الأربعاء 5 فبراير 2025 الموافق لـ 6 شعبان 1446
Accueil Top Pub

تنتج أفكارا بيئية مبتكرة: «غرين بايك» جمعية جزائرية بصدى عالمي

تنشر جمعية الدراجة الخضراء «غرين بايك»، المتواجدة بولاية عنابة، الوعي البيئي من خلال تجسيد أفكار مبتكرة تؤثر بها في كل شرائح المجتمع على رأسها الشباب والأطفال، كما تربط في عملها التطوعي بين رياضة ركوب الدراجات والنظافة، لتقدم نموذجا حضاريا عن المواطن الجزائري الذي يهمه الترويج لصورة جميلة عن بلده، خصوصا وأن هذا المشروع الوطني اكتسب صدى دوليا أيضا.

تتشارك سواعد من كل الشرائح العمرية في مشروع «الدراجة الخضراء» وكلها عزم على تغيير السلوكيات التي تضر بالبيئة، فتجد شباب الجمعية منتشرا في الشواطئ، والحدائق العامة، والغابات، وفي الشوارع حاملا شعارات تنمي بذرة الصلاح في المواطن، وتحثه على العناية بالأمكنة التي يُرَوح فيها عن نفسه ويقضي فيها أوقات فراغه، وذاك من خلال تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه المحيط، وتشجيع سلوكيات حسنة كعدم ترك النفايات في الطبيعة، أو حتى تنظيف بعض الأماكن التي طالتها أياد لم تعرف قيمتها الحقيقية.
يوظف أعضاء الجمعية مواقع التواصل الاجتماعي كذلك لإيصال رسالتهم والتأثير والتعريف بالأنشطة التي يقومون بها، حيث تحصي صفحة الدراجة الخضراء «غرين بايك»، حوالي 550 ألف متابع، و تضم صورا لأنشطة الأعضاء، فضلا عن صور المشاركات التي تصلهم من متطوعين في ولايات جزائرية أُعجبوا بالفكرة وطبقوها.تبين من خلال تصفحنا للتعليقات أنها إيجابية جدا، وتشجع المشروع وتحث أصحابه على المواصلة في تفعيل الفكرة وتعميمها على كل ولايات الوطن. وفي هذا السياق، أكد صاحب الفكرة والمدرب في الفريق الوطني للدراجات، عبد الحكيم لعشيشي، أن سنة 2025 ستكون سنة بيئية بامتياز بما سيقدمونه في الجمعية من مبادرات متنوعة، وبأفكار مبتكرة تشرك كل مواطن في الحفاظ على البيئة.
تقبل الفكرة كان صعبا في البداية
بدأت فكرة «الدراجة الخضراء» سنة 2015، وقد ساعدها الفراغ الكبير في ميدان التطوع البيئي في البروز و التبلور سريعا، وذلك وفقا لصاحبها عبد الحكيم لعشيشي، الذي أوضح أن مشروعه كان ضمن أولى المبادرات البيئية، مضيفا أنهم وظفوا اللغة الإنجليزية للاسم «غرين بايك» لتتوسع المبادرة وتأخذ طابعا بيئيا.
سنة 2018 حصل أول تواصل بين الجمعية و المسؤولين البيئيين بعنابة، حيث اقترح على أعضائها تجسيد أنشطتهم على أرض الواقع لتتحول المبادرة إلى جمعية ولائية نشطة، تبلغ ذروة فعاليتها خلال موسم الاصطياف تزامنا مع تضاعف عدد السياح، إذ قال المتحدث إن الحركية الكبيرة تتسبب عادة في تراكم النفايات على الشريط الساحلي، وهو ما دفعهم لإطلاق مبادرات مثل «الموجة الخضراء» التي لاقت رواجا كبيرا خصوصا وأن تطبيق الفكرة تم بطريقة ذكية.
أخبرنا لعشيشي، أنهم كانوا يستهدفون العائلات من خلال نشاطهم، ويحاولون إقناع أفرادها بالانضمام إليهم، من خلال إرسال الأطفال للحديث معهم، وأردف أن هذا التعاون جعل المهمة تتم في وقت قياسي لا يتجاوز 20 دقيقة، ثم توالت مبادرات أخرى تحث المواطنين على عدم رمي نفاياتهم.
