أمر قاضي التحقيق لدى محكمة الوادي، مساء أمس، بحبس سبعة متهمين في قضية وفاة 8 رضع، و يتعلق الأمر بمدير المؤسسة الاستشفائية للأم و الطفل بشير بن ناصر و مسؤول المراقبة الطبية و مدير المناوبة، إضافة إلى رئيس وحدة حديثي الولادة و منسقة دار الولادة و كذا عون صيانة غير مناوب و ممرضة كوبية.
المعنيون مثلوا أمام وكيل الجمهورية لذات المحكمة، رفقة عائلات الضحايا و بعض الشهود، قبل إحالتهم على قاضي التحقيق و الاستماع إلى أقوالهم، بعدما تمت متابعتهم في قضية الإهمال المفضي إلى الوفاة، وذلك بعد وفاة 8 رضع تعرض بعضهم للاحتراق و البعض الآخر للاختناق بدخان النيران، فيما تم إنقاذ العديد من المواليد و النساء الذين كانوا في أجنحة أخرى بالمستشفى، و هي الحادثة التي أعقبها قرار وزير الصحة القاضي بتوقيف مدير الصحة لولاية الوادي و مدير المؤسسة و كل الطاقم المناوب ليلة الحادثة.
من جهة أخرى، هدد عدد من عمال المؤسسة الاستشفائية الأم و الطفل «بشير بناصر»، بالاستقالة الجماعية من مناصبهم، على خلفية اتهام زملائهم ، مشيرين إلى الجو العام الذي يشتغلون فيه منذ سنوات، محملين جزء من الحادثة لنظرائهم الكوبيين الذين يشتغلون معهم في ذات المؤسسة.
و رفع عدد من العمال خلال وقفة احتجاجية نظموها داخل إدارة دار الولادة، صباح أمس، شعارات رافضة لتحميل زملائهم من الذين كانوا يعملون ليلة احتراق جناح الأطفال حديثي الولادة، كل المسؤولية، معتبرين أن جزء منه يتحمله نظراؤهم من الكوبيين الذين يشتغلون في الجناح ذاته المخصص للفئات من الأطفال المولودين دون 9 أشهر ، مشيرين إلى التمييز الحاصل بينهم و بين العمال القادمين في إطار الشراكة الكوبية الجزائرية، سواء من حيث المعاملة الإنسانية كعمال، أو المادية حسبهم، ناهيك عن النقص الفادح من حيث الطاقم الطبي و شبه طبي، مؤكدين على أن ممرضة واحدة أو اثنتان تشتغل على المناوبة لـ 40 مريضة .
و أشار المحتجون، إلى أنهم نظموا وقفات احتجاجية طيلة السنوات الماضية، جراء الظروف القاسية التي يعملون تحتها، سواء من حيث العدد الكبير للمرضى الذين يستقبلون في اليوم الواحد أو انعدام الوسائل و التجهيزات، بما فيها أنظمة الحماية داخل المؤسسة، مؤكدين على رفعها في كل مرة للوزارة الوصية التي كانت قد جمدت عديد المشاريع المبرمجة حسبهم، آخرها مستشفى الأم و الطفل الذي يتم تشييده بعاصمة الولاية و الذي رفع عنه التجميد عقب الحريق الذي شب السنة الماضية.
كما أضافوا بأن هيكل دار الولادة في حد ذاته، تم بناؤه دون أي معايير لعدد السكان بطاقة استيعابه التي لا تتعدى 60 سريرا، بالإضافة إلى أجنحته حيث لا توجد أي أبواب خروج اضطراري عدى مدخله الأساسي أو أبواب تم فتحها اجتهادا بعد استلام المشروع و دخوله حيز الخدمة، مؤكدين على عدم احتوائه منذ اشتغاله، على أي نظام للحماية، سواء بخصوص خطر الاشتعال أو أنظمة الإطفاء الآلية الموضوعة في عدد من المرافق العادية، أو التسرب لأي مادة كانت قابلة للاحتراق.
و قامت بعض القطاعات و الجمعيات المحلية في الوادي، بوقفات تضامنية على غرار مؤسسة اتصالات الجزائر و بعض عمال البلديات مع أسر الضحايا و أخرى احتجاجية منادية بتحسين الوضع الصحي، ببرمجة مشاريع و تهيئة بعض المؤسسات المهملة، على غرار هيكل أحد المخابر الولائية بحساني عبد الكريم المهمل منذ التسعينات و العيادة المغلقة ببلدية المقرن، ناهيك عن دار الولادة القديمة ببلدية البياضة.
كما رفضت أغلب العائلات من أهالي الضحايا، التحدث للإعلام جراء الفاجعة التي حلت بهم و بفلذات أكبادهم، مطالبين القضاء بالاقتصاص لهم.
