتهم الرئيسي في القضية، توجه بتاريخ 24 أفريل من سنة 1995 لمكتب الموثق المتهم الثاني في القضية المسمى (.ز.ع.ر) وسط مدينة خنشلة، وقام بتحرير عقد هبة، يجعله يتصرف في العقار المملوك لشقيقته بمساحة 150 مترا مربعا وآخر مملوك لوالدته بمساحة 300 متر مربع، واتضح فيما بعد بأن شقيقته لم تعلم بإبرام العقد أصلا، وتفاجأت لقيام المكنى «الصيفي» بمباشرة أشغال بناء قطعتها الأرضية المتواجدة بمسقط رأسها بالزوي بأولاد رشاش، وهو الذي أخطرها بأن شقيقها هو من باعه القطعة الأرضية التي شيد فوقها اليوم سكن من طابقين، وبينت الضحية بأن شقيقها تقدم منها في وقت سابق وطلب منها منحه رخصة البناء ليسحب مواد إسمنت مدعمة، غير أنها تفاجأت لاستعماله الرخصة البناء وشهادة ميلادها التي استخرجها دون علمها لتحرير عقد هبة وإشهاره على مستوى الجهات المختصة.
قاضي الجلسة من جهته أشار بأن القضية استوفت جميع الإجراءات الجزائية من استئناف لغرفة الاتهام وطعن بالنقض للمحكمة العليا، مشيرا بأن وثائقها خضعت لـ3 خبرات علمية ووقائعها خضعت لـ4 تحقيقات تكميلية، مشيرا بأن العقد محل التزوير أخضع لعدة خبرات بخصوص توقيع الضحية، والمخبر الجهوي بقسنطينة خلص للتأكيد بأنه ليس توقيعها ، كما أن الأختام التي تحمل اسم المحافظة العقارية بخنشلة ومصلحة الضرائب مستنسخين، وبين القاضي بأن الموثق ادعى تعرض مكتبه لعملية سرقة، غير أن الغرفة الجهوية للموثقين عند مباشرتها إجراءات تصفية ملفات الموثق لم تعثر على أي أثر للعقد الذي حرره، ليجرد من ختمه بقرار من وزير العدل، مؤكدا بأن عقد الهبة الذي حرر في 6 صفحات كله يحوي أختاما وتوقيعات مزورة.
القاضي الذي يعمل اليوم محام معتمد لدى مجلس قضاء خنشلة، أنكر جميع التهم المنسوبة ، مبينا بأنها سببت له 3 أمراض نتيجة الحالة النفسية التي أضحى عليها، وبين المتحدث بأن زوج شقيقته المعلم بالطور الابتدائي هو من حرك القضية التي لا ضلع له فيها كونه يحوز عقدا سليما مشهرا بالمحافظة العقارية، مشيرا بأنه في حال حصول التزوير فيكون قد حصل بالعقد الذي يتواجد عند الموثق، وأكد المتهم بأن شقيقته اتهمته بفعل تصفية خلافات عائلية معه، نتيجة القضية التي راحت ضحيتها ابنتها والمتعلقة بمولود «غير شرعي» ، موضحا بأن شقيقته اتهمت ابنه وزوجته و اللذان استفادا من البراءة، لتظن بأنه –كما قال- استغل صفته كقاض لتبرئتهما، لتعود وتحرك دعوى جزائية ضده، وأكد المتحدث بأنه لن يغامر بسمعته بين مدينته وعرشه من أجل قطعة أرض بمساحة 150 مترا مربعا في منطقة جبلية.
من جهته الموثق المتهم في القضية والذي أوقف عن عمله بتاريخ 31 سبتمبر 2010، فنّد تزوير عقد الهبة مشيرا بأنه حرره بطريقة قانونية، وعند مواجهة القاضي له بعدم إدراج رقم بطاقة تعريف صاحبة العقد الشاكية، كونها لم تمنحها لشقيقها الذي تصرف وفقا لمعلومات شهادة الميلاد، اعترف الموثق بأنه أخطأ وأن عشرات عقود الهبة حررها بالطريقة نفسها دون أن يستند لبطاقة تعريف أصحابها الواهبين، مبينا بأنه اعتمد على شاهد معرّفين، وبين المتهم الثالث الذي يعتبر شاهدا في العقد المزور، بأنه على معرفة بالموثق الذي طلب شهادته، كونه تعامل معه في عقد سابق، مشيرا بأن صاحبة العقد الضحية ووالدتها كانتا حاضرتين أمام الموثق، غير أن الضحية ردت على المتهم الذي أكد حضورها أمام الموثق بأنها لم تحضر أصلا للموثق ولم تطلب تحرير العقد ولا تعرف حتى عنوان مكتب الموثق ومكان تواجده، مبينة بأنها تتمسك بمتابعة شقيقها المحامي حاليا، الذي أوهمها باستخراج مواد بناء مدعمة ليوجه الوثائق لتزوير عقد باع بموجبه قطعتها الأرضية.
أحمد ذيب