وقد مست نشاطات «غرين بايك» كل أرجاء الوطن بالتنسيق مع جمعية «دزاير بينيفول» المتواجدة في العاصمة، وأثرت في كثير من الأشخاص، وذكر لعشيشي أنهم في إحدى مبادراتهم الخاصة بتنظيف بالوعات في ولاية عنابة اختاروا شعار «بلادي ما نحبكش تغرقي»، ليتفاجؤوا برسائل وصور من ولايات عديدة في الشرق الجزائري، وحتى غربا أرسلها مواطنون إلى بريد الصفحة يعبرون فيها عن التحاقهم بالمبادرة.
وعلق الدراج قائلا :»لا يجب أن يكون حضورنا كجمعية في كل الولايات، صحيح أن الجمعية ولائية لكن لها مشجعون كثر»، وتطرق إلى شعار «ليست قمامتي لكنه وطني» الذي أطلقوه سنة 2019، وكان له صدى دولي وصل إلى دول عربية مثل مصر، والعراق، وقطر، والسعودية، واليمن، وليبيا أبن بادر شباب إلى إطلاق عمليات تنظيف وتهيئة واسعة.
قال محدثنا، إن ترسيخ الفكرة كان صعبا في بدايتها، فالمواطنون كانوا يترددون في الالتحاق بركب العمل التطوعي، لكن تكثيف النشر على مواقع التواصل الاجتماعي أوجد طريقا للرسالة، موضحا أن الشباب في المدينة أصبحوا يتعرفون على أعضاء الجمعية بسهولة كبيرة، وذلك بفضل نشاطهم الدائم، فما إن يشاهدوا شخصا يحمل كيسا أخضر يبادرون إلى مساعدته بصدر رحب ودون أي إحراج.
«تبني» مبادرة لتعزيز روح المواطنة
ومن المبادرات الفاعلة والجميلة التي أطلقتها الدراجة الخضراء هذه السنة مبادرة «تبني»، وتعني وفقا للعشيشي، أن يصبح كل شخص مسؤولا عن نظافة بالوعة، أو شاطئ، أو مكان معين، وأوضح أن الفكرة طُبقت في الولايات المتحدة الأمريكية، ولاقت رواجا كبيرا لدى عائلات تبنوا أحياء تحتوي على بالوعات يعتنون بتنظيفها بشكل دائم، وذكر أن الجمعية تبنت مجرى مائيا طوله 280 مترا وشارك شباب وأساتذة وأطباء في عملية تنظيفه.
مضيفا أن المقطع المصور الذي وثق العملية لاقى رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعقب أن عدد البالوعات التي تبنوها وصل إلى 164 بالوعة، وهي عملية استباقية لتفادي الفيضانات شتاء، كما طبقوا الفكرة أيضا في شاطئ «النصر» في مدينة عنابة بالتعاون مع السكان، ووصل عدد عمليات تنظيفه إلى 44، تمت غالبيتها خلال تقلب الأحوال الجوية لأن الشواطئ تمتلئ بالنفايات التي يخرجها البحر، فيقومون هم بجمعها قبل أن تعود إليه، بالإضافة إلى اهتمامهم بنظافة حديقة عمومية، وبعض المقاعد الموجودة على واجهة البحر و التي يتدخلون لتنظيفها دوريا.
لهذا السبب اخترنا التأثير بالرياضة
يتحلى الرياضيون بعدة صفات تجعلهم مؤثرين في المجتمع، ومن بين الصفات التي يرى مدرب الفريق الوطني للدراجات عبد الحكيم لعشيشي، أنها يجب تلازم الرياضي، صفة النظافة والمحافظة على البيئة، وقال إن ميثاق اللجنة الأولمبية يحتوي على بند يذكر بهذا الجانب، وعبر أنه كمدرب ودراج سابق، يدرك أهمية هذه الوسيلة في خدمة البيئة.
