* تحصلنا على نتائج إيجابية تسمح باستبدال المواد المستوردة
أنشأت أستاذة وباحثة بالمركز الوطني للبحث والتنمية في الصيد البحري وتربية المائيات قاعدة بيانات بالمواد المحلية التي يمكن استعمالها في إنتاج أعلاف الأسماك، ضمن مشروع يتم العمل فيه كذلك على تثمين مواد مختلفة لتشكيل تركيبات أعلاف لمختلف مراحل نمو الأسماك، إذ تؤكد للنّصر على أهمية الاهتمام بصناعة الأعلاف عبر مواد متوفرة محليا لاستدامتها وتعزيز نجاح مشاريع الاستزراع السمكي.
وتعمل الأستاذة والمختصة في علوم البيئة المائية وتربية المائيات، فايزة عليوش، على مشروع بحثي يخص استخدام التقنيات الحيوية الغذائية في إنتاج الأعلاف، حيث ذكرت في حديث لها مع النّصر أنّه يتم بالاعتماد على تثمين المنتجات الزراعية والمائية ومخلفاتها وتأثيرها على نمو، صحة وجودة الأسماك المستزرعة، سواء أسماك المياه العذبة كالبلطي، القرموط والشبوط، أو الأخرى البحرية على غرار سمك الدنيس والقاروص، اللذان يعدّان أهم الأسماك البحرية المستزرعة بالجزائر، بالإضافة إلى تشكيل تركيبات أعلاف لمختلف مراحل نمو السمك بمراعاة الاحتياجات الغذائية لكل مرحل ونوع سمكي.
ولفتت المتحدّثة إلى أنّ المشروع كذلك في جزء ثان منه يتضمّن إنشاء قاعدة بيانات لمختلف المواد المتوفرة محليا ودراسة تأثيرها على الأسماك، بغية إنشاء برنامج خاص بتشكيل الأعلاف الخاصة بهذه الأخيرة، على اعتبار تضيف، عليوش، أنّ لكل مرحلة استزراع احتياجاتها وأهدافها، ففيما يخص أمهات الأسماك على سبيل المثال تم القيام بالتركيز على تحسين الخصوبة وتوفير أعلاف تساعد على تقوية وتعزيز مناعة الأسماك في هذه المرحلة، بينما عند التسمين وما قبلها تمّ التركيز على صحة الأسماك ونموّها وكذا الاحتياجات من البروتين، أما فيما يتعلّق بمرحلة اليرقات فكان التركيز على تحسين حالتها لتكون دون عاهة وتسريع نموّها، كما يُهتم في كل من هذه المراحل بتأثير الأعلاف على جودة المياه.
وتقول ذات المتحدّثة إنّ عدّة نتائج إيجابية تمّ الحصول عليها، بحيث مكّنت من استبدال المواد المستوردة بأخرى متوفرة محليا، إذ تعد المستوردة مرتفعة الثمن وقد يتأخر استلامها، ما يؤثر على تغذية الأسماك وانخفاض نوعيتها خاصة من ناحية الفيتامينات، بالأخص استبدال مسحوق السمك الذي أصبح موضوع بحث يشغل الباحثين دوليا، سواء كانت مصادر للبروتين حيوانية أو نباتية، إذ هناك من منع تصدير مسحوق السمك واستيراده لأسباب صحية في جائحة جنون البقر ما ألزم التفكير في حلول بديلة خاصة وأنّ البروتينات من أهم الجزيئات في غذاء السمك.كما أنّ للنتائج إيجابيات أخرى تتمثل في ضمان استمرارية ونجاح مشروع الاستزراع السمكي بضمان توفّر المواد وعليه توفّر الأعلاف على مدار السنة، التخفيف من الاستيراد وتشجيع الاستثمار في هذا المجال وعليه تحقيق الاكتفاء الذاتي، فوائد أخرى تخص الجانب البيئي من خلال استخدام مخلفات مصانع تعليب الأسماك لتصنيع مسحوق السمك ما يؤدي إلى الحفاظ على البيئة البحرية، على اعتبار أنّ هذه المصانع تواجه مشكلة في التخلص من هذه المخلفات وتدفع ضرائب للقضاء عليها ورميها في البحر.
