الخميس 30 جانفي 2025 الموافق لـ 30 رجب 1446
Accueil Top Pub

في اليوم العالمي للطاقة النظيفة: المعادن الحيوية.. مصادر تصنع ثورة في التحول الطاقوي

* احتياطـــــــــي الجزائـــــر قـــادر على قلــب المـوازيـــــــن
يحيي العالم اليوم العالمي للطاقة النظيفة المصادف لـ26 جانفي من كل سنة، وسط دعوات لتسريع وتيرة الانتقال الطاقوي والتوجه نحو إمدادات معادن أساسية أو حيوية، تشكل اليوم مكونات أساسية في العديد من تقنيات الطاقة النظيفة سريعة النمو، في ظل توقعات بتضاعف الطلب عليها ثلاث مرات بحلول عام 2030.

يعتمد الانتقال العالمي إلى الطاقات المتجددة والنظيفة على إمداد مستمر من المعادن الأساسية مثل الليثيوم، والنحاس، والنيكل، والكوبالت والعناصر الأرضية النادرة التي يجري استخدامها في الكثير من الصناعات الكبرى المتعلقة بتقنيات الطاقة النظيفة، والتي تعرف نموا متسارعا بداية بتوربينات الرياح والألواح الشمسية، وتخزين البطاريات وحتى المركبات الكهربائية.
ثورة المعادن الحيوية في مواجهة الوقود الأحفوري
وقد كشف آخر تقرير للجنة الأممية المعنية بالمعادن الحيوية للانتقال الطاقوي الصادر أواخر سنة 2024، أنه من المرجح تضاعف الطلب على المعادن الحيوية ثلاث مرات تقريبا بحلول العام 2030، مع تحول العالم من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، بهدف تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلى صافي الصفر بحلول عام 2050.
وبالتوازي مع ذلك، تشير التقارير الدولية إلى أن الحاجة للمعادن الحيوية أصبحت ملحة للغاية لتلبية طلب عالم يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، أين تلعب هذه المعادن أدوارا متغيرة، تبدأ من بلدان نامية تشكل مصدرا لها، بحيث تحمل معها آمال شعوب ترى فيها فرصا لتوفير مناصب عمل مع تنويع في الاقتصاديات وتعزيز الإيرادات بشكل كبير، وسط تحديات بيئية واجتماعية وكذا توترات جيوسياسية، وتسارع عملية استخراج هذه المعادن.
حاجيات العالم من المعادن الأساسية في أرقام
وبحسب دراسة أنجزتها شركة الذكاء المعدني المعياري «بينشمارك مينرال أنتيليجنس» المتخصصة في دراسة المعادن، فإنه ولأجل تلبية الطلب العالمي على البطاريات بحلول عام 2030، ستكون هنالك حاجة إلى 293 منجما جديدا، علما أن الحاجة للنحاس لنفس الفترة تمثل 3.7 مليون طن، و تصل حاجة إمدادات الليثيوم إلى 1.2 مليون طن، بينما قدرت حاجة إمدادات الجرافيت الاصطناعي بـ356 ألف طن، والمنغنيز بـ319 ألف طن، أما حاجة الكوبالت، فتقدر بحلول العام 2030 بـ129 ألف طن والنيكل بـ1.7 مليون طن.
وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة تضاعف حجم أسواق المعادن الأساسية حول العالم، خاصة في ظل الاهتمام بتنفيذ اتفاقية باريس لمكافحة تغير المناخ ووضع حد لزيادة درجة حرارة الأرض إلى أكثر من 1.5 درجة مئوية، كما تشير الوكالة إلى توقع ارتفاع استهلاك الطاقة لهذه المعادن بنسبة 40 بالمائة بحلول العام 2040، وبنحو 60 إلى 70 أو 90 بالمائة لبعض هذه المعادن كالليثيوم، الكوبالت والألمنيوم بحلول نفس السنة مقارنة بالفترة الحالية.
