تعرف البراميل الصناعية المستخدمة، استعمالا مكثفا بالجزائر منذ سنوات طويلة، نظرا لحاجة الناس إليها لتخزين المياه و المواد الغذائية و غيرها من الاستخدامات الأخرى الآخذة في التوسع مع ظهور المزيد من الأنواع و الأشكال و الأحجام من هذه البراميل ذات المصدر البلاستيكي و المعدني.
و يعتقد الناس بأن غسل هذه البراميل بالماء و المنظفات الكيماوية كفيل بالقضاء على بقايا المواد التي كانت مخزنة داخلها، و من ثم تتم إعادة استعمالها في الحياة اليومية دون معرفة المخاطر الصحية و البيئية الناجمة عنها، حيث يقول خبراء الصحة و البيئة بأن بعض المواد الكيماوية تترك آثارا داخل هذه البراميل، و من الصعب القضاء عليها بالتنظيف العادي، و من ثم فإن إعادة استعمالها في الحياة اليوم تنجر عنه مخاطر كبيرة مؤثرة على الصحة و البيئة، تأثيرا جديا، مازال الناس العاديون لا يعرفونه، و ربما منهم من يتجاهل الخطر و يرى في استعمال هذه البراميل أمرا عاديا.
و لتسليط الضوء على الحاويات و البراميل الصناعية في الجزائر، و كيفية إعادة استعمالها بطريقة آمنة، و تقنيات تطهيرها و تعقيمها و التخلص منها إذا دعت الضرورة إلى ذلك، تستند الصفحة الخضراء إلى دراسة هامة أنجزها خبير البيئة الجزائري كريم ومان، المدير العام السابق للوكالة الوطنية للنفايات، حصلت النصر على نسخة منها أمس الثلاثاء، يتحدث فيها عن مخاطر الاستخدام الخاطئ لهذه النفايات، و تأثيرها على الصحة و البيئة و كيفية تعقيمها و تطهيرها و تدويرها خدمة للاقتصاد الوطني و المجتمع.
يقول كريم ومان بأن إعادة استخدام البراميل التي سبق أن احتوت على مواد أولية صناعية، غالبا ما تكون سامة، هي ممارسة آخذة في التوسع بشكل كبير.
هذه الممارسة غير المنظمة بما فيه الكفاية، يمكن أن تشكل مخاطر جسيمة على صحة الإنسان والبيئة، عندما تكون قد استخدمت لتخزين المواد السامة، حيث جرت العادة أن يتم استخدام هذه البراميل من قبل الأفراد لتخزين الطعام أو الماء، بعد عملية غسل بدائية، ومع ذلك، يمكنها أن تبقى محتوية على بقايا سامة، و يمكن أن تنتقل إلى الطعام أو الماء.
قد تكون العواقب وخيمة
و يحذر كريم ومان من عواقب قد تكون خطيرة عند الاستعمال الخاطئ لهذه البراميل، بينها التسمم الحاد، والاضطرابات العصبية أو الهرمونية بسبب التعرض المطول للمواد السامة، والمخاطر المسببة للسرطان المرتبطة ببعض المواد الكيميائية.
و يقدم خبير البيئة الجزائري ما يراه حلولا لمواجهة هذه المخاطر، كإنشاء شعبة مهنية مخصصة لتنظيف وإعادة استخدام البراميل الصناعية ليس فقط التزاما تنظيما، ولكنه أيضا فرصة اجتماعية واقتصادية كبيرة، مضيفا بأن هذه المبادرة لا تحمي الصحة العمومية والبيئة فحسب، بل تعزز أيضا إنشاء فرص عمل متخصصة وتطور شركات مبتكرة في إطار إدارة هذه البراميل المصنفة على أنها نفايات خطرة، موضحا بأنه و في الجزائر، تم وضع لوائح مهمة لتجنب الاستخدام غير المناسب لهذه البراميل، ومع ذلك لا تزال هناك ممارسات غير رسمية.
ما هي المخاطر المرتبطة بالبراميل غير المطهرة؟
حسب الدراسة التي أعدها كريم ومان، فإن البراميل الصناعية، المصممة لاحتواء مواد كيميائية قد تكون شديدة السمية، فهي تحتفظ ببقايا حتى بعد الشفط بالماء، و يمكن أن تنتقل هذه البقايا إلى المواد الغذائية أو المياه المخزنة، مما يعرض المستهلكين لمواد خطرة، حيث يمكن أن تشمل العواقب التسمم الغذائي الحاد، اضطرابات عصبية أو هرمونية بسبب التعرض المطول للمواد السامة، إلى جانب مخاطر الأمراض السرطانية.