الاستزراع السمكي مصدر الإنتاج
وتحدّثت، عليوش، عن إقرار منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في آخر إحصائياتها لسنة 2024 عن تفوّق الاستزراع السمكي في إنتاج الحيوانات المائية مقارنة بالصيد الطبيعي، لأول مرة في التاريخ بنسبة 51 بالمائة، ما يعني أنّ الاستزراع السمكي أصبح المصدر العالمي لإنتاج الأسماك، كما يحافظ على الثروة الطبيعية والتوازن البيوحيوي، غير أنّه يواجه تحديات تتعلّق خصوصا بصناعة الأعلاف، التي تمثّل نسبة ما بين 50 و80 بالمائة من تكاليف مشاريع الاستزراع السمكي بحسب خبراء في القطاع، استنادا لنوع السمك ونظام الاستزراع المتبع.
فأسماك المياه العذبة كمثال احتياجاتها الغذائية أقل مقارنة بالأسماك البحرية وعليه تكاليف أعلاف أقل، كذلك أسعار أعلاف اليرقات أغلى من الخاصة بالأصبعيات، وكلها ترتبط بتركيبة الأعلاف بالأخص من البروتينات الحيوانية، إذ لها علاقة وطيدة باستخدام مسحوق الأسماك الذي أصبح يشكّل عائقا أمام مصانع صناعة الأعلاف، زيادة على الآلات المستخدمة في صناعتها التي تؤثر على خاصية الطفو (العلف الطافي والغاطس)، وعليه فالأعلاف دورها مهم في إنجاح الاستزراع السمكي بتوفير تركيبات بجودة تلبي احتياجات الأسماك حسب مرحلة النمو، باستخدام مواد محلية تضمن استدامة المشروع. وتؤثر الأعلاف أيضا على جودة المياه مثلما قالت، وبالتالي على صحة الأسماك، عبر خصائصها الفيزيائية ونوعيتها الميكروبيولوجية، إذ أنّ الأعلاف غير المتينة والثابتة تتحلل بسرعة فلا تستفيد منها الأسماك، كما تلوّث المياه فينجر عن ذلك خسائر سمكية وفي المياه ما يرفع من تكاليف المشروع، ذات الأمر للأعلاف التي لم تصنع وفق معايير جودة ميكروبيولوجية، حيث تؤدي إلى نفوق الأسماك وإلزامية إفراغ الأحواض وتجديدها واستخدام مضادات حيوية. وعملت، عليوش، خلال سنوات سابقة على استخدام نبات «الكينوا» في أعلاف الأسماك، باعتباره محصولا استراتيجيا متعدّد الاستخدامات والفوائد وقيمته الغذائية عالية، إذ تحوز النبتة على نسبة عالية من البروتين، الفيتامينات، الأملاح المعدنية والأحماض الأمينية، غنية كذلك بالدهون على غرار أوميقا 3 و6 وتساعد على هضم الأعلاف بشكل جيّد، فضلا على تحمله الجفاف والملوحة، حيث اهتمت بالتعريف بالنبتة والعمل على تثمين مخلفاتها وأيضا دراسة مدى تأثير مادة «الصابونين» على صحة الأسماك.
ولفتت المتحدّثة إلى أنّ الأعلاف المصنعة من نبات «الكينوا» كانت منافسة لنظيرتها المصنعة من مسحوق السمك، كما لم تؤثر سلبا على صحة الأسماك، والملاحظ هو زيادة الخصوبة عندها والنمو بشكل متجانس، مع ذلك توصي، عليوش، باستخدام نبات «الكينوا» كمضاف للأعلاف على اعتبار سعره الباهظ، كذلك عدم وجود فائض في إنتاجه لتفادي منافسة الاستهلاك البشري الموجّه بالأخص لمرضى «السيلياك»، أما بالنسبة لاستخدام مخلفات النبتة فساهم في تقليص سعر العلف من خلال تثمين مخلفاتها في أعلاف البلطي حيث تباع بأسعار رمزية.
