يتفق الكثيرون على أن المعارضة السياسية الممثلة اليوم في أحزاب من مختلف المشارب والاتجاهات السياسية والإيديولوجية بقيت عاجزة عن مواكبة وتأطير الحراك الشعبي الذي برز منذ 22 فبراير الماضي، بل و قد رفضت رفضا واضحا من طرف المواطنين المشاركين في المسيرات الشعبية، الذين رفضوا أن تتكلم هذه المعارضة باسمهم أو أن تركب حراكهم، ويرى هؤلاء بأن المعارضة انتهت منذ سنوات وهي غير موجودة، لكن ممثلي بعض أحزاب المعارضة يرون بأن المعارضة موجودة داخل حراك الشارع ومع الشعب ومطالبه، لكنها تفضل الانخراط والذوبان فيه حتى لا تفسد المسيرة.
جمال بهلول نائب و قيادي في جبهة القوى الاشتراكية
المعـــارضة مــوجــــودة لكنهــا تنـــازلت عن ألوانها السياسية لصالح الحراك
n النصر: منذ انطلاق الحراك الشعبي قبل أسابيع نلاحظ أن المعارضة السياسية فشلت في تأطيره، و لم تستطع مواكبته، كما أن غالبية المواطنين فقدت الثقة في هذه المعارضة و دعتها إلى الابتعاد عن الحراك، لماذا في اعتقادكم؟
جمال بهلول: لماذا فشلت؟ أنا اعتقد أنها لم تفشل لأن الحراك هو حراك الشعب، ونحن كمعارضة جزء من هذا الشعب، والمطالب التي يتبناها الحراك كانت مطالبنا منذ سنوات، أنا كمناضل في جبهة القوى الاشتراكية أناضل منذ سنوات من أجل جمهورية ثانية، ومجلس تأسيسي ودولة القانون، فهذه المطالب التي يرفعها الحراك الشعبي اليوم لم تسقط من السماء، الشعب اليوم تبنى خارطة طريق من أجل التغيير الجذري، وهو شيء جميل، ونحن مرتاحون لذلك.
nلكن يلاحظ أن الحراك الشعبي رفض أن تتدخل الأحزاب المعارضة فيه و أن تتكلم باسمه؟
+ كما قلت نحن جزء من الشعب سواء كإطارات أو كمناضلين ولا نستطيع أن نفصل مطالبنا عن مطالب الشعب، ومن بين هذه المطالب ما هو موجود في برامجنا النضالية، وما هو موضوع كهدف لوجودنا، وقد ناضلنا كثيرا من أجل التداول على السلطة، ومحاربة الفساد ودعاة الاستمرارية فيه.
لكن المشكل اليوم ليس أن المعارضة لا تمثل الشعب، بل هي تمثل لكن لابد عليها ألا تركب موجة الحراك الشعبي، وأن لا تعطي له لونا سياسيا أو إيديولوجيا، لابد أن لا نأخذ المعارضة إلى الميدان لأنها ستقضي على الحراك في حال أعطته لونا سياسيا أو إيديولوجيا معينا فإنه سيتفكك.
نحن نعيش اليوم نفس لحظة أول نوفمبر 1954 حيث تنازل كل الجزائريون عن ألوانهم السياسية والإيديولوجية من أجل هدف واحد هو تحرير البلاد، اليوم أيضا لابد من التخلي عن هذه الإيديولوجيات من أجل ثورة سلمية شعبية ومن أجل التغيير المنشود الذي يخدم الشعب و دولة القانون.
nلكن اليوم نلاحظ أن الحراك الشعبي يرفض أن تخوض أحزاب المعارضة باسمه أي حوار مع السلطة، بمعنى يرفضها كوسيط بينه وبين السلطة؟.
+- في اعتقادي المشكل اليوم ليس مع من نتحاور، بل المشكل هل هناك إرادة فعلية من قبل السلطة للاستجابة للمطالب، الحوار الوحيد الذي نراه هو من أجل رحيل هذه السلطة، وليس من أجل إعطائها الفرصة للمناورة وربح الوقت، وللتعبير عن حسن النية لابد من اتخاذ جملة من الإجراءات الاسعجالية التي ستساهم دون شك في انتقال حقيقي للجمهورية الثانية.
لابد من اتخاذ مواقف شجاعة ضد رموز النظام الفاسدين على غرار منتدى رؤساء المؤسسات والمركزية النقابية، لابد أن يذهب هؤلاء كخطوة أولى، فضلا عن فتح المجال السياسي والإعلامي ورد الاعتبار لبعض النقابات وبعض النشطاء، يجب الإعلان أنه بعد 28 ابريل القادم لن تبقى السلطة الحالية هي من يتحكم ويسير.
ونحن نعتقد أن المشكل السياسي الذي نحن فيه اليوم له حلول سياسة تكون مقبولة من طرف الحراك الشعبي، هناك شخصيات وطنية نزيهة لم تتورط في الفساد و يمكنها أن تعيد الثقة للشعب عند تسيير المرحلة الانتقالية بشكل توافقي طبعا، وحتى الندوة الوطنية لابد أن تكون سيادية تؤسس للجمهورية الثانية ولمسار دستوري جديد.
nكيف تتصورون دور المعارضة على ضوء ما سبق ذكره في المرحلة القادمة؟
+- كما قلت المعارضة هي جزء من الشعب ولا يمكن أن نفصلها عنه ستلعب دورها مع نشطاء آخرين ومع المجتمع المدني، لكن لابد أن لا تكون هي في المقدمة، لابد أن تندمج في الحراك الشعبي، لكن هذا يجب أن يكون بعد إجراءات استعجالية وجريئة من قبل السلطة، وإذا كانت السلطة تلعب اليوم على وتر الاستنزاف، فإن الجزائريين اليوم مجندون وواعون كل الوعي بأنهم إذا لم يستغلوا هذه الفرصة من أجل انتقال ديمقراطي حقيقي لبناء دولة المؤسسات، ربما ستكون أثار ذلك وخيمة مستقبلا.