يواجه العالم تحديات متزايدة بفعل تغيرات مناخية كثيرة تهدد النظم البيئية، وتؤثر بشكل كبير على التنوع البيولوجي، وفي الجزائر ترصد عديد الظواهر البيئية التي تعكس اضطرابا في التوازن، فهناك كائنات حيوانية ونباتية يتهددها الانقراض، بالمقابل ظهرت أخرى جديدة أو كان يرجح انقراضها، وكلها تغيرات تترجم حسب متابعين للشأن البيئي، تبعات الاحتباس وتغيرات المناخ، وتوجب تحركات سريعة وعملية محليا وعلى المستوى الدولي من أجل تخفيف تأثيرات هذه العوامل وانقاذ الكائنات الحية.
أعدت الملف: إيمان زياري
يشكل تغير المناخ محركا رئيسيا لظهور كائنات جديدة وفقدان أنواع محلية وزيادة الأمراض، كما يتسبب بشكل مباشر في موت نباتات وأشجار كانت تعيش في بيئتها بشكل طبيعي، وهي اضطرابات يرجعها الخبراء لمشكل تغير المناخ خاصة فيما يتعلق بارتفاع درجات الحرارة ونقص الموارد المائية وتغير أنماط هطول الأمطار، إضافة إلى تكرار الظواهر القاسية كحرائق الغابات والعواصف الشديدة التي شهدتها العديد من دول العام خلال السنوات الأخيرة وأحدثت تغيرا في البيئة العامة لهذه الدول.
كما يلعب تغير المناخ دورا رئيسيا في تدهور التنوع البيولوجي، بحيث أدى إلى تغير النظم الإيكولوجية البحرية والبرية وأثر بشكل مباشر على مصادر المياه العذبة في جميع أنحاء العالم، فضلا عن كونه سببا في فقدان أنواع محلية وزيادة الأمراض، والموت الجماعي للنباتات والحيوانات، مما أدى إلى تسجيل حالات انقراض سببها المناخ.
وقد أجبرت درجات الحرارة المرتفعة حيوانات ونباتات على الانتقال من ارتفاعات أعلى أو خطوط عرض أعلى، بحسب تقارير أممية تؤكد أن هناك كائنات انتقلت نحو قطبي الأرض، ما يؤثر سلبا على النظم البيئية على المدى البعيد ويزيد من خطر انقراض الأنواع مع كل درجة من الاحترار.
تزايد معدل الجفاف عبر 75 بالمئة من اليابسة تهديد عام
يشكل الجفاف والارتفاع المتزايد في درجات الحرارة عاملا رئيسيا في التغيرات التي تشهدها البيئة الطبيعية، بما ينعكس على المواطن المعتادة للحيوانات و يؤدي لانقراضها أو هجرتها، أو إيجاد طرق أخرى للتكيف مع هذه الظروف الجديدة، وتتسبب ذات العوامل في تدمير كلي للغابات المطيرة وتحويلها إلى جزر صغيرة مع فقدان للتنوع البيولوجي، ما يضع العالم أمام حتمية التدخل العاجل لحماية الحياة البرية بشكل خاص.ويشير تقرير للأمم المتحدة، إلى أن ما يصل إلى مليون نوع من الحيوانات مهدد بالانقراض عبر العالم والعديد منها سيختفي خلال عقود، وذلك في ظل تحول نظم بيئية لا يمكن الاستغناء عنها، من مصارف للكربون إلى مصادر لها، مثل ما يحدث في أجزاء من غابات الأمازون المطيرة بسب إزالة الأشجار، كما اختفت 85 بالمائة من الأراضي الرطبة كالمستنقعات المالحة ومستنقعات المنغروف التي تمتص كميات كبيرة من الكربون.
وتكشف آخر الدراسات الدولية، أن أكثر من 75 بالمائة من اليابسة تشهد جفافا متزايدا مع زيادة الحرائق وتدهور الغابات، مما يجعل النباتات والحياة البرية التي تعتمد على مناخات محددة تعاني بسبب ندرة المياه، فيؤدي ذلك إلى فقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظم البيئية، ويتسبب في تقلص التربة، بما يؤثر سلبا على المحاصيل ويزيد من انعدام الأمن الغذائي عالميا، علما أن زيادة الحرارة بواقع 1.5 درجة مئوية تؤدي إلى فقدان 4 بالمائة من الثدييات.
* الخبيرة في شؤون المناخ الأستاذة زينب مشياش
مؤشرات خطر ترصدها النباتات و الطيور والحشرات
تعرف أخصائية الشؤون المناخية الأستاذة زينب مشياش، التغيرات المناخية على أنها تلك التغيرات طويلة الأجل في أنماط الطقس ودرجات الحرارة على الأرض، مرجعة سبب حدوثها إلى عوامل طبيعية مثل الانفجارات البركانية وتغيرات مدار الأرض.
وتعرف هذه التغيرات تسارعا كبيرا بفعل النشاط البشري مثل انبعاثات الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري وقطع الأشجار، والزراعة الصناعية، ما يخلف آثارا خطيرة كارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة موجات الحرارة، وتغير أنماط الهطول، فيهدد ذلك النظم البيئية وحياة البشر على حد سواء.
وعن التأثيرات على الغطاء النباتي والحياة البرية، توضح الخبيرة أن تغير أنماط الهطول يؤدي إلى جفاف الأراضي، وأيضا حدوث الفيضانات التي تؤثر بدورها على نمو النباتات، بينما يعمل الارتفاع في درجات الحرارة على انقراض بعض أنواع النباتات غير القادرة على التكيف مع الحرارة المرتفعة.
أما فقدان الموائل الطبيعية، فتقول الأستاذة مشياش، أنه يتمثل في تراجع الغابات أو ذوبان الجليد في القطبين، مما يدفع الحيوانات إلى الهجرة أو الانقراض.
وتضيف الخبيرة أن التغيرات المناخية تلحق أيضا أضرارا كبيرة بالسلاسل الغذائية، حيث إنه عندما تتأثر النباتات التي تعتمد عليها بعض الحيوانات، يسبب ذلك خللا في التوازن البيئي، بينما تعمل زيادة الكوارث الطبيعية مثل الحرائق والفيضانات على تدمير بيئات الحيوانات، مما يجعل التغيرات المناخية تشكل تهديدا خطيرا للتنوع البيولوجي والأنظمة البيئية على مستوى العالم.
وبالنسبة لتأثيرات هذه التغيرات على الحياة البرية والنباتية في الجزائر، أكدت الخبيرة، أنها لم تعد مجرد مشاهد موسمية، بل تحولت إلى إشارات واضحة على التأثيرات المتزايدة للتغير المناخي.
ومن بين الظواهر الأكثر لفتا للانتباه تغير أنماط هجرة الطيور، فطائر اللقلق كما أوضحت، كان يزور الجزائر عادة خلال شهر مارس مع حلول فصل الربيع، إلا أن ظهوره مؤخرا أصبح خلال شهر ديسمبر، واصفة هذا التغير بالكبير في توقيت هجرته، ومرجعة إياه للتغيرات المناخية.
كما تحدثت، عن اختفاء أسراب طائر الزرزور المهاجر، خلال فصل الخريف من عام 2023، واصفة المشهد بغير المألوف بالنسبة للأجواء الجزائرية، خاصة وأن قدوم هذا الطائر كان يرتبط بموسم جني الزيتون، إلا أن تأثر الموسم بتغير المناخ من خلال تأخره أو ضعف المحصول نتيجة للجفاف وارتفاع درجات الحرارة، أخل بنظام ظهور الطائر.
وذكرت الباحثة كذلك، موعد تكاثر الطيور والذي تؤكد أنه تأثر أيضا أين لوحظ تأخر في العملية إلى شهر جويلية أو أوت، بعد أن كان معهودا خلال شهري أفريل و ماي، ما يعكس التأثير الكبير للتغيرات المناخية على الدورات الحيوية للأنواع.
وبالنسبة للغطاء النباتي، تحدثت الأستاذة مشياش، عن تسجيل تغير كبير قالت إنه يظهر بشكل جلي من خلال تأثر أشجار السنديان بشكل كبير أين تأجل تفتح براعمها بفعل الجفاف الذي ضرب البلاد على مدار سنوات متتالية، في حين أن براعم الأشجار القريبة من البساتين المسقية تمكنت من التفتح في شهر أفريل.
وأشارت أيضا، إلى أن الوضع أثر أيضا على الأشجار الغابية التي لم تستفق من سباتها إلا أواخر ماي، ومع تأخر سقوط الأمطار استفاقت في منتصف الشهر. كما تحدث الباحثة، عن تسجيل ملاحظات أخرى تتعلق باحمرار وتساقط جماعي لأوراق نفس الفصيلة، وهو مؤشر اعتبرته قويا على الإجهاد المائي الكبير الذي تعاني منه النباتات.
وحذرت المتحدثة، من تأثر صحة الغابات، قائلة إن أشجار الصنوبر بمنطقة الجلفة تعرضت لأضرار بالغة، وماتت العديد منها، في حين أصيبت أخرى بأمراض نتيجة الإجهاد المائي والجفاف الطويل، كما تم تسجيل اختلال في دورات الحشرات والزواحف، ولوحظت تغيرات كبيرة في دوراتها، فالحشرات التي كان من المعتاد أن تنشط في الربيع، بدأت تظهر خلال فصل الصيف، مما أدى إلى تداخلها مع الأنواع الصيفية، وفشل العديد منها في إكمال دورة الحياة بسبب نقص النباتات الخضراء اللازمة لنموها، أما الزواحف تضيف الباحثة، فقد لوحظ أن بعضها لم يدخل في سباته الشتوي المعتاد، وهو أمر اعتبرته غير طبيعي يعزى إلى تغير درجات الحرارة المستمر.
مسؤولية جماعية تفرض تدخلا مستعجلا
وللحد من آثار التغيرات المناخية وضمان مستقبل مستدام، تشدد الخبيرة المناخية زينب مشياش، على أهمية التركيز على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة للالتزام بالهدف العالمي المتمثل في إبقاء ارتفاع درجة حرارة الكوكب أٌقل من درجتين مئويتين، مع ضرورة اعتماد إستراتيجيات تكيف على المدى القصير، والمتوسط، والطويل لمواجهة التحديات المناخية. ومن بين أهم طرق التكيف، تدعو المتحدثة إلى العمل على حماية المناطق المعرضة للتصحر من خلال برامج إعادة التشجير، وزراعة أصناف نباتية مقاومة للجفاف والحرارة العالية والتركيز على زراعة الأنواع المحلية.
كما تدعو الخبيرة، إلى ضرورة تحسين إدارة الغابات والمراعي لضمان استدامتها، وتعزيز السياسات التي تمنع إزالة الغابات واستغلالها بشكل مفرط، وإنشاء محميات طبيعية جديدة لحماية النباتات النادرة والمهددة بالانقراض، كما تشير إلى حتمية العمل على استعادة النظم البيئية المتدهورة عبر مبادرات طويلة الأمد.
أما بالنسبة للحياة البرية، فتعتبر أن توفير ممرات مائية تساعد الحيوانات على الانتقال نحو مناطق مناسبة بيئيا، من أهم الحلول لمواجهة الخطر، إلى جانب تحسين الموائل الطبيعية، وتوفير مصادر مياه وغذاء للحيوانات وذلك من خلال حماية المفترسين والطرائد، وكذا مراقبة التغيرات في النظم البيئية، والتدخل عند الضرورة، والعمل على تعزيز التنوع البيولوجي عبر حماية النظم البيئية المتكاملة، ناهيك عن دعم البحوث حول كيفية تكيف الكائنات الحية مع التغيرات المناخية، خاصة وأن بعض الأنواع قد نقلت مجالها الحيوي نحو الشمال بحثا عن ظروف ملائمة للعيش. والأهم من ذلك الحرص على التعليم والتوعية من أجل تعزيز الوعي على جميع مستويات المجتمع، وكذا تكييف الإجراءات لتتانسب مع خصوصيات كل منطقة وكل إشكالية.
* رئيس الجمعية الوطنية لتوثيق الحياة البرية مراد حرز الله
الجفاف يضعف الحياة البرية وحظيرة القالة الأكثر تضررا
كشف رئيس الجمعية الوطنية لتوثيق الحياة البرية، السيد مراد حرز الله، أنه وبعد خبرة سنوات في الميدان، يمكنه تأكيد تسجيل تدهور كبير للوضع بالنسبة للغطاء النباتي وكذا الحياة البرية في الجزائر، أين تمت ملاحظة عديد التغيرات على مستوى الغرب، وتحديدا بطريق غيليزان وسيدي بلعباس، أين اصفرت جل الغابات بشكل واضح للعيان، ما يؤكد التدهور الكبير في الغابات خاصة في المناطق الغربية بسبب الجفاف الناتج عن التغيرات المناخية بالدرجة الأولى.
وتحدث حرز الله، عن تسجيل تناقص كبير في الأعشاب عبر كامل التراب الوطني سواء الطبية أو غيرها، وتراجع في الكم والنوع، كما أشار إلى نقص في الكائنات الحية سواء الطيور أو الثدييات أو الحشرات، وهو ما يدعو حسبه، إلى دق ناقوس الخطر، خاصة وأن سنة 2024 كانت كارثية على حد وصفه.
تدهور ما يقارب 80 بالمائة من الحياة البرية في الجزائر
وأوضح، أن السنوات العشر الماضية عرفت تدهور ما يقارب 80 بالمائة من الحياة البرية في الجزائر، خاصة فيما يتعلق بالطيور المهاجرة، أين تم إبلاغ إدارة الغابات بولاية برج بوعريريج، بتقلص عدد الطيور التي تمشي بمحاذاة الجداول والأنهار، بعد أن كانت بالآلاف لنحصر العدد إلى عشرات قليلة جدا، والسبب هو جفاف البرك.
مضيفا،أن مشكل الجفاف أدى كذلك إلى موت أصناف أخرى كطائر النحام الوردي، الذي اضطر ما تبقى منه للبحث عن مواطن عيش جديدة بسبب جفاف بعض بحيرات مدينة أم البواقي أين يرصد عادة، ليتم اتخاذ قرار بنقل حوالي 500 طائر إلى مكان آخر لتفادي الموت الكلي للصنف.
وقال المتحدث، إنه قبل عشر سنوات كانت عمليات الإحصاء تسجل الآلاف من صنف طائر الحدف الشتوي، لكن العدد لا يتجاوز اليوم 50 طائرا، مشيرا أيضا إلى الخطر الذي يتهدد أنواعا مصنفة كطرائد، مثل طائر الكركي، الذي قال إنه لم يشاهد أبدا سنة 2024، بالرغم من أنه اعتاد على الظهور في مجموعات كبيرة خلال السنوات الماضية.
وأوضح الخبير البيئي، أن أكبر المناطق تضررا من هذه التغيرات المناخية هي حظيرة القالة بولاية الطارف، وذلك بسبب جفاف بحيرات «قرعة» التي تعتبر المورد الرئيسي للطيور في المنطقة ومكان تجمعها وتعشيشها، وكذلك الوضع في منطقة «المقطع» مكان التقاء البحر مع واد الشلف بمستغانم، وهي منطقة مائية يبلغ مدى تأثيرها عدة ولايات منها معسكر ووهران، كونها شكلت لسنوات وجهة رئيسية للطيور المهاجرة باعتبارها رواقا غربيا لهجرة الطيور.
وقد سجلت في المكان عدة مجمعات لطيور معششة سنة 2023، إلا أن المقطع بدا شبه جاف سنة 2024، مما سيؤثر سلبا على الحياة البرية وتعشيشها وتكاثرها في المستقبل.
ويؤكد المتحدث، أن حظيرة القالة ليست الوحيدة المعنية بالخطر، وأن معظم الحظائر الوطنية مهددة وفي مقدمتها جرجرة المعروفة بتعشيش الطيور الغابية، إذ لوحظ بها السنة الماضية تدهور كبير بفعل الجفاف أثر كثيرا على الحياة بها وبخاصة على الطيور.
مضيفا، أن معظم الحظائر تواجه الخطر بسبب الاحتباس الحراري، وأن التعشيش والتكاثر تأثرا كثيرا بنقص المياه، خاصة وأن الطائر يعشش في قلب البحيرة، ما يجعله يبحث عن مناطق أخرى خارج بوصلة الهجرة المحددة لديه، بما يهدده بالتيهان وأحيانا الموت لعدم وجود المياه والغذاء، وبالتالي موت جماعي لهذه الطيور بفعل جفاف تلك البرك.
كما أكد حرز الله، أن الحظيرة الوطنية بالقالة، تضررت بشكل كبير بنسبة تقارب 90 بالمائة بسبب الجفاف والتغيرات المناخية، مضيفا أن حظائر أخرى تضررت نسبيا خاصة المناطق الجبلية.
* محافظة الغابات بإيليزي حدوشي نورة
رصدنا أصنافا جديدة و سجلنا اختفاء طيور وحيوانات
أكدت محافظة الغابات بولاية إيليزي، السيدة حدوشي نورة، أن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم بشكل عام والجزائر بشكل خاص، أثرت كثيرا على النظم البيئية، متسببة في فقدان التنوع البيولوجي.
وقالت، أن الحيوانات والنباتات التي تكيفت مع البيئة القاسية في الجنوب تعاني من صعوبة البقاء، مما يعرض بعض الأنواع لخطر الانقراض.
وتؤكد المحافظة، أن الجفاف تسبب بشكل مباشر في تغيير مواقيت هجرة الكثير من الطيور، خاصة وأن ذلك يتسبب في ندرة الغذاء، مما يقلل من محطات الراحة لديها، مشيرة إلى أن للتغيرات المناخية تأثير كبير على الجزائر ككل، فقد تسبب في الجنوب الصحراوي في تغيرات ملحوظة في معدل الهطول، إذ شحت السماء في آخر خمس سنوات كليا، بعدما كانت الأمطار تسقط بمعدل 3 إلى 4 مرات سنويا، وهذا ما تسبب حسبها، في نقص في المياه الجوفية، وموت الأشجار ومرض البعض منها، على اعتبار أن الوديان جفت ولم تعد تجري سوى مرة كل سنتين تقريبا.
من جهة ثانية، تحدثت المحافظة عن ظهور أنواع عديدة من الطيور التي لم يسبق أن مرت بالجزائر، مؤكدة أن الجفاف الذي أصاب مالي والنيجر، أجبر الطيور في تلك المناطق على الدخول إلى الجزائر والاستيطان فيها وهي ملاحظات جد مهمة، تشمل كذلك حيوانات أتت من النيجر إلى الحدود الجزائرية بحثا عن المياه.