من الضروري تشجيع السوق المحلي
وتهدف المختصة إلى العمل مع الشريك الاقتصادي لدراسة جودة الأعلاف المصنعة وتقديم حلول لتحسينها، ذلك أنّ الاهتمام بمجالها ضروري لمشاريع الاستزراع السمكي، إذ يرتبط بوفرة الأعلاف واستدامتها، فجائحة «كورونا» أثرت على قطاع الصيد البحري وتربية المائيات، بحيث كان من الضروري تشجيع السوق المحلي لصناعة الأعلاف واستخدام مواد محلية ذات قيمة غذائية عالية وأسعار مقبولة، غير أنّ مصانع الأعلاف محدودة على المستوى الوطني. وترى ذات المتحدّثة أنّ الجزائر تزخر بثروات طبيعية وبدائل للمواد المستخدمة على الصعيد الدولي، وتثمينها في المجال يساهم في تطوير إنتاجها وتحقيق الاقتصاد الدائري، سواء موارد مائية وزراعية وأيضا نباتات مائية كـ»الأزولا» وعدس الماء اللذان يستخدمان كأعلاف للدواجن والماشية، إذ أعطت نتائج استخدام هذين المادتين نتائج جيدة فيما يخص تحسين جودة المياه، إذ تقوم باستغلال المواد الأزوتية الناتجة عن بقايا الأعلاف في الماء ومخلفات الأسماك كمواد غذائية لنموها، فيما استخدمت النبتتان في تركيبات أعلاف كمصادر للبروتين النباتي وكذلك كخام، لكن لم تعطيان نتائج جيدة، لذلك توصي، عليوش، باستخدامهما كمضافات، وتشجّع على استغلال وزراعة الطحالب بشكليها الدقيقة والكبيرة، كما تؤكد الحرص على تفادي استخدام المضادات الحيوية والمضافات الاصطناعية.وعرّجت، عليوش، للحديث عن الأسماك في المياه العذبة، قائلة إن تربيتها في الجزائر يرفع من نسبة استهلاك الأسماك، كذلك الحد من استغلال الثروات البحرية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، كما نوّهت بفوائدها وقيمها الغذائية، حيث تنافس أحسن الأسماك استزراعا، فضلا على الحفاظ عن الأسماك القارية وتوازن النظام البيئي القاري، لافتة أنّ الجزائر تصدر أسماك المياه العذبة، حيث تعتبر أسماك البلطي، القرموط والشبوط أهم أسماك المياه العذبة المستزرعة محليا، إذ يؤدي هذا النوع من الاستزراع إلى تشجيع الصناعات التحويلية.
وتنوّه بأهمية التعاون بين المختصين في مختلف الميادين لاستخدام أحسن وتبادل المعلومات، فضلا عن اهتمام أكبر من قبل الباحثين حتى البياطرة، بالتركيز على استخدام النباتات الطبية لتحسين مناعة الأسماك والعلاج ضد بعض الأوبئة، كما أنّ الذكاء الاصطناعي مجال مهم في توفير برامج مثلا لحساب نسب تركيبات المواد، كذلك مختصو الميكانيك لصناعة أجهزة توزيع الأعلاف وغيرها من الأفكار المبتكرة التي تسهم في تطوير المجال، إذ أكدت إيداع طلب الحصول على براءتي اختراع لمشروعي مؤسسة ناشئة واحد في استخدام مادة حيوانية كمصدر للبروتين عوض مسحوق السمك وآخر لتحسين تصبغ الأسماك، إذ تمّ ابتكار لون لا يضر بالأسماك لاعتبار مواده الطبيعية. إسلام قيدوم
تجارب غير تقليدية تخدم البيئة والتنمية المحلية
المـــــزارع .. وجـــه رائــج للسياحـــة المستدامــة في الجزائـــر
يساهم البحث المتزايد عن تجارب سفر وسياحة تجمع بين المتعة والاستدامة، في رواج المزارع التي تجذب اليوم عديد الأفراد والعائلات، لتخرج بذلك من الصورة النمطية لكونها مصدر إنتاج زراعي، وتتحول إلى فضاء للترفيه يجمع بين الأنشطة الفلاحية والسياحية، ويقدم تجربة تفاعلية تتيح للزوار الاقتراب من الطبيعة بشكل أكبر.