من جهة أخرى، فقد جاء ربط الرياضة بالبيئة كما أوضح، من باب القناعة بأن الشعب الجزائري محب لهذا المجال، ففي كل عائلة تقريبا يوجد عاشق للرياضة، ولذلك فقد اختاروا في الجمعية استغلال هذا الشغف لتشجيع الناس على الانخراط في مبادرة «الرياضة الخضراء»، التي شملت مجالات رياضية متعددة، وتضمنت عدة محاور أهمها تحسيس المناصرين وإشراكهم في عملية تنظيف المدرجات في الملاعب، تحت شعار»مناصر حاضر ومتحضر»، و»مناصر نظيف في ملعب نظيف»، وقال إن المبادرة ميزت المقابلات السبعة لكأس إفريقيا سنة 2019، وطبعت مشاركة الجمعية في كأس العرب، وعدة تظاهرات رياضية أخرى، أما الفكرة الجديدة التي أطلقوها بصفة شريك إيكولوجي فقائمة حسبه، على إقناع الأنصار والرياضيين بعملية فرز النفايات في المنافسات الرياضية.
أخبرنا، أن هذه المهمة اصطدمت أيضا بالصورة النمطية للملاعب لدى المناصرين، والتي تربط المكان بالترفيه والتسلية فقط، لكن الإصرار والالتزام بالإقناع الإيجابي ساهم في تغيير هذه الذهنية، حيث استعان لعشيشي بخبرته في التعامل مع الشباب والتي اكتسبها خلال ثلاثين سنة قضاها في التعليم، واستطاع التقرب منهم والتحدث إليهم بأسلوب يُطَبِّع الفكرة لديهم، إلى أن حقق التأثير المطلوب.
سنقحم كل أفراد المجتمع في العمل البيئي التطوعي
وتحضر جمعية «الدراجة الخضراء» لمبادرات عديدة ستُنفذ سنة 2025 وفقا لصاحبها، بالتركيز أكثر على التنظيف باستخدام الدراجة، وذكر عددا منها مثل «دراجة الطفل الصغير»، التي ستعطي الفرصة للأطفال ابتداء من سنتين إلى خمس سنوات للتعرف على العمل التطوعي البيئي، ومبادرة «مدرسة الكبار»، حيث سيقومون بتعليم المسنين رياضة ركوب الدراجة، وكذا مشروع «ليدي بايك» الخاص بالنساء بالتعاون مع مدربات الجمعية.
كما كشف لعشيشي، أنهم تواصلوا مع اللجنة الأولمبية لتنظيم الألعاب الإفريقية المدرسية المقررة بولايات عنابة، وقسنطينة، وسطيف، خلال صائفة 2025، وستكون الجمعية شريكا إيكولوجيا في الحدث، من خلال برمجة عدة أنشطة بيئية، وكذا إشراك المتنافسين في مبادرة «الدراجة الخضراء» لتنتشر في بلدان إفريقية أيضا.
من جهة أخرى، أوضح المتحدث، أنه بالرغم من السنوات العشر التي قضاها في العمل التطوعي والتوعوي بشكل يومي، فضلا عن المبادرات واستغلال المنصات الإلكترونية إلا أن التلوث موجود دائما، وهو ما جعلهم يغيرون استراتيجيتهم واعتماد شعار «ترمي تخلص» منذ أربع سنوات، وهو شعار تشارك صفحات أخرى على نشره، ويهدف إلى تفعيل القانون 19-01 الذي تنص المادة 55 منه على «تكبيد كل من يرمي النفايات غرامة مالية»، وعلق قائلا :»تمادي الأشخاص في التعدي على الطبيعة يتطلب ردعا مثلما هو الحال في كل دول العالم».