كما تتحدث السيدة حدوش عن أشجار الآكاسيا التي مات الكثير منها بسبب الجفاف، وهو نفس الوضع بالشمال الجزائري، في ظل شح مياه الأمطار الذي أصبح يرهن نمو الأشجار، بينما كان للجزائر خزان مائي جوفي كبير بفعل تساقط الثلوج التي تناقصت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وأكدت أن الجفاف الذي يصيب اليوم معظم الكوكب، يفرض على الدول زراعة أشجار تلائم المناخ الجاف مثلما بدأت دول أوروبية بالعمل عليه كفرنسا التي تبحث اليوم عن أصناف جزائرية لزراعتها في فرنسا.وتدعو محافظة الغابات بولاية إيليزي، إلى ضرورة التشجير والاعتماد على أشجار تقاوم الجفاف في ظل التوجه نحو مناخ شبه جاف في معظم المناطق، مشددة على أهمية اختيار أصناف ملائمة، مع الالتزام بطرق سقي مبتكرة لضمان نمو الأشجار.معتبرة في معرض حديثها، أن الماء أساس الحياة النباتية والبرية و سر بقاء أشجار الزيتون والخروب، مع التأكيد على أهمية التكيف من خلال تنفيذ إستراتيجيات خاصة كالإدارة المستدامة للموارد المائية وتطوير محاصيل مقاومة الجفاف، فضلا عن تعزيز الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي للحد من حجم هذه التأثيرات.
وقالت، إن الصحراء الكبرى من بين النظم البيئية الهشة التي تبقى عرضة لتأثيرات التغير المناخي، بما يفرض اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على هذا النظام البيئي الفريد ودعم السكان الذين يعيشون فيه.
ترجمت الحرفية المتخصصة في صناعة المجوهرات جميلة بكور، حبها للطبيعة وخوفها عليها من التلوث الذي يطالها، في قطع تزيين تشكلها من كبسولات القهوة التي تجمعها من المقاهي ثم تعيد تدويرها لتصنع منها قلائد وأقراط تتزين بها النساء، كما توظفها في تشكيل لوحات فنية بمواضيع مختلفة ذات عناوين بيئية وأهداف توعوية.
إيناس كبير
وتحاول السيدة بكور، التي تحب التفكير خارج الصندوق كما عبرت للنصر، أن تقدم إضافة فعالة وأن تكون فردا نافعا في المجتمع من خلال مشروعها «تابكورث آرت»الصديق للطبيعة، حيث تجتهد رفقة ناشطين في جمعيات متخصصة في حماية البيئة، التأثير في أفراد المجتمع وتمرير رسائل فنية من خلال لوحاتها التي تجمع بين الهدف التوعوي و البعد الفني الإبداعي، كما تطلع جمهور فنها وزبائن إكسسواراتها على الخطر الذي يهدد المحيط والأرض عموما بسبب مادة «الألمنيوم» التي تُصنع منها كبسولات القهوة، وتستهدف أيضا من خلال نشاطها الأطفال بلوحات تنطق بمعاناة الطبيعة التي تقف خلفها تصرفات الإنسان وأنانيته.
المشروع يبدو غريبا لكن رسالته ذات قيمة
تمنح الحرفية كبسولات القهوة المستعملة قيمة فنية من خلال تحويلها إلى تحف فنية ومجوهرات، وتوظفها كذلك في إنجاز لوحات تشكيلية تعطيها بعدا آخر بفضل الهدف الذي تضعه عند بداية العمل عليها وهو حماية البيئة من خطر مادة «الألمنيوم».
قالت لنا، إن فكرة مشروع «تابكورث آرت» جاءت فجأة، فذات صباح عندما كانت في منزلها ترتشف قهوتها، وفي لحظة تسلية قامت بضغط الكبسولة وبعين الفنانة اكتشفت أن الكبسولة تحولت إلى قطعة جميلة سرعان ما عدلتها وحولتها إلى قلادة نالت إعجاب أقاربها الذين أثنوا عليها.
مضيفة، أنها تشبعت بالفكرة مباشرة وبدأت في جمع الكبسولات من المقاهي لتشتغل عليها وقد كان عددها قليلا حينها، والطريف في الأمر كما علقت، أن أصحاب المقاهي استغربوا سؤالها عن الكبسولات في بادئ الأمر و كانوا يستفسرون منها عما ستفعله بهذه النفايات، لترد عليهم بشرح تقنية إعادة التدوير التي ستعتمدها في مشروعها وقد تقبلوا الفكرة وساعدوها كثيرا في هذه المرحلة من مشروعها.
حوَّلت السيدة بكور، إحدى غرف منزلها إلى ورشة مصغرة انطلق منها مشروع «تابكورث آرت»، وأوضحت أنها بدأت في التعرف على تقنيات مختلفة لتحويل الكبسولات إلى قلائد، وأقراط، وحاملات مفاتيح، فكانت مثلا تضغط على القطعة وتزينها بالخرز، أو تلونها حتى تظهر جميلة، ولم تكتف بما تجيده بل طورت حرفتها وأدخلت عليها تقنيات جديدة، مثل استخدام الملقط في قطع القطع للحصول على أشكال دائرية للأقراط، مؤكدة أنها عملية تتطلب صبرا كبيرا.
وأردفت الحرفية، أنها اقتحمت أيضا مجال العمل الجمعوي كعضو في جمعية للحفاظ على البيئة، وقدمت أول معرض لها وقد أُعجب الزوار بالقطع التي تصنعها، ثم استأجرت ورشة وبدأت تؤسس لعملها.
يستغرب زبائن السيدة بكور من مجوهراتها أول ما تقع أعينهم عليها، وقد أوضحت لنا، أنهم لا يتوقعون أيضا المادة التي صُنعت منها كونها تظهر في غاية الإتقان فالغالبية تظن أنها من مادة النحاس أو الفضة، وعلقت الحرفية على الأمر قائلة :»يستغرب الزبائن وتُعجبهم في الوقت نفسه فكرة تحويل قطعة من النفايات إلى تحفة ذات قيمة».
لوحات فنية تنقل رسالة الطبيعة
كبرت الحرفية على حب الفن واستغلال إبداعها لتجسيد أفكار ابتكارية، بالإضافة إلى هذا تقول إنها تحب الطبيعة جدا ومتأثرة بها لذلك فقد تضمن مشروعها إنجاز لوحات فنية أيضا، أبرزها تشكيل لوحة المرأة الإفريقية من خلال كبسولات القهوة التي خصصتها للقارة السمراء، وعبرت محدثتنا أنها جسدت حاجة الأفارقة إلى نشاط إعادة التدوير واعتماده كمصدر رزق لهم، كما تخص الأطفال أيضا برسالتها فقد أخبرتنا أنها اشتغلت على لوحة لحوض فيه أسماك بهدف توعية الأطفال بمخاطر تلوث البحار بسبب القناطير من النفايات البلاستيكية التي تُرمى فيها وتُفسد جمالها ونقاءها وتؤثر على حياة الكائنات البحرية على اختلافها.
وأردفت الفنانة، أن الأطفال يتفاعلون مع أعمالها ويجدون فسحة من التأمل فيها ومنهم من يتعلم من خلالها التعبير عن حبه للفنون التشكيلية، وفي هذا السياق، تنصح أولياء الأمور بالاعتناء بهوايات أبنائهم وتشجيعها لتمكينهم من البروز كفنانين تشكيليين، فالفرد الذي يحب مجالا ما سيبدع فيه وقد يتحول إبداعه إلى مشروع حقيقي منتج، وأوضحت أن الفنون التشكيلية أيضا مفيدة للصحة النفسية ومحفزة للتفكير الإبداعي.
وعن مستقبل مشروعها، قالت الحرفية المتخصصة في صناعة المجوهرات جميلة بكور، إنها تشارك في المعارض في الوقت الحالي كما تطمح لنقل مجوهراتها إلى متجر خاص بها.
أشجع الفنانين التشكيليين على إعادة التدوير
تتزين ورشة صاحبة مشروع «تابكورث آرت»، بأعمال فنانين آخرين تخصصوا في إعادة التدوير، وهي بهذا تشجعهم على الظهور حتى يتعرف الناس عليهم، تضيف أنها تساهم من خلاله في حماية كوكب الأرض وقد ساعدها على التقرب أكثر من الطبيعة والتعرف على المخاطر التي تهددها وبسببها أصبحت تشعر أن الإنسان غير آمن على كوكب الأرض، حيث أعلمتنا أن الكبسولات التي تجمعها تسبب خطورة كبيرة على البيئة.
لذلك فهي تحرص أيضا، على توعية المحيطين بها وتشارك هذا الهدف معهم، فأي نوع من النفايات، وفقا لها، يمكن أن يفيد الطبيعة بدل الإضرار بها، وعقبت أن بقايا القهوة التي تستخرجها من تنظيف الكبسولات تعد سمادا طبيعيا للنباتات حيث تحوله إلى الجمعيات المتخصصة في الزراعة.
ووفقا لها، فإن السنوات الأخيرة عرفت انتشار ثقافة إعادة التدوير بفضل نشاط الجمعيات، وكذا من خلال ما لمسته من آراء زبائنها الذين يشترون أعمالها فقط من أجل المساهمة في الحفاظ على البيئة.
إ.ك
غيرت السلوك الاجتماعي
برامج بسيطة تعبد الطريق نحو التحول الطاقوي الكبير
تعمل الجزائر منذ عدة سنوات على برامج اقتصادية و بيئية واعدة للمحافظة على الموارد الطبيعية للبلاد، و تحقيق الانتقال الى الطاقات المتجددة التي تعد البديل القادم للطاقات المعرضة للنفاد، و ذلك من خلال خطط و برامج يجري تنفيذها بجدية، استعدادا للمستقبل الذي بات ينذر سكان الكوكب بمزيد من التغيرات المناخية و تراجع الموارد الطبيعية التي تتعرض لاستنزاف كبير.
فريد.غ
و ترى الخبيرة الجزائرية، نشيدة قصباجي مرزوق، مديرة البحث السابقة بمركز تنمية الطاقات المتجددة (CDER) بأن الجزائر قادرة على المضي قدما في مسعى التحول الطاقوي من خلال مشاريع هامة تمتد على مدى عدة سنوات، و في انتظار ذلك يمكن القيام بعمل ميداني بسيط و محدود، لكنه سيحدث تغييرا في السلوك الاجتماعي للسكان و خطط الجماعات المحلية، و يساعد أصحاب القرار الوطني على تطوير الأفكار و استحداث المزيد من البرامج المجدية ذات التكلفة المالية القليلة.
و على المدى القصير، تقول الخبيرة الجزائرية، في دورة سابقة لتكوين الصحافيين الجزائريين في مجال البيئة و الطاقات المتجددة و الاقتصاد البديل، بأن تدريب السكان على اقتصاد الماء و الطاقة يعد خطوة هامة نحو الاندماج في المسعى الوطني للتحول الطاقوي، و بناء قاعدة محلية قوية تستجيب للبرامج و المشاريع الكبرى، التي تعتزم الجزائر انجازها لمواجهة الآثار المترتبة عن التغيرات المناخية، و ارتفاع معدلات الاحترار على كوكب الأرض.
و في هذا الإطار، دعت الباحثة البلديات إلى تركيب أنظمة لتسخين المياه بالطاقة الشمسية في المدارس، و المتوسطات و الثانويات و مباني البلديات و الدوائر، و بقطاع الصحة تركيب أنظمة حفظ و تبريد تعمل بالطاقة الشمسية بالعيادات المتعددة الخدمات، و بقطاع خدمات النقل بات من الضروري تركيب مصابيح تعمل بالطاقة الشمسية بنقاط التوقف الرئيسية، و بقطاع الصناعة يجب دعوة المستثمرين الخواص إلى تركيب الألواح الكهروضوئية لإنتاج الكهرباء، و مساعدتهم على ذلك من خلال تسهيلات لمنح القطع الأرضية، لإقامة محطات صغيرة تنتج ما يكفي من الطاقة الكهروضوئية، و التخلي التدريجي عن الطاقة الكهربائية التقليدية.
و لخفض معدلات التلوث و تحسين جودة الهواء، تنصح الخبيرة الجزائرية ببناء جدران من الأشجار حول حظائر السيارات، التي تعد إحدى مصادر انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، مؤكدة بأنه بات من الضروري إقامة تعاون وثيق بين الجامعات و هيئات البحث الوطنية، لوضع و تطبيق برامج أكاديمية مهنية في مجال الطاقات المتجددة، و تصنيع و تركيب معدات الطاقة الشمسية، و إنشاء مؤسسات صغيرة و متوسطة لتركيب و تشغيل و صيانة معدات الطاقة المتجددة.
وقال مركز تطوير الطاقات المتجددة، بأنه يواكب مسعى الدولة نحو التحول الطاقوي، حيث كان الداعم الرئيسي لأسبوع الطاقة الشمسية في الجزائر، المنظم يوم 10 ديسمبر 2024، مؤكدا بأنه يسعى الى تعزيز التعاون مع شركائه الاقتصاديين، ومرافقة الجهود الوطنية لإنجاح مختلف البرامج الطاقوية، خصوصا المتعلقة بمشاريع الطاقة الشمسية على غرار البرنامج الوطني لإنتاج 15000 ميغاواط من الكهرباء النظيفة في آفاق 2035، كما انه يسعى لمساهمة فعالة في مرافقة المؤسسات الاقتصادية في مجال التحول الطاقوي من خلال تقديم مختلف أشكال الدعم التقني و التكنولوجي لتجسيد هذه البرامج في الآجال المحددة.
و تتوفر الجزائر على عدة مصادر و انواع من الطاقة النظيفة التي ستكون البديل المستقبلي للطاقة التقليدية، حيث تمثل الطاقة الشمسية المصدر الرئيسي المحفز على التحول الطاقوي بالجزائر، الى جانب طاقة الرياح و الطاقة الحركية و الطاقة المائية، و طاقة الهيدروجين الأخضر.
و يتعمد برنامج التحول الطاقوي على التكنولوجيا و الاستثمارات العمومية و الخاصة و النصوص القانونية المنظمة و سوق محلية و دولية لبيع الإنتاج و تحقيق عائدات مالية تسمح بتوسيع الاستثمارات و صيانة المعدات، و مواكبة الابتكارات المتواصلة في هذا المجال حول العالم.
منخفض جوي ماطر بغزارة سيستمر لفترة طويلة
توقعــات بامتـداد فصـل الشتــــاء هـذا العـــام
حذر المركز العربي للمناخ، من منخفض جوي بارد وماطر بغزارة قال في بيان له، إنه سيؤثر على منطقة المغرب العربي بما فيها الجزائر، بداية من مطلع الأسبوع المقبل ويستمر إلى غاية نهايته على الأقل.
وأوضح المركز عبر موقعه الرسمي، أن التوقعات تشير إلى اندفاع كتلة هوائية باردة نحو وسط البحر الأبيض المتوسط على شكل حوض مغلق، مما يؤدي إلى تشكل منخفض جوي بارد سيتمركز في البداية حول جزيرة سردينيا، ليتحرك تدريجيا باتجاه تونس والجزائر وصولا إلى المغرب. كما نوه ، إلى أن هذا المنخفض الجوي سيمتد لفترة تعتبر طويلة، بحيث يتوقع أن تشهد معظم المناطق أمطارا غزيرة، ترافقها رعود وتساقط زخات من البرد أحيانا، مع احتمال تسجيل تساقط للثلوج على المرتفعات الجبلية العالية.
مستويات تبريد تاريخية يشهدها العالم
من جهة ثانية، قدم المركز تقريرا حول تسجيل مستويات تبريد تاريخية تتعرض لها الدوامة القطبية الشمالية، والتي أوضح أنها تشهد حاليا ظاهرة الاحترار الستراتوسفيري المفاجئ، وذلك تزامنا وارتفاع الضغط الجوي فوق القطب، مما أدى إلى ما يعرف بـ»الطور السلبي للقطب»، وهو ما يفسر تسجيل درجات حرارة أقل من معدلاتها العامة بشكل لافت. وأضاف التقرير، أن الدوامة القطبية الستراتوسفيرية، تعرف بارتفاع حرارتها عن المتوسط بشكل كبير عند حدوث احترار ستراتوسفيري مفاجئ، إلا أن ذلك لم يحدث حاليا، مما يعكس التبريد الشديد الذي تتعرض له الدوامة القطبية في المناطق الشمالية. ويرى الخبراء في المركز، أنه وبعد موجات البرد التاريخية التي اجتاحت أجزاء واسعة من أوروبا وأمريكا خلال الأسابيع الماضية، ما تزال التوقعات تشير إلى احتمال حدوث نزولات قطبية باردة نحو الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط خلال النصف الثاني من شهر جانفي الجاري. وبالاستناد إلى المؤشرات الحالية، يتحدث المركز العربي للمناخ عن احتمال تسجيل نزولات قطبية شديدة البرودة نحو الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ودول الشرق الأوسط بشكل عام، كما يحتمل تسجيل امتداد فصل الشتاء إلى فترات متأخرة من فصل الربيع المقبل، وذلك بفعل المؤشرات التي تدعم احتمالية إطالة فترة النشاط الشتوي وبالتالي حدوث زيادة في فترة فصل الشتاء، إلى جانب انتشار موجات البرد بشكل ملحوظ بحيث تكون شديدة وممتدة جغرافيا.
إيمان زياري
* تحصلنا على نتائج إيجابية تسمح باستبدال المواد المستوردة
تنظم مصالح الغابات مع بداية موسم البرد، علميات للقطع الصحي للأشجار على مستوى المحيط الغابي و هي عملية ضرورية جدا لحماية الثروة الغابية من الحشرات الضارة التي تنقل العدوى، كما يعد التقليم كذلك حاجة صحية للحفاظ على عمر الشجرة وسلامتها.
هـــدى طابي
تنظم مصالح الغابات مع بداية موسم البرد، علميات للقطع الصحي للأشجار على مستوى المحيط الغابي و هي عملية ضرورية جدا لحماية الثروة الغابية من الحشرات الضارة التي تنقل العدوى، كما يعد التقليم كذلك حاجة صحية للحفاظ على عمر الشجرة وسلامتها.
يلاحظ المتجول في محيط غابة ذراع الناقة بحظيرة جبل الوحش الغابية بقسنطينة، هذه الأيام، قطع مساحات محددة من الأشجار، وقد يبدو الأمر غير مفهوم أو مفاجئ في البداية، خصوصا وأن العملية تتم من قبل أعوان الغابات، وهو ما يطرح تساؤلا حول الغرض، خصوصا وأن المنطقة عرفت تدخلا مس هكتارات من الأشجار.
يوضح بهذا الخصوص المكلف بالاتصال على مستوى محافظة الغابات بقسنطينة علي زقرور، بأن العملية تتعلق أساسا ببرنامج للقطع الصحي يتم في إطار حماية الثروة الغابية وإعادة إصلاحها خصوصا بعدما تعرضت له من أضرار خلال السنوات الماضية بفعل آفة الحرائق ومشكل انتشار الحشرات الضارة.
وحسب المتحدث، فإن برنامج القطع الصحي يندرج ضمن مسار تربية وتنمية الغابات، علما أن هناك أنواعا عديدة من القطع أبرزها القطع الصحي، وقطع التنظيف، وقطع الإضاءة وغير ذلك، منها ما يتم على مستوى المحيط الغابي، ومنها ما يكون ضمن المحيط الحضري مع اختلافات ترتبط بطبيعة كل تدخل من مجموعة التدخلات التي تصنف كأشغال حرفية.