تحظى مزارع عديدة في الجزائر، باهتمام متزايد هذه السنة، خصوصا من قبل عشاق الطبيعة والراغبين في الابتعاد عن صخب المدينة وهوائها الملوث، إذ يشكل الوعي البيئي عنصرا أساسيا في كل ذلك، بداية بالأماكن الطبيعية البعيدة عن ملوثات الجو، إلى جانب المميزات الخاصة التي توفرها هذه المزارع في مجال الغذاء بفضل ما تقترحه على زوارها من منتوجات عضوية طازجة، فغالبا ما تتوفر على محلات تابعة لها تبيع منتجات خاصة بالمزرعة من أجبان وكل مشتقات الحليب، وحتى العسل الطبيعي والخضر والفواكه التي تنتجها الأشجار المثمرة أيضا، بما يتيح للسائح إمكانية الاطلاع على مصدر غذائه وأهمية الزراعة المستدامة.
مزيج بين السياحة والفلاحة
وتصنع تلك المزارع الطبيعية البسيطة الحدث على مواقع التواصل الاجتماعي التي تروج لها بقوة، خصوصا وأنها مختلفة من حيث هندستها وتجهيز مرافقها المهيأة لاستقبال الزوار، وهو ما أحدث الفرق من حيث الإقبال الكبير عليها سواء من طرف العائلات، أو مجموعات الأصدقاء، أو حتى تحولها إلى عنوان رئيسي لخرجات رياض الأطفال والمدارس والأنشطة الجماعية لبعض المؤسسات، وهو ما وقفنا عليه بمزرعة بولاية تيبازة، ذاع صيتها بشكل كبير هذه السنة بالنظر إلى جودة المرافق والخدمات التي تقدمها للزوار، وهي شهرة لا تقل عن الانتشار الذي تحققه مزرعة أخرى بغرداية و ثالثة ببومرداس، وأخرى رابعة بقسنطينة.
أخبرنا أحد عمال المزرعة، خلال زيارتنا لها مؤخرا، أنهم أخضعوا المكان لأشغال توسعة وتهيئة، بحيث يتوفر اليوم، على كل ما يحتاجه الزائر من أماكن للترفيه والتعلم، مشيرا إلى أنه يقصد بالتعلم اكتساب بعض الحيل الزراعية و معرفة طرق التعامل مع النبات والحيوان.
كما تتوفر المزرعة كذلك، على محلات لبيع منتجات طبيعية تنتج محليا، تكون متاحة للسياح والزوار بنوعية جيدة وأسعار تنافسية، وتشجع على استهلاك كل ما هو طبيعي أو «بيو». وكلها مقومات يرى محدثنا، بأنها تساهم في رفع نسبة الزوار من سنة إلى أخرى مضيفا، أن المزرعة قبلة للزوار دوما خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع، أو العطل المدرسية التي أكد أنها تشكل فترات الذروة من حيث الإقبال.
استثمار مغر
صادفنا خلال جولتنا في المزرعة، العديد من الأشخاص من ولايات أخرى وقد اتضح لنا ذلك من خلال تعدد اللهجات المحلية، تقربنا من إحدى السيدات، فقالت إنها جاءت من وادي سوف في رحلة سياحة إلى الجزائر العاصمة، ولأنها سمعت الكثير عن المزرعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اختارت العائلة أن تكون تيبازة من بين محطاتها الرئيسية.
وعبرت المتحدثة، عن سعادتها بالتجربة،وقالت إنها ثقافة جيدة تروج للاستدامة وحب الطبيعة، وتجعلنا أكثر وعيا بمخاطر ما قد نخسره في حال لم ننتبه إلى تحديات كوكبنا.
وفي ذات السياق، أكد العامل بالمزرعة أنهم يستقبلون زوارا من مختلف ولايات الوطن خاصة خلال فصل الصيف، وهو ما يعتبره مشجعا لمواصلة العمل وتطوير النشاط بما يخدم الزائر والبيئة.