مضيفا، أن الجمعية تُعنى بالحفاظ على البيئة ويهمهم أن تكون الصحوة حقيقية وأكثر جدية، و ليست مجرد موجة نركبها أو «ترند»، كما أكد على تسجيل تغير في بعض الذهنيات تجاه الطبيعة مقارنة بسنوات مضت، خصوصا وأن المواطنين أصبحوا يحبون تقليد المبادرات المفيدة التي تلقى رواجا على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونصح رئيس جمعية الدراجة الخضراء، الشباب بحب وطنهم لأن المواطن الذي يسكنه هذا الشعور لا يمكن أن يترك نفاياته تخل بالمظهر العام لولايته، أو الأماكن التي يزورها، وعبر:»يحز في نفسي كثيرا أن أقصد الشاطئ حتى أنظفه، أريد أن أجد شواطئ وغابات نظيفة حتى أتنزه وأخفف عن نفسي، لا أن أخرج القفازات والأكياس لجمع النفايات». إيناس كبير

أكثـر النظم البيئية تهديدا على الكوكب
تحديات غير مسبوقة لإنقاذ الأراضي الرطبة
تواجه الأراضي الرطبة عبر العالم تحديات كبيرة وتتقلص مساحتها بشكل يوصف بالمقلق بفعل تغيرات المناخ، وهو ما يضاعف المساعي الدولية والدعوات لإنقاذ أكثر النظم البيئية تهديدا على كوكب الأرض وحماية 40 بالمائة من جميع أنواع النباتات والحيوانات التي تعيش أو تتكاثر في هذه المناطق.

جاءت احتفالية هذا العام، باليوم العالمي للأراضي الرطبة تحت شعار «حماية الأراضي الرطبة من أجل مستقبلنا المشترك»، وهو شعار يعكس حجم التحديات التي تواجه مختلف دول العالم في حماية أكثر النظم الإيكولوجية تهديدا على مستوى الكوكب، بحسب ما تؤكده دراسات وتقارير أممية أعلنتها بأن الأراضي الرطبة تعتبر الأكثر عرضة لأعلى معدلات الانحسار والفقدان والتدهور.
ويذكر آخر تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة، أنه من المتوقع تواصل تردي مؤشرات الاتجاهات السلبية الراهنة في التنوع البيولوجي العالمي ووظائف النظم الإيكولوجية، نتيجة لمسببات مباشرة وغير مباشرة كالنمو السكاني السريع والإنتاج والاستهلاك غير المستدامين، إلى جانب التطور التكنولوجي الكبير والآثار السلبية للتغيرات المناخية الكبيرة.
البشر والتغيرات المناخية يعصفان بالأراضي الرطبة
وتحذر هيئة الأمم المتحدة، من معدل فقدان الأراضي الرطبة التي تشكل 6 بالمائة من إجمالي مساحة الكرة الأرضية، بينما يشكل التنوع البيولوجي لها عنصرا أساسيا في الصحة البشرية والإمداد الغذائي والسياحة والوظائف
وقالت الهيئة في تقارير لها، إن التدهور يتسارع بمعدل أكبر بثلاث مرات مما تتعرض له الغابات، إذ تشير الأرقام إلى أنه وفي غضون 50 عاما فقط أي منذ سنة 1970، فقد العالم 35 بالمائة من الأراضي الرطبة، نتيجة للأنشطة البشرية وما يفرز من ملوثات الصرف الصحي، والحفر من أجل السقي، والبناء، والتلوث والصيد الجائر، وتغير المناخ.
وبفقدان مساحات مهمة من الأراضي الرطبة، يزيد تهديد التنوع البيولوجي و تتقلص البيئة الحاضنة للكائنات التي تشكل هذه الأراضي، أهمية كبرى لها، علما أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن شخصا واحدا من بين 8 أشخاص، يعتمد على سبل العيش التي توفرها مصادر الأراضي الرطبة المختلفة مثل المياه، والغذاء والنقل والترفيه، كما تساهم في حماية 60 بالمائة من البشر على كوكب الأرض، خصوصا المقيمين على طول السواحل، كونها تخفف وطأة العواصف والأعاصير وأمواج التسونامي. وعلى الرغم من أهميتها، فإن المناطق الرطبة تختفي بسرعة كبيرة بحسب ما يوضحه برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ولذلك تعمل اتفاقية المناطق الرطبة على حمايتها في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الأنهار والبحيرات وحقول الأرز، ما يجعل الجميع ملزما بالحفاظ على النظم البيئية المائية التي تعد منها هذه المناطق، عن طريق اعتماد حلول مبتكرة وتحسين جودة المياه، ودعم التكيف مع تغير المناخ، وتعزيز القدرة على الصمود.
