الحيـاة تعـود إلى طبيعتهـا في أغلـب مناطق الوطن
عادت الحياة إلى طبيعتها في مجمل مناطق الوطن أمس، عقب الإضراب العام الذي مس بنسب متفاوتة قطاعات عدة، خاصة قطاعي النقل والتجارة، ودبت الحركة في الشوارع والطرقات، وعاد التلاميذ مجددا إلى مقاعد الدراسة، في مشهد يوحي بعودة الطمأنينة والسكينة، بعد حالة التوجس والقلق التي عاشها الشارع مؤخرا.
وتجلت تداعيات رسالة رئيس الجمهورية التي أعلن فيها أول أمس عن تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان من المزمع إجراؤها يوم 18 أفريل المقبل، وعدم ترشحه لعهدة أخرى، على الحياة العامة لمجمل مناطق الوطن، حيث استفاقت مختلف المدن والمجمعات السكنية والأحياء صبيحة أمس على حركة دؤوبة على غرار الأيام العادية، والتحق التجار والعمال والموظفون بأماكن عملهم من جديد، كما التزم التلاميذ مقاعدهم الدراسية بغية استكمال ما تبقى من رزنامة الاختبارات الفصلية بالنسبة للطور الابتدائي، وكذا تصحيح الاختبارات بالنسبة لطلبة الطورين المتوسط والثانوي، بعد خروجهم في مسيرات خلال اليومين الماضيين، وطالبوا بدورهم بالتغيير والإصلاحات.
وفتحت مجمل المحلات التجارية أبوابها أمام المواطنين على مستوى مختلف المدن والأحياء بأغلب الولايات، على غرار العاصمة والبليدة وبومرداس وتبسة وجيجل والمسيلة وأم البواقي وميلة، واستأنفت المكاتب البريدية عملها بعد أن ظلت مغلقة أمام زبائنها خلال اليومين الأخيرين، كما باشر الناقلون الخواص عملهم، إلى جانب وسائل النقل التابعة للقطاع فضلا عن حركة القطارات، التي ظلت مشلولة بسبب الإضراب العام، خشية تعرض العربات إلى الرشق بالحجارة في حال التزمت بضمان حركة النقل، كما فتحت الأسواق الجوارية أبوابها وكذا الفضاءات التجارية المختلفة، وبدت الحياة جد عادية على مستوى أغلب ولايات الوطن، باستثناء ولاية تيزي وزو التي استمر بها الإضراب العام لليوم الثالث على التوالي.
وتجلت تداعيات رسالة رئيس الجمهورية بخصوص تأجيل الاستحقاقات القادمة، وعدم ترشحه لعهدة جديدة بشكل واضح على الشارع الجزائري، الذي استرجع أنفاسه وهدوءه، رغم حالة الترقب والتوجس التي ما تزال تسيطر على الكثيرين، في انتظار الإجراءات المقبلة التي ستلي صدور الرسالة، لا سيما ما تعلق بالتشكيلة الحكومية الجديدة وطبيعة مهامها وتركيبة الندوة الوطنية التي ستناقش الإصلاحات الدستورية الجديدة، وهي محاور أضحت موضوعا للنقاش والجدل الحاد على مختلف المستويات، بما فيها الفئات الشعبية البسيطة، التي أظهرت انشغالا بارزا بشأن سبل الحفاظ على التماسك والوحدة، وبناء دولة جديدة تلبي طموحات كافة الفئات الشبانية التي خرجت في مسيرات عارمة للتغيير والتجديد.
وبدت سرعة التجاوب مع رسالة رئيس الجمهورية، والتغيرات التي أقرها على رأس الحكومة، رغم بعض الحذر، حيث التزمت مناطق خلال الفترة الصباحية لنهار أمس الهدوء، وكانت الحركة بها جد محتشمة على غرار ولاية جيجل، دون أن يمنع ذلك عودة السكينة إليها، فحتى بعض المسيرات التي نظمت أمس بعدد من الولايات، للتعبير عن رفض قرار تأجيل الانتخابات، لم تؤثر على الحياة العامة، باستثناء تيزي وزو التي ما يزال مواطنوها متمسكين بقرار الإضراب العام، مما أدى إلى شل مختلف الأنشطة خاصة حركة النقل، عدى المخابز التي التزمت بتموين الزبائن بمادة الخبز، كما يواصل أيضا عمال مؤسسة سونلغاز بجيجل الإضراب للمطالبة بالتغيير «الفعلي» مبدين عدم رضاهم عن فحوى رسالة الرئيس، بحجة أنها لم تكن في مستوى تطلعات الفئات التي خرجت في مسيرات عارمة.
كما لوحظ أمس تراجع التعزيزات الأمنية المشددة على مستوى محاور عديدة، خاصة بالعاصمة التي عاشت على وقع مسيرات حاشدة نظمها الطلبة والمحامون والتلاميذ إلى جانب وقفات احتجاجية لتنظيمات نقابية مختلفة للمطالبة بالتغيير وعدول الرئيس عن الترشح لعهدة جديدة، إضافة إلى ما أصبح يعرف بمسيرات الجمعة، وبدا المواطنون أكثر انشغالا بمشاكلهم اليومية، وهم كلهم ترقب وانتظار لما تحمله الأيام المقبلة من قرارات جديدة .
لطيفة/ب