وقال، إن البرنامج الخاص بالقطع الصحي تحديدا، يشمل كلا من غابات المريج، و كاف لكحل، والجباس حاج بابا، وذراع الناقة بجبل الوحش، وقد انطلق العمل على ضبطه قبل سنوات بإشراف من أعوان متخصصين تابعين لمحافظة الغابات بقسنطينة، وذلك بناء على خرجات معاينة صحية اتضح خلالها وجود أشجار دخلت مرحلة الوفاة بعد تضرر البراعم النهائية كليا ما تسبب في اضمحلالها.
منع بيع الأخشاب المقطوعة لتجنب انتقال العدوى
وأوضح المتحدث، أنه بين جانفي ومارس من سنة2021، بوشرت أولى عمليات الجرد بالتنسيق مع المعهد الوطني للأبحاث الغابية، لإحصاء الأشجار التي أصيبت بالأمراض الطفيلية وباتت ناقلة للعدوى، أين تم تعيينها باستعمال الطلاء وقد كان العدد في تلك الفترة لا يتجاوز100 شجرة، لكنه تضاعف مع مرور السنوات وصولا إلى 2024، بسبب عديد العوامل أبرزها الحشرات الضارة والحرائق، وهو ما استدعى إلزامية القطع الصحي للأشجار الميتة ومتابعة الأشجار الأخرى في مرحلة الموت، مع وضع فخاخ للحشرات الناقلة للعدوى على مستوى الأشجار الحية والجيدة.
وحسب علي زقرور، فإن الخشب الناتج عن الأشجار التي يتم قطعها والتي تكون مريضة في الأصل لا يباع، وإن تقرر بيعه قصد تحويله إلى فحم، فإن ذلك يتم على مستوى قسنطينة فقط، وتحت مراقبة إدارة الغابات، تجنبا لانتقال العدوى إلى مناطق أخرى في حال بيع خارج إقليم الولاية.
موضحا، أن هناك إجراءات تسبق عملية بيع الخشب، أولها التخلص من القشرة الخارجية للخشب بحرقها مباشرة، قبل تحويل الجذوع لفائدة منتجي الفحم.
خطة تشجير لاستخلاف الأنواع المتضررة
وأضاف، بأن القطع الصحي في محيط غابات قسنطينة كان قد انطلق في أكتوبر 2024 بعد سنوات من المعاينة، وبناء على خطة تدخل علمية مدروسة، حيث مست العملية حوالي 17 هكتارا بغابة جبل الوحش، إلى جانب تدخلات عديدة على مستوى غابة البعراوية، وحاج بابا ومناطق أخرى، لأنها عملية ضرورية لحماية الثروة الغابية من خطر العدوى، علما أن نسبة كبيرة من الأشجار المقطوعة عبارة عن أشجار مسنة.
وتحدث المكلف بالاتصال بمحافظة الغابات بقسنطينة، عن برنامج تعويضي لاسترجاع بعض الأصناف المقطوعة أو المتضررة بغابة جبل الوحش التي وصفها بالمخبر، بالنظر إلى تنوع الأصناف على مستواها، مشيرا إلى أن هناك برنامجا للتشجير لاستخلاف الأشجار المقطوعة، يضم نفس الأنواع التي تم التخلص منها ولكن بأعداد أكبر لتوسيع المساحة، مؤكدا أن العديد من الشتلات جاهزة للغرس.
لهذا يجب قطع أو تقليم الأشجار في المناطق الحضرية
من جهته، أوضح الخبير البيئي و الإطار بمحافظة الغابات بقسنطينة عيسى فيلالي، أن القطع يختلف بحسب الحاجة، فهناك القطع الصحي وهناك نوع من القطع الوقائي، أو عند الضرورة القصوى لحماية المواطن، وهو ما يتم عادة على مستوى المناطق الحضرية، لأن هناك أشجارا كبيرة في السن تكون قد ماتت وصارت تشكل خطرا على المارة، وقد تكون هناك أشجار مريضة يتوجب الاهتمام بها. وقال إن معظم عمليات القطع التي تمس الأشجار في المحيط السكني أو العمراني، تتم بناء على شكاوى المواطنين، خصوصا عندما يتعلق الأمر ببعض الأشجار المعمرة أو كبيرة الحجم التي تبدأ تدريجيا في الميلان، أو في فقدان أغصانها ما يضاعف خطرها في ظل احتمالية سقوطها أو سقوط جزء كبير منها.
مؤكدا، أن هناك حالات لا تستدعي القطع كليا بل الزبر فقط أو التقليم لتحسين حجمها تجنبا لأية مخاطر محتملة، موضحا أن مثل هذه العمليات تكون مكثفة في موسم البرد لأن الأشجار تدخل في مرحلة تشبه السبات تحضيرا لفصل الربيع أين تعود للحياة بقوة وتباشر عملية إفراز النُسغ.
وحسب فيلالي، فإن القطع الصحي يختلف من حيث الأهمية والغرض، لأنه يهدف إلى حماية باقي الأشجار الأخرى من خطر عدوى معينة، ولا يتم بناء على طلب المواطن، بل استنادا إلى معاينة متخصصة وخبرة علمية يقوم بها أعوان محافظة الغابات.
علما أن هناك عمليات قطع لا يكون سببها مرضا محددا، بل يوجبها ما يعرف بالإجهاد الحراري أو المائي الذي تتعرض له أصناف من الأشجار على مستوى الغابات، فيضعفها ويجعلها غير قادرة على إنتاج دورة حياة أخرى فيكون من الضروري قطعها لأنها أصبحت ميتة.
هـ / ط
الباحث في التنوع الحيواني والنباتي رضوان طاهري
كائنات منقرضة رُصدت مجددا لأول مرة في الجنوب الجزائري
تتبع عدسة الباحث في التنوع الحيواني والنباتي، ومخرج أفلام وثائقية عن الحياة البرية، رضوان طاهري، حركات رشيقة وسريعة لحيوانات تترصد فريستها، أو تزهو راقصة على الماء مثلما هو الحال مع النحام الوردي، وفوق رمال الصحراء الجزائرية الملتهبة، وتحت مسطحاتها المائية المثيرة للغرابة، تظهر حيوانات أخرى لتؤكد عودتها للعيش على أرضنا بعد غياب دام لسنوات، أو بعدما اعتقد بانقراضها كليا، لكن ذلك لا يعني أن كل القصص سعيدة حسب صاحب قناة « البرية»، فخطر الانقراض يتهدد بعض الأصناف ويفرض ضرورة توفير محميات لها.
إيناس كبير
تشكل أي حركة مفاجئة في الجبال، الوديان والمغارات، بالنسبة لرضوان طاهري، بداية قصة جديدة يضمنها في فيلم وثائقي عن الحياة البرية في الصحراء الجزائرية.
ساعات من الانتظار يقضيها في الخارج متحملا قساوة الصحراء ليصور حياة أخرى تجري بعيدا عن أعين الناس، فيجازف لينقل أدق تفاصيلها لحوالي نصف مليون متابع على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» «وايلد آلجيريا».
وفي عالم ألهبته الشمس على حد تعبيره، ستفاجئك سمكة تشق مياه بحيرة في معركة مع طائر أو فقمة يترصدانها هدوء الصحراء، وهكذا فإن كل مقطع ينشره على صفحته يصيبك بدهشة جديدة، كأن تعرف أن الصحراء كانت موطنا للجمبري قبل الديناصورات.
الشريط الحدودي الجزائري أصبح مأمنا للحيوانات
أرجع الباحث في التنوع الحيواني والنباتي، ومخرج الأفلام الوثائقية عن الحياة البرية، ثراء التنوع البيولوجي في الجزائر إلى شساعة مساحة الأرض ومكانها الاستراتيجي الواقع بين إفريقيا وأوروبا، ومتصلا بالبحر الأبيض المتوسط، وأوضح بأن هذا المكان الدافئ أوجد تنوعا نباتيا وحيوانيا كبيرا بالإضافة إلى التنوع المناخي، إذ يمكن أن تتوالى على اليوم الواحد أربعة فصول.
وعلق طاهري قائلا :»لو ننزل إلى عين صالح سنجدها صحراء شديدة الحرارة، بينما تكون جبال جرجرة بيضاء بالثلوج»، مضيفا « يمكن أن نجد في ولاية بشار مثلا، أربعة فصول كأن تتراكم الثلوج على قمم الجبال لكن حرارة الرمال في الأسفل تظل حارقة».
تحدث الباحث في التنوع الحيواني والنباتي، عن ميزة أخرى تختص بها الجزائر وهي مناطقها الحدودية المحمية من طرف الجيش لمحاربة التهريب والمخدرات، ما جعل حركة البشر تقل هناك وبالتالي فقد وجدت الحيوانات المنطقة آمنة فأصحبت تتكاثر فيها مثل الغزلان.
أما عن المناطق التي تزخر بتنوع بيولوجي كبير، فاعتبر طاهري بأن بشار ولاية ثرية بالتنوع الحيواني والنباتي، بالإضافة إلى القالة المصنفة كمحمية، كما ذكر سلالات عديدة تزخر بها الجزائر على غرار نوع من القردة يتواجد في جبال جرجرة، وهناك العقعق المغاربي، وهو نوع من الغُرابيات، وكاسر الجوز القبائلي، الموجود في البيئة الجزائرية فقط، فضلا عن أنواع نباتية متعددة مثل سرو الطاسيلي، الذي تختص به هذه المنطقة فحسب، لذلك يرى طاهري أنه من الضروري توفير الحماية لهذه الأصناف.
أما بخصوص دوره كموثق للحياة البرية وعارف بأسرارها، فقال إنه وجد من المهم أن يساهم في توعية المواطنين بقيمة هذا الكنز الطبيعي والتحذير من الكوارث الطبيعية التي تهدده، وتؤدي إلى فقدان أنواع من الحيوانات مثلما قام به سابقا عندما نشر عن إمكانية حدوث حرائق ستقضي على طائر العقعق المغاربي، بالإضافة إلى التحذير من اختفاء بعض سلالات الغزلان.
حيوانات الصحراء الجزائرية فريدة من نوعها
كلما جُبتَ الصحراء تكتشف سلالات بعضها تعيش في موطنها الأصلي وأخرى قدمت من قارات أخرى، هكذا تحدث طاهري عن الحياة البرية جنوب الجزائر، أين توجد كائنات نادرة أهمها القضاعة المائية أو الثعلب المائي، الذي شبهه محدثنا بالفقمة، وأوضح أنه يقتات على الأسماك فقط وحساس تجاه التلوث، فلو تناول سمكة مريضة على سبيل المثال سيكون مصيره النفوق.
أخبرنا كذلك، أنه لا يوجد مكان في العالم تستوطن فيه القضاعة المائية منطقة صحراوية إلا في الجزائر، وبالتحديد في الساورة، لذلك فقد جذبت باحثين لتوثيق أسلوب عيشها وتفاعلها مع هذه البيئة الجافة، ومن المفارقات العجيبة الموجودة في صحرائنا أيضا، مشهد طائر الرفراف الأوروبي يقتات على الأسماك في منطقة شديدة الحرارة.
كما لفت أيضا، إلى سلالات مختلفة من الغزلان التي ينحصر وجودها في الجزائر وبعض الدول المجاورة، وعقب أن ولاية بشار لوحدها تعد موطنا لثلاثة أنواع من الغزلان، هي غزال الأطلس الذي يعيش في الجبال وهو نوع خاص بشمال إفريقيا، وغزال «دوركاس» الريم، يُضاف إليها غزال الأدمي، وهذه الأنواع مهددة بالانقراض بسبب كثرة صيدها.
وتتميز الكائنات الصحراوية وفقا لمخرج وثائقيات الحياة البرية، في تحديها للمنطقة القاسية التي تعيش بها من أجل البقاء، وضرب المثل بقط الرمال، الذي يعيش في مكان جاف من المياه لذلك فهو يقتات على القوارض الصغيرة ويتخذ من دمائها سائلا يروي عطشه.
كائنات رُصدت أول مرة في جنوب الجزائر
شكل العثور على سمكة «الساورانسيس» الخاصة بواد الساورة فقط، هدفا للمغامر طوال عشر سنوات، إذ أُعلن عن انقراضها سنة 2001 ولم تُشاهد في أي مكان آخر في العالم بعدها، وقد قام هو بمحاولات عديدة باحثا في عنها في الواحات، والوديان وحتى في المياه الجوفية، لكن دون نتيجة.
سنة 2024 وفي إحدى خرجاته إلى منطقة خالية من البشر، تفاجأ بوجود واد ينبع من عين وسط الرمال به طحالب ويستغله فقط أحد رعاة المنطقة وهنا خمن محدثنا، أن النبع لم يجف منذ مئات السنين فبدأ في البحث عن السمكة التي وجدها أخيرا تسبح أمام عينيه.
عبر المغامر عن الموقف قائلا: «من حسن الحظ أن الماء كان مالحا ولو كان عذبا لنفقت»، ليعود في اليوم الموالي حاملا معدات التصوير ويوثق وجودها، وقد أخبرنا أن صحفا عالمية اهتمت بالخبر وتناقلته. ومن بين الكائنات المثيرة للاهتمام أيضا «جمبري الديناصورات» الذي كشفت حفريات قديمة أنه عاش قبل الديناصورات منذ 400 مليون سنة، وبحسب وصف الباحث في التنوع الحيواني والنباتي له، فإن شكله مدرع يعيش في الحفريات وقد وجد في السنوات الأخيرة في البرية الجزائرية وبعض دول العالم. وأفاد طاهري، أن باحثين من إسبانيا تواصلوا معه لتشخيص جيناته الوراثية، حتى يحددوا ما إذا كان من السلالة نفسها المنقرضة أو يحمل جينات وراثية أخرى. كما تحدث، عن أنواع أخرى كان الباحثون يرجحون انقراضها مثل الفهد الصياد الغائب منذ عشر سنوات، والذي اتضح أنه هاجر من الجزائر قاصدا نيجيريا بسبب انتشار صيد الغزلان في بيئته ما أدى إلى فقدانه غذاءه، وبسبب الحروب التي هددت أمنه عاد مرة أخرى إلى الجزائر، وهناك النمر الأطلسي، الذي يعيش في مناطق جبلية بعيدة عن الإنسان وهو أيضا كان مغتربا، وقد أكد طاهري وجوده من خلال بعض الأدلة مثل الغزلان المعلقة على الأشجار وآثار مشيه على الأرض، بالإضافة إلى شهادة حوالي 50 صيادا ممن رأوه.
ومن الحيوانات التي أشار إلى عودتها إلى الجزائر «فقمة الراهب»، التي تبلغ حوالي ثلاثة أمتار وتعيش فقط في البحر الأبيض المتوسط، وهي غائبة منذ الثمانينات، وقد تجول في سواحل وهران وعنابة باحثا عنها إلى أن رُصدت منذ سنتين في ساحل ليبيا وبالقرب من الجزائر، وأوضح طاهري، أن الحيوانات الغائبة تعود إلى منطقة ما عندما تجد فيها الأمان أو بحثا عن الغذاء.
المحميات ضرورية للحفاظ على الحياة البرية
وأكد طاهري، على وجود حيوانات في الجزائر لم تُكتشف إلى حد الساعة، وعلق قائلا :»نحن نعيش الوقت بدل الضائع، بعض الكائنات انقرضت ولم تُسجل من الأساس».
وأرجع سبب الاختفاء إلى النشاط البشري الذي يظلم باقي الكائنات الحية التي تقاسمنا كوكب الأرض، ومن أكثر النشاطات تأثيرا فتح مسالك الطرقات في المناطق الوعرة، وبناء السدود، والاستحواذ على مناطق المياه، أو تواجد رعاة الماشية بها، وكذا الحروب والصراعات التي تجعل الحيوانات تفقد الأمان ما يؤدي إلى انقراضها أو تناقص أعدادها.
أما عن انقراض بعض الحشرات، كالفراشات التي لم تعد تزين ألوانها الطبيعة في فصل الربيع، فأوضح أن السبب يعود إلى الاستخدام العشوائي للمبيدات، فبعضها ممنوع دوليا لأنه يقضي على تنوع الحشرات وأي كائن حي.
و تطرق محدثنا كذلك، إلى استخدام أساليب حديثة لصيد الغزلان، ما أدى إلى اختفائها وانقراض أنواع أخرى مثل غزال الأطلس، كما اعتبر طاهري، أن الصيد الجائر سبب غياب بعض أنواع الطيور، محذرا من عمليات تهريب طائر الحسون عذب الصوت.
كما أشار، إلى تصرفات أخرى ظالمة للبيئة وكائناتها مثل تجارة بعض النباتات موضحا: «إن تجارا تغلب عليهم الأنانية ينسون أن الأرض وما تنبته حق لأمم مثلهم، فيقتلعون كل النباتات التي تنبت من أجل بيعها دون التفكير في باقي الكائنات». مضيفا أن بعض الأراضي في ولايات جنوبية أصبحت جرداء. وعلق الباحث في التنوع الحيواني والنباتي، ومخرج الأفلام الوثائقية عن الحياة البرية، رضوان طاهري، أن الحياة البرية في الجزائر تسير نحو الأسوأ خصوصا في ظل غياب محميات بمعايير متطورة، وقلة دوريات المراقبة والحماية، داعيا إلى تكثيف هذا النشاط بما يسمح لنا بالاستمتاع بمناظر تجول الغزلان على حافة الطرقات، خصوصا منطقة الساورة التي تحتوي على تنوع طبيعي كبير لا يمكن استرجاعه في حال ضياعه.
إ.ك
تهدد الصحة وتكلف 4 مليار دولار سنويا
الاحتباس والتلوث البيئي ينشران الأمراض الاستوائية
أوضحت المنظمة العالمية للصحة، أن تواصل الاحتباس الحراري على كوكب الأرض، أصبح يهدد الصحة البشرية أكثر وأكثر، وأن الأبحاث في هذا النطاق تشير إلى أن تغير المناخ بين عامي 2030 و2050 سيتسبب في وفاة نحو 250 ألف حالة إضافية سنوياً، وستقدر تكاليف الأضرار المباشرة على الصحة بسبب تغير المناخ ما يتراوح بين 2 و4 مليارات دولار سنويا بحلول عام 2030.
وقد أظهرت حالات الإصابة بالأمراض الاستوائية مؤخرا في عدة دول من شمال الكرة الأرضية البعيدة جدا عن المدار الاستوائي، أن الملاريا، وحمى الضنك، وحمى غرب النيل، والليشمانيا وغيرها من الأمراض، لم تعد مقتصرة على النصف الجنوبي للكرة الأرضية، ولكن مع تغير المناخ وزيادة حركة السفر، بات من الواجب اتخاذ كل إجراءات الحيطة والحذر، لأن البشر باتوا في مواجهة خطر انتشار هذه الأوبئة بشكل أكبر، مع احتمالية وصولها إلى مناطق غير معهودة.
