قوبل قرار رفع الحظر عن الصيد البحري بترحيب كبير من ممارسي النشاط بولاية جيجل، وسجلت عودة قوية لعمليات البيع والشراء على مستوى مينائي بوالديس وزيامة منصورية، لكن شروط الوقاية لم تحترم رغم تعليمات المديرية المعنية، حيث يسجل احتكاك كبير وتعامل بطريقة الهمس في الأذن عند المزايدة ، الأمر الذي يثير المخاوف وسط حالة من اللامبالاة أظهرها عدد كبير ممن ينشطون في الميناء رغم تحذيرات البعض.
حيث سارعت السلطات العليا في البلاد، مؤخرا، لإعادة النظر في قرار منع نشاط الصيد البحري مؤقتا، قبل أن تتم إعادة بعث النشاط من جديد، و قد أصدرت السلطات الولائية بجيجل، قرارا لتنظيم النشاط البحري بمينائي عاصمة الولاية و زيامة منصورية، في إطار تدابير الوقاية من انتشار فيروس كورونا.
و عادت السفن إلى نشاطها، وسط فرحة البحارة الذين تضرروا من ضعف الإنتاج، مؤخرا، و قد تنقلت النصر إلى ميناء بوالديس، أين سجلنا عدم احترام الباعة لإجراءات الوقاية و المسافة، وسط استنكار بعضهم، فيما تعمل مصالح الصيد البحري و الموارد الصيدية، جاهدة للتحسيس، قبل القيام بإجراءات ردعية.
استحسان لعودة النشاط البحري بميناء بوالديس
الوجهة كانت في حدود الساعة الخامسة صباحا و هو موعد دخول أغلب قوارب صيد السردين و لدى مرورنا عبر شوارع المدينة، كانت الحياة منعدمة بسبب تطبيق تام لإجراءات الحجر الجزئي و لدى وصولنا للميناء، شاهدنا عددا معتبرا من شاحنات بائعي السمك، تنتظر وصول قوارب الصيد، منهم من كان نائما داخل مركبته و آخرون جالسون مع بعضهم دون احترام مسافة التباعد، إذ يفترض أن يقوم المعنيون بالحديث مع بعضهم على مسافة تفوق المتر، لكن في المقابل، شاهدنا باعة يجلسون لوحدهم و آخرون يضعون الكمامات، في موقع كان فيه ما يقارب 40 شخصا، كسروا صمت و هدوء الليل بالميناء.
صادفنا بعدها أعضاء لجنة تابعة للصيد البحري، تقوم بتحسيس المعنيين و تدعوهم لاحترام شروط الوقاية و القرار الولائي الصادر و قد كانت تضم مديرة الصيد البحري، مؤسسة موانئ جن جن، مدير غرفة الصيد و إطار بمديرية الصيد، و كان أعضاء اللجنة يحثون المعنيين على ضرورة أخذ الحيطة و الحذر و الوقاية، باحترام مسافة الأمان، مع ضرورة تجنب طريقة البيع التقليدية عن طريق إعطاء السعر في الأذن، حيث ثمن حاضرون الفكرة و بعد لحظات من الزمن، وصل قارب معبأ بصناديق السردين، كان بداخله عدد معتبر من البحارة، و أشار الربان أو « الرايس»، إلى أنه من الصعب توفير شروط الوقاية داخل المركب، فمن غير المعقول، على حد قوله، أن تجعل ما يقارب 15 شخصا يحترمون مسافة التباعد، داخل قارب يبلغ طوله حوالي 18 مترا و عرضه ستة أمتار، إذ من الممكن أن يتم القيام بشروط الوقاية على غرار وضع الكمامات و تعقيم اليدين، لكن من الصعب احترام المسافة.
و أشار متحدث آخر، إلى أن الصيادين يحاولون جاهدين اتباع إجراءات السلامة و الوقاية و يقدرون القرار المتخذ من قبل السلطات بإلغاء قرار وقف النشاط، الذي يؤثر بالسلب على حياتهم، كونهم لا يملكون مدخولا ثابتا، كما أن موسم الإنتاج كان ضعيفا للغاية و قد تسبب القرار في الفترة السابقة، في تخبط الصيادين بخصوص البحث عن مورد لتوفير لقمة العيش، فمن غير الممكن حسبه، التكفل بعائلاتهم و لكن هاجس الخوف من انتقال المرض، جعلهم يفهمون القرار الصادر من قبل الجهات الوصية، كما ثمن جلهم إعادة النظر في القرار، مشيرا إلى أن أكبر المخاوف تتمثل في نقطة بيع السردين بالرصيف و التي لا يحترم فيها المشترون إجراءات الوقاية و السلامة.
كما قال أحد البحارة، « لقد ضعف الإنتاج منذ سنوات و قد أثر كثيرا على حياتنا، بحيث أن المدخول أصبح ضعيفا للغاية، فالبحارة ليسوا مثل أصحاب السفن و الربان و الباعة، الذين يأخذون حصة الأسد، قد وجدت نفسي أعاني كثيرا كوني رب أسرة، تصور لم أجد كيف أؤمن مبلغا لشراء المواد الغذائية و ابنتي مقبلة على الزواج هذه الصائفة، كما أنني كنت خائفا للغاية، خصوصا بعد صدور قرار منع النشاط مؤقتا بسبب فيروس كورونا، رافقتها الوضعية الغامضة و المدة التي سنظل فيها بدون مدخول و لكن بعد إعادة النظر في القرار، فرحنا للغاية، كوننا من الفئات الهشة في المجتمع التي لم تجد من يكفلها».