و كانت ولاية الوادي، قد استيقظت، أول أمس، على وقع فاجعة وفاة 8 رضع، ما بين اختناق و احتراق داخل مصلحة المواليد الخدج بالمؤسسة الاستشفائية الأم و الطفل «بشير بن ناصر»، بعد اندلاع حريق داخل المصلحة، بسبب شرارة كهربائية من جهاز طارد للبعوض و الذباب و هي الحادثة التي لقيت تضامنا واسعا مع أهالي الضحايا من الشعب الجزائري و ألهبت مواقع التواصل الاجتماعي، أعقبها قرار توقيف كل من مدير الصحة و مدير المؤسسة و الطاقم المناوب ليلة الحادثة، من طرف وزير القطاع الذي كلف بمتابعة القضية و التحقيق في ملابساتها.
منصر البشير
المفتش العام لوزارة الصحة
الإهمال كان من مسببات فاجعة الرضع بمستشفى الوادي
اعترف المفتش العام لوزارة الصحة عمر بورجوان بأن الإهمال كان من مسببات حادث الحريق الذي نشب أمس في مصلحة الأمومة وطب الأطفال في مستشفى الوادي وأسفر عن وفاة 8 رضع حديثي الولادة .
وقال بورجوان الذي حل، أمس، ضيفا على القناة الثالثة « كان هناك إهمال» ، بالرغم من حرص وزير الصحة - بحسبه - على تذكير المديرين في كل مرة بضرورة الالتزام باتخاذ جميع التدابير الوقائية ، وأردف بالقول «هل هو إهمال؟ بالتأكيد ، لأننا نعتبر أن هذا الخطأ غير مسموح به في هذا المستوى».
ونفى ضيف الثالثة تعرض نفس المنشأة الصحية لحادث مماثل في الأشهر أو السنوات الماضية ، مشيرا إلى أن تدشينها كان في العام 2008 . و أكد المفتش العام في وزارة الصحة انه إذا أظهرت العناصر الأولى من التحقيق أن الحريق ناجم عن «جهاز طارد للبعوض معيب» ، فإن التحقيق الحالي سيسمح بتحديد أسباب ومسؤوليات المأساة التي حدثت أمس في مستشفى الوادي .
وإضافة إلى الإجراءات الأولية الخاصة بمعاقبة الأشخاص المتورطين في مأساة مستشفى الوادي ، ذكر ضيف الثالثة بالتدابير التي اتخذتها الوزارة الأولى مؤخرا والمتعلقة برفع التجميد على مشاريع الصحة بكل مناطق الجنوب الجزائري .
إيفاد لجنة وزارية لمعاينة المرافق الطبية والوقوف على النقائص
ميراوي: سنتكفل بعائلات ضحايا الرضع ماديا ومعنويا
صرح وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، محمد ميراوي، يوم الثلاثاء بالوادي أنه سيتم التكفل بعائلات ضحايا الحريق الذي أودى بحياة ثمانية رضع «ماديا ومعنويا».
وأوضح الوزير في ندوة صحفية نشطها عقب لقاء أجراه مع عائلات ضحايا الحريق و ذلك خلال الزيارة التي قام بها إلى ولاية الوادي للوقوف عن كثب على مخلفات حادث نشوب الحريق بالجناح المخصص لحديثي الولادة بالمؤسسة الإستشفائية المخصصة الأم والطفل أنه «سيتم التكفل بعائلات ضحايا هذا الحادث ماديا ومعنويا، إلى جانب تكفل الوزارة بالعائلات التي أنجبت عن طريق عمليات الزرع»التلقيح الاصطناعي» .
وأعلن ميراوي كذلك أنه سيتم إيفاد لجنة تتكون من مديرين مركزيين بالوزارة لمعاينة المرافق الطبية والوقوف على النقائص، وسيتم على ضوء هذه المعاينة الميدانية إعداد برنامج لتدارك كل النقائص بهدف تقديم خدمات صحية أفضل للمرضى. وكشف الوزير أيضا أنه سيتم استلام المؤسسة الاستشفائية المتخصصة الأم والطفل الجديدة بالوادي خلال الثلاثي الأول من 2020.
وأشار محمد ميراوي إلى أنه سجلت شكاوى ضد عدد من الممرضات والأطباء العاملين بدار الولادة في قضايا تتعلق بالرشوة، مضيفا في هذا السياق أنه سيتم «التحقيق في هذه القضية واتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة».
وبخصوص الحادث، أوضح وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات «أن المعلومات الأولية للتحقيق تظهر أن أسبابه تعود إلى الآلة الكهربائية المخصصة لمكافحة الذباب»، معلنا أنه سيتم فتح تحقيق إداري وقضائي وأمني للكشف عن ملابسات الحادث.
وكانت مصالح الحماية المدنية قد أعلنت في وقت سابق أن الحريق الذي نشب في حدود الساعة 03 سا و52 د صباحا قد تسبب في وفاة 8 أطفال رضع بين محترقين ومختنقين بدخان الحريق، في حين تم إنقاذ 76 شخصا (11 رضيعا و 37 امرأة و28 عاملا وعاملة بالمستشفى).