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة مناد سعاد أخصائية الأمراض المعدية، إن الوقاية من الأمراض الاستوائية المتنقلة عن طريق الحشرات، تشمل أساسا مكافحة الحشرات الخطرة بطرق علمية سليمة بمشاركة مختلف القطاعات و الفاعلين في مجال الصحة والبيئة و الفلاحة، و إشراك المواطن وتوعيته و تحسيسه بخطر هذه الأمراض و بمسبباتها، ليكون عضوا فعالا في تحقيق الأمن الصحي في بلادنا عبر الاهتمام أكثر بموضوع البيئة وسلامة المحيط. تنتشر الأمراض الاستوائية وفق المتحدثة، بشكل رئيسي في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، حيث تكون مرتبطة بالظروف المناخية والبيئية التي تسود في تلك الجهات، ومن أهم هذه الأمراض الملاريا، وهو مرض طفيلي ينتقل عن طريق لدغات البعوض المصاب، الذي يأخذ الطفيلي في وجبته من خلال لدغ شخص مصاب، و تعد الحمى من أبرز أعراض الملاريا التي تتقاطع قليلا مع أعراض الأنفلونزا.
وفي حال تأخر العلاج أو غيابه، فإن المرض يتطور حسبها، إلى مضاعفات خطيرة أهمها الالتهاب الدماغي، وبفضل الجهود المكثفة للمكافحة تم القضاء على الملاريا المتنقلة محليا في الجزائر منذ 2019، منذ ذلك الوقت فإن كل الحالات هي حالات مستوردة و يعتبر هذا مكسبا مهما جدا ينبغي الحفاظ عليه كما قالت، وذلك من خلال اليقظة المستمرة و متابعة البرنامج المسطر لهذا الغرض خاصة في المناطق الحدودية.
أما مرض حمى غرب النيل، فينتقل عن طريق لدغات البعوض التي مصدرها الطيور المهاجرة كما أوضحت، و يتسبب غالبا في أعراض تتراوح بين الحمى الخفيفة إلى التهاب الدماغ الشديد.
كما ذكرت «الليشمانيا»، وهو مرض طفيلي ينتقل عن طريق لدغات ذبابة الرمل، ويمكن أن يسبب تقرحات جلدية أو إصابات داخلية خطيرة، و ينتشر في بعض المناطق الريفية أين تتوفر الظروف البيئية المناسبة لتكاثر ذبابة الرمل.
ومن الأمراض الاستوائية الأخرى نجد مرض النوم، الذي ينتقل عن طريق ذبابة «التسي تسي»، وقد يؤدي إلى الموت إذا لم يتم علاجه، و تشمل أعراضه طول فترات النوم خلال اليوم، بالإضافة إلى تضخم الغدد اللمفاوية، وتقوم ذبابة «التسي تسي» بلدغ الحيوانات أيضًا، فتصاب بمرض يُدعى «النانجا» الذي يؤثر في الإنتاج الحيواني فترتفع معدلات الوفيات بين الماشية.
بن ودان خيرة
* تحصلنا على نتائج إيجابية تسمح باستبدال المواد المستوردة
أنشأت أستاذة وباحثة بالمركز الوطني للبحث والتنمية في الصيد البحري وتربية المائيات قاعدة بيانات بالمواد المحلية التي يمكن استعمالها في إنتاج أعلاف الأسماك، ضمن مشروع يتم العمل فيه كذلك على تثمين مواد مختلفة لتشكيل تركيبات أعلاف لمختلف مراحل نمو الأسماك، إذ تؤكد للنّصر على أهمية الاهتمام بصناعة الأعلاف عبر مواد متوفرة محليا لاستدامتها وتعزيز نجاح مشاريع الاستزراع السمكي.
وتعمل الأستاذة والمختصة في علوم البيئة المائية وتربية المائيات، فايزة عليوش، على مشروع بحثي يخص استخدام التقنيات الحيوية الغذائية في إنتاج الأعلاف، حيث ذكرت في حديث لها مع النّصر أنّه يتم بالاعتماد على تثمين المنتجات الزراعية والمائية ومخلفاتها وتأثيرها على نمو، صحة وجودة الأسماك المستزرعة، سواء أسماك المياه العذبة كالبلطي، القرموط والشبوط، أو الأخرى البحرية على غرار سمك الدنيس والقاروص، اللذان يعدّان أهم الأسماك البحرية المستزرعة بالجزائر، بالإضافة إلى تشكيل تركيبات أعلاف لمختلف مراحل نمو السمك بمراعاة الاحتياجات الغذائية لكل مرحل ونوع سمكي.
ولفتت المتحدّثة إلى أنّ المشروع كذلك في جزء ثان منه يتضمّن إنشاء قاعدة بيانات لمختلف المواد المتوفرة محليا ودراسة تأثيرها على الأسماك، بغية إنشاء برنامج خاص بتشكيل الأعلاف الخاصة بهذه الأخيرة، على اعتبار تضيف، عليوش، أنّ لكل مرحلة استزراع احتياجاتها وأهدافها، ففيما يخص أمهات الأسماك على سبيل المثال تم القيام بالتركيز على تحسين الخصوبة وتوفير أعلاف تساعد على تقوية وتعزيز مناعة الأسماك في هذه المرحلة، بينما عند التسمين وما قبلها تمّ التركيز على صحة الأسماك ونموّها وكذا الاحتياجات من البروتين، أما فيما يتعلّق بمرحلة اليرقات فكان التركيز على تحسين حالتها لتكون دون عاهة وتسريع نموّها، كما يُهتم في كل من هذه المراحل بتأثير الأعلاف على جودة المياه.
وتقول ذات المتحدّثة إنّ عدّة نتائج إيجابية تمّ الحصول عليها، بحيث مكّنت من استبدال المواد المستوردة بأخرى متوفرة محليا، إذ تعد المستوردة مرتفعة الثمن وقد يتأخر استلامها، ما يؤثر على تغذية الأسماك وانخفاض نوعيتها خاصة من ناحية الفيتامينات، بالأخص استبدال مسحوق السمك الذي أصبح موضوع بحث يشغل الباحثين دوليا، سواء كانت مصادر للبروتين حيوانية أو نباتية، إذ هناك من منع تصدير مسحوق السمك واستيراده لأسباب صحية في جائحة جنون البقر ما ألزم التفكير في حلول بديلة خاصة وأنّ البروتينات من أهم الجزيئات في غذاء السمك.كما أنّ للنتائج إيجابيات أخرى تتمثل في ضمان استمرارية ونجاح مشروع الاستزراع السمكي بضمان توفّر المواد وعليه توفّر الأعلاف على مدار السنة، التخفيف من الاستيراد وتشجيع الاستثمار في هذا المجال وعليه تحقيق الاكتفاء الذاتي، فوائد أخرى تخص الجانب البيئي من خلال استخدام مخلفات مصانع تعليب الأسماك لتصنيع مسحوق السمك ما يؤدي إلى الحفاظ على البيئة البحرية، على اعتبار أنّ هذه المصانع تواجه مشكلة في التخلص من هذه المخلفات وتدفع ضرائب للقضاء عليها ورميها في البحر.
الاستزراع السمكي مصدر الإنتاج
وتحدّثت، عليوش، عن إقرار منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في آخر إحصائياتها لسنة 2024 عن تفوّق الاستزراع السمكي في إنتاج الحيوانات المائية مقارنة بالصيد الطبيعي، لأول مرة في التاريخ بنسبة 51 بالمائة، ما يعني أنّ الاستزراع السمكي أصبح المصدر العالمي لإنتاج الأسماك، كما يحافظ على الثروة الطبيعية والتوازن البيوحيوي، غير أنّه يواجه تحديات تتعلّق خصوصا بصناعة الأعلاف، التي تمثّل نسبة ما بين 50 و80 بالمائة من تكاليف مشاريع الاستزراع السمكي بحسب خبراء في القطاع، استنادا لنوع السمك ونظام الاستزراع المتبع.
فأسماك المياه العذبة كمثال احتياجاتها الغذائية أقل مقارنة بالأسماك البحرية وعليه تكاليف أعلاف أقل، كذلك أسعار أعلاف اليرقات أغلى من الخاصة بالأصبعيات، وكلها ترتبط بتركيبة الأعلاف بالأخص من البروتينات الحيوانية، إذ لها علاقة وطيدة باستخدام مسحوق الأسماك الذي أصبح يشكّل عائقا أمام مصانع صناعة الأعلاف، زيادة على الآلات المستخدمة في صناعتها التي تؤثر على خاصية الطفو (العلف الطافي والغاطس)، وعليه فالأعلاف دورها مهم في إنجاح الاستزراع السمكي بتوفير تركيبات بجودة تلبي احتياجات الأسماك حسب مرحلة النمو، باستخدام مواد محلية تضمن استدامة المشروع. وتؤثر الأعلاف أيضا على جودة المياه مثلما قالت، وبالتالي على صحة الأسماك، عبر خصائصها الفيزيائية ونوعيتها الميكروبيولوجية، إذ أنّ الأعلاف غير المتينة والثابتة تتحلل بسرعة فلا تستفيد منها الأسماك، كما تلوّث المياه فينجر عن ذلك خسائر سمكية وفي المياه ما يرفع من تكاليف المشروع، ذات الأمر للأعلاف التي لم تصنع وفق معايير جودة ميكروبيولوجية، حيث تؤدي إلى نفوق الأسماك وإلزامية إفراغ الأحواض وتجديدها واستخدام مضادات حيوية. وعملت، عليوش، خلال سنوات سابقة على استخدام نبات «الكينوا» في أعلاف الأسماك، باعتباره محصولا استراتيجيا متعدّد الاستخدامات والفوائد وقيمته الغذائية عالية، إذ تحوز النبتة على نسبة عالية من البروتين، الفيتامينات، الأملاح المعدنية والأحماض الأمينية، غنية كذلك بالدهون على غرار أوميقا 3 و6 وتساعد على هضم الأعلاف بشكل جيّد، فضلا على تحمله الجفاف والملوحة، حيث اهتمت بالتعريف بالنبتة والعمل على تثمين مخلفاتها وأيضا دراسة مدى تأثير مادة «الصابونين» على صحة الأسماك.
ولفتت المتحدّثة إلى أنّ الأعلاف المصنعة من نبات «الكينوا» كانت منافسة لنظيرتها المصنعة من مسحوق السمك، كما لم تؤثر سلبا على صحة الأسماك، والملاحظ هو زيادة الخصوبة عندها والنمو بشكل متجانس، مع ذلك توصي، عليوش، باستخدام نبات «الكينوا» كمضاف للأعلاف على اعتبار سعره الباهظ، كذلك عدم وجود فائض في إنتاجه لتفادي منافسة الاستهلاك البشري الموجّه بالأخص لمرضى «السيلياك»، أما بالنسبة لاستخدام مخلفات النبتة فساهم في تقليص سعر العلف من خلال تثمين مخلفاتها في أعلاف البلطي حيث تباع بأسعار رمزية.
من الضروري تشجيع السوق المحلي
وتهدف المختصة إلى العمل مع الشريك الاقتصادي لدراسة جودة الأعلاف المصنعة وتقديم حلول لتحسينها، ذلك أنّ الاهتمام بمجالها ضروري لمشاريع الاستزراع السمكي، إذ يرتبط بوفرة الأعلاف واستدامتها، فجائحة «كورونا» أثرت على قطاع الصيد البحري وتربية المائيات، بحيث كان من الضروري تشجيع السوق المحلي لصناعة الأعلاف واستخدام مواد محلية ذات قيمة غذائية عالية وأسعار مقبولة، غير أنّ مصانع الأعلاف محدودة على المستوى الوطني. وترى ذات المتحدّثة أنّ الجزائر تزخر بثروات طبيعية وبدائل للمواد المستخدمة على الصعيد الدولي، وتثمينها في المجال يساهم في تطوير إنتاجها وتحقيق الاقتصاد الدائري، سواء موارد مائية وزراعية وأيضا نباتات مائية كـ»الأزولا» وعدس الماء اللذان يستخدمان كأعلاف للدواجن والماشية، إذ أعطت نتائج استخدام هذين المادتين نتائج جيدة فيما يخص تحسين جودة المياه، إذ تقوم باستغلال المواد الأزوتية الناتجة عن بقايا الأعلاف في الماء ومخلفات الأسماك كمواد غذائية لنموها، فيما استخدمت النبتتان في تركيبات أعلاف كمصادر للبروتين النباتي وكذلك كخام، لكن لم تعطيان نتائج جيدة، لذلك توصي، عليوش، باستخدامهما كمضافات، وتشجّع على استغلال وزراعة الطحالب بشكليها الدقيقة والكبيرة، كما تؤكد الحرص على تفادي استخدام المضادات الحيوية والمضافات الاصطناعية.وعرّجت، عليوش، للحديث عن الأسماك في المياه العذبة، قائلة إن تربيتها في الجزائر يرفع من نسبة استهلاك الأسماك، كذلك الحد من استغلال الثروات البحرية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، كما نوّهت بفوائدها وقيمها الغذائية، حيث تنافس أحسن الأسماك استزراعا، فضلا على الحفاظ عن الأسماك القارية وتوازن النظام البيئي القاري، لافتة أنّ الجزائر تصدر أسماك المياه العذبة، حيث تعتبر أسماك البلطي، القرموط والشبوط أهم أسماك المياه العذبة المستزرعة محليا، إذ يؤدي هذا النوع من الاستزراع إلى تشجيع الصناعات التحويلية.
وتنوّه بأهمية التعاون بين المختصين في مختلف الميادين لاستخدام أحسن وتبادل المعلومات، فضلا عن اهتمام أكبر من قبل الباحثين حتى البياطرة، بالتركيز على استخدام النباتات الطبية لتحسين مناعة الأسماك والعلاج ضد بعض الأوبئة، كما أنّ الذكاء الاصطناعي مجال مهم في توفير برامج مثلا لحساب نسب تركيبات المواد، كذلك مختصو الميكانيك لصناعة أجهزة توزيع الأعلاف وغيرها من الأفكار المبتكرة التي تسهم في تطوير المجال، إذ أكدت إيداع طلب الحصول على براءتي اختراع لمشروعي مؤسسة ناشئة واحد في استخدام مادة حيوانية كمصدر للبروتين عوض مسحوق السمك وآخر لتحسين تصبغ الأسماك، إذ تمّ ابتكار لون لا يضر بالأسماك لاعتبار مواده الطبيعية. إسلام قيدوم
تجارب غير تقليدية تخدم البيئة والتنمية المحلية
المـــــزارع .. وجـــه رائــج للسياحـــة المستدامــة في الجزائـــر
يساهم البحث المتزايد عن تجارب سفر وسياحة تجمع بين المتعة والاستدامة، في رواج المزارع التي تجذب اليوم عديد الأفراد والعائلات، لتخرج بذلك من الصورة النمطية لكونها مصدر إنتاج زراعي، وتتحول إلى فضاء للترفيه يجمع بين الأنشطة الفلاحية والسياحية، ويقدم تجربة تفاعلية تتيح للزوار الاقتراب من الطبيعة بشكل أكبر.
تحظى مزارع عديدة في الجزائر، باهتمام متزايد هذه السنة، خصوصا من قبل عشاق الطبيعة والراغبين في الابتعاد عن صخب المدينة وهوائها الملوث، إذ يشكل الوعي البيئي عنصرا أساسيا في كل ذلك، بداية بالأماكن الطبيعية البعيدة عن ملوثات الجو، إلى جانب المميزات الخاصة التي توفرها هذه المزارع في مجال الغذاء بفضل ما تقترحه على زوارها من منتوجات عضوية طازجة، فغالبا ما تتوفر على محلات تابعة لها تبيع منتجات خاصة بالمزرعة من أجبان وكل مشتقات الحليب، وحتى العسل الطبيعي والخضر والفواكه التي تنتجها الأشجار المثمرة أيضا، بما يتيح للسائح إمكانية الاطلاع على مصدر غذائه وأهمية الزراعة المستدامة.
مزيج بين السياحة والفلاحة
وتصنع تلك المزارع الطبيعية البسيطة الحدث على مواقع التواصل الاجتماعي التي تروج لها بقوة، خصوصا وأنها مختلفة من حيث هندستها وتجهيز مرافقها المهيأة لاستقبال الزوار، وهو ما أحدث الفرق من حيث الإقبال الكبير عليها سواء من طرف العائلات، أو مجموعات الأصدقاء، أو حتى تحولها إلى عنوان رئيسي لخرجات رياض الأطفال والمدارس والأنشطة الجماعية لبعض المؤسسات، وهو ما وقفنا عليه بمزرعة بولاية تيبازة، ذاع صيتها بشكل كبير هذه السنة بالنظر إلى جودة المرافق والخدمات التي تقدمها للزوار، وهي شهرة لا تقل عن الانتشار الذي تحققه مزرعة أخرى بغرداية و ثالثة ببومرداس، وأخرى رابعة بقسنطينة.
أخبرنا أحد عمال المزرعة، خلال زيارتنا لها مؤخرا، أنهم أخضعوا المكان لأشغال توسعة وتهيئة، بحيث يتوفر اليوم، على كل ما يحتاجه الزائر من أماكن للترفيه والتعلم، مشيرا إلى أنه يقصد بالتعلم اكتساب بعض الحيل الزراعية و معرفة طرق التعامل مع النبات والحيوان.
كما تتوفر المزرعة كذلك، على محلات لبيع منتجات طبيعية تنتج محليا، تكون متاحة للسياح والزوار بنوعية جيدة وأسعار تنافسية، وتشجع على استهلاك كل ما هو طبيعي أو «بيو». وكلها مقومات يرى محدثنا، بأنها تساهم في رفع نسبة الزوار من سنة إلى أخرى مضيفا، أن المزرعة قبلة للزوار دوما خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو العطل المدرسية التي أكد أنها تشكل فترات الذروة من حيث الإقبال.
استثمار مغر
صادفنا خلال جولتنا في المزرعة، العديد من الأشخاص من ولايات أخرى وقد اتضح لنا ذلك من خلال تعدد اللهجات المحلية، تقربنا من إحدى السيدات، فقالت إنها جاءت من وادي سوف في رحلة سياحة إلى الجزائر العاصمة، ولأنها سمعت الكثير عن المزرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اختارت العائلة أن تكون تيبازة من بين محطاتها الرئيسية.
وعبرت المتحدثة، عن سعادتها بالتجربة،وقالت إنها ثقافة جيدة تروج للاستدامة وحب الطبيعة، وتجعلنا أكثر وعيا بمخاطر ما قد نخسره في حال لم ننتبه إلى تحديات كوكبنا.
وفي ذات السياق، أكد العامل بالمزرعة أنهم يستقبلون زوارا من مختلف ولايات الوطن خاصة خلال فصل الصيف، وهو ما يعتبره مشجعا لمواصلة العمل وتطوير النشاط بما يخدم الزائر والبيئة.
مزرعة تيبازة، ليست إلا عينة من تلك المزارع التي يتزايد عددها من يوم لآخر في بلادنا، بعد أن لقيت المبادرة رواجا في أوساط العديد من الأفراد وشجعتهم على السياحة الداخلية، وذلك بحسب ما تظهره تلك الإعلانات لمزارع من مختلف ولايات الوطن، خاصة بمنطقة الهضاب العليا، وهي مزارع يروج لها مؤثرون يقدمون صورة عامة عن هذه الأماكن، التي تتوفر كذلك على غرف للمبيت أو بيوت خشبية وأشجار مثمرة، وحظائر للحيوانات مع مسابح، ويمكن الاستفادة من خدماتها بأسعار متفاوتة حسب ميزانية الفرد أو العائلة.
