اقتطع المنتخب الوطني تأشيرة التأهل، إلى الدور الثاني من النسخة 32 لنهائيات كأس أمم إفريقيا عن جدارة واستحقاق، بفضل الانتصار الذي حققه أول أمس على حساب السنغال، في قمة تقليدية وفت بكامل وعودها، وكانت أطوراها فرصة مواتية لكتيبة الخضر، من أجل تقديم أوراق الاعتماد، كواحد من أكبر المرشحين لاعتلاء منصة التتويج في هذه الدورة، بعد النجاح في تلقين متصدر لائحة المنتخبات الإفريقية، في التصنيف الشهري للفيفا درسا كرويا، خاصة من حيث الانضباط التكتيكي.
المستوى الذي ظهرت به النخبة الوطنية أمام السنغال، جعل المتتبعين يجمعون على أن التشكيلة الجزائرية، تعد الأحسن إلى حد الآن في هذه الطبعة، لأن الانتصار كانت مستحقا، رغم أن المأمورية لم تكن سهلة، ضد منافس لم ينهزم طيلة سنة كاملة، على اعتبار أن آخر هزيمة للمنتخب السنغالي كانت في يوم 28 جوان 2018، على يد كولومبيا، في ختام الدور الأول من مونديال روسيا.
وشاءت الصدف أن تصمد «أسود التيرانغا» 364 يوما، قبل أن يتم ترويضها من طرف «الأفناك»، سيما وأن منتخب السنغال كان قد حقق تأهلا استعراضيا إلى نهائيات «كان 2019»، وكان الأقوى في القارة، بعدما أنهى المرحلة التصفوية بخمسة انتصارات وتعادل وحيد، بصرف النظر عن الاستقرار الذي عرفته تركيبته البشرية، سواء تعلق الأمر بالطاقم الفني بقيادة أليو سيسي، أو التشكيلة، التي تبقى نواتها الأساسية ثابتة، منذ النجاح في تحقيق التأهل إلى مونديال 2018.
الظهور القوي للمنتخب الوطني أمام منافس من العيار الثقيل فاجأ كل المتتبعين، لأن «الخضر» فقدوا الهيبة على الصعيدين القاري والعالمي، منذ تراجع النتائج انطلاقا من «كان» الغابون، مرورا بالمشوار الكارثي في تصفيات مونديال روسيا، وصولا إلى حالة اللااستقرار التي عاش على وقعها المنتخب، جراء تغيير المدربين، مما جعل مواجهة السنغال بمثابة الاختبار الحقيقي لبلماضي وأشباله، فكان الرد الميداني قويا، إذ أثبتت التشكيلة الوطنية بأنها بصدد العودة بقوة إلى الواجهة، دون تجاهل المؤهلات العالية التي أبانت عنها العناصر الجزائرية، سواء فرديا أو جماعيا، الأمر الذي أدى إلى أفول «النجوم» السنغالية، وعدم قدرتها على مسايرة إيقاع الخضر.
النجاح في ترويض «أسود التيرانغا»، مكن الخضر من إحراز الانتصار الثاني على التوالي، في «كان 2019»، مع النجاح في الجمع بين النتيجة والأداء، ليكون بذلك المنتخب الوطني الوحيد الذي أقنع المتتبعين، على اعتبار أن منتخب البلد المنظم مصر، ورغم اقتطاعه تأشيرة المرور إلى الدور الثاني، إلا أنه لم يقدم الشيء الكثير، وعانى الآمرين لكسب الرهان أمام كل من زيمبابوي والكونغو الديمقراطية، وكذلك الحال بالنسبة للمونديالي الآخر، منتخب نيجيريا، الذي كان أول من حجز مقعدا في الدور الثاني، لكن دون إقناع.
استعادة النخبة الوطنية هيبتها في الساحة القارية، كان ثمرة العمل الكبير المنجز من طرف الطاقم الفني بقيادة بلماضي، على مدار 10 أشهر، ولو أن مباراة السنغال كانت بمثابة المقياس الحقيقي لقدرات «الخضر»، أمام أقوى منتخب في إفريقيا، والذي يستحوذ على صدارة اللائحة القارية في تصنيف الفيفا، في وقت خرج فيه الخضر من «التوب 10» إفريقيا، لكن حقيقة الميدان ضربت بلغة الأرقام عرض الحائط، فكان التأكيد على أن التشكيلة الوطنية استعادت بريقها المفقود، والأداء المقدم كان عبارة عن «عربون» ثقة قدمه محرز ورفاقه لملايين الأنصار، الذين كبر حلم التتويج باللقب القاري في قلوبهم.
ص / فرطــاس