كما يمكن أن يؤدي نفوذ المخلفات من البراميل أو مياه الشطف المرتبطة بهذه المعدات في البيئة إلى تلوث التربة والمياه الجوفية، و تلوث النظم البيئية الأرضية والمائية، و زيادة الصعوبات في معالجة التربة الملوثة. و من هنا، يقول صاحب الدراسة، بأن هذه المخاطر الجدية تؤكد على ضرورة اتباع نهج صارم لإدارة هذه الحاويات، وتجنب إعادة استخدامها بشكل غير احترافي وتفضيل الحلول المهنية والمستدامة.
هل التنظيف المهني حل آمن؟
يتساءل كريم ومان هل التنظيف المهني حل آمن لتفادي المخاطر الناجمة عن البراميل الصناعية الملوثة بمواد سامة؟ موضحا بأن تطهير البراميل الصناعية هو عملية معقدة تتطلب بنى تحتية متخصصة، ومعدات مناسبة وعمال مؤهلين، مقدما الخطوات الرئيسية لبروتوكول تطهير صارم، يبدأ بالتقييم الأولي، الذي عرفه بأنه عملية ضرورية تبدأ بالتحديد الدقيق للمحتوى الأصلي، و تسمح هذه الخطوة بمعرفة طبيعة المخلفات المراد إزالتها، بعد ذلك يتم إجراء تقييم لمستوى التلوث لتحديد المخاطر المرتبطة به، و أخيرا من الضروري التحقق من السلامة الهيكلية للبرميل، للتأكد من أنه في حالة جيدة وأنه لا توجد به تسريبات، مما يضمن التعامل الآمن.
و يتضمن بروتوكول التطهير عدة خطوات أساسية لتحقيق أقصى قدر من الفعالية، حيث يجب أن يكون التنظيف المسبق بالشطف عالي الضغط لإزالة المخلفات المرئية، وبالتالي إعداد السطح للخطوات التالية، بعد ذلك، تتضمن المعالجة الرئيسية تنظيفا كيميائيا مناسبا، مصحوبا بتحييد المواد الخطرة، ثم دورات شطف متكررة للتأكد من إزالة جميع الملوثات، و في الأخير تتضمن التشطيبات تجفيفا محكما وفحصا شاملاً للجودة، لضمان إجراء عملية التطهير بنجاح و التأكد من أن البراميل صارت آمنة للاستخدام في المستقبل.
و تعد مراقبة الجودة والتتبع من الخطوات التي لا غنى عنها في عملية إدارة البراميل المستعملة، و تكون البداية بتحليل كيميائي يهدف إلى الكشف عن المخلفات الموجودة، مما يضمن إزالة جميع المواد الخطرة بشكل صحيح. بعد ذلك، يتم إجراء اختبارات التسرب مصحوبة بفحص دقيق لهيكل البراميل لضمان سلامتها، و أخيرا، و لضمان إمكانية التتبع الكامل، يتم تحديد تعريف فريد لكل برميل، مما يسمح بتتبع تاريخه وضمان المتابعة الدقيقة طوال دورة حياته.
إدارة البراميل الصناعية تمثل قطاعا واعدا للفرص الاقتصادية
و يرى كريم ومان، بأن إعادة تدوير البراميل و تطهيرها من السموم، و إعادة استعمالها في الحياة اليومية و الدورة الاقتصادية، تشكل مجالا آخذًا في التوسع، نظرا للنشاط الصناعي والزراعي المكثف الذي تعرفه الجزائر، مما يفتح الطريق أمام العديد من الفرص الاجتماعية والاقتصادية، بينها إنشاء شركات متخصصة في التطهير وإعادة التدوير، و علاوة على ذلك، ستظهر شركات ناشئة لتطوير حلول التتبع الرقمي، و التحليل الكيميائي الآلي، مما يعزز المتابعة الفورية لهذه العبوات الملوثة. كما يمكن إنشاء وظائف مؤهلة، حيث يتطلب تطوير هذا القطاع موظفين مؤهلين ومدربين على المخاطر الكيميائية وعمليات التطهير، و يشمل ذلك فنيين متخصصين في التنظيف الصناعي، ومهندسين في إدارة المخاطر البيئية، ومشغلين مدربين على معايير السلامة و التتبع.