وقد علمنا من أصحاب المزرعة المتواجدة بتيبازة، أن هذا النشاط الزراعي السياحي، يسمح بتوفير مصدر دخل إضافي للفلاحين وللمالكين بما يدعم ويعزز الاقتصاد المحلي، في وقت تساعد فيه الأنشطة المختلفة المقترحة على الزوار، في تثقيفهم حول أهمية الحفاظ على البيئة وقيمة الزراعة المستدامة، وتقدم خيارات جديدة للسياح الباحثين عن تجارب غير تقليدية.
إ.زياري
طاقات غير نظيفة وصناعات تهدد الكوكب
99 بالمئة من سكان العالم يتنفسون هواء ملوثا
تشير بيانات لمنظمة الصحة العالمية، إلى أن 99 بالمئة من سكان العالم يتنفسون هواء ملوثا، من مسبباته الاعتماد المطلق على الطاقات الغير نظيفة، والصناعات الكبرى، زيادة على ما تفرزه النفايات من غازات سامة، وكلها عوامل تتسبب حسب الخبراء، في الانتشار الرهيب للأمراض وزيادة معدلات الموت، وسط دعوات لاعتماد بدائل نظيفة وحلول ذكية تعتبر فعالة في تنظيف الهواء.
يصنف تلوث الهواء ضمن قائمة المخاطر البيئية الكبرى على الصحة والتي يعاني منها كل سكان الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، وحتى البلدان المتطورة المرتفعة الدخل، بحيث تشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن تلوث الهواء في المدن والقرى يتسبب في وفاة 4.2 مليون حالة مبكرة سنويا، وذلك نتيجة للإصابة بالأمراض القلبية الوعائية وأمراض الجهاز التنفسي، وأنواع مختلفة من السرطان يتقدمها سرطان الرئة.
موت عالمي جماعي
ويكشف تقرير لمنظمة الصحة العالمية، أن ما يقارب 68 بالمئة من حالات الوفاة المبكرة الناتجة عن تلوث الهواء الخارجي، سجلت في العام 2019 بسبب الإصابة بمرض القلب الإقفاري والسكتة الدماغية، وأن 14 بالمئة من هذه الوفيات نجمت عن الإصابة بمرض الرئة الانسدادي المزمن، بينما نجمت 14 بالمئة عن عدوى الجهاز التنفسي السفلي الحادة، و4 بالمئة المتبقية نتجت عن سرطانات الرئة. وعلى الرغم من أن كل بدان العالم تتقاسم خطر الهواء الملوث، إلا أن سكان البلدان التي تكون منخفضة ومتوسطة الدخل، يتحملون العبء الأكبر الناتج عن تلوث الهواء الخارجي، بحيث تشير الأرقام إلى أن 89 بالمئة من أصل 4.2 مليون حالة وفاة مبكرة تسجل في هذه المناطق، علما أن أعلى نسب الوفيات والتضرر ترصد في إقليمي جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ.
مبادئ عالمية و توجيهية لا يعترف بها
وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية قد فرضت مبادئ توجيهية عالمية لنوعية الهواء، وفق إرشادات عامة بشأن العتبات والحدود القصوى لملوثات الهواء الرئيسية التي تشكل مخاطر صحية، إلا أنها تبقى مجرد توجيهات لا يتم الاعتراف بها ولا اعتمادها من قبل البلدان المصنعة، رغم أن هذه المبادئ التوجيهية وسيط لتعزيز الانتقال التدريجي من مستويات التركيز المرتفعة إلى مستويات أدنى.ويصنف الخبراء تلوث الهواء إلى نوعين، تلوث الهواء المحيط وهو تلوث خارجي، وتلوث الهواء داخل المنزل ويسمى تلوث الهواء الداخلي، علما أن التلوث الخارجي يصنف كأكبر مشاكل الصحة البيئية التي تلحق أضرارا جسمية بكل سكان المعمورة دون استثناء.
وتشكل الجسيمات الدقيقة العالقة في الهواء أخطر الملوثات، والمتمثلة في خليط من القطرات الصلبة والسائلة التي تحوي جزيئات أكبر حجما مصدرها حبوب اللقاح ورذاذ البحر والغبار المحمول بواسطة الرياح الناجم عن التآكل، ومساحات الأراضي الزراعية، وطرق وعمليات التعدين،ويمكن أن تأتي هذه الجسيمات من مصادر أولية مثل حرق الوقود في مرافق توليد الطاقة أو المصانع المركبات، ومصادر ثانوية مثل التفاعلات الكيميائية بين الغازات. ويحمل الهواء الملوث أيضا، مكونات أخرى تعتبر خطيرة للغاية، منها ثاني أكسيد النيتروجين، وهو غاز ناتج عن احتراق الوقود بأنواعه في بعض العمليات مثل تلك المستخدمة في الأفران، ومواقد الغاز، والنقل والصناعة، وتوليد الطاقة، إلى جانب ثاني أكسيد الكبريت، وهو غاز آخر ينتج أساسا عن احتراق الوقود الأحفوري بأنواعه بأغراض التدفئة المنزلية والصناعات وتوليد الطاقة، وكذا غاز الأوزون الموجود في طبقات الجو السفلى، و الناتج عن تفاعل كيميائي لغاز مثل ثاني أكسيد النيتروجين بوجود ضوء الشمس، وهي الملوثات التي تثبت أثرها الصحي المباشر على الإنسان خاصة الجسيمات الدقيقة العالقة ثم ثاني أوكسيد النيتروجين، وغاز الأوزون الذي يعتبر عاملا رئيسيا للإصابة بالربو أو لتدهور حالته.
الخبيرة في الطاقات المتجددة الدكتورة كريمة قادة تواتي
مخاطر نتخطاها بالتكنولوجيا والحلول الذكية
أرجعت الخبيرة في مجال الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي، الدكتورة كريمة قادة تواتي، تلوث الهواء والتلوث البيئي للاستغلال الخاطئ وغير العقلاني للطاقات الطبيعية، إضافة لاستغلال الطاقات الأحفورية كالبترول والكربون، ما يلوث البيئة والهواء بفعل إفراز غازات سامة وخطيرة جدا.
وأكدت الخبيرة، أن المواد الكيميائية التي يولدها هذا الاستغلال للطاقات تنتشر عبر الهواء الذي نتنفسه، وبالتالي تأثر سلبا علينا بفعل المواد الكيميائية الخطيرة جدا المسببة للأمراض القاتلة.
وأضافت الدكتورة قادة تواتي، أن الصناعات تشكل عاملا رئيسيا في تلوث الهواء، وذلك نتيجة الطرق المعتمدة في الصناعة التحويلية،التي تنتج نفايات سامة تؤثر بالدرجة الأولى على صحة الإنسان.ودعت الخبيرة، إلى ضرورة مراجعة بعض الممارسات الصناعية عبر اعتماد طرق صحية أكثر، يمكن أن تتيحها التكنولوجيا المتطورة في الصناعة، والتخلي عن الطرق التقليدية المسببة لأعلى نسب التلوث خاصة الآلات القديمة، مشددة على أهمية تبني طرق حديثة في التصنيع للتقليل من انبعاثات الغازات السامة. وأشارت أيضا، إلى النفايات التي اعتبرتها عبئا كبيرا على الكوكب بسبب الغازات السامة، خاصة البلاستيك الذي يتطلب مئات السنوات للتحلل في الطبيعة، ودعت إلى ضرورة التحول نحو الاقتصاد التدويري الذي يجب أن يدرج في الاستراتيجيات الكبرى للتصنيع، وذلك بالنظر إلى فوائده الكبيرة في تقليص حجم النفايات، كما يوفر ثروة ومناصب جديدة، بما يرسخ للاستدامة، ويشكل ثروة اقتصادية كبيرة للبلاد، ويقلل كذلك من الملوثات
و الأضرار ويحمي الإنسان.
إيمان زياري
تجدهم في كل مكان، في الشوارع و الساحات العامة، و مواقع الجمع و بالمفارغ العمومية يبحثون عن مصدر الرزق بين أكوام النفايات، هكذا هم أو كما يعتقد أغلب الناس، لكنهم في الحقيقة هم يؤسسون لاقتصاد أخضر مستديم بطريقتهم الخاصة، دون انتظار توجيه أو مساعدة. ما يصبون إليه فقط هو سوق واعدة تحفزهم و تشجعهم على الاستمرار و التطور، و خوض تجربة فتية كما كانت الجزائر في حاجة إليها قبل سنوات مضت عندما كانت تلك النفايات الثمينة تذهب هدرا بالردم في المفارغ و الرمي العشوائي في الطبيعة و الأودية و البحر و حقول الزراعة، ملحقة أضرارا اقتصادية و بيئية و صحية ظل الناس غير مدركين لها عقودا طويلة من الزمن قبل أن يكتشفوا الناس تحت تأثير الحاجة و ربما باستفاقة ضمير بأن ما يرمى هدرا و عبثا هو في الحقيقة كنز و مصدر رزق لا ينضب.
إنهم جامعو النفايات الذين يعملون على تطهير المدن و الطبيعة من البلاستيك والحديد، والخشب و الأواني المنزلية والكارتون والعجلات المطاطية والبطاريات و التجهيزات الإلكترونية المعطلة، و المدافئ و مواقد الطهي و كل ما انتهى و لم يعد يصلح للاستعمال.
يجمعون كل شيء يمكن إعادة تدويره و تحويله الى منتج جديد يفيد الناس في حياتهم اليومية، يزدادون عددا كل يوم، نشاطهم يتعاظم و يتوسع، حتى أن بعضهم لم يعد يجد ما يجمعه إذا تأخر عن موعد رمي النفايات المنزلية و التجارية.
و في الوقت الحالي يبدو الكثير من هؤلاء الجامعين غير مهتمين بالجانب التنظيمي للمهنة، و لا بالمخاطر المحدقة بهم، كل ما يهم هو أن يجدوا من يشتري بضاعتهم و يدفع الثمن الآخذ في الارتفاع باستمرار، فكلما نمت شركات الفرز و الاسترجاع و التدوير، يزداد الطلب على النفايات، و ترتفع أسعارها، خاصة النفايات الثمينة كالحديد و النحاس و البلاستيك و التجهيزات الالكترونية.
و تعمل الهيئات الوطنية الرسمية على تنظيم هذه المهنة الخضراء، و من ثم سوق النفايات و بعث صناعة وطنية مستديمة تعتمد على المواد الأولية الناتجة عن إعادة التدوير وفق تقنيات متطورة يشهدها العالم في السنوات الأخيرة في إطار جهود حماية الكوكب و خفض البصمة الأيكولوجية للبشر الذي سيحتاجون عدة كواكب مماثلة لكوكب الأرض حتى يشبعوا حاجاتهم إذا استمر استهلاكهم على ما هو عليه اليوم.
الجزائر تتجه نحو تنظيم سوق النفايات
يقول كريم ومان، خبير البيئة الجزائري و المدير العام السابق للوكالة الوطنية للنفايات بأن جامعي النفايات في الجزائر لهم دورهم أساسي لربط منتجي النفايات بمنشآت إعادة التدوير، حيث . تقوم شركات إدارة النفايات بجمع وفرز النفايات المنزلية والصناعية قبل بيعها إلى مصانع إعادة التدوير، مضيفا في تقرير جديد له، حصلت النصر على نسخة منه، بأن الجزائر شهدت في السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا بمجال إعادة التدوير، وقد تعززت هذه الديناميكية بتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال مجلس الوزراء المنعقد في 30 أبريل 2024 عندما كلف عدة قطاعات بينها الداخلية و البيئة بإعداد خارطة طريق، تحت إشراف الوزير الأول لإضفاء مزيد من الحيوية على أنشطة الجمع و إعادة التدوير في الجزائر.
ومع تنامي الوعي الاجتماعي و الاقتصادي يقول كريم ومان، أصبح من الضروري التعامل بجدية مع مسألة تسعير النفايات القابلة لإعادة التدوير، فالمشكلة حسب اعتقاده، لا تكمن فقط في كيفية إعادة تدوير هذه النفايات، بل أيضا في كيفية تحديد أسعارها بطريقة منظمة وشفافة وبالتالي يعد إنشاء آلية وطنية مرجعية لأسعار النفايات في الجزائر، خطوة مهمة و حيوية نحو تعزيز الشفافية وتحقيق ديناميكية فعالة في السوق، حيث تعتبر أسعار النفايات القابلة لإعادة التدوير عنصرا أساسيا في تنمية سوق النفايات الواعدة.
و حسب خبير البيئة فإن الجزائر تواجه حاليًا تحديات كبيرة في هذا المجال، حيث تفتقر حاليا إلى نظام موحد لتوثيق هذه الأسعار، مما يؤدي إلى فروق كبيرة قد تثبط المستثمرين و الجامعين، مضيفا بأن هذه الفروق قد تؤدي إلى خلق مناخ من عدم الثقة، الأمر الذي يعيق تطور هذا القطاع الاقتصادي الحيوي.
و يرى كريم ومان بأن إنشاء آلية وطنية لتحديد أسعار مرجعية للنفايات سيساهم في تعزيز الشفافية في المعاملات، حيث يتيح وجود مرجع دقيق و واضح لهذه الأسعار، للجهات الفاعلة اتخاذ قرارات مستنيرة، مما يعزز الثقة بين الأطراف المعنية.
فعلى سبيل المثال، يضيف خبير البيئة الجزائري في تقريره، يمكن أن تساهم هذه الآلية في الحد من فرص الاحتيال و الاحتكار، حيث ستصبح الأسعار متاحة و واضحة للجميع.و علاوة على ذلك، يمكن أن يساهم إنشاء نظام موحد لتحديد الأسعار في خلق ديناميكية فعالة في السوق، فمن خلال توفير معلومات دقيقة عن الأسعار، سيكون بإمكان الجهات الفاعلة تقييم الفرص المتاحة بشكل أفضل، مما قد يؤدي إلى زيادة الاستثمارات في هذا القطاع و تشجيع الجهات الفاعلة على الانخراط، والمشاركة في البرامج الوطنية لإعادة التدوير .
مفهوم وطريقة عمل سوق النفايات
و يقدم كريم ومان سوق النفايات على انه نظام اقتصادي منظم يتفاعل فيه مختلف الفاعلين لتبادل النفايات، التي تعتبر مواد أولية ثانوية، ويستند هذا السوق إلى مبدأ العرض والطلب حيث تتأثر الأسعار بعوامل مثل توافر المواد وتكاليف المعالجة وطلب المستخدمين النهائيين.
و تعتمد سوق النفايات على عدة أطراف أساسية فاعلة و هي منتجو النفايات، ويمثلون بشكل أساسي الصناعيين والمستهلكين. فعلى سبيل المثال، في قطاع صناعة الأغذية تنتج الشركات نفايات بلاستيكية من مواد التعبئة والتغليف، ويمكن جمع هذه النفايات وبيعها إلى منشآت إعادة التدوير، مما يساهم في سلسلة التثمين، كما تلعب الأسر دورا رئيسيا في فرز النفايات، مما يسهل توجيهها إلى مراكز إعادة التدوير.
كما يعد جامعو النفايات حلقة مهمة و همزة وصل بين أطراف العملية برمتها، من المنتج إلى مراكز الفرز و مصانع إعادة التدوير التي تحول النفايات الى مواد خام تستخدم في تصنيع منتجات جديدة.
و يعد سوق النفايات بمثابة نظام ديناميكي يسهل المعاملات التجارية بين منتجي أو حائزي النفايات و معالجيها، ويساهم هذا السوق في الإدارة البيئية السليمة للنفايات، وخلق أنشطة الاسترجاع والتثمين، مما يوفر فرص عمل دائمة.
مهنة خضراء مستديمة
و في الدول الرائدة، تصنف مهنة جمع النفايات من بين المهن الخضراء المستديمة، لكن هناك عوامل عديدة محفزة على استمرار هذا النشاط المفيد للبيئة و الإنسان، بينها القيمة السوقية لهذه المواد، حيث يعتمد تقييم أسعار النفايات القابلة لإعادة التدوير على مجموعة من العوامل المترابطة التي تعكس ديناميكيات السوق وتكاليف المعالجة. و من بين أهم العوامل حسب خبير البيئة كريم ومان خصائص و طبيعة المواد القابلة لإعادة التدوير، سواء كانت هذه المواد عادية أو خطرة، تؤثر بشكل كبير على قيمتها، فبعض المواد تكون أكثر طلبا بسبب سهولة إعادة تدويرها و الطلب الكبير عليها، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.
و هناك عامل جودة المواد الذي يلعب دورا حاسما في تحديد القيمة. فالمواد النظيفة والمفروزة بشكل جيد تكون ذات قيمة أكبر، و رغم تكلفتها العالية، فّإنها تحسن من ربحية إعادة التدوير من خلال جودة المواد. طلب السوق، و أسعار المواد الخام التقليدية، و القوانين و الحوافز العمومية، هي أيضا عوامل مهمة في استمرار نشاط الجمع و إعادة التدوير و تطور الأسعار و ديناميكية سوق النفايات الواعدة.
فريد.غ
باحثون يؤكدون على ضرورة مراعاة خصوصية كل منطقة
هذه أبرز تحديات التنمية المستدامة في الأقاليم الحساسة
ناقش مؤخرا، أساتذة وباحثون بجامعة قسنطينة3، أهم تحديات التهيئة والتعمير وآفاق التنمية المستدامة في الأقاليم الحساسة بالجزائر، وأكد المشاركون في الملتقى الوطني الأول حول الأقاليم الحساسة في الجزائر، على أهمية مراعاة هذه التحديات وإيجاد حلول مناسبة لكل منطقة وفقا لخصوصياتها.
وتطرق الباحثون، في اللقاء الذي نُظم بمعهد تسيير التقنيات الحضرية بجامعة قسنطينة 3 «صالح بوبنيدر»، إلى وجود استراتيجيات وطنية تهدف إلى حماية هذه الأقاليم تشمل برامج ومخططات لتطوير المناطق الساحلية والجبلية وغيرها من المناطق الحساسة.
عرف الملتقى الذي جاء بإشراف من مخبر الأقاليم الديناميكية الذكية والصامدة، بالتعاون مع فرقة البحث حول الأقاليم الحساسة والتنمية المستدامة والأمن، مشاركة واسعة تمثلت في أكثر من 26 مؤسسة، من بينها 22 جامعة، ومركزان للبحث العلمي، وشركاء اقتصاديون وعلميون، وسجلت خلال أول يومين من عمر الفعالية أكثر من 60 مداخلة تناولت موضوعات متنوعة تتعلق بالتحديات والحلول الخاصة بتنمية الأقاليم الحساسة.
وأكد رئيس قسم التقنيات الحضرية والبيئة ورئيس ملتقى «الأقاليم الحساسة بالجزائر»، الدكتور وليد مدور ، أن الحدث يعد الأول من نوعه، موضحا أن الفكرة جاءت استجابة لدراسة فرق البحث الخاصة التي ركزت على المناطق الحساسة في الجزائر، والتي تقسم إلى أربعة أصناف هي المناطق الساحلية، الجبلية، الحدودية، والصحراوية.