* أخصائية الطاقة الدكتورة بجامعة الجلفة فاطمة الزهراء بن عراب
نجاح التعدين مرهون بطرق مبتكرة تضمن الاستدامة

تؤكد المتخصصة في مجال الطاقة، الأستاذة بجامعة الجلفة، الدكتورة فاطمة الزهراء بن عراب، أن العالم يشهد حاليا تحولات كبيرة نحو استخدام الطاقة النظيفة والكهرباء كبدائل للوقود الأحفوري، وهو تحول تقول بأنه أدى إلى زيادة هائلة للطلب على المعادن الأساسية مثل الليثيوم، النحاس، النيكل، الكوبالت والعناصر الأرضية النادرة، وكل ذلك من أجل تلبية احتياجات التصنيع في مجال البطاريات والمركبات الكهربائية والمزارع الشمسية وتوربينات الرياح، مشيرة إلى توقعات بارتفاع الطلب على هذه المعادن بنسبة تصل إلى 400 بالمائة بحلول سنة 2050 مقارنة بمستويات عام 2020.
وبالنسبة للجزائر، ترى المختصة في الطاقة أن قطاع التعدين يشكل فرصة ذهبية للمساهمة في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة وتعزيز اقتصادها، معتبرة أن تحقيق ذلك يستوجب تكاتف الجهود بين جميع الأطراف المعنية من أجل تبني إستراتيجية واضحة تقوم على الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، وتطوير الكفاءات البشرية، مع أهمية تطبيق أعلى معايير الاستدامة البيئية، وهو ما ترى بأنه لن يساهم في تلبية الطلب العالمي المتزايد على المعادن الأساسية فحسب، بل سيساعد أيضا في بناء اقتصاد أكثر تنوعا واستدامة.
وأكدت الدكتورة بن عراب، أن الجزائر تمتلك احتياطات كبيرة من المعادن الأساسية التي يمكن لها أن تلعب دورا محوريا في تلبية الطلب العالمي المتزايد على هذه الموارد، خاصة مع التحول نحو الطاقة النظيفة، وتعتبر أن منجم «غار جبيلات» الضخم، يعد حاليا من أبرز المناجم النشطة، بحيث يمثل أحد أكبر احتياطيات الحديد في العالم، إلى جانب منجم «وادي أميزور» المخصص لاستخراج الزنك.
وإلى جانب ذلك، تشير المتحدثة إلى وجود عديد المشاريع قيد التطوير من أجل استغلال الذهب والنحاس في منطقة الجنوب الجزائري.
وتضيف الأستاذة، أن الجزائر تسعى حاليا إلى تطوير قطاع التعدين من خلال التركيز على تعزيز البنية التحتية وتبني التكنولوجيا الحديثة، كما أنها تبذل جهودا لتطوير الكفاءات المحلية عبر برامج التدريب والتعاون مع مؤسسات دولية لتوفير الخبرة والمعرفة المتخصصة، وترى أن هذه المبادرات تمثل خطوات إيجابية نحو استغلال أمثل للموارد المعدنية، بما يعزز مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني ويضمن مواكبة مثالية للطلب العالمي المتنامي.
الاستدامة لتجنب الأضرار
وتشير المتحدثة، إلى أنه وفي مقابل النمو الملحوظ الذي يشهده قطاع التعدين على المستوى العالمي، لكنه يواجه تحديات بيئية واجتماعية كبيرة، تظهر من خلال عمليات التعدين التقليدية التي تتسبب في أضرار بيئية خطيرة تشمل تلوث المياه والتربة، وكذا تدمير الموائل الطبيعية، وانبعاثات كبيرة للغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وتؤكد الدكتورة بن عراب، على أنه وفي مقابل هذا النمو الكبير، فإن الحاجة أضحت أكثر من ملحة لتطوير عمليات تعدين مستدامة، من أجل التقليل من الآثار السلبية على البيئة وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
ولمواجهة كل هذه التحديات وتلبية الطلب المتزايد على المعادن الأساسية مع الحفاظ على البيئة، تشدد محدثتنا على ضرورة تبني نهج يعتمد على التعدين المستدام، وهو ما اعتبرت إمكانية تحقيقه قائمة عبر استخدام تقنيات نظيفة تقلل من استهلاك المياه والطاقة، إضافة إلى إعادة تدوير البطاريات والمكونات الإلكترونية لاستعادة المعادن النادرة وتقليل الحاجة لاستخراجها من الطبيعة، منوهة أيضا إلى أهمية الاعتماد على الدراسات الجديدة لتقييم الأثر البيئي والاجتماعي قبل البدء في أي مشروع للتعدين، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص الذي يعتبر حسبها من الركائز الأساسية لتطوير القطاع، كما تشير إلى ضرورة فرض تشريعات صارمة تنظم عمليات التعدين وتضمن الامتثال للمعايير البيئية.
