أعلنت القيادة العليا للمؤسسة العسكرية منذ بداية الحراك الشعبي في فبراير الماضي عن أنها ستقف مع المطالب الشعبية وترافقها وتعمل على تلبيتها وتجسيدها على أرض الواقع، وفي نفس الوقت ستلتزم باحترام الدستور وقوانين الجمهورية، و استبعدت أن تكون لها طموحات سياسية في هذا الشأن.
وقد عملت المؤسسة العسكرية في الأيام الأولى للحراك الشعبي السلمي، حسب تصريحات قيادتها، على ضرورة تأمين الحراك الشعبي و الحفاظ على سلميته وتفادي أي انزلاق أو إراقة دماء، ومرافقة المطالب الشعبية المشروعة والعمل على تجسيدها في الميدان.
ومنذ الوهلة الأولى للمسار الذي أخذته الأحداث في بلادنا قبل عشرة أشهر أعلنت القيادة العسكرية تمسكها بالدستور وبنوده، تفاديا لأي انزلاقات وفي ظرف دولي صعب ومحيط إقليمي ملتهب، وتمسكت أيضا بمرافقة الحراك الشعبي السلمي والحفاظ عليه.
وعلى الرغم من أن بعض الأطراف، وخدمة لأهداف مشبوهة، حاولت الضغط لتجاوز ما ينص عليه الدستور مستغلة في ذلك الظرف، فإن قيادة المؤسسة العسكرية رفضت ذلك جملة وتفصيلا وأصرت على ضرورة التمسك بالدستور للوصول إلى مخرج آمن للأزمة التي دخلت فيها البلاد.
وعلى هذا الأساس دعت المؤسسة العسكرية في أكثر من مناسبة إلى الابتعاد عن بعض الحلول التي من شأنها إدخال البلاد في متاهات لا تعرف نهايتها ولا تحمد عقباها، وبأن ما ينص عليه الدستور يشكل الحل الأمثل للخروج من الأزمة، وفي مقدمة هذه الحلول ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في الآجال التي تحددها مواد الدستور ذات الصلة بالوضع الذي وقعت فيه البلاد.
وظلت المؤسسة العسكرية متمسكة بموقفها الواضح من هذه المسألة، مكتفية بأداء مهامها الدستورية في الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، وحماية حدودها الترابية ووحدتها.
وبعدما استدعى رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، الهيئة الناخبة من أجل انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر، وهي التي ستجري اليوم، وأعلنت قيادة المؤسسة العسكرية عن كامل استعدادها من أجل مرافقة الجميع نحو هذا الاستحقاق السياسي.
و قد رأت بعض الأطراف في دعوة نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي إلى أنه من الأجدر استدعاء الهيئة الناخبة في 15 سبتمبر، ربما رغبة من المؤسسة العسكرية في فرض مرشح لها في هذا الاستحقاق، فجاء الرد من الفريق أحمد قايد صالح في أكثر من مناسبة بأن المؤسسة العسكرية ليست لها أي طموحات سياسية في هذا المجال، وبأنها تتمسك بمهامها الدستورية ومرافقة الشعب في مطالبه المشروعة و فقط.
وفي الأسابيع الأخيرة وبعد أن كشف الوقت عن هوية المترشحين الذين سيخوضون غمار رئاسيات 12-12 جددت المؤسسة العسكرية التأكيد مرة أخرى على أنها ستقف على الحياد ولن تدعم أي مرشح لهذا الموعد كما قد يعتقد البعض، وبأن الشعب وحده هو من سيقرر من سيكون رئيسه في المستقبل، و هو تجديد لذات الموقف الذي عبرت عنه المؤسسة قبل ذلك بشهور.
وبالمقابل تعهدت المؤسسة في ذات السياق بحرصها و استعدادها التام تأمين المسار الانتخابي من بدايته إلى نهايته والوقوف بصرامة في وجه كل من يحاول المساس به أو التأثير عليه أو عرقلته أو منع المواطنين من أداء واجبهم في التصويت بكل حرية.
وفي ذلك حذر الفريق أحمد قايد صالح قبل أيام من أسماهم أذناب العصابة وكل من تسول له نفسه المساس بالمسار الدستوري أو عرقلته، وقال إنه أسدى تعليمات صارمة للجيش وكافة الأجهزة الأمينة بالتصدي لهؤلاء، وأكد أن كل أجهزة ومؤسسات الدولة ستكون لهم بالمرصاد.
واليوم وبعد شهور من المرافقة يصل الجميع إلى محطة الانتخابات الرئاسية بفضل المرافقة الذكية والدقيقة للجيش، وهي المحطة التي يأمل الجزائريون أن تؤدي إلى إنهاء الوضع الحالي و انتخاب رئيس للبلاد والدخول بذلك في عهد جديد عنوانه الاستقرار والطمأنينة.
إلياس -ب