وأشار إلى أن هذه المناطق تعاني من التهميش ونقص الخدمات والمرافق الأساسية، مما يستدعي إدراجها ضمن خطط التهيئة الإقليمية الشاملة، كما تهدف بحسبه فكرة الملتقى إلى دراسة أسباب هذا التهميش، والعمل على إيجاد السبل الكفيلة بإدماج هذه المناطق في تنمية المجال الوطني، وأوضح المتحدث، أن أبرز التحديات البيئية والاجتماعية التي تواجه الأقاليم الحساسة في الجزائر تتعلق بالخصائص الطبيعية لهذه المناطق، والتي جعلتها عرضة للهشاشة.
ولفت مدور، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فعالة ووضع شروط ملائمة لتنميتها، مشيرا إلى خصائص المناطق الساحلية واحتياجاتها، وكذلك طبيعة المناطق الجبلية التي تتميز بارتفاعاتها والمناطق الصحراوية التي تعاني من الجفاف، مؤكدا على أهمية مراعاة هذه التحديات وإيجاد حلول مناسبة لكل منطقة وفقا لخصوصياتها.
كما أشار في ذات السياق، إلى وجود استراتيجيات وطنية لحماية الأقاليم الحساسة، تشمل برامج ومخططات تهدف إلى تطوير المناطق الساحلية والجبلية، بالإضافة إلى صناديق خاصة بتهيئة هذه المناطق الهشة، وشدد على أهمية إشراك جميع الفاعلين، بما في ذلك العنصر البشري والمجتمع المدني، نظرا لدورهم المحوري في تحقيق التنمية المستدامة لهذه المناطق.
وأشار، إلى الدور الكبير للبحث العلمي في تشخيص مشاكل الأقاليم الحساسة، مؤكدا على ضرورة الاستفادة من التجارب الإفريقية والعالمية، ودراسة النتائج التي توصلت إليها الدول الأخرى بهدف تطبيقها في الجزائر، بما يسهم في تنمية هذه الأقاليم وتحقيق التنمية الشاملة.
من جهته، قدم الدكتور فؤاد بن غضبان، من معهد تسيير التقنيات الحضرية بجامعة أم البواقي، مداخلة حول شبكة الخدمات كأحد البدائل لتهيئة المجالات الساحلية الحساسة بالجزائر، مع تطبيق عملي على ولاية الطارف، التي تعد ولاية حدودية تتميز بحساسيتها كونها ولاية فتية تشهد العديد من المشاريع التنموية. وأشار الدكتور، إلى أن أهمية هذا الموضوع تأتي من خصوصية ولاية الطارف التي تمتلك العديد من المقومات الطبيعية التي لم تتأثر بالتلوث حتى الآن، فالولاية لم تشهد تطورا صناعيا، وإنما تعتمد على أنشطة اقتصادية وفلاحية وسياحية، وتعرف الطارف بحسبه، بميزاتها الفريدة مثل الحظيرة الوطنية للقالة، والشريط الساحلي الممتد الذي يضم شواطئ متنوعة بين الرملية والصخرية، إضافة إلى الغابات والموارد المائية المختلفة، مثل الوديان، والبحيرات، والسدود، والحمامات المعدنية.
وأكد المتحدث، أن هذه الخصوصية الطبيعية تجعل من ولاية الطارف مجالا حساسا يتطلب شبكة خدمات متوازنة، يتم من خلالها تهيئة هذا المجال الولائي عبر اختيار مراكز الخدمات بشكل مدروس ومتوازن.
وأوضح، أن هذا يعني التركيز على المراكز أو المدن التي تحتضن الأنشطة الخدمية لتلبية احتياجات سكان الولاية، مع الحفاظ على مواردها الطبيعية وعدم التأثير سلبًا عليها، وأن مفهوم الاستدامة يمكن تحقيقه في مراكز الخدمات من خلال اختيار أمثل لتوزيعها بما يضمن تلبية الاحتياجات الحالية للسكان دون المساس بمقومات البيئة أو الإضرار بإمكانات الولاية الطبيعية.
وأشار الدكتور بن غضبان، إلى أن نتائج دراسته كشفت عن وجود خلل في البنية المكانية لشبكة الخدمات بالولاية، وهو ما استدعى تقديم مجموعة من التوصيات، تهدف إلى إعادة تشكيل البنية الخدماتية في ولاية الطارف، مع اقتراح صياغة تقسيم إداري جديد يساعد على تحقيق تنمية متوازنة ومتكاملة تأخذ بعين الاعتبار خصوصية هذه المنطقة الحساسة.
كما أوضحت مديرة مخبر الأقاليم الديناميكية الذكية والصامدة، الدكتورة عائشة جعفار، أن المخبر يعد جديد النشأة، حيث تم افتتاحه منذ عامين فقط، مؤكدة أن الفريق يسعى سنويا إلى تعزيز مكانته كمخبر بحث علمي متميز من خلال فضاء لتبادل الأفكار ودراسة الأقاليم بمختلف خصائصها. وأشارت، إلى أن اختيار موضوع دراسة المناطق الحساسة كان قرارا صعبا نظرا لتعقيد هذه الأقاليم وما تتطلبه من دراسات متعمقة، معبرة عن امتنانها لجهود الباحثين العاملين في المخبر الذين بذلوا جهودا كبيرة للإسهام في دراسة هذه المناطق وتقديم حلول للتحديات التي تواجهها.
لينة دلول
في مبادرة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة
6 قادة بيئيين يتوجون بجائزة أبطال الأرض لعام 2024
أعلن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، عن أسماء 6 فائزين بجائزة أبطال الأرض لسنة 2024، نظير قيادتهم المميزة والحلول المستدامة التي قدموها لعلاج المشاكل التي يتخبط فيها الكوكب خاصة قضايا الجفاف والتصحر.
ومنحت الجائزة هذا لعام لـ6 قادة بيئيين هم صونيا غواخاخارا، وزيرة الشعوب الأصلية في البرازيل، التي منحت لها الجائزة في فئة السياسات والقيادة نظير دفاعها عن حقوق السكان الأصليين للبرازيل منذ أكثر من عقدين من الزمن، كما تحصلت الأمريكية آمي باورز كورداليس، على الجائزة في فئة الإلهام والعمل، تكريما لخبرتها القانونية وشغفها بإصلاح النظم الإيكولوجية لتأمين مستقبل أفضل لقبيلة يوروك، وحماية نهر كلامات في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتحصلت مبادرة سيكم المصرية، مبادرة الزراعة المستدامة على الجائزة في فئة الرؤية الريادية، وذلك تكريما لما قدمته من مساعدات للمزارعين في مصر، من أجل التحول لزراعة أكثر استدامة بحلول عام 2025، والمساهمة في الترويج للزراعة الحيوية، ناهيك عن أعمال تحويل مساحات شاسعة من الصحراء إلى مشاريع زراعية مزدهرة.
كما منحت الجائزة أيضا، لغابرييل باون، في فئة الإلهام والعمل، وهو المدافع الروماني عن البيئة الذي ساهم بمبادرته في إنقاذ آلاف الهكتارات من التنوع البيولوجي الثمين في منطقة الكاربات منذ سنة 2009، إلى جانب العالم الصيني لو تشي، الذي فاز بالجائزة في فئة العلوم والابتكار تكريما لعمله في مجال العلوم والسياسات لثلاثة عقود لمساعدة الصينيين في عكس اتجاه تدهور الأراضي وتقليص مساحة صحاريها.
أما المتوج الأخير، فهو مادفاف غاردجيل، العالم الهندي في مجال البيئة والذي حصد الجائزة في فئة العمر، لما قدمه لعقود من الزمن لأجل حماية الناس والكوكب من خلال البحوث والمشاركة المجتمعية.
يذكر أن جائزة أبطال الأرض السنوية التي استحدثت سنة 2005، تعد أسمى جائزة تمنحها الأمم المتحدة في مجال البيئة، للرواد الذين يبذلون جهودا لحماية البشر وكوكب الأرض، لتكون قد منحت إلى غاية عام 2024، لـ122 ناشطا وقائدا بيئيا تكريما لعملهم المميز والملهم.
إ.زياري
أثبت طلبة باحثون جزائريون قدرتهم على الإبداع والابتكار من خلال مشاريع تخرج مميزة تركز على الحلول البيئية والتوجه نحو التنمية المستدامة، شاركوا بها في الطبعة الرابعة عشرة للصالون الوطني للابتكار، المنظم تحت شعار "الابتكار من أجل ريادة الأعمال"، تزامنا مع اليوم الوطني للابتكار، وحسب ما أكده المشاركون لـ"النصر" فإنهم يحملون روح الريادة من خلال سعيهم لابتكار حلول حديثة تخدم المجتمع وتعزز الاقتصاد الوطني، بما يفتح آفاقا واسعة لتطوير القطاعات الحيوية، بالاعتماد على أفكار إبداعية ومستدامة تدعم التوجه نحو اقتصاد أخضر ومستقبل أفضل.
روبورتاج لينة دلول
تميز الصالون الذي احتضنته مؤخرا، كلية الفنون والثقافة بجامعة قسنطينة 3 "صالح بوبنيدر"، بتنظيم من المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية، بالتعاون مع المكتب الخارجي للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، وبتنسيق مع ولاية قسنطينة، بعرض مشاريع مبتكرة قدمها طلبة وباحثون من مختلف التخصصات، مع تركيز واضح على حلول صديقة للبيئة في مجالات الصحة، الزراعة، الصناعة، والبناء، ما يبرز اهتمامهم الكبير بتحقيق التنمية المستدامة ومعالجة التحديات البيئية.
مبتكرات لتطوير الزراعة ومساعدة الفلاحين
يُعتبر مشروع وسيلة عطار، الطالبة المتخصصة في الحقوق والمتخرجة من كلية البيولوجيا، نموذجا مبتكرا لدعم الزراعة في الجزائر، بما يتماشى مع تطلعات الدولة لتعزيز الإنتاج الزراعي حسبما عبرت، إذ يتمحور حول تقديم حلين عمليين لتسهيل نشاط الفلاح و تقليل التكاليف وتحقيق إنتاجية عالية باستخدام تقنيات اقتصادية ومستدامة.
وأكدت المتحدثة، أن الفكرة الأساسية للمشروع تتمثل في تصميم شريط ورقي مبتكر يُستخدم في زراعة البذور، بالإضافة إلى تطوير آلة صناعية لتطبيق هذه التقنية على نطاق واسع.
والهدف من هذا الشريط بحسبها، هو تسهيل عملية الزراعة التقليدية وحماية البذور، وضمان إنتاج وفير بجودة عالية، متابعة بالقول :"عند وضع الشريط في التربة، يتحلل بشكل طبيعي ويغذي النباتات، كما أنه يساعد على الاحتفاظ بالماء وتنظيم أوقات السقي، مما يزيد من إنتاجية المحصول ويحافظ على جودة التربة".
وقالت بأنها، لم تكتف بالشريط فقط، بل عملت أيضا على تصميم آلة تزرع هذا الشريط بشكل آلي أسمتها "آلة الزرع والتسميد"، تجمع بين الدقة والكفاءة، و تعمل مع الجرارات الزراعية، وتحدد عمق الغرس والمسافات بين الصفوف كما أنها تحتوي على نظام لتعقيم التربة قبل وبعد الغرس، ما يقضي على الآفات والجراثيم التي تضر بالمحاصيل. وذكرت المتحدثة، أن مشروعها قابل للتطبيق على نطاق واسع، كما يمكن استخدامه في زراعة مختلف المحاصيل، مثل الفاصولياء و العدس والحمص، الطماطم، القمح، الشعير، الذرة، ودوار الشمس.
مشروع " GreenAl" لتدوير النفايات البلاستيكية في الملاعب
وفي ظل التحديات البيئية التي تواجه العالم، يعمل الشابان عبد الرحمن بن يزار وسيف محمد أنيس، من جامعة قسنطينة 3، على رؤية مبتكرة لحل مشكلة النفايات البلاستيكية من خلال مشروعهما "GreenAl"، والذي يهدف إلى ضمان اقتصاد دائري يدمج الرياضة مع حماية البيئة.
وأوضح عبد الرحمن، أن المشروع جاء استجابة لمشكلة النفايات البلاستيكية المتفاقمة، خاصة في الجزائر حيث يتم تدوير أقل من 2 % من البلاستيك، لذلك وجدا في الرياضة وسيلة لنشر الوعي البيئي وتعزيز ثقافة إعادة التدوير. وأكد الشاب، أن الابتكار يكمن في تصميم جهاز لجمع زجاجات البلاستيكية في المنشآت والمجمعات الرياضية، مما يسهل لاحقا إعادة تدويرها واستخدامها في الصناعات المختلفة.
وأكد الطالب، بأن المشروع يركز على تعزيز التنمية المستدامة من خلال الاهتمام بالبعد البيئي، أي من خلال تقليل النفايات البلاستيكية وتحويلها إلى موارد قابلة لإعادة الاستخدام، وحماية البيئة من تأثيرات البلاستيك الضارة، مع تقليل تكاليف جمع النفايات ومعالجتها و توفير فرص عمل وتقليل معدلات البطالة، أما البعد الاجتماعي للمشروع فيتمثل في نشر الوعي البيئي وتعليم الأجيال الجديدة أهمية الحفاظ على البيئة. وأوضح المتحدث، أن مشروع "GreenAl" يتضمن تصميم نظام ذكي لجمع النفايات البلاستيكية، حيث يتم تثبيت جهاز مبتكر داخل المنشآت الرياضية لجمع الزجاجات البلاستيكية وفرزها، موضحا بأن الهدف منه تسهيل عملية الجمع والفرز باستخدام أجهزة ذكية متصلة بتطبيق يمكن التحكم فيه عن بعد، كما يتضمن تصميم تطبيق إلكتروني يسمح بمراقبة الجهاز وإدارته، مما يعزز الكفاءة ويقلل الهدر، علاوة على ذلك فإن الجهاز يقدم للشخص الذي يرمي مخلفاته البلاستيكية داخله، قسيمة تمكنه من اقتناء شيء ما من أحد الأكشاك.
وأشار عبد الرحمن، إلى أن المشروع يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مثل الإنتاج والاستهلاك المسؤول، فضلا عن مكافحة التغير المناخي و حماية النظم الإيكولوجية البرية.
موضحا، بأنه وزميله يتطلعان إلى توسيع نطاق المشروع ليشمل قطاعات أخرى خارج الرياضة، و يصبح الابتكار جزءا من الحياة اليومية في الجزائر، مما يساهم في تقليل الاعتماد على البلاستيك وتحقيق اقتصاد دائري شامل.
مشروع لصيانة السيارات وتقليل التلوث
أكد المخترع طارق بعوش من ولاية البويرة، والحاصل على براءة اختراع عن مشروعه "Diadem Cleaning Services " الذي يقدم حلولا مبتكرة ومتطورة لصيانة السيارات، بأنه تم تأسيس هذه الشركة التي تعتمد على أحدث التقنيات لتنظيف "المحولات الحفازة" "catalyseurs" بهدف تحسين أداء المركبات وتعزيز استدامتها البيئية. وأوضح المتحدث، بأن "المحول الحفاز" يعد جزءا أساسيا في نظام عادم السيارة، حيث يساهم في تقليل الانبعاثات الضارة عبر تحويل الغازات السامة إلى مكونات أقل خطرا، ومع مرور الوقت يتعرض المحول للتلف بسبب تراكم الكربون والرواسب، مما يؤدي إلى انخفاض في كفاءة المحرك، وزيادة استهلاك الوقود وارتفاع الانبعاثات الملوثة، لذلك فإن تنظيف المحول الحفاز بشكل منتظم يعد خطوة أساسية بحسبه، للحفاظ على أداء المحرك وتقليل التأثير البيئي.
وقال المتحدث، بأنه ابتكر كذلك جهاز تنظيف متطور يعتمد على تقنيات صديقة للبيئة، مما يضمن تنظيفا دقيقا وآمنا للمحولات الحفازة، وقد تم تصميم الآلة لتكون سهلة الاستخدام وآمنة على المكونات الميكانيكية، مع خصائص مميزة مثل تنظيف عالي الضغط لإزالة أصعب الرواسب، و مواد تنظيف غير سامة تحافظ على البيئة، مما يجعلها مناسبة لجميع تقنيي السيارات.
علاوة على ذلك، تقدم الشركة سائل تنظيف المحولات الحفازة، الذي يتميز بتركيبة مبتكرة قادرة على إزالة الكربون والرواسب، مما يساهم في تحسين أداء المحرك، وتقليل استهلاك الوقود، والحد من الانبعاثات الضارة.
وأوضح المتحدث، أن من فوائد التنظيف باستخدام المحلول، تحسين الأداء، استعادة كفاءة المحرك مما يعزز العزم ويقلل من استهلاك الوقود، تقليل الغازات الضارة الناتجة عن العادم، مما يسهم في الحفاظ على بيئة أنظف، و تقليل التآكل والتلف مما يقلل من الحاجة إلى عمليات استبدال مكلفة.
الري والتسميد الآلي لتحسين الإنتاج الزراعي
تُعد التكنولوجيا الحديثة ركيزة أساسية في تطوير الزراعة وتعزيز الإنتاجية، وهو ما يتجلى في مشروع "نظام الري والتسميد الآلي"، الذي ابتكرته الطالبتان ندى عمارنة، وإيناس منزوزا.
يهدف هذا النظام الذكي بحسبهما، إلى دعم الزراعة الدقيقة عبر قياس احتياجات النباتات من الرطوبة والمواد المغذية، ومن ثم ضبط كميات المياه والأسمدة تلقائيا لتلبية تلك الاحتياجات. وأوضحت عمارنة، أن النظام يساهم في ترشيد استهلاك المياه والأسمدة مما يقلل من الهدر ويخفض التكاليف، كما يمكن المزارعين من إدارة النظام ومراقبته عبر موقع إلكتروني يعرض بيانات مباشرة حول حالة النباتات، مما يسهل اتخاذ القرارات، وكذا إرسال رسائل تنبيهية إلى هاتف المزارع في حالة الطوارئ، مثل حدوث أعطال أو تغييرات مفاجئة لضمان التدخل السريع.
وأوضحت المتحدثة، أن هذا الابتكار يشكل خطوة كبيرة نحو تحسين جودة الزراعة في الجزائر، لأن القطاع يواجه تحديات مرتبطة بشح المياه وصعوبة مراقبة الحقول الزراعية الكبيرة، إذ باستخدامه يمكن تحسين الإنتاجية الزراعية وتقليل الأعباء على المزارعين، ما يدعم تطور الزراعة المستدامة.