تعدين مسؤول يساوي تنمية مستدامة
تعتبر الدكتورة بن عراب، أن الأثر البيئي للتعدين يشكل تحديا كبيرا يتطلب حلولا مبتكرة لمواجهة المخاطر، وتؤكد أن تلوث المياه الناتج عن عمليات التعدين يمكن الحد منه عن طريق بناء سدود لاحتجاز المياه الحمضية، واستخدام تقنيات متطورة لمعالجة المياه، كما تعتبر إعادة تأهيل المناطق المتضررة وزرع الغطاء النباتي الطبيعي بعد انتهاء عمليات التعدين، من بين أهم الأدوار التي تساهم في تقليل الأضرار البيئية وتساعد على استعادة التنوع البيولوجي، كما تشير إلى إمكانية تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري عبر استخدام الطاقة المتجددة في عمليات التعدين وتحسين كفاءة الطاقة.
ولأن الهدف العالمي هو حماية الكوكب والتقليل من الاحتباس الحراري، تشير محدثتنا، إلى أنه يتم تسجيل العديد من الممارسات العالمية التي تسلط الضوء على إمكانية تحقيق تعدين مستدام، كاستخدام المياه المعاد تدويرها في عمليات التعدين، بحيث يعتبر ذلك حلا تصفه الباحثة، بالفعال لتقليل استهلاك المياه العذبة.
وتتحدث بن عراب أيضا، عن طريقة لاستخلاص المعادن البيولوجية باستخدام كائنات دقيقة، وهو الحل الذي تعتبره بديلا صديقا للبيئة عن تلك الطرق التقليدية التي تعتمد على مواد كيميائية ضارة، كما تشير أيضا إلى ضرورة إعادة تدوير البطاريات المستعملة، واستغلال المعادن النادرة ما يشكل حسبها، واحدا من الحلول الواعدة التي يمكن أن تقلل من الضغط على الموارد الطبيعية.
إيمان زياري

ملاجئ تقدم نموذجا قائما على الاستدامة
العالمة الجزائرية نعيمة بن كاري تنقل تجربة مباني بني ميزاب للعالم
أعلنت العالمة والبروفيسور الجزائرية، نعيمة بن كاري بوديدح، عن مشاركتها بفصل كامل في كتاب حول إعادة بناء المدينة باللغة الإنجليزية صادر عن إحدى دور النشر الأمريكية المعروفة، من خلال تقديم التجربة الجزائرية في مباني مستدامة أنشئت كملاجئ.

وتحت عنوان «من وحي مدن وادي ميزاب العريقة»، قدمت العالمة الجزائرية المقيمة بسلطنة عمان، مساهمة قيمة عن احتمال أن تحمل المدن القديمة مفتاح حل إحدى أخطر الأزمات الإنسانية اليوم، وتقول في فصلها من الكتاب الذي ينتظر صدوره في الفاتح من شهر أفريل المقبل حسبما كشفت عنه، أن مدن وادي ميزاب العريقة تشكل نموذجا لمستوطنات لاجئين معاصرة في المنطقة العربية، مشيرة إلى أنها تقدم رؤية جديدة لتصميم مخيمات للاجئين مستوحاة من دروس وادي ميزاب بالجزائر المصنف ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي.
