سجلت أسواق النفط في الأيام الأخيرة انتعاشا قويا مع تزايد الطلب على النفط وشح الإمدادات، وكذا التزام الدول المنتجة للنفط داخل أوبك وخارجها باتفاق خفض الإنتاج، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى حدود 73 دولارا للبرميل، فيما تتوقع مصادر اقتصادية بلوغ مستوى الأسعار عند 80 دولارا في الأسابيع المقبلة، وقد ساهم هذا الارتفاع في تحسن المؤشرات الاقتصادية حيث سجلت الجزائر ولأول مرة ارتفاعا في احتياطي الصرف في ماي الماضي وهو وضع "غير مسبوق" و لم يتم ملاحظته منذ عدة أشهر.
ارتفعت أسعار النفط، أمس، مواصلة المكاسب التي استمرت على مدار ثلاثة أسابيع بفضل تحسن توقعات الطلب على الوقود في حين ساهمت تطعيمات كوفيد- 19 في رفع قيود السفر فضلا عن شح في الإمدادات. وارتفع مزيج برنت 51 سنتا ما يوازي 0.7 بالمائة إلى 73.20 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ ماي 2019.
وعادت حركة السيارات لمستويات ما قبل الجائحة في أمريكا الشمالية ودول كثيرة في أوروبا وزادت رحلات الطيران مع تخفيف القيود لمكافحة فيروس كورونا، ما أدى لارتفاع خام البرنت على مدى ثلاثة أسابيع. و توقع بنك الاستثمار الأمريكي غولدمان ساكس أن يصل سعر برميل برنت إلى 80 دولارا هذا الصيف في الوقت الذي يعزز فيه توزيع اللقاحات المضادة لكوفيد-19 الأنشطة الاقتصادية حول العالم.
ويرجع المحللون هذا التحسن في أسعار النفط، إلى تأثير المعطيات التي نشرتها يوم الجمعة الوكالة الدولية للطاقة، التي توقعت في تقريرها الشهري الأخير أن يرتفع الطلب على النفط إلى مستويات ما قبل جائحة "كوفيد -19" من الآن وإلى غاية نهاية 2022. وتوقعت الوكالة أن يقدر الطلب 100.6 مليون برميل في اليوم خلال الثلاثي الرابع من السنة المقبلة، بزيادة بسيطة عن الذروة التي عرفتها الأسعار في الثلاثي الرابع من سنة 2019، قبل بداية أزمة كوفيد -19. كما تلقت أسعار النفط دفعة إضافية هذا الشهر، بدعم إعلان من دول حول العالم بتخفيف قيود جائحة كورونا، واستئناف حركة السفر بشكل تدريجي، وإعادة فتح المرافق السياحية.
الأرقام الايجابية عن أسواق النفط تزامنت مع الوثيقة التي كشفت عنها وزارة المالية، والتي حملت مؤشرات جد ايجابية خاصة ما يتعلق بمستوى احتياطي الصرف الذي اتخذ اتجاها تصاعديا في خلال شهر ماي الماضي، في وضع "غير مسبوق" لم يسجّل منذ عدة أشهر. وترافق ارتفاع احتياطيات الصرف الجزائرية مع انخفاض عجز الميزان التجاري للبلاد بنسبة 68 بالمائة في خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2021.
وكان رئيس الجمهورية قد أعلن خلال اللقاء الصحفي مع وسائل إعلام وطنية، عن تراجع محسوس في احتياطيات الصرف للبلاد وباحتساب مداخيل النفط للعام الماضي التي بلغت 24 مليار دولار، هبطت من 60 مليار دولار إلى 42 مليار دولار، وهي تتغير من أسبوع لآخر". وأضاف: "الجزائر ليست في بحبوحة مالية، لكننا قادرون على الإيفاء بالتزاماتنا".
وأثّر هبوط في أسعار النفط العالمية بشدة في الجزائر، حيث تمثل صادرات النفط والغاز 60 بالمائة من ميزانية الدولة، و94 بالمائة من مجمل إيرادات التصدير. وبلغت الاحتياطيات 72.6 مليار دولار في إبريل 2019، انخفاضاً من 79.88 ملياراً في ديسمبر 2018، و97.33 ملياراً في نهاية 2017.
واستنادا إلى الأرقام التي كشفتها وزارة المالية، فقد تراجع العجز التجاري للجزائر إلى - 1.3 مليار دولار أمريكي في نهاية ماي 2021، مقابل - 3.9 مليار دولار في نهاية ماي 2020. وأرجعت وزارة المالية هذا التراجع إلى "الزيادة الكبيرة في الصادرات الجزائرية من ناحية، ومن ناحية أخرى للإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية لتأطير التجارة الخارجية".
الأرقام الايجابية عن الأداء الاقتصادي والتحسن الملحوظ في نسبة النمو التي بلغت 4,2 بالمائة بحسب ما ذكرته وزارة المالية، مع عودة تدريجية للنشاط الاقتصادي في الجزائر على مستويات تسمح بتعويض الخسائر المسجلة سنة 2020 و الحد من أوجه الخلل في حسابات الدولة. كلها مؤشرات تحمل معها هامش مناورة إيجابي للحكومة المقبلة التي سترى النور بعد الإعلان رسميا عن نتائج التشريعيات، حيث ستجد الحكومة المقبلة هامش مناورة إيجابي خاصة بعد تحسن المؤشرات. ع سمير