دفيئة زراعية ذكية ومستقلة
ابتكر الطالب زروق عثمان، من جامعة قسنطينة 1، تخصص "إلكتروـ تقني"، مشروعا مميزا يتمثل في "دفيئة زراعية ذكية ومستقلة" كبديل مستدام وفعال عن البيوت البلاستيكية التقليدية، يستهدف هذا الابتكار المستثمرين الراغبين في دخول المجال الزراعي، خصوصا زراعة المنتجات الفلاحية مثل الطماطم، حتى لو كانوا يفتقرون للخبرة الزراعية. وقال الطالب، إن للمشروع أنظمة متكاملة للتحكم البيئي، حيث تعمل الدفيئة على توفير بيئة مثالية للنباتات اعتمادا على نوع المحصول المختار عبر تطبيق هاتفي متخصص، يتيح اختيار نوع الطماطم أو غيرها، لتقوم الدفيئة تلقائيا بضبط المناخ الداخلي من حيث درجة الحرارة، والرطوبة، والضوء، ودرجة حموضة الماء (ph)، وتركيز العناصر الغذائية في مياه الري.
وقال المتحدث، بأن الدفيئة تتميز باستقلاليتها الكاملة في العمل بفضل استخدام الطاقة الشمسية، مما يجعلها صديقة للبيئة وموفرة للطاقة، كما أكد بـأن المشروع يحتوي على نظام تشخيص يحدد الأعطال أو توقف الجهاز، مع إرسال إشعارات للمستخدم لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
وأضاف الطالب، أن فريق المشروع يعمل حاليا على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي لتمكين الدفيئة من التعرف على أمراض النباتات واقتراح العلاجات المناسبة، مما يعزز من كفاءة الإنتاج ويقلل من الاعتماد على الخبرات الخارجية.
روبوت لكشف أمراض النباتات ومعالجتها
قدمت الطالبتان مارية أولاد الهدار وشرع الضاوية، من جامعة غرداية تخصص آلية وأنظمة، حلا مبتكرا يتمثل في مشروع "أغروبورت"، وهو روبوت ذكي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والرؤية الذكية. وبحسب الطالبة مارية، فإن الروبوت يعمل على مواجهة التحديات الزراعية الحديثة الكبيرة، خصوصا المتعلقة بأمراض النباتات والتي تؤدي إلى خسائر اقتصادية ضخمة وتهدد الزراعة المستدامة.
أوضحت مارية أولاد الهدار، أن فكرة المشروع جاءت نتيجة الصعوبات التي يواجهها المزارعون في التعامل مع أمراض النباتات، بالإضافة إلى الإرهاق الناتج عن المتابعة اليدوية. "ومن هنا كان هدف المشروع هو إيجاد حل ذكي وفعال لتخفيف العبء عن المزارعين وتحقيق الزراعة المستدامة" كما عبرت. وأكدت، أن من خصائص المشروع، التشخيص المبكر والتدخل السريع حيث يعتمد الروبوت على كاميرات متطورة مثبتة أسفل الجهاز، تقوم بمسح كل نبتة بدقة والتقاط صور لها، بعد ذلك يتم تحليل الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الأمراض ونوعها، مع اقتراح العلاجات المناسبة. كما يوفر النظام منصة إلكترونية تعتمد على تحليل البيانات لتوقع الأمراض قبل ظهورها بناء على الظروف البيئية والمعطيات المجمعة. مضيفة، أن الروبوت يستطيع معالجة النباتات المصابة مباشرة في الميدان، ما يمنع انتشار المرض في باقي المحصول، كما يتم تحديد مكان الإصابة بدقة ويوفر للمزارع رؤية شاملة.
وأضافت المتحدثة، بأنه تم تطوير تطبيق يعمل مع الروبوت، يرسل إشعارات فورية للمزارع عند اكتشاف مشكلة أو مرض في المحصول، مع تحديد الموقع الدقيق للمنطقة المصابة، كما يتيح "غروبورت" بحسبها، أتمتة عمليات المراقبة والتشخيص والمعالجة، و يقلل من الجهد اليدوي ويوفر الوقت والتكاليف المرتبطة بمكافحة الأمراض التقليدية.
المزرعة الذكية المتنقلة
يأتي مشروع " المزرعة الذكية المتنقلة "في ظل التطور التكنولوجي المتسارع والرغبة في تحقيق الزراعة المستدامة، كما أوضحته مبتكرتاه الطالبتين شيماء بومهراس، وزميلتها فضيلة دهاس من جامعة غرداية وهدفه الجمع بين الابتكار والتكنولوجيا المتطورة.يمكن المبتكر بحسب بومهراس، من توفير حل زراعي ذكي ومريح للأفراد الذين يرغبون في زراعة المحاصيل الطازجة بسهولة، سواء داخل منازلهم أو في المساحات الخارجية.وقالت المتحدثة، إن من خصائص المشروع، أنه نظام يعتمد على تقنية الزراعة العمودية والهيدروبونيك، مما يتيح زراعة محاصيل متنوعة دون الحاجة للتربة، وكذا استخدام الإضاءة الاصطناعية لضمان نمو النباتات في أية بيئة، كما يحتوي على حساسات لقياس مستوى الماء، شدة التيار الكهربائي، وشدة الإضاءة لضمان بيئة مثالية للنباتات. ويتيح النظام تضيف المتحدثة، التحكم الذكي و ضبط الإضاءة و دورة المياه، فضلا عن تحديد درجة الحرارة حسب الحاجة، متابعة بالقول بأن التطبيق يوفر خيارين للاستخدام فالوضع الأوتوماتيكي يشغل النظام بشكل كامل دون تدخل المستخدم، أما الوضع اليدوي، فيتيح التحكم الكامل في النظام حسب رغبة المستخدم. وأضافت الطالبة، أن التطبيق يرسل إشعارات عند حدوث أي عطل، مما يسهل صيانة النظام، كما يتميز المشروع بتصميمه الأنيق الذي يتناسب مع مختلف الديكورات، مما يجعله مناسبا للاستخدام في المنازل، والشقق والمطاعم، والفنادق مع إمكانية التوسع بربط وحدات متعددة معا للحصول على إنتاج أكبر. وأوضحت، بأن النظام يساعد على ترشيد استهلاك الماء والطاقة، مما يجعله خيارا بيئيا مستداما، ويدعم زراعة الخضروات، الفواكه، والأعشاب، مع إمكانية الاستمتاع بالمحاصيل الطازجة على مدار العام.
ل- د
أحمد شرقي رئيس المجلس المهني للشعبة
النباتات العطرية و الأعشاب الطبية مصدر تنمية بتبسة
تعرف ولاية تبسة، وفرة في الأعشاب والنباتات العطرية ذات الاستخدامات المختلفة بما في ذلك الاستخدام العلاجي، مما شجع و حفز الكثيرين على ولوج مجال إنتاج المستخلصات والزيوت النباتية التي تستعمل في علاج بعض الحالات المرضية البسيطة أو ذات الاستعمالات التجميلية وشبه الصيدلانية، كونها صناعة هامة يمكنها أن تصنع الفارق في مجال الاستثمار محليا، سيما في ظل إقبال الشباب عليها.
نشاط يفتح شهية المستثمرين
التقت النصر، بالسيد أحمد شرقي، رئيس المجلس المهني لشعبة النباتات الطبية والعطرية، والمهتم بإنتاج الزيوت العلاجية، وقد حدثنا عما تزخر به الولاية من الأعشاب والنباتات المفيدة، الأمر الذي شجعه على الاهتمام بهذه الشعبة، نظرا للطلب المتزايد عليها محليا ووطنيا وحتى دوليا.
يجمع محدثنا، النباتات العطرية و الطبية التي يستعملها في نشاطه من غابات الولاية، و ذلك بناء على رخصة من محافظة الغابات، و يقوم كمرحلة أولى بتصنيف هذه النباتات، ثم تحضيرها للتقطير و هي مرحلة التثمين كما عبر، لأن العشبة الطبيعية تتحول إلى زيت أساسي ذي قيمة اقتصادية، مضيفا أن عدد المهتمين بإنتاج الزيوت الطبيعية في الولاية ارتفع من مؤسستين إلى 12 مؤسسة، تقوم جميعها بتصنيع مختلف الزيوت.
إقبال على تربصات مهنية في المجال
وأوضح، أنه بحكم ترأسه للمجلس المهني المشترك لهذه الشعبة، فهو يسعى جاهدا للتعريف بها أكثر وجذب الشباب لهذا المجال، من خلال برمجة دورات تكوينية، و إبرام اتفاقيات مع مراكز التكوين المهني والتمهين بالبلديات، بما في ذلك بلدية الحمامات لتكوين الراغبين في الالتحاق بهذه الشعبة، علما أن مدة التكوين تقدر بـ 3 أشهر.
وأوضح المتحدث، أن البدايات اتسمت ببعض التخوف من تسجيل عزوف محتمل، لكن الواقع جاء مغايرا حيث التحق بالمركز 60 متربصا في هذا الاختصاص، وأكد المتربصون أنهم دخلوا الميدان عن قناعة تامة وحب لممارسة النشاط و الاستفادة منه في حياتهم العملية، سيما في ظل الإقبال الكبير على استعمال الزيوت الطبية والعطرية في العلاجات والاستعمالات المنزلية، مما يجعل الاهتمام بمجال إنتاج الزيوت خطوة إيجابية، يمكنها المساهمة في إنعاش الاقتصاد الوطني، خاصة وأن الطلب تضاعف في السنوات الأخيرة.
نحو إنشاء مشاتل لتوطين النباتات الطبية والعطرية
وأضاف محدثنا، أنه تم تنظيم عدة لقاءات لتثمين النباتات الطبية والعطرية التي تتوفر عليها الولاية، من خلال وضع استراتيجية محلية واعتماد خارطة طريق تضمن استمرارية استغلال هذه النباتات، والعمل على تشجيع وتوجيه ممتهني شعبة النباتات الطبية والعطرية بالولاية نحو توطين هذا النوع من النباتات خاصة المحمية منها، فضلا عن التركيز على إنشاء مشاتل خاصة بها، خصوصا على مستوى المناطق المتدهورة جراء حرائق الغابات، مع توجيه ممتهني الشعبة للتنظيم في إطار تعاونيات غابية ومؤسسات صغيرة ومتوسطة منها ما تملكها نساء.
مثمنا جهود السلطات المحلية التي تشجع على إنشاء خلايا تقنية دائمة متخصصة، تضم جميع الشركاء للعمل باستمرار من أجل ضبط خارطة طريق، من شأنها تطوير نشاط استغلال النباتات الطبية و العطرية حتى تكون مصدر ثروة مضافة للولاية.
خزان محلي هام من الأصناف عالية القيمة
وأشار السيد شرقي في حديثه، إلى أن ولاية تبسة، تعتبر الأكبر وطنيا في توفر أعشاب ذات قيمة عالية مثل " إكليل الجبل، والشيح الأبيض وعشبة القزّيح"، كما توجد ببئر العاتر على سبيل المثال، ثروة كبيرة من النباتات الطبية والعطرية المطلوبة في البحث العلمي مثل "الشيح والقزّيح، والكبّار، والرمث، والبطّوم، والفيجل" الذي يعد من أهم المواد الأولية المطلوبة في المخابر الوطنية والدولية، مؤكدا أن نبتة إكليل الجبل تنبت في 11 دولة في العالم فقط، منها الجزائر، وهي متوفرة بكميات معتبرة في ولايات تبسة، خنشلة، باتنة، تسمسيلت، تيارت، وعين تموشنت.
كما أعطى مثالا بعشبة الرّمث، المتواجدة في منطقة عقلة الشحم، ببلدية بئر العاتر بكثرة، وبعض مناطق صحراء الجزائر، أين تستعمل كغذاء للإبل، رغم أنها تنتج أحد أغلى الزيوت في العالم، نظرا لاستخداماته الأساسية في صناعة أنواع من العطور الفاخرة.
من جهة ثانية، توضح مصالح مديرية الفلاحية بالولاية، أنه يتم استغلال كمية هامة من النباتات الطبية والعطرية في السنوات الأخيرة، لاستخراج الزيوت الطبيعية والمياه المقطرة، التي تستخدم في مختلف المجالات الطبية والتجميل و شبه الصيدلانية، و أن هذا الرافد الاستثماري التحويلي مفيد لتحقيق التنمية المحلية، وتوفير مجالات تشغيل أوسع لفائدة العمال الموسميين الذين يقومون بجمع هذه النباتات واستخلاص الزيوت الطبيعية الخالية من المواد الكيميائية أو إضافات أخرى، فضلا عن الحصول على المياه المقطرة والمستخدمة في مجال العلاج بالأعشاب الطبية.
مع الإشارة، إلى أن كل 4 قناطير من نباتات "الإكليل، والشيح، أو الورد" وغيرها، تمكن المستثمرين في هذا المجال من استخلاص حوالي 1 لتر من الزيت الخام، زيادة على ما يناهز 10 إلى 20 لترا من الماء المقطر.
وقد تعززت هذه الشعبة في الولاية، بإنشاء المكتب الولائي للمجلس المهني المشترك لفرع النباتات الطبية والعطرية، الذي يعمل على تنظيمها ومراقبة نشاطها، ناهيك عن مرافقة المستثمرين، وتقديم كل الدعم لهم، مبرزا ضرورة تشجيع المستثمرين على التوجه نحو قطاع الغابات والعمل على استقطابهم، من خلال تقديم الدعم والتحفيز الضروريين بغية تطوير هذه الشعبة، خاصة وأن ولاية تبسة تضم مساحات هامة للنباتات الطبية والعطرية.
كما تعرف المنطقة، اهتماما بتنظيم دورات تكوينية في مجال تقطير النباتات الطبية والعطرية، سيما لفائدة المرأة الريفية، وتسهيل إجراءات حصولها على قروض لتجسيد مشاريع مصغرة، بغية تحسين ظروف معيشة سكان الأرياف، والمساهمة في استحداث مناصب شغل جديدة.
وتجدر الإشارة أيضا، إلى أن علاقة سكان تبسة بعالم الأعشاب الطبية والعطرية قديمة، حيث اهتموا دائما باستخداماتها، بحسب ما أكده لنا ناشطون على مستوى واحد من بين أقدم المحلات المتخصصة في الولاية، والذي فتح أبوابه سنة 1892، ويعود لعائلة جلالي.
وحسب أصحاب المحل الواقع داخل السور البيزنطي بمدينة تبسة، بشارع فرانتز فانون، فإن المتجر مقصد للعديد من المواطنين من كل أرياف ومدن الولاية، الذين يستهلكون الأعشاب و مستخلصاتها بشكل مستمر، لأجل استخداماتها الطبية والعطرية التجميلية مثل "عطر الزاوي، المسك، الكحل، البخور"، كما يبيع المحل منتجات عطرية على غرار خلاصة النعناع، والفانيليا، والبرتقال.
عبد العزيز نصيب
أطلقتها مديرية البيئة لولاية الوادي
حملة لمراقبة وتشخيص وضعية المساحات الخضراء بمختلف البلديات
باشرت مطلع الأسبوع، مديرية البيئة في الوادي، حملة واسعة لمراقبة وتشخيص وضعية المساحات الخضراء المتواجدة بمختلف بلديات الولاية ومعاينتها ميدانيا لضبط تقييم شامل لحالة كل الموقع، بما يضمن المحافظة عليها والتدخل الميداني للتي بحاجة لتدخل.
وحسب مديرية البيئة، فإن مصالحها ممثلة في اللجنة الولائية لمراقبة المساحات الخضراء، شرعت خلال الأيام القليلة الماضية في حملة ميدانية لمراقبة كافة المساحات الخضراء المنجزة من على مستوى البلديات، حتى يتسنى لها تسجيل الوضعية الحالية لكل المساحات وتقييمها ومراقبة شبكة تزويدها بمياه السقي ومدى صلاحية البساط الأخضر، إلى جانب وضعية التهيئة الداخلية والخارجية التي تشكل الأرصفة، و السياج وأماكن جلوس قاصدي هذا النوع من الأماكن.
وأكدت مصالح البيئة على أهمية مساهمة المواطن في المحافظة على المساحات الخضراء والمعدات التابعة لها، على غرار الكراسي وشبكة المياه إلى جانب المحافظة على الأشجار المحيطة بكل بساط أخضر والأعمدة الخاصة بالإنارة، والمشاركة في حملات دورية للنظافة والتشجير، ناهيك عن التحلي بثقافة التبليغ عن أي حالة اعتداء على هذه المساحات التي تخدم الطابع الجمالي للمدينة.
كما دعت المصالح ذاتها، إلى الانخراط في العمل الجمعوي عن طريق تأسيس النوادي والجمعيات ذات الطابع البيئي لنشر ثقافة المحافظة على البيئة وغرس ثقافة التشجير بين شرائح المجتمع.
منصر البشير
أكد محمد صالح بولحليب، أستاذ بجامعة الإخوة منتوري قسنطينة 1، أن الجزائر تتجه بخطى إيجابية نحو مستقبل أخضر في مجال النقل، حيث يبدل الباحثون جهودا حثيثة لإيجاد حلول مستدامة لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي ومشتقات البترول، مشيرا إلى وجود أبحاث حول المشتقات البترولية كالزيوت النباتية والبطاريات الهيدروجينية كوقود أساسي مستقبلا.
سعيد العافر
المدن الذكية وتقنية النقل الحضري
وتحدث الأستاذ بكلية التكنولوجيا، محمد صالح بولحليب، خلال ملتقى وطني حول "هندسة النقل واللوجيستية والبيئة"، نظم نهاية الأسبوع الماضي من طرف جامعة منتوري بقسنطينة، عن مستقبل النقل في الجزائر والعالم في عام 2050، مشيرًا إلى أن الكثافة السكانية المتزايدة تتطلب حلولًا مبتكرة لتلبية احتياجات النقل، و في هذا السياق، تناول بشكل خاص "المدن الذكية"، وهي رؤية مستقبلية تهدف إلى تقليل الاعتماد على السيارات الخاصة التي تشغل المساحات وتسبب التلوث البيئي والصوتي، حيث أشار إلى أن المدن الذكية تركز على استبدال المركبات الخاصة بوسائل النقل العامة، مثل المترو والترامواي، وهو ما سيعزز من كفاءة النقل الحضري ويقلل من التلوث.
وأشار بولحليب، إلى أن تكلفة إنشاء مشاريع النقل الجماعي تعد تحديا كبيرا، بالنظر للتكاليف الكبيرة لإنجاز البنية التحتية، حيث تبلغ تكلفة الكيلومتر الواحد من مشروع المترو حوالي 150 مليون دولار، ما يشكل ضغطا على الدول لتوفير التمويل اللازم، كما اقترح بدائل مثل حافلات النقل عالية الخدمة، بالإضافة إلى خدمة الترامواي التي تعد أقل تكلفة بمعدل 15 مليون دولار للكيلومتر، وفي ذات السياق، أوضح بأن الجزائر تواصل تنفيذ مشاريع الترامواي، حيث تمتلك خطوطا جاهزة تم تسليمها سابقا في الجزائر العاصمة، قسنطينة وهران وعدد من المدن الأخرى، و هناك 10 مشاريع جار تنفيذها حاليا، بما في ذلك مشاريع لتمديد الخطوط وفي هذا الإطار، ذكر أن ولاية قسنطينة ستشهد مشاريع لتوسيع الخط الحالي وتغطية الأقطاب العمرانية الحديثة.
الانتقال إلى القطارات عالية السرعة
وتعد السكك الحديدية عالية السرعة من أبرز وسائل النقل الحديثة التي تعتمدها الدول لتطوير شبكاتها وتحقيق نقلة نوعية في النقل بين المدن.
