إدانــة خبـاز و عـون أمن بتهمــة الانخـراط في داعـش
أصدرت مساء أمس الأول، محكمة الجنايات بقسنطينة، حكما بالسجن النافذ بخمس سنوات سجنا في حق خباز وعون أمن يقطنان بالمدينة الجديدة علي منجلي، بعد أن انخرطا في التنظيم الإرهابي داعش بجبل الوحش قسنطينة، فيما تمت معاقبة إرهابي تائب بثلاث سنوات سجنا غير نافذة بعد استفادته من تدابير المصالحة الوطنية.
وقائع القضية، وبحسب ما ورد في ملف القضية، و دار خلال أطوار المحاكمة، تعود إلى تلقي المصلحة الجهوية للتحقيق القضائي بالناحية العسكرية الخامسة بقسنطينة لمعلومات مفادها، وجود شخص بالمدينة الجديدة علي منجلي، يقوم بالتحضير للالتحاق بالتنظيم الإرهابي المسمى «داعش»، حيث أنه وبعد، التحريات تبين بأن الأمر يتعلق بالمسمى “ب -م”، القاطن بالوحدة الجوارية 14 بذات المدينة، ليتم توقيفه بالتنسيق مع مصالح الأمن الداخلي بقسنطينة وتم سماعه، إذ صرح أن المتهم الثاني المسمى “ز ع” القاطن بعلي منجلي هو الآخر، هو من قام بتحريضه على الالتحاق بالجماعة الارهابية، ونظم له لقاء مع قائد سرية الغرباء لعويرة نور الدين المكنى «الهمام» ، فضلا عن الإرهابي حلفاوي حسين كما التقى بهما في العديد من المرات.
وعلى إثر هذه المعلومات، تم توقيف المسمى “ز-ع” الذي يعمل خبازا بعلي منجلي، ليتبين أنه على علاقة بالإرهابي التائب والمتهم الثالث في القضية المسمى «ق -ش» والذي كان ينتمي إلى تنظيم داعش، قبل أن يستفيد من تدابير المصالحة الوطنية في 2016، بعد مكوثه مع الجماعات الارهابية في الجبل لمدة 23 عاما، حيث سبق له أن التقى به في العديد من المرات، وخلال إحدى اللقاءات، طلب منه نقل إرهابي آخر من منطقة بوثابت إلى منطقة القنار بولاية جيجل.
وبعد سماع المشتبه به “ب م”، قال إن تعامله مع الجماعات الارهابية المسلحة، يعود إلى بداية عام 2015، أين كان يتردد كثيرا على مقهى أنترنيت يقع بحي معزول بعلي منجلي، ويتصفح فيه العديد من المواقع الجهادية ، فضلا عن قيامه بالاستماع لشيوخ و منظري التيار الجهادي، ومن ثم اقتنع بالفكر الجهادي، كما صرح أن صديقه الذي حرضه على الالتحاق كان يحمل أفكارا جهادية هو الآخر، وطالما تحدثا بمخبزته الكائنة بالوحدة الجوارية 06 بعلي منجلي عن الجهاد، قبل أن يعرض عليه صديقه الخباز فكرة الالتحاق بالجماعات الإرهابية، وهو ما وافق عليه دون تردد، ليبلغه حينها أنه سيرتب له لقاء مع إرهابي بسكيكدة، لكنه أبلغه بعد مدة أن الإرهابي قد قضي عليه ووعده بإتمام الانضمام بطريقة أخرى، وهو ما تم حيث أخبره في خريف 2015 أنه سينظم له لقاء مع جماعة داعش، التي تنشط بجبل الوحش بأعالي قسنطينة وأن اللقاء سيتم بعد خمسة أيام.
وفي إحدى الليالي، وبينما كان يحرس بورشة عمه بالمدينة الجديدة، قدم إليه صديقه الخباز حوالي 11 ليلا على متن سيارته حمراء اللون، وتوجها إلى مدخل بلدية ديدوش مراد وبالضبط أمام الجسر الثاني مقابل مستشفى المدينة، أين التقى بالإرهابيين لعويرة وحلفاوي اللذين أطلقا على نفسيهما احترازيا اسمي «سمير» من حي الفوبور و»صهيب» من حي الكومينال بالخروب، حيث قال المتهم أن سمير تحدث عن التنظيم الارهابي داعش وأخبره أنه عضو بهذا التنظيم، كما كفر بعض الجماعات كجبهة النصرة والجيش الحر، وناقشا أيضا بشكل عام قضايا الواقع العربي، فيما اتفقا على لقاء ثان بالقرب من مستشفى الخروب وهو ما تم بمقهى باريس، دون حضور صهيب بحكم أنه من سكان المدينة ويسهل التعرف عليه بسهولة.