و من خلال تعزيز إعادة الاستخدام الآمن للبراميل بعد التطهير، تندرج هذه النشاطات تماما في نهج الاقتصاد الدائري، مما يقلل من استهلاك المواد الخام ويحد من إنتاج النفايات.
دعوة إلى العمل وتحويل التحدي إلى فرصة
و خلص خبير البيئة الجزائري كريم ومان في دراسته، إلى القول بأن إدارة وتطهير و إعادة استخدام البراميل الصناعية تمثل تحديا كبيرا للصحة العمومية والبيئة، ولكنها أيضا فرصة اقتصادية هائلة تعتمد على نهج متكامل ومنسق، و من الممكن تحويل هذا التحدي إلى قوة داعمة للنمو الاقتصادي الوطني المستدام، موضحا بأن هذا النشاط، الذي يقع على مفترق طرق الاهتمامات الصحية والبيئية والاقتصادية، يتوفر على إمكانات هائلة لخلق فرص العمل والتنمية المحلية، والانتقال إلى اقتصاد دائري حيث تتوفر في الجزائر قوانين و لوائح تمثل إطارا قويا لهذا التحول المستقبلي، في مجال إدارة النفايات و الحد من المخاطر الصحية و البيئية الناجمة عنها. فريد.غ
البروفيسور جيمس ماكلين يحاضر في الجزائر ويؤكد
دراسة علم الزلازل القديمة مهمة لتقييم المخاطر
نشط مطلع الأسبوع، البروفيسور الأمريكي في مجال الزلازل القديمة جيمس ماكلين، ندوة مركز البحث في علم الفلك والفيزياء الفلكية والفيزياء الأرضية بالجزائر، تحدث خلالها عن آليات رصد الحركة الزلزالية و جديد هذا العمل العملي الدقيق على المستوى العالمي، موضحا أنه في منتصف وأواخر الستينيات، لم يتمكن علماء الزلازل إلا من تقديم توصيف عام لمصادر النشاط الزلزالي، وذلك استنادا إلى سجل زلزالي قصير لم يتجاوز 175 عاما، لكن الوضع اختلف كليا اليوم.
وتطرق العالم، خلال الندوة التي تمت بشكل مباشر على منصة فيسبوك إلى التطور التاريخي لعلم الزلازل وأهم تطبيقاته في الدراسات الزلزالية والتكتونية، حيث استهدفت المحاضرة التي جاءت بالتعاون مع مجموعة «جيو هازارد كوميونيتي»، وكذا منصة «جيوليرن هيب»، الباحثين والطلبة المهتمين بجيولوجيا الزلازل والنشاط التكتوني، إلى جانب المختصين في تقييم المخاطر الزلزالية.
و تمت الإشارة من قبل البروفيسور جيمس ماكلين، إلى أنه قبل 175 عاما، لم تكن هناك طرق معروفة لـتحديد مواقع الفوالق النشطة، بل كان العمل ينحصر في تعيين منحنيات التكرار و قوة الفوالق، لرصد الحد الأقصى لقوة الزلازل، أو اتجاه الحركة، و تقدير دورات التكرار أو مقدار الإزاحة لكل حدث زلزالي. وقال ماكلين، بأن المشكلة سالفة الذكر، كانت محط دراسة للبروفيسور كلارنس آر. ألين، من معهد كالتيك، وقد فصل فيها خلال توليه رئاسة جمعية الجيولوجيا الأمريكية عام 1974، إذ أوضح القيود التي واجهها العلماء في تقييم النشاط الزلزالي، بحيث ساهمت ملاحظاته في تشجيع تطوير علم الزلازل القديمة، الذي أصبح لاحقا أداة أساسية في دراسة الزلازل والتنبؤ بها.
واستعان الباحث، بتجربة الولايات المتحدة الأميركية للحديث عن تطور هذا العلم، وأوضح كيفية الاستفادة منها، مشيرا إلى أن بلاده عندما بدأت التخطيط لمحطات الطاقة النووية في منتصف الستينيات، التزمت بتقييم مخاطر الحركة الزلزالية للأرض بشكل كمي.