وأكدت البروفيسور في تصريح للنصر، أن الكثير كتب حول عمارة وادي ميزاب، إلا أنه لم يتم أبدا التطرق إليها من باب أنها كانت مدنا للاجئين وكيف شكلت حلا لعمارة اللاجئين، في وقت تعاني المنطقة العربية كثيرا من مشكلة اللجوء عبر عديد الدول التي تعيش حروبا ونزاعات. مضيفة أن نزوح الأشخاص من بيوتهم ومدنهم الأصلية وكيفية وضعهم في مخيمات وخيم ليس لها روح، يشكل تعذيبا للإنسان خاصة إذا كان قادما من مدينة عريقة، فتتحول هذه الملاجئ العشوائية إلى أماكن لا تعطي الشعور بالانتماء. وأكدت البروفسور بن كاري، أنها تقدم التجربة الجزائرية لمدن بني ميزاب، كأجمل وأعرق وأقدم الحلول التي قدمتها البشرية فيما يخص قضية اللجوء، متطرقة في ذات الفصل إلى تاريخ الإباضية بالمنطقة وكيفية تمكنها من التوسع وبناء حضارة عاصمتها تاهرت، ومنها الهروب لسدراتة الحالية التي تحتوي على آثار تحت الأرض، إلى غاية وصولها إلى مشارف الصحراء بوادي ميزاب في صحراء قاحلة بلا حياة، لتتحول إلى مكان ينبض بالحياة، في ملخص يبرز الإبداع في البناء، كما تقدم توصيات بأهمية الحفاظ على بعض المقومات لنجاح التجربة في أماكن أخرى ومع ملايين اللاجئين عبر العالم والمنطقة العربية.
دعوة لإعادة التفكير في هندسة مستوطنات اللاجئين
وتوضح الباحثة، في مساهمتها أن هذه المدن المستدامة قد تم تأسيسها من قبل الجماعة الإباضية المهجرة في القرن الحادي عشر، والتي صمدت لأكثر من ألف عام، معتبرة أنها تمثل نموذجا قويا لكيفية تحويل مخيمات اللاجئين إلى مساحات حضرية مستدامة يقودها المجتمع نفسه، فبدلا من أن تكون مجرد ملاجئ مؤقتة، تطرح فرضية استغلالها وتحويلها إلى مدن مستقلة متجانسة ثقافيا وشاملة اجتماعيا.
البروفيسور بن كاري، أوضحت أن هذا الفصل من الكتاب يربط بين التاريخ والتحديات العمرانية المعاصرة، ليقدم رؤى قيمة للمعماريين وصناع القرار والمنظمات الإنسانية الساعية إلى حلول مستدامة لأزمات اللجوء، مضيفة أنه قد تم الاستناد فيه إلى نتائج أبحاثها الشخصية في منطقة وادي ميزاب، التي سبق وأن نشرت بعضها في مقالات وكتب سابقة، وأعلنت عن فتح باب الحوار معها بكل حماس للشروع في مناقشة كيف يمكن للحكمة التاريخية أن تشكل مستقبل المجتمعات المهجرة، داعية لإعادة التفكير في مستوطنات اللاجئين بشكل جماعي.
يذكر أن العالمة والباحثة الدكتورة نعيمة بن كاري، كان قد تم تنصيبها شهر ديسمبر الفارط، من قبل المجلس الدولي للآثار والمواقع «إيكوموس»، كجهة اتصال جديدة للمجلس، سعيا لتنسيق مجموعة عمل أهداف التنمية المستدامة للفترة 2024/2027، وجاء التعيين بعد مسيرة مثمرة و عمل جاد في الإيكوموس منذ العام 2016 كعضو خبير، حيث تعاونت مع العديد من المنظمات الدولية والسلطات الوطنية، إلى جانب مساهمتها في مراجعة ترشيح مواقع التراث العالمي وبرامج بناء القدرات في جميع أنحاء المنطقة العربية وإفريقيا، كما عملت لسنوات كباحثة مشاركة في جامعة طوكيو باليابان، بينما تشغل منصب أستاذ مشارك في جامعة السلطان قابوس بعمان، بما يؤهلها للعب دور محوري لاستكمال جهود الإيكوموس لملائمة التراث التراث الثقافي مع أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة.