و أضاف المتحدث، بأنهم يحاولون جاهدين العمل بشروط الوقاية قدر المستطاع داخل القوارب و تأسف من طريقة تعامل الباعة و المشترين الذين لا يحترمون الشروط التي وضعت لهم، مؤكدا على أن البحارة العاملين معه، أبدوا تخوفاتهم من إمكانية إعادة النظر في القرار، الذي سيؤثر عليهم و ليس على الباعة، بسبب عدم احترام تعليمات الوقاية.
البيع بالمزايدة الصامتة والاحتكاك يشكلان خطرا
عند وصول القارب، قام الصيادون بنقل الصناديق المعبأة بالسردين إلى الرصيف، في لحظات تم تحويلها من طرف العشرات من الباعة دون احترام مسافة التباعد، الكل ينظر للمنتوج، فيما فضل القلة الابتعاد و انتظار دورهم، معبرين عن أسفهم بصوت مرتفع «يا جماعة ابتعدوا عن بعضكم.. الكورونا»، فيما ثار آخرون، قائلين «يريدون غلق الميناء «، وطالب المتحدثون ، بإعادة النظر في طريقة البيع و قد كان محاسبو القوارب يحاولون الابتعاد من المشترين الذين يلجؤون للطريقة التقليدية للبيع عن طريق ذكر السعر في الأذن، فيما كان آخرون يتصرفون بطريقة جد عادية و هي الطريقة السائدة التي شاهدنها طيلة الوقت الذي قضيناه بالمكان، فلم نتصور حجم المخاطر الممكن وقوعها في حالة وجود شخص واحد حامل للفيروس، عبر السلسلة التي لا تحترم شروط الوقاية و النظافة.
كما لاحظنا وجود باعة قدموا من ولايات مجاورة على غرار سطيف، ميلة، فيما أوضح أحد الباعة، بأنه يفترض إعادة النظر في طريقة العمل في هذه الفترة تحديدا و لو تطلب الأمر، تدخل الأمن لفرض الانضباط، مشيرا إلى أن العديد من البائعين لا يحترمون التوصيات المقدمة ولا يعملون بالنصائح الموجهة.
اقتراح بيع السمك لتجار معينين وتجنب الاحتكاك
و قد كان أعضاء اللجنة يحاولون جاهدين التحسيس و طلب الابتعاد عن الباعة، حيث أشار رئيس غرفة الصيد البحري، إلى أنهم يقومون بعملية التحسيس قدر المستطاع، بعد عقد عدة اجتماعات و توجيه نداءات للمهنيين من أجل الحيطة و الحذر، و قد قاموا في ساعة مبكرة من اليوم الموالي، بزيارة ميناء بوالديس من أجل تقديم التوصيات و التحسيس حول طرق البيع و قال المتحدث، بأن أكبر خطر ممكن حدوثه أثناء عملية البيع و الشراء بالرصيف، بحيث يحتك الباعة و المشترون بطريقة مباشرة، دون احترام الشروط الوقائية، بالرغم من تحسيسهم، مضيفا بأنه تم تقديم العديد من المقترحات، إذ من الممكن في هذه الفترة، أن يقوم أصحاب السفن ببيع المنتوج لزبائن معينين مباشرة، دون اللجوء للطريقة المعمول بها في الأوقات العادية، لتحاشي الاحتكاك و ضمان توفير المنتوج للمستهلك، واستمرار عمل البحارة دون أخطار ، مضيفا، بأنه تم العمل على التحسيس بشروط الوقاية فوق القارب.
إجراءات عقابية للمخالفين ومساعدات للصيادين
و ذكرت مديرة الصيد البحري و الموارد الصيدية، أنها عملت على التحسيس ميدانيا و حث المعنيين على احترام شروط الوقاية رفقة اللجنة، مشيرة إلى أنه سيتم اللجوء لتطبيق القرار الولائي الصادر عن خلية الأزمة الولائية بصرامة، كون بعض الباعة لم يحترموا التوجيهات و التوصيات المقدمة.
و قالت المتحدثة، إنه سيتم تقديم مقترحات للسلطات المحلية و الوزارة الوصية، موضحة بأن العملية على مستوى ميناء زيامة منصورية، تتم بصورة جيدة، بحيث عمل الصيادون على تنظيم البيع، أما في ميناء بوالديس، فقد وقع إشكال جراء العدد الكبير لمن يقصدون الميناء لشراء السمك و أكدت المتحدثة، أنه تم تقديم تعليمات من قبل اللجنة، باللجوء لتطبيق القرار رقم 646 المؤرخ في 06 أفريل 2020، المتضمن تنظيم نشاط الصيد البحري بمينائي جيجل و زيامة منصورية، في إطار تدابير الوقاية من انتشار فيروس كورونا كوفيد -19، عبر منع عملية البيع بالمزايدة الصامتة من الفم للأذن و التجمع خلال البيع و يعاقب كل مخالف لأحكام القرار بسحب دفتر الطاقم و تعليق النشاط لمدة 15 يوما.
كما دعت المسؤولة، المهنيين، إلى ضرورة العمل على توفير الشروط الملائمة للعمل، مضيفة بأنه سيتم العمل على تقديم مساعدات عينية للصيادين عبر اللجنة التي تم تشكيلها مؤخرا، بحيث سيتم تقديم مواد غذائية يتم جمعها من قبل المحسنين.
كـ.طويل