خلص اجتماع المجلس الأعلى للأمن، الذي عقد الخميس، برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، إلى إعادة تفعيل وتنشيط دور الجزائر دوليا، خاصة في ملفي ليبيا ومالي ومنطقة الساحل. حيث تم الإعلان عن حزمة تدابير أمنية جديدة لتأمين الحدود الشرقية الجنوبية مع ليبيا، على ضوء التطورات المتسارعة في الدولة الشقيقة، وكذا تأمين الحدود الجنوبية مع مالي، بعد التحركات الإرهابية الأخيرة.
ترأس رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يوم الخميس بمقر رئاسة الجمهورية، اجتماعا للمجلس الأعلى للأمن، حسب ما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية. وبداية، دعا السيد رئيس الجمهورية الحضور للوقوف دقيقة صمت إجلالا لروحِ فقيد الأمة المرحوم المجاهد الفريق أحمد قايد صالح، واستذكارا لما قدمه من تضحيات جسام وبذل وعطاء من أجل الجزائر".
بعد ذلك استهل المجلس أشغاله بـ"التنويه بالهبة الشعبية التي رافقت مراسم تشييع جثمان الفقيد فأبهرت العالم وأظهرت بصدقٍ مدى تلاحم الشعب الجزائري الأبي والمعطاء مع جيشه الوطني الشعبي حامي الدستور ومؤسسات الجمهورية".
ويعد الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للأمن القومي، والذي ترأسه الرئيس تبون بعد أقل من أسبوع من استلامه السلطة، وحضر الاجتماع الوزير الأول بالنيابة صبري بوقادوم وقائد أركان الجيش بالنيابة اللواء سعيد شنقريحة ومدراء أجهزة الاستخبارات والأمن الداخلي والدرك والشرطة.
وبحث المجلس الأوضاع في المنطقة الحدودية، وأكد بيان للرئاسة إلى أن المجلس "درس الأوضاع في المنطقة وبوجه الخصوص على الحدود الجزائرية مع ليبيا ومالي", مؤكدا أن المجلس "قرر في هذا الإطار جملة من التدابير يتعين اتخاذها لحماية حدودنا وإقليمنا الوطنيين وكذا إعادة تفعيل وتنشيط دور الجزائر على الصعيد الدولي, خاصة فيما يتعلق بهذين الملفين، وبصفة عامة في منطقة الساحل والصحراء وفي إفريقيا".
وكانت تقارير أمنية واستخباراتية قد نبهت إلى خطورة الأوضاع في ليبيا وضرورة أن تتخذ الجزائر تدابير احتياطية إضافية بعد سلسلة من التدخلات الدولية في الحرب الدائرة هناك، واحتمال أن تكون لها تداعيات على الوضع والأمن بالجزائر. حيث أعلنت دول استعدادها للتدخل عسكريا في ليبيا، فيما تشير تقارير أن ميليشيات أجنبية تقاتل حاليا إلى جانب القوات التي يقودها المشير خليفة حفتر.
وترتبط الجزائر بحدود برية تمتد إلى أكثر من 900 كيلو متر، ونشرت في وقت سابق 30 ألف عسكري لمراقبة الحدود وضبط الأمن ومنع تحرك المجموعات الإرهابية وأنشطة تهريب السلاح والبشر والمخدرات. وتشير تقارير أمنية جزائرية إلى أن "كميات كبيرة من الأسلحة التي حجزها الجيش في مخابئ في الصحراء، بما فيها أسلحة ثقيلة مضادة للدبابات والطائرات، مصدرها ليبيا، حيث تقوم شبكات تهريب بنقلها عبر الصحراء الجزائرية إلى مناطق شمال مالي، والنيجر وغرب أفريقيا لبيعها هناك".
وتدعم الجزائر مسعى إقامة حوار ليبي ليبي ومصالحة وطنية والحفاظ على وحدة ليبيا، و تعتبر حكومة الوفاق الوطني هي الحكومة المعترف بها دولياً، وسبق أن اعترضت على هجوم حفتر على طرابلس، مثلما عبر عن ذلك وزير الخارجية صبري بوقادوم في شهر جوان الماضي.
كما بحث المجلس الأعلى للأمن، الوضع على الحدود مع مالي، على ضوء تداعيات انفلات في الأوضاع في شمالي مالي القريبة من الحدود مع الجزائر، وأعلن عن اتخاذ جملة من التدابير لحماية الشريط الحدودي الممتد لأكثر من ألف كيلو متر.
وقرر المجلس "إعادة تفعيل وتنشيط دور الجزائر على الصعيد الدولي خاصة فيما يتعلق بهذين الملفين، وبصفة عامة في منطقة الساحل والصحراء وفي أفريقيا"، بعد فترة من الفتور في الدور الجزائري في المنطقة نتيجة الانشغال بالوضع الداخلي والأزمة السياسية في البلاد. وأعلن بيان الرئاسة أن تبون قرر عقد اجتماعات للمجلس الأعلى للأمن بصفة دورية وكلما اقتضى الوضع ذلك.
ع سمير