خبيرة السياسات البيئية والتنمية المستدامة الدكتورة منال سخري
الأراضي الرطبة صمام أمان وحمايتها تحتاج مقاربة شاملة
أكدت الخبيرة في السياسات البيئية والتنمية المستدامة، الدكتور منال سخري، أن المناطق الرطبة تؤدي دورا محوريا في مكافحة تغير المناخ، الذي قالت إنه يتسبب إلى جانب الأنشطة البشرية الجائرة، في تراجع مساحات الأراضي وطنيا ودوليا وتدهور وظائفها البيئية. وأوضحت الخبيرة، أن المناطق الرطبة تعد من بين أكثر الأنظمة البيئية عرضة للخطر نتيجة لعدة عوامل، أبرزها ارتفاع درجات الحرارة وتزايد موجات الجفاف بفعل التغيرات المناخية، ولأنها تعد موطنا لعدد كبير من الأنواع النباتية والحيوانية بما في ذلك المهددة بالانقراض، فإن هذه التغيرات و التدهور البيئي، قد أديا بحسبها لانخفاض أعداد الكثير من الكائنات، وتسببت في تغير أنماط هجرتها وتكاثرها، وأضافت الخبيرة أن بعض الكائنات اضطرت إلى البحث عن بيئات جديدة، في حين اختفى بعضها كليا بسبب فقدان الموائل الطبيعية.
تراجع مساحتها يهدد استقرار النظم البيئية المرتبطة بها
وأكدت الخبيرة البيئية، أن الجفاف المستمر وتراجع التساقطات المطرية يؤثران بشكل مباشر على المناطق الرطبة، بحيث يؤدي كل ذلك إلى تقلص مساحات البحيرات والمسطحات المائية، وبالتالي تراجع التنوع البيولوجي. وقالت سخري، إن الأمر أصبح واضحا من خلال تراجع أعداد الطيور المهاجرة بعد أن كانت تعتمد على هذه المناطق كمحطات للراحة والتكاثر، ناهيك عن اختفاء بعض الأنواع النباتية التي تحتاج إلى مستوى معين من الرطوبة من أجل الاستمرار، مؤكدة أن انخفاض منسوب المياه الجوفية يعمق كذلك من تأثيرات هذا التغير مما يهدد استقرار النظم البيئية.
وحذرت، من خطر تحويل الأراضي الرطبة إلى مناطق زراعية أو عمرانية، مما يؤدي إلى فقدان موائل العديد من الأنواع الحيوانية، إلى جانب التلوث الناتج عن الأنشطة الصناعية والزراعية والرعي الجائر والاستخدام المفرط للموارد المائية، ما يؤدي لاختفاء هذه المناطق على المستوى العالمي، ويهدد الأمن الغذائي والموارد المائية للعديد من المجتمعات. وأكدت الخبيرة، أن دور المناطق الرطبة محوري للغاية، حيث تساهم وبشكل كبير في مكافحة تغير المناخ، وذلك من خلال تخزين الكربون في التربة والنباتات، بما يساعد على تقليل مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مضيفة أنها تعمل أيضا كمنظومة طبيعية لتنظيم المياه، حيث تقوم بتخزين الفائض أثناء الفيضانات، لتعيد إطلاقه خلال فترات الجفاف.
50 موقعا في الجزائر على قائمة «رامسار»
وعن واقع المناطق الرطبة في الجزائر، قالت محدثتنا بأن بلادنا تصنف ضمن قائمة الدول التي تزخر بتنوع بيئي هام يشمل مناطق رطبة تمتد عبر مختلف أقاليمها من السواحل إلى المناطق الداخلية، بحيث تضم أكثر من 2500 موقع، من بينها 50 موقعا مدرجا ضمن قائمة «رامسار» للمناطق الرطبة ذات الأهمية الدولية، وتشمل هذه المناطق البحيرات الطبيعية، والمستنقعات والسبخات، وتؤدي دورا رئيسيا في حفظ التوازن البيئي ودعم التنوع البيولوجي. وأكدت الخبيرة، أنه وعلى الرغم من ثراء الجزائر بهذا التنوع، إلا أن الأراضي الرطبة تواجه تحديات متزايدة بفعل التغيرات المناخية والأنشطة البشرية، مما أدى حسبها إلى تسجيل تراجع في مساحاتها وتدهور وظائفها البيئية. وشددت المتحدثة، على ضرورة التعجيل في حمايتها محليا ودوليا من خلال تبني مقاربة شاملة تدمج بين التشريعات البيئية وإعادة تأهيل المناطق المتدهورة، وكذا إشراك المجتمعات المحلية في جهود الحفاظ عليها، وأشارت أيضا إلى ضرورة تحسين طرق إدارة المياه والحد من الأنشطة الجائرة والضارة، كالبناء العشوائي والاستغلال المفرط للموارد المائية، كما تحدثت عن إمكانية تعزيز السياحة البيئية المستدامة كبديل يحافظ على هذه المناطق ويوفر فرصا اقتصادية للمجتمعات المحيطة بها.
مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية حياة عاشور
هطول الأمطار بعث الحياة في المناطق الرطبة بالجزائر
أكدت مديرة المعهد الوطني للتكوينات البيئية، السيدة حياة عاشور، أن واقع المناطق الرطبة في الجزائر لا يشبه مثيله في باقي دول العالم، موضحة أنها انتعشت محليا ودبت فيها الحياة من جديد، في وقت فقد العديد منها في دول أخرى بفعل التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة والتلوث، كما أدى الوضع إلى اختفاء جميع الأنظمة الإيكولوجية.
وأوضحت، أن الجهود تتكاتف في الجزائر ويتم تنسيقها بين مختلف الوزارات والفاعلين مثل الفلاحة، والبيئة، والغابات، لإعادة تهيئة المناطق الرطبة، مشيرة إلى مشروع واد الحراش الضخم، الذي يجري العمل على تنقيته ووضع حد للتلوث على مستواه، حيث قامت وزارة البيئة وجودة الحياة بفرض محطات تصفية على المؤسسات المتسببة في التلوث لإلزامها بتصفية إفرازاتها ومعالجتها قبل صبها في الوادي، أو إعادة تدويرها واستغلالها، مؤكدة أن صرامة القانون حققت استجابة ونتائج إيجابية خاصة وأن الخرق يقابله الغلق النهائي للمؤسسة.
كما تحدثت المسؤولة، عن مشاريع كبرى عبر مختلف ولايات الوطن من أجل إعادة تهيئة المناطق الرطبة، تحت إشراف وزارة البيئة التي تقوم أساسا على منع سبل تلوث هذه المناطق وإعادة بعثها مجددا، فضلا عن استرجاع عديد الأصناف النباتية التي اختفت بهذه المناطق. وبفضل كميات مياه الأمطار والثلوج التي تساقطت خلال السنوات الأخيرة، أكدت المديرة، أنها ساهمت في إعادة إحياء الكثير من المناطق الرطبة بما فيها الوديان، البحيرات والواحات، بما ساهم في بعث التنوع البيولوجي والإيكولوجي بهذه المناطق، وهو ما من شأنه أن يساهم في إنعاش السياحة المحلية حتى على مستوى الحمامات المعدنية التي تصنف أيضا ضمن خانة المناطق الرطبة المحمية.
عمل مشترك لتأمين المناطق الرطبة ومشاريع لأخرى اصطناعية
وأضافت السيدة عاشور، أن حماية المناطق الرطبة في ظل تغيرات كثيرة تهددها بالاختفاء، تعتبر مسؤولية مشتركة مما يستدعي حسبها مساهمة جميع الفاعلين، والعمل على تحسيس فئة الأطفال والجمعيات والشباب حاملي المشاريع، من أجل التعريف بأهميتها في زيادة التنوع البيولوجي وسبل حمايتها، و أكدت أنه مشروع يندرج ضمن رزنامة المعهد ووزارة البيئة وجودة الحياة،وقد تم التركيز عليه في احتفالية هذا العام بالمناطق الرطبة على مستوى جميع دور البيئة عبر 58 ولاية. وأوضحت المسؤولة، أن العملية تمت بالتعاون مع محافظة الغابات على مستوى كل ولايات الوطن، وجمعيات الصيد بهدف التوعية بخطر الصيد الجائر، وكذا مديرية الموارد المائية التي تشكل حلقة في سلسلة حماية الأراضي الرطبة، متحدثة أيضا عن مشاريع جديدة لتنويع المناطق الرطبة وذلك عبر استحداث أخرى صناعية كـ»دنيا بارك» بالجزائر العاصمة، لزيادة الرطوبة واستقطاب الحيوانات.