مزرعة تيبازة، ليست إلا عينة من تلك المزارع التي يتزايد عددها من يوم لآخر في بلادنا، بعد أن لقيت المبادرة رواجا في أوساط العديد من الأفراد وشجعتهم على السياحة الداخلية، وذلك بحسب ما تظهره تلك الإعلانات لمزارع من مختلف ولايات الوطن، خاصة بمنطقة الهضاب العليا، وهي مزارع يروج لها مؤثرون يقدمون صورة عامة عن هذه الأماكن، التي تتوفر كذلك على غرف للمبيت أو بيوت خشبية وأشجار مثمرة، وحظائر للحيوانات مع مسابح، ويمكن الاستفادة من خدماتها بأسعار متفاوتة حسب ميزانية الفرد أو العائلة.
وقد علمنا من أصحاب المزرعة المتواجدة بتيبازة، أن هذا النشاط الزراعي السياحي، يسمح بتوفير مصدر دخل إضافي للفلاحين وللمالكين بما يدعم ويعزز الاقتصاد المحلي، في وقت تساعد فيه الأنشطة المختلفة المقترحة على الزوار، في تثقيفهم حول أهمية الحفاظ على البيئة وقيمة الزراعة المستدامة، وتقدم خيارات جديدة للسياح الباحثين عن تجارب غير تقليدية.
إ.زياري
طاقات غير نظيفة وصناعات تهدد الكوكب
99 بالمئة من سكان العالم يتنفسون هواء ملوثا
تشير بيانات لمنظمة الصحة العالمية، إلى أن 99 بالمئة من سكان العالم يتنفسون هواء ملوثا، من مسبباته الاعتماد المطلق على الطاقات الغير نظيفة، والصناعات الكبرى، زيادة على ما تفرزه النفايات من غازات سامة، وكلها عوامل تتسبب حسب الخبراء، في الانتشار الرهيب للأمراض وزيادة معدلات الموت، وسط دعوات لاعتماد بدائل نظيفة وحلول ذكية تعتبر فعالة في تنظيف الهواء.
يصنف تلوث الهواء ضمن قائمة المخاطر البيئية الكبرى على الصحة والتي يعاني منها كل سكان الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، وحتى البلدان المتطورة المرتفعة الدخل، بحيث تشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن تلوث الهواء في المدن والقرى يتسبب في وفاة 4.2 مليون حالة مبكرة سنويا، وذلك نتيجة للإصابة بالأمراض القلبية الوعائية وأمراض الجهاز التنفسي، وأنواع مختلفة من السرطان يتقدمها سرطان الرئة.
موت عالمي جماعي
ويكشف تقرير لمنظمة الصحة العالمية، أن ما يقارب 68 بالمئة من حالات الوفاة المبكرة الناتجة عن تلوث الهواء الخارجي، سجلت في العام 2019 بسبب الإصابة بمرض القلب الإقفاري والسكتة الدماغية، وأن 14 بالمئة من هذه الوفيات نجمت عن الإصابة بمرض الرئة الانسدادي المزمن، بينما نجمت 14 بالمئة عن عدوى الجهاز التنفسي السفلي الحادة، و4 بالمئة المتبقية نتجت عن سرطانات الرئة. وعلى الرغم من أن كل بدان العالم تتقاسم خطر الهواء الملوث، إلا أن سكان البلدان التي تكون منخفضة ومتوسطة الدخل، يتحملون العبء الأكبر الناتج عن تلوث الهواء الخارجي، بحيث تشير الأرقام إلى أن 89 بالمئة من أصل 4.2 مليون حالة وفاة مبكرة تسجل في هذه المناطق، علما أن أعلى نسب الوفيات والتضرر ترصد في إقليمي جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ.
مبادئ عالمية و توجيهية لا يعترف بها
وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية قد فرضت مبادئ توجيهية عالمية لنوعية الهواء، وفق إرشادات عامة بشأن العتبات والحدود القصوى لملوثات الهواء الرئيسية التي تشكل مخاطر صحية، إلا أنها تبقى مجرد توجيهات لا يتم الاعتراف بها ولا اعتمادها من قبل البلدان المصنعة، رغم أن هذه المبادئ التوجيهية وسيط لتعزيز الانتقال التدريجي من مستويات التركيز المرتفعة إلى مستويات أدنى.ويصنف الخبراء تلوث الهواء إلى نوعين، تلوث الهواء المحيط وهو تلوث خارجي، وتلوث الهواء داخل المنزل ويسمى تلوث الهواء الداخلي، علما أن التلوث الخارجي يصنف كأكبر مشاكل الصحة البيئية التي تلحق أضرارا جسمية بكل سكان المعمورة دون استثناء.