وتسعى الجزائر، لتطوير استراتيجياتها الخاصة عبر إنشاء خطوط سكك حديدية بسرعات تصل حاليا إلى 160 كيلومترا في الساعة، مع خطط مستقبلية للتوسع إلى 200 كيلومتر في الساعة، ومن أبرز المشاريع الحالية خط الجزائرـ وهران، إلى جانب خط ربط وهران بمغنية وسيدي بلعباس، بالإضافة إلى تمديد خط من الجزائر العاصمة إلى تمنراست خلال السنوات القادمة، مما يساعد على تحسين الربط بين المناطق الداخلية والساحلية وتعزيز النمو الاقتصادي، كما أشار المتحدث إلى أنه ورغم الأهمية الكبيرة لهذه المشاريع فإن تكاليفها المرتفعة تمثل التحدي الأكبر، إذ تتطلب استثمارات ضخمة لبناء وصيانة البنية التحتية، مؤكدا أن الجزائر ملتزمة بتنفيذ خططها تدريجيا، حيث تسعى لتحقيق النقل السريع والمستدام.
نجاح تجربة تشغيل محركات الديزل باستخدام الزيوت النباتية
وتبدل الجزائر جهودا مكثفة لإيجاد حلول مستدامة لتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي ومشتقات البترول، مع التركيز على البترول الطبيعي والهيدروجين الأخضر، وكشف ذات المصدر،عن وجود أبحاث تجرى في ولاية قسنطينة تخص تشغيل محركات الديزل باستخدام الزيوت النباتية، حيث أظهرت التجارب نجاح تشغيل محرك مصنع بوادي حميم بنسبة تصل إلى 50 بالمائة من هذا الوقود البديل، مما يظهر تقدم الجزائر في هذا المجال.
وفيما يتعلق بالطيران، فأشار المتحدث إلى أن هناك خطط تناقش استبدال وقود الكيروسين التقليدي بوقود يعتمد على الزيوت النباتية، مع التوجه المستقبلي نحو استخدام محركات تعمل على الهيدروجين الأخضر أو البطاريات الهيدروجينية، كما يتوقع أن يصبح الهيدروجين الأخضر المنتج باستخدام الطاقة المتجددة مثل الكهرباء الشمسية وتقنية التحليل الكهربائي للماء، وقودا أساسيا بحلول العام 2050.
وأضاف، أن الجزائر تتعاون بشكل وثيق مع ألمانيا لتطوير هذه التكنولوجيا، حيث أبرمت عقودا لإنشاء شبكات أنابيب تمتد من الجزائر عبر سردينيا وإيطاليا وصولا إلى ألمانيا، لنقل الهيدروجين الأخضر، كما أشار إلى أنه وفي الآونة الأخيرة، تمت المطالبة بتمديد خط أنابيب إضافي يصل الجزائر بإسبانيا، كما أن هذه المشاريع تمثل فرصة استراتيجية للجزائر لتعزيز موقعها كمصدر عالمي للطاقة النظيفة، مع إمكانية تشغيل السيارات، الطائرات والغواصات باستخدام هذا الوقود المستدام.
ميموني سعيدة ياسمين مهندسة في علم البحار وغطاسة
ثروات بحرية مذهلة يكتنزها الشريط الساحلي الجزائري
ياسمين ميموني، واحدة من الشابات اللواتي احترفن الغطس منذ ما يزيد عن 15 سنة، حبها لعالم البحار قادها لاختيار ميدان كان حينها حكرا على الرجال، والدراسة بالمدرسة العليا لعلم البحار وتهيئة الساحل بالعاصمة، أين تعلمت تقنيات الغطس المحترف واكتشفت عوالم البحر وسحر المحيطات، معززة تكوينها بالالتحاق بنادي المرجان للغطس بالعاصمة، لتكون أول شابة تلتحق به فاتحة بذلك باب الالتحاق للجنس اللطيف، معتبرة والدها أول من وضع خطواتها الأولى في هذا الميدان بعد أن لقنها مبادئ الرياضة، بتعلم السباحة في سن مبكرة، وممارسة كرة السلة، لتصبح اليوم من المدربات القلائل في الغطس، ومن الهواة المحترفين في تصوير قاع المحيطات، خاصة بالمواقع العذراء التي تكتنز، كما قالت ثروات بحرية مذهلة.
أسماء بوقرن
نشأتي في وسط رياضي كشفت مبكرا شغفي بالغطس
ياسمين ميموني، مهندسة دراسات في علم البحار وتهيئة الساحل ومدربة غطس بالجزائر العاصمة، متخرجة من المدرسة العليا لعلم البحار وتهيئة الساحل، تحدثت للنصر عن رحلتها نحو تحقيق حلم كبر معها، وقصتها مع عوالم البحار والمحيطات، قائلة بأن حبها للغطس وممارسة الرياضة لم يتأت بدراسة هذا التخصص وإنما راجع لنشأتها وسط أبوين يمارسان الرياضة، حيث كانت تلعب كرة السلة و تمارس السباحة منذ سنوات عمرها الأولى، ما جعلها تكتشف شغفها بالغطس مبكرا، وفي سنة اجتيازها شهادة البكالوريا زادت رغبتها في احتراف الغطس، خاصة بعد أن شاهدت في شريط إخباري وجود عدة شراكات مع جامعات كندية في مجال علم البحار والاحتباس الحراري، حيث كانت رفقة والدها وقتها، والذي اعتبر علم البحار من مهن المستقبل، ما جعلها تتحمس أكثر وتبذل جهدا لنيل الشهادة بتقدير جيد لدراسة التخصص، وهو ما تحقق لتبدأ بمجرد حصولها على البكالوريا رحلتها في البحث عن تخصصات في مجال علم البحار لتجمع بين هوايتها وتكوينها العلمي، فوجدت في المدرسة العليا لعلم البحار وتهيئة الساحل ما يحقق لها ذلك، فكان على رأس قائمة الخيارات، ليتم قبولها لتوفر كل الشروط فيها، وبعد انطلاق تكوينها بالمدرسة الذي دام خمس سنوات، اكتشفت أن طلبة المدرسة يخضعون خلال المسار الدراسي لتربص ميداني في الغطس، ما جعلها تتحمس أكثر ودفعها للبحث عن نادي متخصص في تعليم الغطس، لتباشر قصتها مع الغطس عندما كانت في السنة الثانية، وذلك سنة 2009.
نادي المرجان احتضنني كأول شابة تمتهن الغطس
وتعد الغطاسة ياسمين، أول المنخرطين في نادي المرجان للغطس بالعاصمة، معتبرة الوالد الداعم الأول لها وأول من عبد طريقها للإلتحاق بالنادي كما كان مرافقها الدائم إليه، حيث كانت البنت الوحيدة المنخرطة به، فاتحة بذلك الباب أمام شغوفات بالغطس واللواتي التحقن بسنة بعدها، وعن أول تجربة غطس، قالت بأنها لم تكن سهلة، ليس خوفا من الغوص في أعماق البحر وإنما لصعوبة تطبيق إحدى التقنيات، الناجمة عن ممارستها السباحة لسنوات، والمتمثلة في كيفية استعمال الأنف والفم في عملية التنفس، والتي تختلف تقنياتها عن تقنيات الغطس، ففي هذا الأخير يتم الاعتماد على الفم فقط في عملية التنفس دون استعمال الأنف، على خلاف السباحة التي يعتمد فيها على الأنف للتنفس، لكنها حاولت تخطي هذه العقبة بالتمرن المتواصل ومحاولة التعود على عدم استعمال الأنف، من خلال استعمال ملقاط لغلق الأنف لمدة معينة، مردفة بأنها غاصت على عمق 5 متر في أول تجربة بالعاصمة، لمدة 20 دقيقة، وتمت في ظروف جوية جيدة حيث كان الصفاء والدفء يطبع الجو، مع هدوء البحر ووضوح الرؤية في الأعماق، لتعيش لأول مرة تجربة رؤية الأسماك أمامها، بأحجام وألوان مختلفة.
تقول ياسمين بأنها كانت محظوظة للتعلم والتدرب على يد أمهر المدربين في نادي المرجان والذين وفروا كل الشروط الملائمة، التي لم تجعلها تشعر بكونها الفتاة الوحيدة بالمجموعة، وساعدها في التدرج في سلم رتب التخصص، من b1 إلى b3 ومن m1 إلى m3 وجعلها تلم بكل التقنيات وتحترف تطبيقها وتجيد تلقينها، وتبلغ رتبة مدرب محترف، وهي فترة توقفت خلالها لفترة وابتعدت عن الميدان، غير أن عشقها للبحر والغوص في عوالمه أعادها مجددا، مردفة بأن الإرادة أساس بلوغ المبتغى، والدليل قدوم سيدات بلغن العقد الخامس من العمر لتعلم الغوص، حيث خاضت التجربة سيدة في 64 سنة، والتي قررت تخطي عقبة الخوف وتحقيق حلمها، حيث كانت سعادتها لا توصف.
هذا ما يجب إتباعه لتجنب مخاطر الغطس
وعن الاحتياطات الواجب إتباعها لنجاح عملية الغطس وتجنب المخاطر، قالت بأنها ترتبط أساسا بالبرمجة المقيدة بطبيعة الفريق ومستواه، وتقوم أساسا على جملة من الشروط هي النوم الكافي ووضعية البحر، وهو شرط مهم جدا مرتبط بمدى وضوح الرؤية في الأعماق وهدوء البحر، فضلا عن مراقبة الوسائل والمعدات المعتمدة والتأكد من جاهزيتها، والاتفاق المسبق على نوع التقنية التي ستعتمد في الغطس، وتتغير بعض الشروط باختلاف مستوى الفريق، فالغوص مثلا مع فريق من المستوى الأول يتطلب شروطا معينة تتعلق أساسا بحالة البحر والذي يجب أن يكون هادئا للقيام بالتربص، أما في المستوى الثاني والثالث فيمكن الغوص عندما يكون البحر قليل الهيجان، وهذا يساعد في عملية التكوين ويضمن تحضيرا جيدا، لأن الغطاس يقع في وضعيات يكون فيها البحر هادئا عند الغطس وعند قرب موعد الخروج تتغير وضعيته، لهذا يجب، تضيف ياسمين، التحضير لكل الحالات، كما يجب وضع الفريق في حالة راحة مع تعزيز ثقة الأفراد بأنفسهم، وعن الأجواء التي تعشق الغوص فيها قالت بأنها تجد متعة الغطس عند تساقط الأمطار، المهم توفر الرؤية تحت الماء، معتبرة الغطس رياضة متكاملة وممتعة ومنبع الطاقة الإيجابية، خاصة وأنها تمارس ضمن مجموعة.
احترفت تصوير الكائنات البحرية وأطمح لفتح نادي لتعليم الغطس
وتختلف ميزة الغوص من جهة لأخرى عبر الشريط الساحلي الجزائري، حسب ياسمين، فعمق محيط العاصمة ليس ثريا جدا، مقارنة بشريط عين طاية وتيبازة الذي يزخر بالكائنات الحية والنباتات البحرية المتنوعة، كذلك الولايات الساحلية الشرقية، والغرب الجزائري، خاصة المواقع العذراء البعيدة عن الصيادين، فانبهار وإعجاب ياسمين بما يكتنزه البحر من كائنات حية جعلها تهوى توثيق كل ما تقع عليه عيناها، وممارسة شغفها في تصوير الحياة البحرية واحتراف هذه التقنية، مستغلة فرصة تدرب أحد المخرجين التلفزيونيين المعروفين عندها، في تعلم تقنيات التصوير الأساسية، والذي ساعدها كثيرا في تعلم خبايا الكاميرا سنة 2010، خاصة بعد تنظيم شابتين كانتا ضمن فريق الغطس وتعشقان التصوير الفوتوغرافي، تربصا للتصوير الفوتوغرافي البحري، على يد مختصين أجانب، حيث تعلمت تصوير المحيطات والكائنات الحية الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة باحترافية عالية.
وقالت، بأنها تعتمد على تقنيات علمية كذلك في التصوير البحري، لوضع الكائن الحي ضمن شروط راحة، مع تطبيق تقنيات التصوير، وتوفير الشروط اللازمة للأسماك، تبدأ بمقاومة الضغط وبتعويد الكائن المراد تصويره على وجودها مع استعمال معدل معين للتنفس لتجنب إخافته وضمان اطمئنانه، حيث هناك كائنات تحتاج لنحو 45 دقيقة للتأقلم والخروج من مخبأها للتمكن من تصويرها بزوايا مختلفة، مردفة بأن أجهزة تصوير الكائنات البحرية متوفرة غير أنها باهظة الثمن، وعن سبب عدم مشاركة صورها وفيديوهاتها متابعيها على مواقع التواصل أو تخصيص صفحة لذلك، قالت بأنها لا ترغب بذلك ولا في دخول الميدان الافتراضي، وتفضل ممارسة هذه الهواية للمتعة، كاشفة في ختام حديثها للنصر عن اعتزامها فتح ناد خاص لتعليم الغطس واستقبال كل الراغبين في عيش مغامرة الإبحار في قاع المحيطات والاستمتاع بكنوز الشريط الساحلي الجزائري المتنوع.
باحثة تطلق مشروعا رائدا
تستغل مخلفات معاصر الزيتون لصناعة مواد عازلة صديقة للبيئة
استغلت الباحثة في الطاقات المتجددة بالمركز الوطني للدراسات والأبحاث المتكاملة للبناء في الجزائر، ماجدة موايسي، مخلفات معاصر الزيتون لصناعة مواد عازلة في البناء، صديقة للبيئة، وتساهم في تعزيز كفاءة الطاقة في البنايات.
إيمان زياري
ونجحت الباحثة التي تعمل أيضا بالتنسيق مع معهد "جوزيف ستيفان" للبحث العلمي بسلوفينيا، في تطوير فكرتها التي بدأت كمشروع لنهاية التخرج في ميدان تخصص الطاقات المتجددة بجامعة البليدة، لتحول ماجدة موايسي كل ذلك إلى مشروع بأبعاد أكبر وباسم "إيزوغرين"، سعت من خلاله لإخراج فكرتها إلى النور، خطوة مكنتها من إفتكاك الجائزة الأولى وطنيا خلال مسابقة تحدي المشاريع الإبتكارية في مجال البيئة في أسبوع المقاولاتية الخضراء، الذي أشرفت على تنظيمه الوكالة الوطنية للنفايات بإشراف من وزارة البيئة والطاقات المتجددة وبالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالجزائر المقام شهر ديسمبر 2022 بولاية سطيف.
إعادة تدوير النفايات العضوية
وتقول ماجدة أن تخصصها في مجال الطاقات المتجددة وجهها للبحث عن طرق من أجل إعادة تدوير النفايات العضوية الناتجة عن المعاصر والتي ترمى بشكل عشوائي في الغابات والوديان، مشكلة تهديدا للبيئة خاصة وأن نفايات الزيتون بعد العصر بما فيها النواة والبقايا لا يستغل منها سوى 20 بالمائة، فيما ترمى الـ80 بالمائة المتبقية عشوائيا في الطبيعة، بحيث تتحول المواد السائلة المتواجدة في الغشاء المحيط بالنواة إلى مواد سامة خطيرة، علما أن 1 لتر من هذه السوائل يلوث 600 لتر من مياه الوديان.
وعوضا عن رمي هذه النفايات بشكل عشوائي في الطبيعة، فكرت الشابة وسعت جاهدة لتطوير مشروعها البسيط ليصبح مشروعا بأبعاد كبيرة، كانت انطلاقته من مسابقة المديرية العامة للبحث العلمي بعد التخرج من الجامعة، أين فازت بالمرتبة الثالثة، لتوجه بعد ذلك إلى مركز البحث للدراسات والأبحاث المتكاملة للبناء، أين تمكنت من تطوير مشروعها من خلال القيام بتجارب كثيرة أثبتت مطابقتها للمعايير الدولية، و بعد تجسيد الفكرة، تم وضع طلب براءة الاختراع، وإستفاد المشروع من علامة "لابل" كمشروع مبتكر من وزارة المؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة.
حلول اقتصادية وبيئية
وأضافت الباحثة، أن مشروعها وبالنظر لأهمية الحلول الاقتصادية والبيئية التي يقدمها، خضع لعمل مكثف، أين جرى تطوير المادة العازلة التي أنتجتها من نواة الزيتون تحت إشراف المركز الوطني للدراسات والأبحاث المتكاملة للبناء، أين أجريت عمليات التركيب والاختبارات الأولى للألواح العازلة وذلك على مستوى المختبرات الوطنية لتعزيز الخصائص الفنية.
العمل على المشروع وتطويره لم يبق بحسب الباحثة على مستوى المركز الوطني، بل خضع لاختبارات أكبر في إطار تعاون خاص مع معهد "جوزيف ستيفان" بسلوفينيا، أين خضع لجملة من الاختبارات العلمية المتطورة، منها دراسة الخصائص الفيزيائية والميكانيكية والكيميائية لتطوير المادة ودمجها مع مواد أخرى تزيد من فعاليتها، كما خضعت المادة لاختبار التوصيل الحراري وكثافة المادة، وذلك لتقييم فعاليتها في العزل الحراري.
صناعة محلية تدعم الاقتصاد الدائري
وعن مميزات الألواح العازلة التي تتم صناعتها من نواة الزيتون، أوضحت صاحبة المشروع ماجدة موايسي، أنها عبارة عن ألواح مصنعة جزائريا بمواد جزائرية لعزل البنايات حراريا وصوتيا، بحيث تشكل بديلا عن الألواح العازلة المستوردة، وقالت أن هذه الألواح تشكل نموذجا مثاليا للاقتصاد الدائري، فبالإضافة لكونها صديقة للبيئة، فهي تساعد في إقتصاد الطاقة من خلال التقليل من استخدام المكيفات والتدفئة بالمنازل، وبتقليص استهلاك الطاقة في المنازل يتقلص تلقائيا إنتاج الطاقة في محطات توليد الطاقة، ومنه تقليص إنتاج ثاني أكسيد الكربون الناتج عن ذلك.
أما عن تكلفة الإنتاج، فأوضحت موايسي أنها ستكون أقل مقارنة بأسعار المواد المستوردة، بما يفتح آفاقا جديدة أمام الشركات الوطنية، ويخلق حركية بالمناطق التي تعرف بإنتاجها الوفير للزيتون وبمكان تواجد المعاصر، مضيفة أن المشروع يشكل مثالا مهما للمشاريع المبتكرة التي تعتمد على مخلفات عضوية، بما يعزز من الإبتكار في قطاع الفلاحة والبناء. وبعد حصول المشروع على براءة الاختراع، تواصل ماجدة السعي في مشروع يراهن عليه مركز البحث للدراسات والأبحاث المتكاملة للبناء، ليصبح قاعدة صناعية لمواد تستغل محليا وتنتظر دورها على قائمة المنتوج الجزائري الموجه للتصدير نحو الخارج قبل التفكير في مشاريع جديدة تدعم البيئة وتشكل قفزة نوعية في مجال الطاقات المتجددة بالجزائر.