المجــــاعـــة ليست سبب هجــــرة الأفــارقة نحــو الشمــــال
أكد وزير الخارجية الفرنسي الأسبق أن حل مشكل الهجرة غير الشرعية بالنسبة للأفارقة يتطلب تنسيق المجهودات وتقارب وجهات النظر بين الدول التي ينطلق منها المهاجرون والدول المستقبلة، معتبرا أن أغلب المهاجرين الأفارقة نحو أوروبا الذين يتخذون من دول الشمال معبرا لهم، من الميسورين في بلدانهم بدليل أنهم يدفعون أموالا بملايين الأورو لمنظمي رحلات الهجرة ، وبالتالي مثلما قال ليست المجاعة أو الأوضاع الاجتماعية المتدهورة هي التي تدفعهم للهجرة.
وقال وزير الخارجية الفرنسي الأسبق هيبيرت فيدرين، مساء أول أمس في لقاء بفندق الروايال بوهران أين قدم عرضا عن مؤلفه "عد تنازلي"، أن البلدان الإفريقية اليوم تغيرت أوضاعها نحو الأفضل فانتقلت من حالة طلب المساعدات والدعم المالي، إلى السعى لتطوير الاستثمار ونقل التكنولوجيات إضافة لحقها في دخول السوق الافريقية المشتركة وحتى العالمية، مشيرا أن مسألة سوء توزيع الثروات في القارة السمراء، غير مطروح حتى على مستوى الإتحاد الإفريقي ، وهنا ركز المتحدث على أن المجاعة والتدهور الإيكولوجي بالقارة ليس هو الدافع لهجرة آلاف الأشخاص نحو أوروبا مرورا بدول شمال إفريقيا، مطالبا بضرورة وضع حد لمنظمي رحلات الهجرة الذين يتحصلون على أموال طائلة من أجل القيام بمهمة توصيل طالبي الهجرة بطرق غير قانونية إلى أوروبا، والحل وفق فيدرين يكمن في التعاون شمال- جنوب وتنسيق الجهود.
مبرزا في نفس السياق، أن 5 بالمائة من البشر يهاجرون سنويا من بلدانهم نحو بلدان أخرى عبر العالم، ورغم أن الظاهرة لها جذور، إلا أنها وفق فيدرين أصبحت تقلق الدول المستقبلة لأفواج المهاجرين بسبب النمو الديموغرافي وعدم القدرة على التكفل بهم. موضحا أنه لا يجب المساواة بين الهجرة غير الشرعية واللاجئين الهاربين من الحروب والنزاعات فهؤلاء لهم قوانين اللجوء التي تحميهم بالنظر للأوضاع الخطيرة في بلدانهم.
ويرى فيدرين أن الأوضاع التي يتخبط فيها العالم، مخرجها الأساسي خلال السنوات المقبلة هو الانتقال للعولمة الإيكولوجية لإنقاذ البشرية من خطر سوء التغذية والزراعة والتلوث وغيرها من التهديدات التي تنذر بوجود منظومة غير مستقرة وانحطاط، لذا يجب الإسراع في تبني الرقمنة بمختلف مجالاتها لحماية البشرية من هذه المخاطر.
مركزا على أنه إذا لم تستطع الدول الديمقراطية اتخاذ القرارات الصائبة والفعالة من أجل فرض نظام إيكولوجي يحمي الكرة الأرضية من التهديدات، فسيتحول العالم إلى فوضى، واسترسل فيدرين في الحديث عن التجربة الصينية التي اعتبرها رائدة في مجال تطوير التكنولوجيات والعمل على إرساء نظام إيكولوجي نظيف، رغم أن نظامها غير ديمقراطي، ولكن مثلما أضاف فإن 50 بالمائة من سكانها يتكلمون مع بعضهم لساعات طويلة عبر وسائل الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي، في مواضيع مرتبطة مباشرة بالبيئة والمحيط والزراعة والتطور التكنولوجي، مما جعل فيدرين يتوقع أن أول سيارة كهربائية ستخرج من الصين، ومرجحا أيضا أنها القوة التي ستقلب موازين المرحلة القادمة، بالنظر لتواصل العد التنازلي لتفكك القوى التقليدية، سواء في أمريكا، رغم محاولات ترامب استدراك الأمر بتوجهه نحو الشرق الأوسط ، أو في أوروبا التي يعيش اتحادها شرخا بين الدول المكونة له، وحتى في أقصى شرق آسيا أي روسيا ومحيطها.
بن ودان خيرة