إيمان زياري

نفايات صلبة وتصريف عشوائي للمياه
تحديات بيئية تهدد استمرارية واد الرمال كإرث طبيعي
شهد وادي الرمال تدهورا بيئيا كبيرا في السنوات الأخيرة، نتيجة تراكم النفايات الصلبة على ضفافه، وتصريف مياه الصرف الصحي مباشرة إلى مجراه،وقد أدى هذا التلوث المتزايد، إلى تراجع جودة مياهه، مما أثر سلبا على جمالية الوادي ودوره كموطن طبيعي لحيوانات ونباتات محلية.

وللإشارة فإن وادي الرمال، يعتبر أحد أبرز المعالم الطبيعية في قسنطينة، حيث يخترق المدينة بموقعه الفريد عبر خانق عميق يصل عمقه إلى 200 متر. كما أن هذا الوادي الذي ينبع من جبال ميلة، ويصب في سد بني هارون، شكل عبر التاريخ مصدر حياة وبيئة طبيعية غنية بالتنوع الحيوي، رغم ذلك يواجه اليوم تحديات بيئية خطيرة تهدد استمراريته كإرث طبيعي حسبما ذهب إليه ناشطون بيئيون محليون.
التغيرات التي طرأت على الوادي عبر الزمن
كان وادي الرمال في الماضي رمزا للنقاء والجمال، وشكل عامل جذب للسكان والسياح، غير أن التحولات الصناعية والتوسع العمراني العشوائي في قسنطينة تسببا في تدهور حالته البيئية، وتراجع المساحة الخضراء المحيط بها، ما انعكس سلبا على التنوع البيولوجي الذي اشتهرت به المنطقة. ورغم أن دراسات حديثة أظهرت أن وادي الرمال لا يزال يحتفظ ببعض التنوع البيولوجي، مثل وجود 12 نوعا من الخفافيش التي تستوطن المنطقة المحاذية له، إلا أن استمرار التلوث يهدد بقاء هذه الأنواع ويحد من قدرتها على العيش في بيئة غير صحية.
تدهور بيئي مستمر منذ عقود
أكد الناشط البيئي و رئيس نادي الاستغوار والنشاطات الجبلية بقسنطينة أمين شانتي، أن وادي الرمال يعاني من تدهور بيئي كبير بدأ منذ فيضان سنة 1958، إذ شهد الوادي كارثة طبيعية نتيجة فيضان هائل حمل معه كميات ضخمة من الأشجار والأتربة، مما أدى إلى انسداده وارتفاع مستوى المياه بشكل غير مسبوق.
وأضاف المتحدث، أن هذا الفيضان تسبب في تدمير العديد من المعالم الأثرية المحيطة بالوادي، مثل حمامات القيصر، ومسبح سيرتا، ودرب السياح، ما أثر على القيمة التاريخية والثقافية للموقع، موضحا أن الفيضان كان مجرد بداية لمسلسل طويل من التدهور البيئي الذي يعاني منه وادي الرمال حتى يومنا هذا. متابعا بالقول، بأن أحد أهم الأسباب الحالية للتلوث هو تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة مباشرة في الوادي، مما أدى إلى تلوث مياهه بشكل كبير. وأضاف شانتي، أن السبب الثاني وراء تدهور وادي الرمال يتمثل في السلوك غير المسؤول لبعض المواطنين، الذين يرمون كميات كبيرة من النفايات في الوادي و على ضفافه، وذلك في ظل غياب وعي كاف بأهميته البيئية. مشيرا في ذات السياق، إلى أن هذه الممارسات تزيد من صعوبة تنظيف الوادي وإعادة تأهيله.