وتشكل الجسيمات الدقيقة العالقة في الهواء أخطر الملوثات، والمتمثلة في خليط من القطرات الصلبة والسائلة التي تحوي جزيئات أكبر حجما مصدرها حبوب اللقاح ورذاذ البحر والغبار المحمول بواسطة الرياح الناجم عن التآكل، ومساحات الأراضي الزراعية، وطرق وعمليات التعدين،ويمكن أن تأتي هذه الجسيمات من مصادر أولية مثل حرق الوقود في مرافق توليد الطاقة أو المصانع المركبات، ومصادر ثانوية مثل التفاعلات الكيميائية بين الغازات. ويحمل الهواء الملوث أيضا، مكونات أخرى تعتبر خطيرة للغاية، منها ثاني أكسيد النيتروجين، وهو غاز ناتج عن احتراق الوقود بأنواعه في بعض العمليات مثل تلك المستخدمة في الأفران، ومواقد الغاز، والنقل والصناعة، وتوليد الطاقة، إلى جانب ثاني أكسيد الكبريت، وهو غاز آخر ينتج أساسا عن احتراق الوقود الأحفوري بأنواعه بأغراض التدفئة المنزلية والصناعات وتوليد الطاقة، وكذا غاز الأوزون الموجود في طبقات الجو السفلى، و الناتج عن تفاعل كيميائي لغاز مثل ثاني أكسيد النيتروجين بوجود ضوء الشمس، وهي الملوثات التي تثبت أثرها الصحي المباشر على الإنسان خاصة الجسيمات الدقيقة العالقة ثم ثاني أوكسيد النيتروجين، وغاز الأوزون الذي يعتبر عاملا رئيسيا للإصابة بالربو أو لتدهور حالته.
الخبيرة في الطاقات المتجددة الدكتورة كريمة قادة تواتي
مخاطر نتخطاها بالتكنولوجيا والحلول الذكية
أرجعت الخبيرة في مجال الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي، الدكتورة كريمة قادة تواتي، تلوث الهواء والتلوث البيئي للاستغلال الخاطئ وغير العقلاني للطاقات الطبيعية، إضافة لاستغلال الطاقات الأحفورية كالبترول والكربون، ما يلوث البيئة والهواء بفعل إفراز غازات سامة وخطيرة جدا.
وأكدت الخبيرة، أن المواد الكيميائية التي يولدها هذا الاستغلال للطاقات تنتشر عبر الهواء الذي نتنفسه، وبالتالي تأثر سلبا علينا بفعل المواد الكيميائية الخطيرة جدا المسببة للأمراض القاتلة.
وأضافت الدكتورة قادة تواتي، أن الصناعات تشكل عاملا رئيسيا في تلوث الهواء، وذلك نتيجة الطرق المعتمدة في الصناعة التحويلية،التي تنتج نفايات سامة تؤثر بالدرجة الأولى على صحة الإنسان.ودعت الخبيرة، إلى ضرورة مراجعة بعض الممارسات الصناعية عبر اعتماد طرق صحية أكثر، يمكن أن تتيحها التكنولوجيا المتطورة في الصناعة، والتخلي عن الطرق التقليدية المسببة لأعلى نسب التلوث خاصة الآلات القديمة، مشددة على أهمية تبني طرق حديثة في التصنيع للتقليل من انبعاثات الغازات السامة. وأشارت أيضا، إلى النفايات التي اعتبرتها عبئا كبيرا على الكوكب بسبب الغازات السامة، خاصة البلاستيك الذي يتطلب مئات السنوات للتحلل في الطبيعة، ودعت إلى ضرورة التحول نحو الاقتصاد التدويري الذي يجب أن يدرج في الاستراتيجيات الكبرى للتصنيع، وذلك بالنظر إلى فوائده الكبيرة في تقليص حجم النفايات، كما يوفر ثروة ومناصب جديدة، بما يرسخ للاستدامة، ويشكل ثروة اقتصادية كبيرة للبلاد، ويقلل كذلك من الملوثات
و الأضرار ويحمي الإنسان.
إيمان زياري