إيمان زياري

عمليات قطع عشوائي في قلب الغابة
اعتداءات على أشجار الزان ببلديتي الشحنة و وجانة بجيجل
تشهد، غابة الزان بين بلديتي وجانة و الشحنة بأعالي جبال جيجل، اعتداءات متكررة على أشجار الزان، إذ تتعرض هذه الثروة الغابية لتقطيع ممنهج عبر عدة مناطق لاسيما المعزولة و البعيدة.

عرفت مؤخرا، مساحات غابية بجيجل، استفحالا في ظاهرة قطع الأشجار، وأكد مواطنون ورياضيون أنهم قدموا تبليغات للجهات المختصة للتنديد بما تتعرض له غابة الزان بين بلديتي وجانة والشحنة، من تخريب، داعين إلى حماية هذه الرئة البيئية الممتدة على مساحة 7400 هكتار تقريبا بين إقليم البلديتين معا، وحوالي 3086 هكتارا ببلدية الشحنة وحدها، وهي غابة مشتركة تتكون من عدة أصناف من الأشجار، أبرزها أشجار الزان التي تعتبر موطنا للتنوع البيولوجي، تتواجد به بعض الطيور النادرة على غرار طائر كاسر الجوز القبائلي، والرخمة المصرية وعدة أنواع وأصناف من النباتات والحشرات.
وتعتبر المنطقة بمثابة كنز إيكولوجي بفضل الغطاء النباتي الكثيف من أشجار الزان الذي يسمح بنمو بيئة متوازنة، كما أن شجرة الزان محمية وفق قانون الغابات، لكن المنطقة المشتركة بين بلديتي وجانة و الشحنة تتعرض للاعتداء منذ الأشهر القليلة الماضية حسبما رصد، وهي عملية تخريب وقطع غير شرعي للأشجار على مستوى عدة نقاط متفرقة.
وقد أوضح مواطنون وشباب يمارسون رياضة الجري في المنطقة، بأنهم وقفوا على تزايد عمليات التخريب، بعدما كانت في السابق معزولة جدا لكنهم تفاجؤوا مؤخرا، باتساع رقعة الأشجار المقطوعة، وأن العملية طالت عددا ملحوظا جدا منها، علما أن هذا القطع يستهدف مناطق معزولة و متشعبة داخل الغابة، لاسيما الشعاب أين يوجد عدد كبير من الأشجار الكبيرة و المعمرة، وقد وصل الأمر حسبهم، إلى قطع ما يفوق 6 أشجار في نفس المكان.
وأوضح المتحدثون للنصر، أنه بسبب شساعة الغابة تكثر الاعتداءات على الشجرة المحمية، مؤكدين بأنهم قاموا بتبليغ الجهات المختصة عدة مرات.
يذكر، أن أشجار الزان الكثيفة في الغابة تساهم في جعلها ملاذا لعشاق الطبيعة و الهدوء، حيث أضحت المنطقة في الآونة الأخيرة قبلة للعائلات و لممارسي الرياضة، وتم بها تنظيم تظاهرات عديدة على غرار سباق الزان الذي عرف مشاركة أزيد من 300 رياضي من مختلف ولايات الوطن، أين أعجب المشاركون بجمال الطبيعة و المناظر الخلابة و الهواء العليل.
كما يقبل على الغابات العشرات من الرياضيين الذين يفضلون المنطقة بسبب الجو المعتدل الذي تضمنه أشجار الزان، إذ تعتبر فضاء طبيعيا مناسبا جدا لهم بالنظر إلى طبيعة التضاريس، و المسلك الترابي غير المتعب، كما أنها وجهة سياحية بامتياز وتعرف توافدا كبيرا لعائلات بفضل اعتدال الحرارة وقلة الرطوبة و كثافة الأشجار الباسقة، كما تتميز المنطقة بانتشار الينابيع العذبة والبرك المائية الباردة. ك.طويل

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com