تأثير التلوث على التنوع البيولوجي بالوادي
وأكد رئيس الجمعية، أن وادي الرمال رغم تلوثه ما يزال حاضنة لتنوع بيولوجي كبير، فعلى سبيل المثال يوجد في محيطه الغراب الذي تأقلم مع الظروف البيئية الصعبة الناتجة عن التلوث. كما أشار إلى اكتشاف أنواع من الطيور التي هاجرت إلى الوادي، مثل البومة الفرعونية، وذلك أثناء عمليات التنقيب التي قامت بها الجمعية.
تعكس هذه المؤشرات على حد قوله، قدرة الوادي على احتضان الحياة البرية رغم التحديات، داعيا إلى تدخلات عاجلة لضمان الاستدامة. وأضاف المتحدث، أن غياب الاهتمام الجاد بحمايته بيئيا يعد من أبرز العقبات التي تحول دون تحسين الوضع في وادي الرمال، مشددا على أهمية وضع خطة شاملة لإعادة الاعتبار لهذا المعلم الطبيعي، تبدأ بتنظيف مجراه وضفافه، وتوعية المواطنين بأهمية الحفاظ عليه، إضافة إلى وضع قوانين صارمة للحد من التلوث وممارسات الإهمال. كما أكد شانتي، على ضرورة تبني إستراتيجية متكاملة تعالج أسباب المشكلة من جذورها، موضحا أن طول الوادي الذي يمتد من أعالي جبال فرجيوة مرورا بالعديد من المناطق مثل عين السمارة، والعثمانية، وشلغوم العيد، وتاجنانت وصولا إلى قسنطينة،عرضة للتلوث من مختلف المصادر بما في ذلك مياه الصرف الصحي، والنفايات المنزلية والصناعية. وأشار شانتي، إلى أن الحل الأساسي يكمن في إنشاء محطات لتصفية المياه ومعالجتها على طول مسار الوادي.موضحا، أن الجمعية التي يترأسها قامت بمحاولات عدة لتنظيف أجزاء من الوادي، خاصة في المناطق القريبة من قسنطينة، كما ركزت جهودها على البحث الميداني في المواقع الأثرية المرتبطة بالوادي، مثل درب السياح وحمامات القيصر، لفهم كيف كانت هذه المعالم في الماضي وكيف تأثرت بالفيضانات والتلوث عبر الزمن.
وشدد المتحدث، على أن استعادة الصحة البيئية لوادي الرمال تحتاج إلى تكاتف الجهود بين الجمعيات البيئية والسلطات المحلية، من خلال تنفيذ مشاريع تنظيف دورية للوادي وضفافه، وكذا إطلاق حملات توعية تستهدف السكان المحليين لتغيير سلوكياتهم تجاهه، والحد من رمي النفايات، ناهيك عن تشديد الرقابة على عمليات تصريف المياه، مع فرض غرامات على المخالفين واستثمار الوادي كوجهة سياحية طبيعية، مما يساهم في زيادة الوعي بأهميته البيئية والتاريخية.