وقد أصبح ذلك ممكنا بحسبه، في عام 1968 مع تطوير نموذج التحليل الاحتمالي للمخاطر الزلزالية، على يد كورنيل سي الين، كما ورد في بحثه «تحليل المخاطر الزلزالية الهندسية».
وقال، بأن كورنيل قدم خلال أطروحة الدكتوراه الخاصة به، في معهد ماساتشوستش للتكنولوجيا، طريقة لتقييم المخاطر الزلزالية في مواقع المشاريع الهندسية، بحيث تقاس النتائج بناء على معايير حركة الأرض « مثل التسارع الأقصى» مقابل متوسط فترة العودة. وأكد المتحدث، بأنه ورغم مرور 57 عاما، على تطوير هذا النموذج، إلا أنه لا يزال يستخدم حتى اليوم كأساس في تقييم المخاطر الزلزالية، وقال بأن الولايات المتحدة الأمريكية سجلت سجلا زلزاليا تاريخيا، وادواتيا قصيرا نسبيا، حيث لم يتجاوز 175 عاما، في الغرب التكتوني النشط، و200 إلى 275 عاما في المناطق الوسطى والشرقية الأقل نشطا زلزاليا.
لينة دلول
منها النحام الوردي و بط أبو خصلة
50 بالمائة من الطيور المهاجرة والمستقرة حطت رحالها بالطارف
شكل مركب المناطق الرطبة للحظيرة الوطنية للقالة هذه السنة، قبلة لآلاف الطيور المهاجرة من مختلف أصقاع العالم للتعشيش وقضاء فترة الشتاء في البحيرات والمسطحات المائية للحظيرة، حيث كشفت عملية الإحصاء التي قامت بها الشبكة الجزائرية لملاحظي الطيور عن استقبال المناطق الرطبة للولاية لأكثر من 50بالمائة من أعداد الطيور المهاجرة والمحلية في الجزائر.
ويعد الرقم مهما جدا مقارنة بما تم رصده في البلدان المجاورة، حيث تم إحصاء 158 الف طائر من 23صنفا، منها أزيد من 100ألف طائر من عائلة البطيات، وحوالي 20ألف طائر من الغر، إضافة إلى طائر الخواضات والبلشونيات والدجاجات المائية، و الجوارح حسب ما لوحظ خلال حملة الإحصاء التي اختتمت مؤخرا.
وذكر رئيس الناحية الشرقية رقم 1 للشبكة الجزائرية لملاحظي الطيور عبد السلام قريرة، أن هذه السنة عرفت توافد أعداد كبيرة من البط السطحي على بحيرات والمسطحات المائية بولاية الطارف، مع ملاحظة وجود أعداد من البط الغطاس من بينها بط أبوخصلة الذي سجل عودته لمركب المناطق الرطبة للحظيرة بعد غياب تجاوز 15سنة، إلى جانب طائر بوقليقة أسود الذيل، الذي عاد من جديد بعد غياب فاق 10سنوات وطائر النحام الوردي، وأعداد أخرى كبيرة من طائر سقد الشمال.
وأشار، إلى أن تهاطل الأمطار والظروف المناخية التي ميزت السنة الجارية والأشهر التي سبقتها بقليل، وامتلاء المناطق الرطبة بالمياه بعد فترة شبه جفاف، ناهيك عن ارتفاع منسوب مياه المسطحات المائية المؤقتة، جعل توافد الطيور المهاجرة و المستقرة عليها كبيرا، وذلك لأجل التعشيش وقضاء فترة الشتاء هربا من تدني درجة الحرارة والبرد الذي يضرب شمال أوروبا.
تجدر الإشارة إلى أن ولاية الطارف تضم 10 مناطق رطبة طبيعية، تستوعب ما يقارب 30 نوعا من الطيور البرية المهاجرة مثل أبو ساق، أبو ملعقة، الغراب الكبير، وأبوسبولة أو الغطاس الكبير، والنحام الوردي، والشهرمان، والغرة، وحذف الشتاء، والنكات والكركري الرمادي، وهي مناطق متنوعة الثروات ومصنفة ضمن اتفاقية رمسار ذات الأهمية العالمية.
نوري حو