وقد اشترى الارهابي «سمير» بحسب تصريح المتهم “ب م” هاتفين محمولين وشريحتين باستعمال وثائق مزورة، ثم حاول تحميل تطبيق التلغرام، لكنه لم يستطع فاحتفظ بالهاتفين، واتفق معه على اللقاء مجددا بمسجد الهجرة بحي الزيادية لكن الارهابي سمير أخلف الموعد ثم اتصل به مجددا، لكنه قام باتلاف الشريحة وانقطع الاتصال بينهما إلى غاية شهر رمضان من 2016 ، أين التقى بصديقه الخباز وسلمه هاتفا محمولا من نوع سامسونغ به شريحة وأبلغه أن جماعة جبل الوحش، تريد الاتصال به عبر تطبيق التلغرام، وبعد مدة أصبح يتواصل مع المسمى سمير، فيما بين صلاتي المغرب والعشاء بناء على طلباته إلى أن التقى بالإرهابيين سمير وصهيب معا قرب متقن حي الزيادية.
وقد تمحور هذا اللقاء بحسب تصريحاته في الملف أمام الضبطية وقاضي التحقيق، حول انخراطه بالجماعة الارهابية المسلحة، وهذا بطلب من الارهابي سمير، غير أنه أكد له أن الوقت لم يحن بعد على انضمامه، قبل أن يحدثه عن إخوته المنخرطين في الجيش الوطني الشعبي، كما كلفه بترصد تحركات مصالح الأمن وحدد له مركز الأمن بالوحدة الجوارية 13 ، وكذا مقر فرقة الدرك الوطني والحي السكني التابع له، فضلا عن دوريات الشرطة القضائية وتحديد الأماكن التي يكثر فيها نشاطهم، واتفقا على أن يتواصلا عن طريق تطبيق التلغرام وتحدثا عن المتهم «ز- ع» وقال له إنه اكتشف أمره، وهنا قرر التخلص من الهاتف المحمول وقام بكسره وإتلاف الشريحة. أما المتهم “ز ع”، فقد صرح أن إرهابيا يسمى «ساعد» التقى به بمشتة بوثابت ببلدية الطهر بولاية جيجل التي يمتلكون فيها منزلا، قد أرسل إليه رسالة تلغرام يسأله فيها عن صديقه الذي يعمل معه بالمخبزة “ب م”، وقال له أن الارهاببين نور الدين لعويرة “سمير” وكذا حلفاوي حسين “صهيب” يريدان الالتقاء به، وهو ما تم على مستوى ديدوش مراد مقابل المستشفى، لكنه لم يبق معهم بل توجه إلى محطة بنزين ثم عاد بعد نصف ساعة، حيث أخبره المتهم “ب م” أنه وقف على محدودية مستوى الإرهابيين لعويرة وحلفاوي في العلوم الشرعية والثقافة الدينية، كما أنهما صغيران جدا في السن، وصرح له أيضا أنهما كانا يحملان سلاحين ناريين من نوع كلاشينكوف، فضلا عن تقديمه لرقم هاتفه للعويرة قبل أن يوبخه على فعلته باعتبار أن مصالح الأمن، ستقبض عليه فور الاتصال به ليقوم بعدها باتلاف الشريحة.
وقد تراجع جل المتهمين عن اعترافاتهم، التي أدلوا بها أمام الضبطية القضائية التابعة للأمن العسكري وقاضي التحقيق، حيث قال المتهمان المنحدران من مدينة علي منجلي، إن مصالح الأمن العسكري هي التي أرغمتهما على هذه الأقوال لكن القاضي واجههما باعترافاتهما أمام قاضي التحقيق، والتي تمت بحضور المحامين، دون أي ضغوط أو إكراه، كما نفى المتهمان وجود أي علاقة تجمعهما بلعويرة وحلفاوي اللذين قضت عليهما مصالح الأمن العام الماضي، أما المتهم الثالث فقد نفى معرفته بأي من المتهمين الآخرين، كما صرح أنه استفاد من تدابير المصالحة الوطنية، ولم يكن ينتمي إلى أي تنظيم ولم يقم بتأسيس أي جماعة إرهابية.
وقد التمس النائب العام تسليط عقوبة السجن النافذ لعشر سنوات في حق المتهمين «ز. ع» و «ب. م»، كما طالب بمعاقبة المتهم «ق. ن» بثلاث سنوات غير نافذة، حيث أكد وجود جميع القرائن والأدلة والمعلومات التي تؤكد تورطهم في القضية فضلا عن وجود علاقة بين المتهمين الثلاثة، فيما رافعت هيئة الدفاع مطولا على عدم وجود أدلة مادية تثبت تورط المتهمين في القضية، حيث قالت إن الملف أعد بطريقة مبهمة ولا يحتوي إلا على تصريحات وكلام المتهمين. لقمان/ق