التلوث يهدد السلسلة الغذائية
أكد ممثل جمعية «إيكوسيرتا» التي تعنى بالشأن البيئي والتنوع البيولوجي وحماية الطبيعة بقسنطينة، مهدي شطيبي، أن أبرز التحديات البيئية التي تواجه الوادي حاليا، تكمن في تدفق كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي المنزلية والصناعية مباشرة إلى مياهه دون أية معالجة مسبقة، مما يؤدي إلى تفاقم التلوث، بالإضافة إلى مشكلة النفايات الصلبة التي يتم إلقاؤها من قبل السكان والتجار على طول الوادي.وأضاف المتحدث، أن الماء يعتبر العنصر الأساسي للنظم البيئية للوديان كما أن الكائنات الحية المحيطة تعتمد عليه لتشكيل نظام بيئي متوازن، ويؤدي التلوث إلى تدمير روابط أساسية في الشبكة الغذائية، مما يُحدث تأثيرًا متسلسلًا على السلسلة الغذائية بأكملها، وقد لوحظ بالفعل اختفاء بعض أنواع الأسماك والطيور التي كانت تعتمد على المياه النظيفة للوادي، مما يعكس التأثير السلبي للتلوث حسبه. ودون الإشارة إلى دراسات علمية حديثة توثق التغيرات التي طرأت على الوادي، يعتبر شطيبي، أن الملاحظات المحلية تُظهر بوضوح تراجعًا مقلقًا في الحياة المائية والطيور المرتبطة بالواد، وهذا يُعتبر دليلًا قويًا حسبه، على التغيرات السلبية الناتجة عن التلوث وتدهور النظام البيئي. مؤكدا، أن الحلول الممكنة لتقليل التلوث واستعادة صحة الوادي البيئية تتمثل بشكل رئيسي في إنشاء شبكة فعالة للصرف الصحي، تشمل قنوات مخصصة لجمع المياه المستعملة بالكامل وبناء محطات معالجة للمياه في المناطق الواقعة عند مداخل المدينة. كما أنه من الضروري في رأيه، إدارة النفايات المنزلية والتجارية بشكل مستدام، مع توفير البنية التحتية المناسبة وتوعية السكان وأوضح المتحدث، بأنه يمكن تحويل وادي الرمال إلى نموذج للاستدامة البيئية إذا تم تصنيف صخرة قسنطينة ووادي الرمال كموقع ذي أهمية بيئية وطنية، فإن ذلك يمكن أن يوفر إطارا قانونيًا لحمايته. ومن خلال استعادة صحة الوادي وتعزيز عودة تنوعه البيولوجي الأصلي، يمكن أن يصبح الموقع نموذجًا في مجال الحفظ والاستدامة البيئية. وقال، بأن أبرز المبادرات التي قامت بها الجمعية للحفاظ على وادي الرمال، تمثلت في مشروع شامل لحماية صخرة قسنطينة، يشمل الوادي ومحيطه، حيث قاموا بإنشاء خلية مراقبة بيئية بالتعاون مع السلطات المحلية، تهدف إلى متابعة حالة الموقع، والتبليغ عن أي تدهور، واقتراح الحلول المناسبة. يتمثل التحدي الأكبر كما عبر، في تنفيذ حملات التوعية والتنظيف للموقع الصعب المميز بتضاريسه الوعرة، إضافة إلى حجم التدهور وطبيعته المعقدة، كما أن تحقيق تأثير دائم يتطلب مشاركة نشطة من السلطات وجهود توعوية مستمرة للمجتمع. وأوضح شطيبي، أن المواطنين يلعبون دورًا أساسيًا من خلال تبني سلوكيات مدنية مثل عدم رمي النفايات في الوادي، وتجنب تلويثه، والتبليغ عن أي تدهور أو تلوث للجهات المعنية. وأن مشاركتهم النشطة أمر حيوي لحماية هذا التراث الطبيعي.واعتبر المتحدث، أن خلية المراقبة البيئية التي أنشئت بالتعاون مع السلطات المحلية، ضرورية لمراقبة حالة الموقع والتدخل بسرعة عند الحاجة. مضيفا، أنه على الرغم من أن العمل التطوعي ضروري لحشد المجتمع وتنظيم أنشطة مثل حملات التنظيف، إلا أنه لا يكفي للتخلص من التهديدات، التي يتطلب تجاوزها بنية تحتية مناسبة وإرادة سياسية قوية لتحقيق تغيير دائم وأكد الناشط البيئي والجمعوي، على أن واد الرمال محطة سياحية مهمة جدا ومحور ثروة بيئية، لا يتحقق استغلالها إلا من خلال الحفاظ على نظافة المكان و حمايته، معلقا بالقول إنه بمجرد حل المشكلات البيئية، يمكن أن يصبح الوادي شريانًا حيويًا للموقع، يدعم المسارات السياحية البيئية والأنشطة التعليمية المرتبطة بالتنوع البيولوجي.
لينة دلول

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com